جاء تألق نجم كلينت ديمبسي أمام كوستاريكا في مواجهة قبل النهائي ببطولة «الكأس الذهبية» ليحقق ما هو أكبر من مجرد الفوز لصالح فريقه ومعاونة المهاجم على الوصول إلى الرقم القياسي الأميركي في تسجيل الأهداف، وإنما نجح في إطالة أمد مسيرته الكروية الدولية لموسم آخر.
في الواقع، كان هناك ثمة خطر قائم بأنه بحلول وقت انطلاق بطولة كأس العالم في روسيا، سيمثل ديمبسي مصدراً للصداع لمدرب الولايات المتحدة الأميركية بروس آرينا، على نحو يشبه ما شكله المهاجم الأميركي السابق لاندون دونوفان لمدرب المنتخب الأميركي السابق الألماني يورغين كلينسمان عام 2014، بمعنى أنه لم يعد لاعباً يمكن لمدرب بناء فريق حوله، وربما يشكل مصدراً لتشتيت الانتباه بقدر ما يمثل أصلاً قيماً على جانبي الملعب.
في الواقع، في الوقت الذي لم يستطع فيه كلينسمان التعامل بحنكة مع دونوفان، فمن المحتمل أن ينتقل آرينا بالجزء الإيجابي من ديمبسي إلى كأس العالم. ومع ذلك، فإنه ربما حتى مباراة السبت الماضي تلك، كانت هناك تلميحات إلى أن المشاعر ستلعب دوراً لا يقل أهمية عن المهارات الفنية. وما زاد الأمر صعوبة أن الصعود السريع لكريستيان بوليسيتش كصانع ألعاب نجم للفريق، تسبب في تكدس وازدحام المنطقة التي يتألق فيها ديمبسي داخل الملعب.
وحتى عندما سجل ديمبسي ثلاثة أهداف (هاتريك) في مرمى هندوراس، هذا الربيع، ليؤكد بذلك على تعافيه الكامل من مشكلة صحية في القلب ألمت به من قبل ووضعت نهاية مشاركته في موسم 2016 من الدوري الأميركي لكرة القدم، اضطر للتشارك مع بوليسيتش في العناوين، في وقت لا يزال الطريق ممتداً أمام الأخير. في المقابل، نجد أن أداء ديمبسي كان متألقاً، لكنه ظل مألوفاً. أو على الأقل ربما بدا على هذا النحو، فعلى أي حال نجح ديمبسي في بناء حياته المهنية انطلاقاً من سعيه الحثيث لخلق صعوبة أمام الآخرين، في وضع تعريف وتصور محدد وضيق لدوره داخل الملعب؛ فهل يشكل مهاجمًا ثانيًا؟ أم صاحب قميص رقم 9 زائفًا؟ أم لاعب خط وسط مهاجمًا؟ أم صانع ألعاب؟ أم لاعباً يشارك في مساحة واسعة بين ثلاثة لاعبين؟ في الواقع، لقد كان ديمبسي كل من سبقوا معاً. ويمكنك أن تضيف لهذه القائمة اضطلاعه بدور النجم الدولي البارع.
وفيما بين جميع هذه التجليات والأدوار، غالباً ما كانت تأتي فترة يغلب عليها السكون والخمول، لكنها كثيراً ما كانت تشكل فترة تمهيدية لتألق وبعث جديد، ومرة أخرى نجد أنفسنا عند نقطة مشاركة ديمبسي في نهائي بطولة «الكأس الذهبية»، الملاحَظ أنه خلال مباراة متأزمة أمام كوستاريكا، جاءت لحظة الدفع بديمبسي لتخلق الاختلاف الأكبر في مسار المباراة. ورغم أنه ربما لم يعد اللاعب الذي يمكن لقدرته الإبداعية وقوته الهيمنة على الثلث الأخير من الملعب على مدار 90 دقيقة كاملة، لكن عندما جرت الاستعانة به بديلاً لفتح مساحات في مباراة تتسم بالضغط الشديد، نجح ديمبسي في رسم ملامح دور محوري له خلال العام المقبل.
