«داعش» في غرب أفريقيا... الواقع والتحديات

القارة السمراء مهددة بأن تغدو تربة خصبة للتنظيم المتطرف

«داعش» في غرب أفريقيا... الواقع والتحديات
TT

«داعش» في غرب أفريقيا... الواقع والتحديات

«داعش» في غرب أفريقيا... الواقع والتحديات

يتساءل بعض المراقبين حول ما إذا كانت هزيمة تنظيم داعش الإرهابي المتطرف في العراق وسوريا ستكون منطلقاً لحقبة جديد من انتشار هذا التنظيم، في مواقع ومواضع أخرى حول العالم. وكان عدد من المتابعين والخبراء قد توقعوا أن يسعى «داعش» ليجد له موطئ قدم في آسيا، وبالذات في دول جنوب شرقيها، وتحديداً في الفلبين وإندونيسيا وماليزيا. ومعلوم أن البلدين الأخيرين اللذين يشكل المسلمون غالبية كبيرة من سكانهما، يمثلان خزاناً بشرياً يمكن استقطاب عناصر جديدة منه لإعادة إحياء الفكر والتنظيم المتطرفين معاً.
غير أن الأحداث وتواليها تشير إلى أن «الدواعش» قد يذهبون في طريقين: آسيا أحدهما، أما الطريق الآخر فهو أفريقيا. والمعنى أن يكون التحرك على جبهتين، ما يعطي زخماً وفاعلية لمريديه، ويعقّد في الوقت ذاته إمكانية القضاء المبرم عليه مرة واحدة. وثمة من يرصد أوضاع أفريقيا بالنسبة لتنامي الحركات المتطرفة، ويدرس إمكانيات إيجاد أرضية أصولية تساعد «داعش» على الانتشار التمدد في قلب القارة السمراء.
ليس سرّاً أنه قبل أن يظهر تنظيم داعش الإرهابي المتطرف على سطح الأحداث في سوريا والعراق، كانت هناك جماعات ذات طابع إرهابي تنشط في مناطق شمال غربي أفريقيا، وإقليم الساحل، بصورة خاصة. وكانت غالبية هذه الجماعات قد وُلِدَت من رحم الجماعات التي ترفع ألوية إسلامية متشددة، لا سيما تلك القائمة والناشطة في دول المغرب العربي وبالأخص الجزائر، مثل «الجماعة الإسلامية الجزائرية».
وفيما بعد، بنتيجة الضغوط الأمنية المشددة عليها، فضلت الانتقال إلى إقليم الساحل وتخوم الصحراء الكبرى، ولقد غيّرت اسمها لاحقاً لتصبح «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».
وعطفاً على هذا التيار، يبقى تنظيم «بوكو حرام»، في نيجيريا وجوارها، أحد أهم وأخطر وأعنف الحواضن الإرهابية المتطرفة التي تنشط في قارة أفريقيا من جهة الغرب. وهو مسؤول عن كثير من العمليات الإرهابية كخطف السياح، وقطع الطرق، والاعتداءات المسلحة على غير المسلمين. ثم أن تنظيم «بوكو حرام» معروف بعلاقاته مع بقية مجموعات الشباب النيجيري خاصة، والأفريقي عامة، التي تمضي في المنهج الراديكالي المغالي في محافظته.
ومن ناحية أخرى، يرى متابعون أنه مما لا شك فيه أن سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا أدى إلى تزخيم وتدعيم الكثير من الجماعات الإرهابية التي ترفع ألوية وشعارات إسلامية في أفريقيا، وتستفيد من تدفق السلاح من وإلى ليبيا. وتستفيد كذلك من تلاشي ملامح الدولة عبر الحدود المفتوحة، والانفلات الأمني، بل إن القذافي - لفترة ما من حكمه الطويل الذي استمر بين خريف 1969 وخريف 2011 - نفسه كان من أسباب انتشار الإرهاب في أفريقيا، وذلك عبر تسليحه وحمايته وتوجيهه المجموعات المتمردة والانفصالية في بعض الدول، وبالذات مالي، التي كان الزعيم الليبي السابق الراحل يستخدمها خنجراً في خاصرة دول غرب أفريقيا الشمالية.

أرضية أفريقية ممهدة
لقد وجد «داعش» بالفعل أرضية فكرية ولوجيستية مهيأة لحضوره في القارة السمراء، خصوصاً أن الطرح الرئيسي له أي قيام «دولة الخلافة الإسلامية»، هو عينه الذي تسعى وراءه الجماعات الأصولية الأفريقية المتطرفة، سواء كانت العربية الأصل، كما في الجزائر والمغرب وتونس وليبيا، أو الأفريقية الصرف مثل «بوكو حرام».
وفي هذا الإطار، لم يكن غريباً أو مثيراً أن تبايع جماعة «بوكو حرام» في شهر مارس (آذار) الماضي «داعش»، وتعلن الولاء الكامل والتام لقائده (أبو بكر البغدادي)، إذ في خطوة مفاجئة قال أبو بكر شيكاو زعيم «بوكو حرام» في بيان له: «نعلن مبايعتنا للخليفة، وسنسمع له ونطيعه في أوقات العسر واليسر». ولقد لفت هذا الأمر انتباه كثرة من المتخصصين في دراسة ومتابعة الحركات الإسلامية في أفريقيا، ذلك أن هذه المبايعة قد تخالف التقارب الشديد بين «بوكو حرام» و«تنظيم القاعدة». لكن يبدو أن ظهور داعش، الأكثر دموية، وتراجع «القاعدة» وعملياتها النوعية والكمية، أدى بجماعة «بوكو حرام»، إلى اتباع الجماعة التي تتماشى وأهدافها المحلية، وفي مقدمتها إنشاء «دولة الخلافة» المزعومة في شمال نيجيريا.

الاستخبارات الأجنبية تراقب «داعش»
في واقع الأمر، لم تكن تحركات «داعش» في أفريقيا بعيدة عن أعين بقية الدول الأفريقية، وكذلك أجهزة الاستخبارية الغربية، وهو ما دعا صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية في منتصف شهر أبريل (نيسان) الماضي، لأن تقدم ملفاً كاملاً عن «داعش في أفريقيا». وتضمن الملف تحليلاً شافياً ووافياً لقلق أجهزة استخبارات البلدان المجاورة، وعلى رأسها تشاد والنيجر وساحل العاج. ذلك أنه اجتمع مسؤولو الاستخبارات في هذه البلدان بنظرائهم الإقليميين، أخيراً في العاصمة النيجيرية أبوجا، بغرض التداول في مجابهة هذا الخطر الإرهابي الصاعد.
وفي هذا السياق، كتب الصحافي الاستقصائي الفرنسي جورج مالبرونو - الذي كان رهينة سابقة عند بعض من تلك الجماعات الأصولية - عن تحركات «داعش» في أفريقيا، مشيراً إلى أن «تنظيم داعش قبل الهزائم الأخيرة التي تعرض لها (في سوريا والعراق)، كان قد أرسل نحو 15 مدرباً عراقياً إلى نيجيريا»، وفقاً لمصادر عسكرية واستخباراتية فرنسية، وتحديداً إلى منطقة «أدامامو في شمال نيجيريا. وهناك - وفق مالبرونو - أقاموا لمدة ستة أشهر خصصت لتدريب عناصر (بوكو حرام) على تقنيات القتال والتعامل مع المتفجرات، وتصنيع أسلحة يدوية بما في ذلك قاذفات الصواريخ.

