غارات على معسكرات انقلابية في صنعاء

TT

غارات على معسكرات انقلابية في صنعاء

شنَّت مقاتلات تحالف دعم الشرعية في اليمن غارات كثيفة، فجر أمس، على معسكرات ومواقع ومخازن أسلحة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في العاصمة صنعاء ومحيطها. وبحسب شهود عيان، استهدفت غارات التحالف قاعدة الديلمي الجوية ومقر الأمن القومي في منطقة صرف ومقر ألوية الصواريخ في فج عطان، إلى جانب استهداف مجمع 22 مايو (أيار) في سواد حنش ومقر الفرقة الأولى مدرع، بمعسكر الخرافي في جولة إية، ومعسكر السواد في حزيز.
كما شنت مقاتلات التحالف غاراتها على مواقع الانقلابيين في منطقة الشقب، موقِعَةً بذلك خسائر مادية وبشرية. وجاءت غارات مقاتلات التحالف في الوقت الذي قتلت فيه القوات السعودية أمس، 40 حوثياً في عمليات عسكرية قبالة مدينة جازان أقصى جنوب غربي المملكة، بعد أن حاولوا التسلل إلى الحدود. ‏ونقلت قناة «العربية الحدث»، أن مروحيات الأباتشي السعودية دمرت سيارات تابعة للميليشيات قبالة جبل الفدنة بجازان، ‏وأضافت أن «راجمات الصواريخ السعودية استهدفت معاقل ميليشيات الحوثي في محافظة صعدة اليمنية».
وفي جبهات القتال في اليمن، تواصل قوات الجيش الوطني اليمني تطهيرها لمعسكر خالد بن الوليد في موزع، غرب تعز، من الميليشيات الانقلابية التي تمكَّنَت من استعادتها قبل يومين، بعد مواجهات عنيفة تكبدت فيها الميليشيات الانقلابية الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد.
وبعد الخسائر التي لحقت بالانقلابيين في جبهة الساحل الغربي بتعز، تحاول ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية التعويض عن خسائرها في جبهات المدينة، خصوصاً بعد قطع الإمدادات عنها من معسكر خالد، وذلك من خلال شن قصفها العنيف على مواقع الجيش الوطني والأحياء السكنية في المدينة، وذلك بحسب ما أكدته مصادر عسكرية في محور تعز.
تلك المصادر، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «جبهة الشقب بمديرية صبر الموادم والاقروض بالمسراخ (جنوب تعز) شهدت مواجهات عنيفة، أمس، رافقها القصف المدفعي المتبادل ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، إثر محاولات الميليشيات الانقلابية التقدم إلى مواقع الجيش اليمني»، مشيرة إلى أن مدفعية الجيش كثفت من قصفها على مواقع وأوكار الميليشيات الانقلابية في محيط قرية الشقب.
وفي جبهة عسيلان بمحافظة شبوة، تواصل قوات الجيش الوطني تصديها لمحاولات تقدم ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية. وتمكنت من صد محاولات تقدم الانقلابيين في منطقة طوال السادة بعسيلان، شمال غربي شبوة، أمس، وسقط إثرها قتلى وجرحى من الانقلابيين.
من جانبه، أشاد قائد جبهة بيحان بمحافظة شبوة قائد اللواء 26 اللواء الركن مفرح بحيبح، بالجيش الوطني، وصموده وسط تحقيق الانتصارات في وجه الانقلابيين التي قال إنها تحاول «التشبث بمديرية بيحان وتتحصن في القرى والمناطق الآهلة بالسكان وتتحكم في مصالح وطرق المواطنين، وتلجأ لزراعة الألغام والعبوات المتفجرة».
وقال في تصريح نقله المركز الإعلامي للقوات المسلحة، إن «الميليشيات تستميت في جبهة بيحان لما تمثله المديرية من أهمية استراتيجية، وموقعها الجغرافي المتعلق بالوحدة الوطنية وما تمتلكه من ثروات نفطية وكونها تشكل حائط صد مهمّاً في وجه الانقلابيين المتعطشين للسيطرة على منابع النفط والغاز».
وأشار إلى أن معنويات المقاتلين مرتفعة، وأنهم يستمدون قوتهم من عدالة قضيتهم «ولو كانت القضية قضية معاش أو (بندق) لما صمد الأبطال في مواقعهم شهرا واحدا». داعياً «أفراد القوات المسلحة الذين لا يزالون في بيوتهم ومن تبقى من المغرر بهم بالعودة إلى جادة الصواب والانحياز للشرعية والشعب».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.