الإصلاح الاقتصادي في مصر يبلغ «الموجة الأسوأ»

حاجة متنامية إلى ارتفاع قيمة الجنيه

الإصلاح الاقتصادي في مصر يبلغ «الموجة الأسوأ»
TT

الإصلاح الاقتصادي في مصر يبلغ «الموجة الأسوأ»

الإصلاح الاقتصادي في مصر يبلغ «الموجة الأسوأ»

بينما تشير البيانات الواردة من مصر، بأن اقتصادها بلغ الموجة الأعلى (الأسوأ) في عملية الإصلاح، فإن عدم ترتيب القطاعات المالية من الداخل بشكل ملائم، استعداداً للهدوء النسبي المتوقع في المؤشرات الاقتصادية، قد يعرقل جذب استثمارات جديدة متوقعة، في بلد تعتمد بشكل كبير على الاستيراد بالدولار.
فبعد تراجع قيمة العملة من 8 جنيهات إلى نحو 20 جنيها أمام الدولار، جراء قرار التعويم نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ترتب على ذلك ارتفاع معدلات التضخم في البلاد إلى أكثر من 30 في المائة، وهو ما بنى عليه البنك المركزي المصري قراره برفع الفائدة إلى نحو 19.75 في المائة للإقراض، و18.75 في المائة للإيداع، بزيادة 1000 نقطة أساس في ثمانية أشهر.
وثمة مشروع قانون يجهزه البنك المركزي أثار جدلاً في الوسط المصرفي مع نشر المسودة الأولى، لتعديه على اختصاصات البنوك الخاصة، وسوق المال، وهو ما قد ينتج منه حرب تكسير عظام في القطاع المصرفي والمالي، تؤثر بالكاد على مناخ الاستثمار.
وتتضمن خطة الإصلاح الاقتصادي في مصر، تقليل الدعم على المحروقات والكهرباء والغاز، وهو ما يزيد الضغوط على المصريين، الذي ينتظرون هدوء موجة الغلاء الفاحش في البلاد، وهو ما توقعه المحللون بنهاية العام المالي الحالي، أي في يونيو (حزيران) المقبل.
ورفعت الحكومة المصرية في 29 يونيو الماضي، أسعار الوقود بنسب تصل إلى 100 في المائة في بعض المنتجات في إطار خطتها لإعادة هيكلة دعم المواد البترولية. وهذه هي المرة الثانية التي ترفع فيها أسعار الوقود خلال ثمانية أشهر بعدما رفعتها في نوفمبر الماضي، بنسب تراوحت بين 30 و47 في المائة في إطار خطة لإلغاء الدعم بحلول 2018 – 2019، وفقا لبرنامج متفق عليه مع صندوق النقد الدولي تحصل بموجبه القاهرة على قرض قيمته الإجمالية 12 مليار دولار. وشملت الزيادات أيضاً أسعار بيع الغاز الطبيعي المضغوط إلى المنازل لترتفع بنسب تراوحت بين 12.5 في المائة و33 في المائة، كما رفعت سعر السولار نحو 55 في المائة للتر. بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء بنسب تصل إلى 40 في المائة.
تفاؤل
ويبدي تقرير بحثي صادر عن شركة «إتش سي للأوراق المالية والاستثمار»، تفاؤلاً بنزول معدل التضخم إلى متوسط 24 في المائة بنهاية العام المالي الحالي (2017 - 2018)، ليهبط إلى متوسط 12 في المائة في العام 2018 - 2019.
وترى سارة سعادة، محلل الاقتصاد الكلي في التقرير، أن عجز الموازنة سينخفض إلى 10 في المائة خلال العام الحالي، بينما سيتراجع إلى 8.5 في المائة في العام المالي المقبل.
والتضخم المرتفع المستمر، يؤدي إلى انخفاض معدل نمو الاستهلاك الخاص، وكذلك سيؤدي إلى تآكل تنافسية الجنيه المصري؛ مما يؤثر بالسلب على الوضع الخارجي للبلاد. في هذا الإطار قدرت «اتش سي»، متوسط سعر الصرف للجنيه أمام الدولار عند 15.72 في السنة المالية 2017 – 2018، ونحو 15.38 في السنة المالية 2018 - 2019.
واستمر انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار على مدى 8 أشهر من تحرير سعر الصرف، على الرغم من تدفق الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية بأكثر من 8.4 مليار دولار. وأوضحت سارة سعادة، في التقرير، أن القيمة العادلة للجنيه، تم حسابها على أساس تنافسية العملة مقاسا بسعر الصرف الفعلي الحقيقي من خلال المؤشر «REER»، وهذا المؤشر يعكس نسبة خصم 27 في المائة لسعر الصرف الحالي للجنيه أمام الدولار الأميركي، الذي يبلغ قدره 18.12.