صراع «داعش» و«القاعدة»
في هذا الإطار، هل باتت المواجهة بين «داعش» و«القاعدة» في القارة الأفريقية مسالة حتمية؟
الشاهد أن التناحر والتنافس «القاعدي - الداعشي» على أفريقيا تبين بوضوح في التصريح الذي أطلقة «أبو محمد العدناني» الناطق الرسمي باسم «داعش»، والذي أشار فيه إلى أن «شرعية جميع الإمارات والجماعات والولايات والتنظيمات في المناطق التي يمتد إليها سلطان الخلافة، تعتبر باطلة»، وذلك في إشارة إلى المجموعات التي أعلنت ومنذ فترة ولائها لـ«القاعدة».
ولعل ما يزيد المشهد إثارة ويؤجج الصراع أكثر بين أكبر تنظيمين متطرفين في المنطقة الأفريقية الآن، هو أن «القاعدة» لا تزال تنظر إلى نفسها بوصفها «الأصل»، بينما ترى أن «داعش» مجرد فرع، أو فصيل انشق عنها. وعليه فإن «خلافة البغدادي» لا شرعية لها ولا ولاء ينبغي أن يعطي من قبل أي جماعة لزعامتها، وبالتالي، باتت «الولايات» تتوزّع بين «القاعدة» ويتبعها جماعات مثل «المرابطون» بزعامة مختار بالمختار، و«القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، ويترأسها عبد المالك درو كال، و«أنصار الدين» بقيادة إياد أغ غالي، ثم «جبهة تحرير ماسينا» بقيادة أمادو كوفا. وأخيراً هناك «كتيبة خالد بن الوليد - أنصار الدين الجنوب» التي يشرف عليها سليمان كيتا، ولقد ضم عشرات من المقاتلين الماليين وبعض البوركينابيين والإيفورايين.
في المقابل، فإن حضور «داعش» يبقى في الأساس متركزاً في ليبيا... وهو «المفرخة» أو «الحاضنة» التي تصدر لأفريقيا العناصر الهاربة من نيران سوريا والعراق، ثم هناك جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا وبعض الدول المجاورة. كذلك تعد جماعة «أنصار بيت المقدس» التي تزعم وجودها في شبه جزيرة سيناء أكثر المجموعات الأفريقية ولاءً لـ«داعش»، وهذا على الرغم من الضربات الأمنية الموجعة التي تتلقاها من قوات الجيش المصري والشرطة المصرية على حد سواء.
لا ريب أنه مما يستدعي التفكير الجدي الأسباب الممكنة أو المحتملة التي تجعل من «القاعدة» و«داعش» تنظيمين جاذبين للإرهابيين من أفريقيا. وهناك ينبغي التساؤل حول ما إذا كانت المسألة برمتها لا تعدو كونها قناعات دوغماتية وآيديولوجية أم أن هناك أسباباً أخرى تجعل هؤلاء وأولئك قادرين على استقطاب شباب أفريقيا وقيادتهم إلى التهلكة كما نرى.

أموال وأوهام
أدرك القائمون على تنظيم داعش، منذ البداية، أن الرهانات الفكرية ربما لا تنطلي إلا على العدد القليل جدا من الأتباع، لا سيما أن هناك تنافساً شرساً في إطار التنظيمات الراديكالية، وأن بعضها أوفر قوة وأقوى حجة بل ويتمتع رؤية سياسة وحجة فقهية أوسع وأعمق وأكثر فاعلية من الدموية الداعشية. ولهذا عمد التنظيم الداعشي منذ البدايات على شراء الولاءات بالأموال. ولقد كانت الاتصالات تجري بين العناصر المكلفة بعملية التجنيد وبين الشباب المرشح، وفحواها إغراءات مالية عالية القيمة، يصعب صدها أو ردها بحال من الأحوال.
في هذا الإطار سعى تنظيم «الدولة الإسلامية في أفريقيا» إلى الدول ذات الكثافة السكانية العالية، وفي مقدمها جمهورية غانا، الدولة الساحلية التي كانت بين الأسبق إلى نيل الاستقلال في مناطق أفريقيا السوداء جنوبَ الصحراء، التي يشكل المسلمون نحو 60 في المسلمين من سكانها، بينما تبلغ نسبة البطالة فيها 11.5 في المائة. في غانا مشكلات اقتصادية، تجعل من شبابها صيدا سهلاً لأصحاب الأموال الوفيرة.
ولعل هذا الواقع يعيدنا بالذاكرة إلى نشاط الدواعش المريب في كل من العراق وسوريا، حيث عملوا جاهدين على تأمين مصادر مالية طائلة عبر تهريب النفط والاتجار غير المشروع بالآثار، وما إلى ذلك من طرق غير شرعية لاكتساب المزيد من الأموال.
ربما المسألة هنا تتجاوز وجود الأموال فقط. ذلك أن من الأهمية بمكان أيضاً وجود طريق الاتصال، وفي هذا يبرع أعضاء «داعش» المؤهلين علمياً في استخدام وسائط الاتصال الاجتماعي الحديثة لا سيما «فيسبوك».
وفي رواية لمؤسسة الأنباء والتلفزيون الألمانية الشهيرة «دويتشه فيلله» DW يقول شاب غاني: «انتهت دراستي الثانوية وأنا أبلغ من العمر 21 سنة، وما كنت أملك مالاً كافياً لدخول الجامعة، أو بدء نشاط حياتي لكسب العيش. ولكن اتصل بي عبر (فيسبوك) أحد الغرباء ووعدني بمليون دولار أميركي إن عملت لصالحه»... وتساءل الشاب: «كيف لي أن أرفض هذا الطلب؟».
هذا المثال، بلا شك، يعد حالة أو نموذجاً لملايين الشباب الأفارقة الذين عمل «داعش»، وما زال يعمل، على استقطابهم مستغلاً الفقر المدقع الذي يعيشونه، تمهيداً لضمهم إلى صفوف مقاتليه، ومن ثم صبغ أفريقيا بالإرهاب بشكل كامل.

ليبيا... مربط الفرس
يتصل نجاح «داعش» في قارة أفريقيا مستقبلاً، والقضاء عليه مرة واحدة، أو انتشار التنظيم في أفريقيا والإخفاق في السيطرة عليه على مصير الأوضاع في ليبيا. هذه الأوضاع كبدت أفريقيا جنوباً وغرباً، وشمالاً وشرقاً، تكاليف عالية، بعد الفوضى والارتباك اللذين سادا المشهد الليبي طوال ست سنوات، وبعد انهيار النظام السابق فيها.
لقد تحولت ليبيا إلى مركز جاذب للإرهاب والإرهابيين من كل بقاع وأصقاع العالم، ولا نوفر هنا أدوار دول لعبت وتلعب في زخم الإرهاب هناك، وفي المقدمة منها قطر، تلك التي صدّرت قيادات «القاعدة» لتسيّد المشهد في ليبيا، في أعقاب سقوط القذافي، بالإضافة إلى الإمداد بالدعم المالي واللوجيستي، وبالأسلحة والعناصر البشرية.
في هذا الإطار أيضاً أضحت ليبيا هي «بوابة الإرهاب إلى القارة الأفريقية»، ومركز عمليات لتنظيم داعش في شمال أفريقيا. والمؤكد هنا أنه في حال استمرار فشل القيادات والأطراف السياسية في ليبيا بالتوحد حول مشروع سياسي قابل للحياة لليبيا، فإنهم سيقدمون لـ«داعش» فرصة ذهبية لتكرار نموذجي العراق وسوريا... ومن بعد ذلك الانتقال الكثيف إلى قلب أفريقيا، وفي جميع الاتجاهات الجغرافية داخل القارة.
ولعل الناظر إلى التحليلات الدولية - والاستخباراتية خاصة - بشأن حضور «داعش» في أفريقيا، يرصد تحركات دولية سريعة ومكثفة عبر أكثر من محور.
بدايةً، تتسارع حالياً الجهود السياسية من أجل إنقاذ ليبيا. ولقد كانت الوساطة الفرنسية الأخيرة ناجحة إلى حد كبير، لا سيما إذا خلُصت الإرادات لجهة توحيد الجهود السياسية والعسكرية، ومن ثم السيطرة على البلاد والقضاء على التيارات المتطرفة التي ترفع السلاح، وإدماج المقاتلين غير الملوثة أياديهم بالدماء في صفوف القوات المسلحة الليبية.
وعلى جانب آخر، يلاحظ وجود اهتمام أممي جدي، هذه الأيام، بإقامة قواعد عسكرية في قلب أفريقيا، وعلى أطرافها من قبل الأقطاب الدولية. وكانت آخر هذه القواعد القاعدة الصينية في جيبوتي، حيث توجد في القارة السمراء اليوم أيضاً قواعد للولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا، وكلها تتحسب للساعة التي ستغدو فيها أفريقيا مركزاً للإرهاب العالمي. وغني عن القول هنا إن الحضور الأميركي في أفريقيا، والقيادة الأميركية (أفريكوم)، على أتم الاستعداد لكل هذه السيناريوهات... ولكن مع ذلك تبقى مسألة مواجهة وحصار «القاعدة» أو «داعش» في أفريقيا مسألة صعبة ومعقدة.

