نازحو الغوطة قلقون على ممتلكاتهم والمعارضة توثق أوراق «جيل ضائع»

TT

نازحو الغوطة قلقون على ممتلكاتهم والمعارضة توثق أوراق «جيل ضائع»

كشف معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة، لؤي خريطة، عن تخزين 80 في المائة من وثائق العقارات مع بداية الأزمة في سوريا عام 2011، من دون أن تكون كافية لإثبات ملكية النازحين لعقاراتهم، الأمر الذي طرح أسئلة عن إمكانية إثبات النازحين من غوطة دمشق ملكيتهم، في وقت استأنفت فيه مديرية السجلات المدنية عملها في إدلب، الخارجة عن سيطرة النظام.
ونقلت صحيفة «الوطن»، المقربة من دمشق، عن خريطة قوله: «إن موضوع تحديد الملكية لمن ليس لديه وثيقة تثبت ملكيته للعقار مناط بالوحدات الإدارية، وبالتالي تقترح بعد إعطاء المعلومات الكافية عن العقار معالجة الموضوع، في حال لم تتمكن الوحدة الإدارية من إيجاد الحل»، موضحاً أنه في حال كان هناك حق للحكومة، أو أي مواطن، على صحيفة عقار معين موجود في منطقة ساخنة، والسجل غير متوافر، يمكن للمؤسسة أو المواطن «إرسال كتاب إلى السجل المكمل لوضع إشارة تترتب مستقبلاً على الصحيفة العقارية الأصلية، وذلك عند إنشائها أو استعادتها».
وفتح هذا الإعلان جروح مئات السوريين الذين فقدوا الأمل بالعودة إلى منازلهم التي هجروا منها خلال السنوات الست الماضية. وقال «أبو عامر القابوني»، الذي هجر من منزله في حي القابون، إنه لا يصدق أي من وعود الحكومة: «سئمنا الكذب؛ استعاد النظام حيي القابون وتشرين، ولم يسمح لنا بالعودة إلى بيوتنا، أو على الأقل تفقدها»، وسأل: «في أي حق يحتل غرباء منازلنا، بينما نحن نستأجر في مناطق ليست مناطقنا، بحجة أن هؤلاء دافعوا عن الوطن، وبالتالي يحق لهم ما لا يحق لغيرهم».
وفي كثير من المناطق التي استعاد النظام سيطرته عليها، في ريف دمشق وريف حمص وحلب، لم يسمح للأهالي المهجرين داخل البلاد بالعودة إلى مناطقهم، كالقصير بريف حمص والزبداني وداريا وحيي تشرين والقابون، وغيرها. وقال شخص نزح من مخيم اليرموك، جنوب دمشق، إنه لم يحمل معه من بيته في المخيم سوى مفتاح البيت، قائلاً إنه يأمل في أن يستفيد من السجل العقاري المكمل، لأن كل الأوراق بقيت في المخيم، وأضاف: «أهلي خرجوا من فلسطين ليس معهم سوى مفتاح الدار، وأنا خرجت من المخيم وليس معي سوى مفتاح الشقة، راحت البلاد والدار والمخيم والشقة».
وأشار خريطة إلى أرشفة نحو 80 في المائة من صحائف العقارات عام 2011، حيث جرى تصوير الصحائف العقارية، لكن هذه الصحائف لا تمنح للمالك، بل يحتفظ بها كوثيقة يؤخذ بها عند استعادة الوثيقة الأصلية، للنظر في أي إجراءات أو تعديلات طرقت عليها أو حقوق جديدة.
وبحسب تقارير لـ«الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، تجاوز عدد المنازل التي تهدمت في سوريا 3 ملايين منزل، من بينها أكثر من 850 ألف مبنى مدمر بشكل كامل.
وكان حريق مديرية المصالح العقارية في حمص قد أثار انتقادات من معارضين اتهموا دمشق وطهران بالسعي إلى تغيير ديمغرافي في البلاد، بتسهيل سيطرة موالين لدمشق على ممتلكات معارضين.
وفي إدلب، يستمر عمل أمانات السّجل المدني في محافظة إدلب، بتوثيق واقعات الولادة بعد سنوات من التّوقف، التي خلّفت جيلاً كاملاً من دون توثيق، وآلاف الوفيات والولادات من دون تسجيل. وقال موقع «كلنا شركاء» المعارض، أمس، إن أمانات السجل المدني «تستعين بمحاكم شرعية متوزّعة في المناطق في المصادقة على إجراءات تثبيت الزّواج والطّلاق، وكذلك حصر الإرث، لكن المشكلة الأكبر تكمن في إصدار البطاقات الشخصيّة، وعدم تمكّن قسم كبير من السّوريين من فئة الشباب من الحصول على البطاقة الشخصيّة، التي أصبحت حكراً على مناطق سيطرة النظام». وقال مسؤول محلي: «نعمل على مشروع استصدار بطاقات شخصيّة خاصة بالمناطق التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.