وضعف قيمة العملة المحلية لا يساعد في احتواء التضخم، كما يحد جزئياً من فاعلية أدوات السياسة النقدية، ويعتقد البعض أن البنك المركزي يفضل استقرار سعر العملة، حتى دون بلوغ قيمتها الحقيقية، لتجنب تذبذب سعر الصرف.
زيادة الأسعار وتكلفة الإنتاج
وأكد التقرير، أن استمرار زيادة الأسعار لا يمكن تفسيره بالكامل بزيادة تكلفة الإنتاج، استنادا إلى وزن الواردات كمكون للناتج المحلي الإجمالي، وبالتحديد الاستهلاك النهائي، وإجمالي تكوين رأس المال والصادرات، موضحاً أن نحو 12 في المائة فقط من الزيادة التراكمية في مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، المقدرة بـ24 في المائة، هي التي يمكن تفسيرها بتحركات سعر العملة.
وأوضحت سعادة، أن أي ارتفاعات جديدة في أسعار الفائدة ستمثل ارتفاعاً في المخاطر التي تواجه نمو الناتج المحلي الإجمالي، في ضوء تراجع التوسعات في ائتمان الشركات الخاصة والأفراد، بنسبة 5 في المائة و3 في المائة على التوالي، مشيرة إلى أن الحكومة هي المقترض الأكبر في السوق المحلية، مع توسعها في الاستدانة الخارجية أيضاً.
ورفع التقرير توقعاته لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، إلى 4.4 في المائة في السنة المالية 2017 - 2018، من النسبة السابقة 4.0 في المائة. ونحو 4.9 في المائة في السنة المالية المقبلة، مدفوعا بتعافي الاستهلاك الخاص مع تراجع التضخم وانخفاض البطالة.
ويرى تقرير بحثي آخر صادر عن شركة «بلتون المالية القابضة»، أن الاقتصاد المصري يعتمد على السيولة النقدية؛ مما يجعل للإجراءات المتعلقة بأسعار الفائدة تأثيرا غير ملموس في احتواء الضغوط التضخمية.
مؤكداً أنه «طالما أن التضخم ناتج من ارتفاع تكاليف الإنتاج، فإن التصحيح المتوقع في سعر الجنيه المصري سيدعم هدوء معدلات التضخم. لذلك؛ نتوقع مخاطر تضخمية محدودة مع بداية هدوء أثر إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي... حيث نتوقع هبوط التضخم إلى متوسط 10.2 في المائة في النصف الثاني من 2018 مقارنة بمتوسطه 30.2 في المائة في النصف الثاني من 2017».
وأوضح التقرير، أن ذلك سيساعد في الوصول إلى مستهدف البنك المركزي للتضخم عند 13 في المائة بنهاية 2018، وانخفض التضخم العام السنوي في مايو (أيار) إلى 29.7 في المائة مقارنة بـ31.5 في المائة في أبريل (نيسان). لكن التقرير توقع ارتفاع التضخم «بنحو ملحوظ إلى ما بين 33 - 34 في المائة بحلول شهر أغسطس (آب) في ضوء إجراءات الإصلاح الاقتصادي المتخذة».
وأوضحت «بلتون»، أن زيادة أسعار الفائدة تمثل ضغوطاً إضافية على إجراءات خفض عجز الموازنة، حيث تضيف نحو 50 مليار جنيه على فاتورة الدين العام المتضخمة؛ مما قد يمحو أثر خفض الدعم، الذي كان متوقعاً أن يوفر 51.5 مليار جنيه (40 مليار جنيه من فاتورة دعم الوقود و11.5 مليار جنيه من فاتورة دعم الكهرباء).
وتبلغ فاتورة الدين العام في موازنة العام المالي 2017-2018 نحو 381 مليار جنيه، مرتفعة بنحو 88 مليار جنيه عن العام الماضي، وذلك دون الأخذ في الاعتبار رفع أسعار الفائدة الأخيرة.
وفاتورة الدين العام تمثل عبئاً ضخماً على الموازنة العامة المصرية منذ أعوام، حيث تمثل 32 في المائة من إجمالي الإنفاق في العام المالي الحالي؛ الأمر الذي يفرض المزيد من التحديات أمام هدف الحكومة لخفض عجز الموازنة إلى 9.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2017-2018.
ودعت «بلتون»، للاتجاه إلى «المستوى التالي من خطة برنامج الإصلاح الاقتصادي لتحقيق نمو اقتصادي شامل، والتي تستدعي تعافي اقتصادي مدعوم بنمو في الاستثمارات». إلا أن التقرير قال: «مع تغير الأهداف الأساسية لقرارات السياسة النقدية لم نعد متأكدين من موعد تحقق ذلك».



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.