إشكالية أفريقية مصدر الصعوبة والتعقيد نبحثه فيما يلي...
في أوائل شهر يونيو (حزيران) الماضي، تعهد الاتحاد الأوروبي بدفع مبلغ 50 مليون يورو لمساعدة دول منطقة الساحل في غرب أفريقيا على تشكيل قوة متعددة الجنسيات لمحاربة الجماعات المتطرفة.
يومذاك قال الاتحاد الأوروبي في بيان له على لسان مسؤولته للسياسة الخارجية فيدريكا موغيريني، إن دعم الاتحاد «سيساعد مجموعة الخمس لدول الساحل وهي تشاد والنيجر وبوركينا فاسو ومالي وموريتانيا على إنشاء قوة إقليمية».
بطبيعة الحال، لا تفعل أوروبا ذلك مجانًا، على الإطلاق. فأوروبا باتت تدرك أن المنطقة الشاسعة التي تشملها الدول الخمس السابقة الذكر، وكلها على تماس مع الصحراء الكبرى، أضحت تربة خصبة للجماعات المتطرفة التي ترتبط بـ«داعش» و«القاعدة»، التي تخشي أوروبا من تهديداتها إذا ما تُركت تتحرك بحرية. ومعروف أن فرنسا كانت قد تدخلت بالفعل في عام 2013 لطرد متطرفين كانوا قد سيطروا على شمال مالي قبل ذلك بسنة واحدة.
على أن الأمر ليس في غالبه مقاومة أو مكافحة عسكرية. ثم إنه ليس رصد أموال لتجهيزات عسكرية فقط... فالأوضاع البنيوية في أفريقيا مهيأة إلى الدرجة التي تسمح لـ«داعش» أو غيره بإحداث اختراقات. ذلك أن الأنسجة الاجتماعية منقسمة بل ومتشظية عرقياً ودينياً. والصراعات الحدودية بينها لا تزال تمثل «براميل بارود» قابلة للانفجار في أي لحظة. وعطفاً على ذلك فإن أفريقيا ودولها أصبحت أدوات للقوى الإمبراطورية الفاعلة عالمياً في «لعبة أمم» جديدة، وبذا تصبح أفريقيا قارة ملتهبة ومشتعلة، ما يسهل ومن جديد قبول أي وافد يمتلك آيديولوجيا أو عقيدة، فضلاً عن الأموال.
ختاماً، لا تبدو أزمة «داعش» في أفريقيا بعدُ واضحةَ المعالم، لا سيما أن الملفات المتصلة بالتنظيم في العراق وسوريا وليبيا ما زالت مفتوحة. أما المؤكد فقط فهو أن القرن الحادي والعشرين هو قرن القلاقل الناجمة عن الإرهاب، وليس قرن الحروب العالمية كما عهدناها في القرن الماضي.



هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.