البغداديون يشغلهم هاجس التصفية والاختطاف

رغم الهدوء النسبي الذي تشهده العاصمة بغداد مؤخراً وانحسار موجة العمليات الانتحارية، وعدم تمكن الجماعات الإرهابية من شن هجمات بعجلات مفخخة وأحزمة ناسفة، فإن الانهيار المحتمل للأمن وتعرضها لهجمات إرهابية مفاجئة، ما زال يشغل بال البغداديين والجهات الأمنية، وهو ما دفع بقيادة عمليات بغداد إلى الإبقاء على شوارع المركز التجاري في حي الكرادة الراقي وسط بغداد، مغلقة، على الرغم من مرور أكثر من عام على الهجوم الإرهابي الذي شنه تنظيم داعش عليه وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 500 مدني. وتسببت عملية الغلق في كساد السوق وخسارة عشرات العائلات مصدر دخلهم ومصالحهم التجارية.
وإلى جانب الخشية من تعرض المدينة للهجمات الإرهابية، ينشغل سكان العاصمة والأجهزة الأمنية هذه الأيام بحالات الخطف والقتل التي طالت أطباء وموظفين ومواطنين عاديين في الأيام الأخيرة. وغالبا ما يسارع ناشطون ومدونون على مواقع التواصل المختلفة إلى نشر صور من تعرضوا لجرائم الخطف والقتل، الأمر الذي يخلق حالة من الهلع داخل الأوساط البغدادية.
وقد تداول ناشطون مطلع الأسبوع صورة لجثمان فتاة تعمل في مجال التمثيل والإعلام، اسمها الفني «لوليتا»، وهو ملطخ بالدماء، وبعد أن ضجت مواقع التواصل الاجتماعي لصور الفتاة بوصفها مقتولة، اتضح لاحقا أنها صور لمشهد تمثيلي، وقامت الفتاة بعد ذلك بنشر مقطع صوتي تنفي فيه خبر مقتلها.
ودفعت هذه النوعية من الأخبار قيادة عمليات بغداد إلى إصدار بيان تحذر فيه من «جيوش إلكترونية» تستخدمها عصابات «السر والجريمة» لزعزعة الأمن. وقال بيان قيادة العمليات: «تود قيادة عمليات بغداد أن تسترعي انتباه المواطنين الكرام من متصفحي مواقع التواصل الاجتماعي كافة والزملاء العاملين في مختلف المؤسسات الإعلامية، إلى استقاء الأخبار من المصادر الرسمية المعرفة لديهم وعدم تداول أخبار غير مؤكدة أو نقلها بصورة مغايرة لواقع الحدث». واتهم البيان تنظيم داعش بالوقوف وراء تلك الأفعال، حيث ذكر: «لوحظ في الآونة الأخيرة وبعد الانتصارات التي حققتها قواتنا الأمنية وتحرير المناطق المغتصبة من عصابات الشر والجريمة (داعش) الإرهابية، لجوء هذه العصابات لاستخدام جيوش إلكترونية غايتها زعزعة الأمن الداخلي وزرع الرعب بين أبناء الشعب». ولاحظ البيان أن تلك العصابات تسعى إلى «التركيز على جرائم جنائية ووضعها في إطار واحد والترويج على أنها عمل إرهابي يستهدف شريحة معينة من أبناء الوطن». وأكدت «عمليات بغداد» أنها «مجرد جرائم جنائية تحدث في كثير من البلدان، وآخرها حادثة اغتيال طبيبة الأسنان في منطقة الإسكان غرب بغداد، وهي جريمة حدثت نتيجة خلاف عائلي مع أبناء شقيق الدكتورة أدى إلى طعنها بآلة حادة في منطقة الرأس والبطن، ولاذ الجناة بالفرار». في إشارة إلى حادث مقتل الدكتورة شذى فالح، مطلع الأسبوع، التي كانت تعمل في مستشفى الطفل المركزي، ووجدت مقتولة في منزلها بحي الإسكان غرب بغداد.
على أن تحذير قيادة عمليات بغداد، من الجيوش الإلكترونية لا يقلل من حجم المخاوف والأحداث الحقيقية التي تقع في العاصمة، حيث وجدت دوريات الشرطة، قبل يومين، أحد الضحايا المختطفين مرميا على الأرض وهو في الرمق الأخير في حي الرستمية جنوب شرقي العاصمة.
وتقول مصادر الشرطة إن عصابة قامت باختطاف الضحية ويعمل مساعد طيار في قاعدة التاجي العسكرية، وسرقوا منه مبلغ 40 مليون دينار عراقي؛ هي مرتبات وحدته العسكرية، ثم قاموا بمساومة أهله على مبلغ من المال مقابل إطلاق سراحه. وتقول عائلة الضحية إنه تعرّض للحجز والتعذيب الشديد لمدة شهرين، ثم أطلقوا سراحه بعد حصولهم على مبلغ 40 مليون دينار إضافية من عائلته.
وفي حادث آخر، عثرت دوريات الشرطة، أمس، على رجل وهو يصارع الموت بعد تعرضه للاختطاف والتعذيب من جماعة مجهولة، وتقول عائلة الضحية إنه تعرض للاختطاف لمنعه من تقديم شكوى قضائية ضد أعضاء عصابة قامت بخطف أحد أفراد عائلته. كذلك، أفادت مصادر شرطة بغداد، أمس (الخميس)، بأن مسلحين اختطفوا مدنيا شمال العاصمة بغداد. حيث قام «المسلحون بإيقاف سيارة المجني عليه في حي الشعب شمال بغداد واقتادوه إلى جهة مجهولة». وغالبا ما تقوم عصابات الجريمة المنظمة بخطف أشخاص من عوائل ميسورة وإجبارهم على دفع مبالغ مالية ضخمة في مقابل إطلاق سراح ذويهم.