تونس تتلقى بارتياح قرار بريطانيا رفع حظر السفر إليها

المرزوقي يثير جدلاً سياسياً بتصريحاته حول الهجوم الإرهابي ضد السفارة الأميركية

TT

تونس تتلقى بارتياح قرار بريطانيا رفع حظر السفر إليها

تلقت السلطات التونسية بارتياح كبير قرار وزارة الخارجية البريطانية بعدم منع رعاياها من السفر إلى معظم أنحاء تونس، بما في ذلك العاصمة التونسية ومعظم الوجهات السياحية للبلاد.
وفي تعليقها على هذا القرار، قالت سلمى اللومي، وزيرة السياحة في تصريح لوسائل الإعلام المحلية والدولية: إن السماح بعودة الرعايا البريطانيين إلى تونس يعد مؤشرا إيجابيا للغاية، يؤكد التغيير الحاصل على مستوى الأمن ومدى الاستقرار، ونجاح السلطات في مكافحة التنظيمات الإرهابية. وتوقعت الوزيرة أن يعود هذا القرار، الذي طالبت به تونس في أكثر من مناسبة، بشكل إيجابي على المؤشرات السياحية، وتعزيز الانتعاشة التي عرفها القطاع السياحي في تونس خلال هذا الموسم.
وحسب خبراء ومتتبعين، فإن من شأن القرار البريطاني أن يشجع وكالات الأسفار الدولية على برمجة الوجهة التونسية التي تراجعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني، وتنامي المخاطر الإرهابية وتواتر هجماتها الدموية.
وكانت بريطانيا قد نصحت رعاياها بعدم السفر إلى تونس إلا للضرورة القصوى بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع في 26 من يونيو (حزيران) 2015، واستهدف فندقا سياحيا في مدينة سوسة، والذي خلف نحو 40 قتيلا، 30 منهم يحملون الجنسية البريطانية.
من ناحية أخرى، أثارت تصريحات المنصف المرزوقي، الرئيس السابق، بشأن الهجوم الإرهابي الذي استهدف السفارة الأميركية سنة 2012 جدلا أمنيا وسياسيا واسعا بعد اتهامه رئيس الحكومة في تلك الفترة حمادي الجبالي، وعلي العريض وزير الداخلية، وكلاهما من قيادات حركة النهضة، إضافة إلى وزير الدفاع السابق ورئيس أركان الجيوش رشيد عمار بالتعاطي سلبيا مع الأحداث الإرهابية، وقوله إن الأمن تبخر واختفى، وترك الطريق مفتوحا أمام العناصر لمداهمة السفارة ونهب محتوياتها والاستيلاء عليها.
وأشار المرزوقي في تصريحه خلال برنامج تلفزيوني أن الأمن التونسي اختفى وكأنه «تبخر»، موضحا أن الجيش رفض تنفيذ الأوامر عند مهاجمة السفارة.
ومن جهته، رفض وزير الداخلية الأسبق علي العريض رفضا قاطعا ما جاء في شهادة المرزوقي حول الأحداث الإرهابية التي عرفتها السفارة الأميركية، وأكد أن الأمن كان أول من تصدى للهجوم، وأن الفرق المختصة في مكافحة الإرهاب هرعت إلى المكان، وهي التي أنقذت السفارة من مخاطر إرهابية كبرى.
كما نفى العريض علمه بوجود قوات المارينز الأميركي، وقال: إنه لا علم له بتدخل وحدات أجنبية لشل الهجوم الإرهابي ضد السفارة الأميركية في تونس.
في السياق ذاته، أوضح عبد الكريم الزبيدي، وزير الدفاع الأسبق، أنه أنقذ تونس من إنزال عسكري أميركي، مخالفا بذلك طلب هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية في تلك الفترة. كما كشف الزبيدي لأول مرة عن وجود طلب أميركي بإنزال نحو 300 عنصر من عناصر «المارينز»، وقال: إنه تم تخفيف العدد إلى بضع عشرات، وتغيير صفتهم من «مارينز» إلى حراس لحماية السفارة بهدف إنقاذ الموقف والتمويه، مشيرا إلى أنه هدد بالاستقالة في حال السماح للأميركيين بالتدخل المباشر فوق الأراضي التونسية.
وأضاف الزبيدي، أن الوحدات العسكرية التي أرسلت لتعزيز حماية السفارة الأميركية بتونس، قامت بعد التنسيق مع رئيس أركان الجيوش رشيد عمار بواجبها، وأنقذت الموقف، مشددا على أن الجيش التونسي لعب دورا كبيرا لإرجاع الأمور إلى نصابها والسيطرة على الوضع خلال أحداث السفارة الأميركية.
وعبر الزبيدي عن استغرابه من تصريحات المرزوقي، واعتبرها «مزيفة تضمّنت مغالطات»، وتم بثها في قناة أجنبية، رغم أنه ملزم بواجب التحفظ بصفته كان رئيسا سابقا للجمهورية وقائدا أعلى للقوات المسلحة، واصفا المرزوقي بـ«اللامسؤول».
من ناحيته، شكك حمادي الجبالي، رئيس حكومة الترويكا، في التصريحات التي أوردها المرزوقي، ودعاه إلى التريث في إصدار الأحكام المجانبة للحقيقة، وتقديم شهادة ترقى إلى مستوى الشهادة التاريخية الحقيقية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.