إسرائيل تعلن عن مغادرة موظفي سفارتها الأردن

عمّان اشترطت التحقيق معهم قبل ترحيلهم ... ووفاة أردني آخر متأثراً بجراحه

الأردني زكريا جواودة يتلقى التعازي في ولده محمد أحد القتيلين في حادث السفارة الإسرائيلية (أ.ب)
الأردني زكريا جواودة يتلقى التعازي في ولده محمد أحد القتيلين في حادث السفارة الإسرائيلية (أ.ب)
TT

إسرائيل تعلن عن مغادرة موظفي سفارتها الأردن

الأردني زكريا جواودة يتلقى التعازي في ولده محمد أحد القتيلين في حادث السفارة الإسرائيلية (أ.ب)
الأردني زكريا جواودة يتلقى التعازي في ولده محمد أحد القتيلين في حادث السفارة الإسرائيلية (أ.ب)

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس إن موظفي السفارة الإسرائيلية في الأردن غادروا إلى إسرائيل ومن بينهم حارس الأمن الضالع في حادث إطلاق النار مساء أول من أمس، وفق ما ذكرته وكالة أنباء «رويترز».
وكانت السلطات الأردنية رفضت صباح أمس، إجلاء موظفي السفارة الإسرائيلية في عمان، قبل التحقيق معهم في حادث إطلاق النار الذي وقع في مبنى تابع للسفارة مساء أول من أمس، وأسفر عن مقتل أردنيين وإصابة نائب ضابط أمن السفارة بجروح وصفت بالطفيفة، بعد تعرضه للطعن.
وقالت مصادر مطلعة إن رجل الأمن الإسرائيلي كان يشرف على استبدال أثاث في سكن السفارة، عندما هاجمه عامل أردني وطعنه بمفك، فأطلق النار عليه، كما أصيب جراء إطلاق النار أردني آخر، وهو طبيب صاحب الشقة السكنية وتوفي لاحقاً متأثراً بجروحه.
وأكدت مصادر أمنية ودبلوماسية، أن الأردن رفض مغادرة رجل الأمن الإسرائيلي الذي أطلق النار على الشابين الأردنيين، إلى أن يجري التحقيق في الحادثة وإنهاء النظر بها من جميع جوانبها.
وأشارت المصادر إلى أن الأردن يراعي الأحكام الدولية والاتفاقيات والأعراف الدبلوماسية، وفي الوقت نفسه، يرغب في التحقيق في الحادثة، على الرغم من إعلان إسرائيل أنه يتمتع بالحماية الدبلوماسية. فيما قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إن حكومته على اتصال مستمر مع المسؤولين الأمنيين والحكوميين في عَمان، على كل المستويات من أجل إنهاء القضية، وتعهد بإعادة حارس السفارة قائلاً: «لدينا خبرة في هذا الأمر».
لكن مصادر أردنية توقعت «اتخاذ إجراء دبلوماسي» ما، في حال رفضت إسرائيل التجاوب مع رغبتها في ولم تخف المصادر انتباه الأردن إلى مسألة الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالدبلوماسيين، وأشارت إلى أنه في مثل هذه الحالات، «إما أن توافق الدولة صاحبة العلاقة على التحقيق، وربما المحاكمة، على أن يتم اطلاعها على النتائج ويُعين له (المتهم) محامٍ، أو لا توافق على هذه الإجراءات».
وعلى الرغم من الاتصالات التي أشار إليها نتنياهو بين الأردن وإسرائيل حول الحادثة وأبعادها القانونية، فإن المصادر الأردنية شددت على أن «الخيارات الدبلوماسية والقانونية مفتوحة».
وأفادت المصادر بأن موظفي السفارة الإسرائيلية في عمان، باتوا محاصرين في داخلها، بعد أن طوقت قوات الأمن الأردني مبنى السفارة.
وترفض إسرائيل إجراء تحقيق مع رجل الأمن الإسرائيلي الذي تقول إنه يتمتع بحصانة دبلوماسية، وتُبذل حالياً، جهود لاحتواء الموقف.
من جانبها، انتقدت الصحافة الإسرائيلية تصرف الحارس في السفارة، وقالت إنه «متهور وقتل مواطنين أردنيين بريئين، وتسبب في أزمة مع الأردن لا يمكن علاجها».
يذكر أن مديرية الأمن العام الأردني، أصدرت أمس، بياناً قالت فيه «إن الجهات الأمنية فتحت تحقيقاً في حادث إطلاق النار».
وكشف مصادر مقربة من عائلة أحد الشابين الأردنيين القتيلين، أنه يدعى محمد زكريا الجواودة، ويبلغ من العمر 17 عاماً، وهو من بلدة الدوايمة في فلسطين المحتلة.
ووفق المصادر، يملك والد الشاب «معرض أثاث أرسلان» في منطقة المصدار بالعاصمة الأردنية عمان، وللشاب 8 إخوة. ووفق المصادر نفسها، فقد ذهب الشاب مع موظف من المعرض، لتسليم أثاث إلى مبنى السفارة الإسرائيلية. وأشارت إلى وقوع خلاف بين الشاب ونائب ضابط أمن السفارة الإسرائيلية حول ثمن الأثاث، تطور إلى الاشتباك بينهما، ثم إلى إطلاق النار.
ولفتت المصادر إلى أن الشاب صاحب سمعة طيبة هو وأفراد عائلته، وأنه معروف بأخلاقه الطيبة بين أصدقائه وجيرانه، في حين لم تعلن عائلة الشاب موعد دفنه ومكانه.
ويتزامن حادث السفارة مع ما شهده الأردن من احتجاجات ومسيرات شعبية تنديداً بممارسات إسرائيل وانتهاكاتها بحق القدس والمسجد الأقصى.
ويرتبط الأردن وإسرائيل بمعاهدة سلام منذ عام 1994، وتعترف إسرائيل بموجبها بوصاية المملكة على الأماكن المقدسة في مدينة القدس، التي كانت تخضع إدارياً للأردن قبل حرب يونيو (حزيران) عام 1967.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».