كانت هذه القدرة على بث النشاط في صفوف زملائه، والمعاونة في تسجيل أهداف بجانب الهدف الذي تدخل فيه، بمثابة الجانب الأكثر إشراقاً وإثارة للتفاؤل لأداء ديمبسي. وإذا ما تمركز بوليسيتش خلف المهاجم الوحيد جوزي ألتيدور في معظم التشكيلات الأميركية، فإنه ليس هناك بالضرورة مركز طبيعي لديمبسي داخل الملعب، حتى وإن كان لا يزال في ذروة تألقه. بطبيعة الحال لم يكن بوليسيتش داخل الملعب السبت، لكن التحول الذي طرأ على الأداء بمجرد مشاركة ديمبسي أعطى لمحة لما يكمن أن يصبح عليه أداء الولايات المتحدة إذا ما تعرض بوليسيتش للإصابة، أو تعرض لرقابة لصيقة في مباراة يسودها ضغط بالغ.
في الحقيقة، لا يزال ديمبسي يتمتع بهذه القدرة السحرية التي تمكنه من إثارة حالة من الفوضى داخل الملعب، أو مثلما قال آرينا ذات مرة بنبرة إعجاب: «إنه يحاول إثارة المشكلات»، ومن هذه الزاوية، تبدو فترة الانتظار الأخيرة له كي يتمكن أخيراً من مكافأة الرقم القياسي الدولي للأهداف الذي حققه دونوفان، غريبة - فهي ترسم صورة لديمبسي أقرب لكنز وطني متداعي عن الصورة الثورية التي اعتدنا رؤيته بها. اللافت في الفترة الأخيرة أن زملاءه بالفريق كانوا يعمدون إلى توجيه الكرة باتجاهه في محاولة لمعاونته على الوصول للرقم القياسي للأهداف، لكنّ هناك شعوراً خفياً سيطر على المرء أنه كلما أزيحت مسألة الرقم القياسي تلك من الطريق في وقت مبكر، كان ذلك أفضل لتقييم قيمة ديمبسي الحقيقية داخل الفريق دون أن تؤثر مشاعر الحنين للماضي على التقييم.
إلا أن ذلك لا يعني مطلقاً أن ديمبسي كان بحاجة لعطف زملائه، في الواقع إنه جدير بالإعجاب البالغ لقدرته على إبقاء تركيزه منصباً بصورة كاملة على احتياجات الفريق، رغم المهانة المحتملة التي شعر بها مع تضاؤل دوره إلى مساحة تناسب لاعب لا يتجاوز الـ18. في كل الأحوال، كانت الشهور القليلة الماضية فترة عصيبة بالتأكيد. ومع ذلك، نجح ديمبسي في اجتيازها، والآن عاد ليتألق من جديد ويشق طريقه نحو روسيا. ومع تسجيله هدفاً واحداً آخر، سيصبح صاحب الرقم القياسي الأميركي الجديد في عدد الأهداف.
وعليه، فإنه في الوقت الذي قد يمثل بوليسيتش المستقبل طويل الأمد، حرص ديمبسي على تذكيرنا بأنه لا يزال واحداً من أكثر الخيارات القائمة كفاءة وفاعلية في الوقت الحاضر.
7:57 دقيقة
كلينت ديمبسي والفوضى... عشق لا ينتهي!
https://aawsat.com/home/article/983426/%D9%83%D9%84%D9%8A%D9%86%D8%AA-%D8%AF%D9%8A%D9%85%D8%A8%D8%B3%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%88%D8%B6%D9%89-%D8%B9%D8%B4%D9%82-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D9%86%D8%AA%D9%87%D9%8A
كلينت ديمبسي والفوضى... عشق لا ينتهي!
مهاجم يقلب الطاولة على رؤوس خصومه عندما يبتعد عن مقعد البدلاء
- لندن: غراهام باركر
- لندن: غراهام باركر
كلينت ديمبسي والفوضى... عشق لا ينتهي!
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة