المشير حفتر: ليست كل الأمور التي وردت في بيان «سيل سان كلو» يمكن أن تتحقق

قال لـ «الشرق الأوسط» إن اتفاق الصخيرات زاد المشكلة الليبية تعقيدا بدل حلها

المشير خليفة حفتر (غيتي)
المشير خليفة حفتر (غيتي)
TT

المشير حفتر: ليست كل الأمور التي وردت في بيان «سيل سان كلو» يمكن أن تتحقق

المشير خليفة حفتر (غيتي)
المشير خليفة حفتر (غيتي)

خص المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي «الشرق الأوسط» بحديث مطول بمناسبة وجوده في باريس للمشاركة في الاجتماع، الذي ضم أيضا رئيس حكومة الاتحاد الوطني فائز السراج، ومبعوث الأمين العام الجديد إلى ليبيا غسان سلامة، بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورعايته.
وتطرق الحديث إلى جميع مواضيع الساعة المطروحة، وخصوصا نتائج اجتماع سيل سان كلو الذي نتج عنه بيان مشترك، يتضمن التزامات الطرفين بوقف إطلاق النار وحل الميليشيات، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الربيع المقبل، وفق ما أكده ماكرون.
وفي إجاباته عن أسئلة «الشرق الأوسط»، أكد حفتر استعداده لخوض الانتخابات الرئاسية «إذا أراد الشعب الليبي ذلك»، وبخصوص البيان المشار إليه، بدا حفتر متحفظا إزاء إمكانية وضع جميع بنوده موضع التنفيذ، آملا بالمقابل في أن «يتحقق جزء منها على الأقل». كما كشف المشير حفتر عن أن اجتماعا سيعقد كل ثلاثة أشهر مع الرئيس ماكرون لـ«متابعة» تنفيذ التعهدات الواردة في البيان المشترك.
وفي سياق متصل، عبر المشير حفتر عن ثقته بالمبعوث الدولي الجديد، وذلك بعكس نظرته إلى من سبقه، خصوصا المبعوث السابق مارتن كوبلر الذي وصفه بأنه كان ألعوبة بأيدي الإسلاميين. كما وجه حفتر ما يشبه الإنذار إلى ميليشيات مصراتة، طالبا ببروز نتائج الاتصالات معها سريعا. وجدد حفتر مطالبته بتقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي وإحداث تعديلات في اتفاق الصخيرات. وفيما يلي نص الحديث:
* كيف تقيمون نتائج اللقاء الذي حصل مع السيد فائز السراج برعاية الرئيس إيمانويل ماكرون؟ هل هذه النتائج تتوافق مع ما كنتم تنتظرونه؟ وما الأمور التي كنتم تودون أن تصدر ولم تتحقق؟
- في تقويمنا العام لما حصل نعتقد بوجود جدية، والرجل الذي تحدث معنا «الرئيس ماكرون» جاد، ويبدو أنه مصمم على تحقيق تقدم. وفي الواقع هذه الجدية هي ما كان ينقصنا. من كنا التقيناهم في السابق كانوا من السياسيين، وكما تعرف فالسياسيون يماطلون ويستمهلون والوضع «السيئ» يدوم منذ سبع سنوات، في حين الشعب الليبي يعاني كثيرا. لقد قاوم الشعب الإرهاب والميليشيات والمجرمين الذين اعتدوا على الناس وانتهكوا القانون. والتغيير الذي حصل «سقوط القذافي» كنا نتوقع منه أن يفضي إلى تحسن الأمور، وإلى أن تسير بشكل أفضل. لكن للأسف ما حصل هو تكاثر الميليشيات واللصوص وتعاقب الحكومات، التي لم يكن همها سوى اقتسام الغنائم.
* وهل هذا ينطبق على الحكومة الأخيرة؟
- كل الحكومات من غير استثناء. والحقيقة أن هذا أمر غير مريح بتاتا. وما يهمنا نحن هو شعبنا الذي أعطى كل شيء، وأول ما أعطانا إياه القوة التي ندافع بها، ونكف بها أيدي المجموعات الإرهابية التي استهدفت بلادنا. لقد منحنا أبناءه، ولذا لا نستطيع أن نخيب ظنه وأن نسمح لهذه المجموعات والحكومات أن تتصرف كما تتصرف. يبدو أنك تستغرب كلامي... هل سمعت أنه في بلد من بلدان العالم هناك ثلاث حكومات «في وقت واحد»؟
* أنا كنت أشير إلى حكومة السيد السراج الذي أصبح شريككم في عملية السلام.
