عودة ظاهرة استهداف الأطباء في العراق

مقتل طبيبة أسنان في منزلها ببغداد

TT

عودة ظاهرة استهداف الأطباء في العراق

اعتبر زعيم ائتلاف «الوطنية» ونائب رئيس الجمهورية العراقي، إياد علاوي، أمس، أن «أجندات خبيثة» تقف وراء عمليات استهداف الأطباء في البلاد، واصفا ما يتعرض له الأطباء بـ«النكسة الأمنية».
وجاء كلام علاوي في سياق بيان صادر عن مكتبه على خلفية مقتل طبيبة في منزلها بحي الإسكان غرب العاصمة بغداد، أمس، ووفاة الدكتور سليم عبد الحمزة بعد أيام من الاعتداء عليه في عيادته الخاصة بمنطقة المعامل شرق بغداد. وأشار علاوي في البيان إلى «وجود أجندات خبيثة لا تريد الخير للعراق، تقف وراء تلك العمليات»». محذرا «من تصاعد عمليات استهداف الأطباء».
وقال علاوي إنه «مع جميع الجهود التي بُذِلت وتُبذل لأجل سلامة الكفاءات العراقية ورعايتها»، معتبرا أن «عصابات الجريمة التي فقدت بصيرتها صعدت من عملياتها باستهداف الأطباء وفق مشروع خبيث لا يريد الخير لهذا البلد». ووصف علاوي ما يتعرض له الأطباء بأنه «نكسة أمنية تعكّر أجواء الفرح التي أعقبت انتصارات أهالينا في الموصل ومقاتلينا الأبطال»، داعيا الأجهزة الأمنية والاستخبارية إلى «تكثيف جهودها وتحمل مسؤولياتها من خلال خطط أمنية عاجلة تكشف ملابسات تلك الحوادث وتردع المجرمين وتسهم بحماية الأطباء وتوفير بيئة آمنة تمكنهم من أداء مهامهم على الوجه الأمثل».
وأبلغ مدير عام دائرة صحة الكرخ الدكتور جاسب لطيف الحجامي «الشرق الأوسط»، أن «طبيبة الأسنان الممارسة شذى فالح التي تعمل في مستشفى الطفل المركزي وجدت مقتولة بطعنات سكين في منزلها بحي الإسكان».
وتأتي الحادثة بعد يوم من تشييع كوادر وزارة الصحة جثمان الطبيب سليم عبد الحمزة الذي تعرض إلى اعتداء قبل أسبوع داخل عيادته في منطقة المعامل شرقي بغداد، أدى إلى وفاته أول من أمس. وكانت عصابة مجهولة خطفت الأسبوع الماضي الدكتور محمد زاير، الأسبوع الماضي، وأفرجت عنه بعد يوم واحد.
إلى ذلك، قال نائب نقيب الأطباء الدكتور جاسم الموسوي، إن «الاعتداءات على الأطباء بمختلف أنواعها ليست جديدة وتصاعدت منذ عام 2003». محذرا من «هجرة جماعية خارج البلاد إذا استمرت الاعتداءات على الأطباء». وكشف الموسوي لـ«الشرق الأوسط» أن نقابة الأطباء ستنظم اليوم وقفه احتجاجية ضد ما يتعرض له الأطباء أمام مقرها في منطقة المنصور، وستعتصم الكوادر الطبية في باقي المحافظات في دوائرها الصحية»
وعن الأسباب التي تدفع إلى الاعتداء على الأطباء في العراق، قال الموسوي: «هناك أسباب كثيرة، أهمها عدم وجود تفاهم بين المجتمع والطبيب، المواطن لا يثق بالخدمة الطبية المقدمة له، لكنه يحمل الطبيب، باعتباره رئيس كادر العلاج المسؤولية الكاملة، مع أن أطرافا كثيرة تدخل في عملية العلاج». ويشير الموسوي إلى أن طبيعة الاعتداءات على الكوادر الطبية متنوعة وتتراوح بين «اعتداءات عشائرية إلى تجاوزات من أشخاص عاديين، وأحيانا من عصابات منظمة، نحن لا نستطيع تحديد جهة معينة، ذلك من مسؤولية السلطات الأمنية». لافتا إلى أن النقابة «ليس لديها إحصاءات محددة بشأن أعداد الأطباء الذين تعرضوا للقتل أو الاعتداء أو الخطف، إنما الثابت أنها كثيرة جدا ومستمرة منذ نحو 14 عاما».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.