الجيش اللبناني يعزز حماية المدنيين تحسباً لتدهور أمني على الحدود الشرقية

3 آلاف مدني ومقاتل سجلوا أسماءهم لمغادرة عرسال

TT

الجيش اللبناني يعزز حماية المدنيين تحسباً لتدهور أمني على الحدود الشرقية

دفع الجيش اللبناني، أمس، بتعزيزات إضافية إلى الحدود الشرقية مع سوريا؛ بهدف تمتين الوضع الأمني، وحماية المدنيين اللبنانيين واللاجئين السوريين، استباقاً لأي تدهور مفاجئ للأمن في المنطقة وسط ضربات مكثفة ينفذها الجيش مستهدفاً تحركات تنظيم داعش.
وفي الموازاة، بقي اتفاق وقف النار بين «حزب الله» و«جبهة النصرة» صامداً، في وقت تكثفت الاستعدادات لتنفيذ الاتفاق المبرم القاضي بخروج عناصر «النصرة» إلى إدلب السورية، ورحيل «من يرغب» من اللاجئين السوريين إلى الأراضي السورية.
وتوتر الوضع الأمني على الحدود الشرقية أمس، إثر «تعرض مركز تابع للجيش في مرتفع حرف الجرش - رأس بعلبك، لسقوط قذيفتين مصدرهما المجموعات الإرهابية المنتشرة في جرود المنطقة»، بحسب ما أعلنت قيادة الجيش في بيان صادر عن مديرية التوجيه أمس، مشيرة إلى أن «قوى الجيش ردت بقصف مصدر إطلاق النيران، من دون تسجيل أي إصابات في صفوف العسكريين».
ولاحقاً، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، بأن الجيش اللبناني استهدف بالمدفعية تحركات لمسلحي تنظيم داعش في جرود ومرتفعات رأس بعلبك، كما استهدفتهم في جرود القاع بعد رصد تحركات مشبوهة.
وخلافاً للتقديرات بأن القصف الذي نفذه الجيش، يعتبر تمهيداً لعملية وشيكة له ضد «داعش» الذي ينتشر في التلال الحدودية مع سوريا قبالة رأس بعلبك والقاع ورأس بعلبك، امتداداً من جرود عرسال، قالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن «لا شيء مؤكداً حتى هذه اللحظة حول تحديد ساعة الصفر»، مشيرة إلى أن الجيش «يواصل ضرب تحركات المسلحين، ويتخذ إجراءات استباقية لمنع أي محاولات تسلل إلى العمق اللبناني ولمنع العناصر الإرهابية من الاعتداء على المواطنين والمدنيين أو للتسرب إلى الداخل».
وجاءت تحركات «داعش» بعد تفكيك «جبهة النصرة» في جرود عرسال. لكن الجيش، رفع مستوى تطويق حركة التنظيمات المتطرفة في المنطقة الحدودية، ضمن استراتيجية جهوزية كاملة وضرب تحركاتهم بشكل مستمر، كما عزز إجراءاته الاحترازية في المنطقة؛ إذ أكدت المصادر العسكرية أن الجيش دفع بقوات إضافية إلى المنطقة الحدودية، وعزز إجراءاته الأمنية «بهدف حماية المدنيين والمواطنين اللبنانيين في القرى الحدودية، ومخيمات اللاجئين السوريين الموجودة في المنطقة».
وأوضحت المصادر، أن «فوج التدخل الأول» الذي يعد واحداً من أفواج النخبة في الجيش، انضم إلى الألوية والأفواج المقاتلة وأفواج النخبة المنتشرة في الحدود الشرقية أمس، وذلك «بهدف تمتين الوضع الأمني، ضمن استراتيجية ينفذها الجيش لإراحة الأهالي وحماية المدنيين اللبنانيين والنازحين السوريين من أي خرق محتمل من قبل الجماعات الإرهابية»، فضلاً عن أنها تأتي «ضمن خطة رفع الجهوزية العسكرية». وأكدت المصادر في الوقت نفسه «أن الجيش جاهز لكل الاحتمالات».
في غضون ذلك، تفقد رئيس الأركان في الجيش اللواء الركن حاتم ملاك، قطعات الجيش المنتشرة في البقاع الشمالي وكان له جولة ميدانية على المواقع التي استهدفها المسلحون في جرود رأس بعلبك، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية».
ويتابع الجيش اللبناني عن كثب الاتفاق الأخير الذي قضى بانسحاب «النصرة» من جرود عرسال، وسط تأكيدات بأن الجيش «ليس طرفاً في أي مفاوضات تجري لا مع النصرة ولا «داعش»، في إشارة إلى معلومات عن احتمال عرض «داعش» لمفاوضات يخلي بموجبها المنطقة الحدودية بعد اتفاق «النصرة».
هذا، وبرزت معلومات مؤكدة عن أن الجيش سينتشر في الأراضي اللبنانية التي كانت «النصرة» تسيطر عليها، وذلك في مرحلة لاحقة لم تحدد بعد.
إلى ذلك، بدأت الإجراءات والترتيبات لنقل المسلحين والمدنيين الراغبين بالعودة إلى سوريا، ضمن صفقة إخراج «النصرة» من جرود عرسال إلى إدلب السورية. وقالت مصادر ميدانية إن الصليب الأحمر الدولي دخل إلى عرسال أمس، وبدأ التنسيق مع اللجان السورية المكلفة بتسجيل أسماء الراغبين بالرحيل، في حين أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أن «العمل جار على قدم وساق، وكل شيء يسير وفق المرسوم له».
وإذ أشارت مصادر لبنانية في عرسال لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «بعض العائلات السورية في مخيم مدينة الملاهي خارج عرسال باشرت بتفكيك الخيام تحضيراً لمغادرة المنطقة»، أكدت أن 3 آلاف شخص سجلوا أسماءهم في قوائم الراغبين بالعودة إلى سوريا، سواء إلى إدلب مع «جبهة النصرة»، أو إلى قراهم في القلمون السوري، أو مع «سرايا أهل الشام» الراغبين في التوجه إلى بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي في ريف دمشق. وأشارت المصادر إلى «توقعات بارتفاع العدد ليناهز الأربعة آلاف، وهو ما قد يفرض تأخيراً على عملية تنفيذ الاتفاق».
وتكفلت لجان في المخيمات بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي و«سرايا أهل الشام» جمع أسماء الراغبين بالمغادرة «طوعياً» إلى سوريا. وسينضم هؤلاء إلى أكثر من 600 لاجئ سوري غادروا إلى سوريا على دفعات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.
وينقسم اللاجئون السوريون في عرسال بين راغب في المغادرة إلى الشمال السوري، وبين من يقرر أن يعود إلى بلده في قرى القلمون الغربي، وبين آخرين ومعظمهم من «سرايا أهل الشام» سيتوجهون إلى بلدة الرحيبة الخاضعة لسيطرة المعارضة في القلمون الشرقي.
وأكد الناشط في القلمون الشرقي عبدو السيد لـ«الشرق الأوسط» المعلومات عن اتجاه مدنيين ومقاتلين من «سرايا أهل الشام» للمغادرة باتجاه الرحيبة، مشيراً إلى أن الاتفاق على أعداد الراغبين في التوجه إلى البلدة «لم يُحسم بعد».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.