- لم نر من كل هذه الحكومات حتى هذه اللحظة شيئا يثلج الصدر. السيد السراج جديد ولا ينطبق عليه هذا الحساب، ولكنني أتحدث عما قبله. وأعود لأؤكد أننا نحتاج لوقفة جادة مثل هذه الوقفة التي نعول عليها كثيرا.
* هل يمكن أن نعتبر أنكم مرتاحون للنتائج التي تحققت في اجتماع سيل سان كلو وللبيان المشترك الذي صدر؟
- ما جاء في البيان هو المبادئ. وكما ذكرت فنحن نريد التعاطي بجدية. هناك أشياء كنا نتمنى أن تحصل «ولم تحصل»، ولكن لا داعي للخوض في تفاصيلها. ولا أستطيع القول إن كل الأمور التي وردت في البيان يمكن أن تتحقق، لكن على الأقل جزءا منها. البيان لا يعبر عن وجهات نظرنا فقط، بل عن رؤى جهات مختلفة. وكل طرف أبدى ملاحظاته ومقترحاته. لسنا أنانيين بمعنى أن كل ما نطلبه يجب أن يتحقق. كل الحاضرين كان لديه رأيه وطرح مطالبه ورؤيته.
* لكن البيان الذي صدر يتضمن تعهدات تلزم الطرفين. أليس كذلك؟
- صحيح. لكم علينا أن نشير إلى أن البيان صدر وفيه مثلا تناول للترتيبات الأمنية، والحال أن الأوضاع معقدة. ففي منطقة طرابلس هناك السيد السراج وهناك الميليشيات.
* هل لديه «مونة» على الميليشيات؟
- لا أدري. هو يقول إن لديه القدرة على ذلك.
* في السنوات الأخيرة حصلت وساطات كثيرة استهلكت ثلاثة ممثلين للأمين العام للأمم المتحدة، والوزير السابق غسان سلامة هو الرابع. فما الذي يميز الوساطة الأممية اليوم عن الوساطات الأخرى؟
- الوسطاء الثلاثة السابقون كانوا مشبعين بأفكار ترد عن طريق الإخوان المسلمين. وهؤلاء هم من جاء بالإرهاب إلى بلادنا. هذا أمر واضح تماما، إذ إنهم خدعوا الجميع باللحى والكلام المعسول والتدين في الظاهر. وهذه الفئة وفرت حاضنة للعمل الإرهابي، وجلبت السلاح والذخيرة والمعدات والأجهزة، التي تمكن هؤلاء المجرمين العتاة، الذين تدربوا على الإجرام باسم الإسلام. هؤلاء جاء بهم الإخوان المسلمون.
* هل لك نصائح محددة للمبعوث الأممي الجديد؟
- في مرحلة أولى عليه أن يدرس أخطاء المبعوثين السابقين. نحن التقينا به، وهو رجل فاضل ومحترم ولديه تجارب كبيرة جدا. ولكن لا يمكن أن يأتوا إلينا «بمبعوث» من وسط أفريقيا «كوبلر» وهو لا يعرف إلا هذه الدول ويدعي العمل على حل مشكلاتنا، علما بأنه لا يملك معرفة إلا بما لقن به؟ لقد جاء إلى ليبيا والتقى الإخوان المسلمين، وهؤلاء لقنوه ما يريدون. وهذا حدث في زمن الديمقراطيين في الولايات المتحدة وعهد الرئيس أوباما. كوبلر لم يكن وسيطا ووسطيا، بل كان منحازا كليا، ولذا فقد المصداقية فأحجمنا نحن عن التعامل معه لفترة. ولما فهم أنه في الطريق الخطأ، كنا قد وصلنا إلى «الوقت الضائع»، وجاء يطالبنا بمساعدته. لكن عندها كان قد وصل إلى نهاية فترة انتدابه.
* هناك وساطات بذلت في الماضي ولم تؤد إلى نتيجة. فما هي الصعوبات اليوم التي يمكن أن تجهض ما اتفقتم عليه؟ وما هي الفرص الجديدة والعوامل والمتغيرات التي يمكن أن تدفع باتجاه النجاح؟
- أول ما ننصح به هو الالتزام بتنفيذ التعهدات وما اتفق عليه. نحن لا نريد كلاما بكلام. نريد أن يكون الكلام الذي قيل ملزما للآخرين. لكن ليست هناك من وسيلة تلزم إلا الضمير.
* هل أنت واثق مثلا أن الطرف الآخر سيقوم بتنفيذ تعهداته؟
- أنا متأكد تماما أن الرجل الذي جمعنا يتمتع بالمصداقية «الرئيس ماكرون».
* أنا أقصد رئيس حكومة الاتحاد الوطني فائز السراج؟
- لا أدري بشأنه. نحن نعرف كيف تعامل مع ليون برناردينو «المبعوث الدولي الأسبق»، ومع كوبلر «الذي جاء بعده»، لكن لست أدري كيف سيتعامل مع الممثل الخاص غسان سلامة الذي يتمتع بالمصداقية. لقد جلست معه لساعة ونصف، وهو الوحيد الذي ارتحت له من بين كل المبعوثين الدوليين. وأريد أن أضيف أن هناك فرصة أخيرة منحت للسراج، وسنرى مدى قدرته على تنفيذ الالتزامات.
* الفرصة الأخيرة حقيقة؟
- نعم. الفرصة الأخيرة.
* يعني؟
- يعني أنه سيكون هناك كلام آخر عقب ذلك.
* أتقصد كلاما أم تحركا؟
- لنبق الآن في الكلام... ثم التحرك.
* بيان سيل سان كلو تضمن التزامات قوية للغاية: وقف الحرب، وحل الميليشيات، وإجراء الانتخابات في الربيع المقبل... فهل هناك فرصة لتنفيذ كل هذه التعهدات والالتزامات؟
- هذا هو المطلوب، ونحن سنلتقي كل ثلاثة أشهر لتقويم ما قد حصل. هذا ما قاله الرئيس ماكرون. وهذه ستكون آليه للمتابعة.
* لو أخذنا ملف توحيد القوات المسلحة: هناك ميليشيات منتشرة وقوات موجودة هنا وهناك. كيف ستتم العملية؟
- في المنطقة الشرقية ليست هناك ميليشيات. وفي المنطقة الجنوبية لا بد من أن ننتهي من هذا الوضع. وفي الغرب، كل العسكريين يقفون إلى جانبنا.
* المسألة ليست فقط العسكريين، بل هناك الميليشيات؟
- عندما أتحدث عن ميليشيات، أعني بذلك «القاعدة» و«الدواعش» و«الحركة الإسلامية المقاتلة». هذه ميليشيات معادية ولا حديث معها «بل مقاتلتها». وفيما يخص مصراتة والقوات التابعة لها، أعتقد أنه ستكون هناك اتفاقات «معها». ونريد منها أن تبرز نتائجها على السطح سريعا. وإذا لم يحصل ذلك ووجدنا أن الأمور لم تتغير، فعندها سيكون هناك وضع آخر.
* هل هذا تهديد؟
- اعتبره تهديدا أو كما تريد لأننا جادون في كلامنا، وعندما نتحدث عن مدة معينة ومحددة للتغيير، فنحن نقصد ذلك. كما أننا مسؤولون عن كلامنا «وعن تنفيذه». لا يمكن أن نبقى رهائن لمجموعة من العتاة المجرمين، أكان ذلك ميليشيات أو إرهابيين، وأن نستمر في الحوار والمساومات. لن يكون هناك حوار، والأمور واضحة لدينا، وإن لم يغيروا ما بأنفسهم فلن يكون هناك حل آخر «سوى القتال».
* الرئيس ماكرون أفاد بأن الانتخابات التشريعية والرئاسية ستجرى في الربيع المقبل. هل ترون أن الظروف ستكون مواتية لإجرائها؟
- لم لا؟
* وماذا عن الأوضاع الأمنية مثلا أو التشرذمات؟
- أعتقد أن هناك فترة زمنية لترتيب الأوضاع الأمنية في ليبيا. نحن نريد دولة «حقيقية» وليس دولة فاشلة، دولة تحظى باعتراف العالم كله، وتمكن شعبها من أن يعيش مثل بقية شعوب الأرض، فضلا عن أن تكون منفتحة على العالم.
* هل تتخوفون من تدخلات خارجية يمكن أن تجهض أو تعيق المسار المتفق عليه؟
- نحن نرفض تدخل أي دولة خارجية. ومشروعنا «في الأصل» هو مشروع شهادة، أي الموت من أجل ليبيا وعدم قبول من يريد أن يدنس أرضنا. لذا نحن نريد جيشا يستطيع أن يحمي أرضنا. وللأسف فالقذافي لم يترك وراءه جيشا يستطيع القيام بهذه المهمة.
* حضرتك اليوم بثياب مدنية. هل طموحك أن تخلع البدلة العسكرية وأن ترتدي باستمرار الثياب المدنية رئيسا لليبيا مثلا؟
ــ ما هي مساوئ البدلة العسكرية؟
* سأطرح السؤال بطريقة أخرى: هل تنوي الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة؟
- لكل حادث حديث. لا أدري. إذا كان الشعب يريد ذلك فأهلا وسهلا.
* ماذا تنتظرون؟ أن ينزل الناس إلى الشوارع للمطالبة بترشحكم؟
- احتمال ممكن.
* ما النظام السياسي الأمثل لليبيا بالنسبة إليكم؟
- هو أي نظام سياسي غير مركزي، ولكن ليس الفيدرالية التي يتحدث عنها بعض الليبيين، وتكون صيغة للتقسيم على أساس أن هناك ثلاثة أقاليم واضحة المعالم منذ الحرب العالمية الثانية. وأعيد التأكيد أننا لا نقبل التقسيم لبلدنا بأي صورة من الصور. ما نريده لا مركزية موسعة. لكن ما يهمنا اليوم هو إنجاح المرحلة المقبلة، ونريد أن نترك هذه المسألة للدراسة من خلال متخصصين. وما يهمنا اليوم هو التركيز على المرحلة المقبلة وكيفية إنجاحها من أجل العبور الآمن لمرحلة الاستقرار.
* السراج قال في مقابلة صحافية أمس إنه سيطرح ما تم التوافق عليه هنا على «الأطراف الأخرى». لو افترضنا أن الأطراف الأخرى غير موافقة، فهل سيكون مصير الاتفاق كمصير الاتفاقات الأخرى؟ وهل طرح في اجتماع سيل سان كلو موضوع تقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي إلى ثلاثة «السراج وأنت وشخص ثالث» بدل عدد التسعة المطروح حاليا؟
- الموضوع طرح والسيد السراج صديق. ليست هناك مشكلة، ولكن لكل منا طريقته في التفكير.
* هل يعني ذلك أن السراج لا يمكن أن يقبل هذا الطرح؟
- هل ما نتحدث عنه حكومة أو مجلس؟ وهل يعقل أن يكون هناك تسعة أشخاص في مجلس؟ في أي حال هذا المجلس تقلص من نفسه، وهو الآن لا يضم سوى ثلاثة أشخاص ينتمون إلى تيار فجر ليبيا، وهم من الميليشيات. هل من المعقول أن يرضى السيد السراج بوجود هؤلاء؟
* أحد مستشاري الرئيس ماكرون قال لنا قبل اجتماعكم في باريس إن موضوع «تجديد» اتفاق الصخيرات سيكون مطروحا على الطاولة. هل حصل ذلك؟
- من كان في اتفاق الصخيرات أناس سعوا لمصالحهم الخاصة. وهذا لا علاقة له بمصالح الشعب، وقد ثبت لاحقا أن كل طرف يغني على ليلاه.
* هل ما زلت تطالب بإعادة النظر في اتفاق الصخيرات؟
- طبعا.
* لكن كيف وافقت على البيان المشترك وفيه أكثر من إشارة لاتفاق الصخيرات؟
- نحن طالبنا منذ أول يوم بتعديل اتفاق الصخيرات، ولكننا في الوقت عينه لن نتنصل مما وافقنا عليه أول من أمس «البيان المشترك». وسيكون لنا دور كبير في إدخال التعديلات التي نريدها على الاتفاق المذكور حتى يرى الاتفاق «الجديد» النور، بحيث يتناسب مع مصالح الشعب. ما بني على خطأ فهو خطأ.
* باختصار؟
- اتفاق الصخيرات بدلا من أن يحل المشكلة زادها تعقيدا.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.