صندوق النقد يبقي على توقعات نمو الاقتصاد العالمي

شعار صندوق النقد الدولي في واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي في واشنطن (رويترز)
TT

صندوق النقد يبقي على توقعات نمو الاقتصاد العالمي

شعار صندوق النقد الدولي في واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي في واشنطن (رويترز)

أبقى صندوق النقد الدولي على توقعاته بشأن نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي بمعدل 5.‏3 في المائة، وبمعدل 6.‏3 في المائة خلال العام المقبل.
وقال ماوريس أوبستفيلد، كبير الخبراء الاقتصاديين في الصندوق، إن «تعافي النمو الذي كان متوقعا في أبريل (نيسان) الماضي أصبح أقوى... ولم يعد الآن هناك شك في قوة الدفع التي اكتسبها الاقتصاد العالمي».
وأضاف أن البيانات الأخيرة تشير إلى أن اقتصاد العالم دخل «أوسع تعاف متزامن» خلال العقد الأخير.
في الوقت نفسه، يتوقع صندوق النقد الدولي نمو حركة التجارة العالمية بمعدل 4 في المائة خلال العامين الحالي والمقبل، وهو ما يتجاوز معدل نمو الاقتصاد المتوقع، ويزيد بشدة عن معدل النمو المسجل لحركة التجارة العالمية خلال عامي 2015 و2016، وكان أقل من 5.‏2 في المائة.
وفي التقرير المعدل لآفاق الاقتصاد العالمي، الذي أصدره صندوق النقد الدولي في العاصمة الماليزية كوالالمبور اليوم، ارتفع معدل النمو المتوقع لاقتصاد منطقة اليورو والاقتصادات الصاعدة والنامية في أوروبا، وكذلك الصين وكندا.
في الوقت نفسه، خفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي في ضوء سياسات الإنفاق التوسعية للإدارة الأميركية، في ظل عدم حصول خطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لخفض الضرائب وزيادة الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، على تأييد الكونغرس حتى الآن.
وبحسب التقديرات المعدلة، يتوقع صندوق النقد نمو الاقتصاد الأميركي خلال العامين الحالي والمقبل بمعدل 1.‏2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، في حين كان يتوقع نموه بمعدل 4.‏2 في المائة قبل 3 أشهر.
وذكر الصندوق أن احتمالات تراجع وتصاعد المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي على المدى القصير متوازنة بدرجة كبيرة.
وبحسب التقرير، فإن الصعود الدوري في أوروبا يمكن أن يؤدي إلى نمو يفوق التوقعات، في حين أن أسعار الأسهم المرتفعة في مختلف الأسواق المتقدمة والسياسات التوسعية للصين، يمكن أن تمثل بعض الخطورة على الاستقرار المالي.
في الوقت نفسه، فإن التحرك التدريجي لمجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) نحو زيادة أسعار الفائدة، وسحب السيولة النقدية من أسواق الأسهم، واحتمال تطبيع السياسات النقدية في الدول الغنية الأخرى يمكن أن يهدد بصعوبة الأوضاع المالية.
وقال أوبستفيلد، إن «ضغوط التضخم الأساسي ما زالت منخفضة في الاقتصادات المتقدمة، ومقاييس توقعات التضخم على المدى الأطول لا تبدي أي مؤشرات على ارتفاعه عن المستويات المستهدفة، لذلك ستواصل البنوك المركزية التحرك بحذر».
وأشار صندوق النقد إلى أن تراجع أسعار النفط العالمية خلال الشهور الأخيرة يخفض التضخم بصورة أكبر.
ورغم الثقة في نمو الناتج الاقتصادي، فإن معدلات النمو في كل من الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات المعتمدة على تصدير المواد الخام، ما زالت أقل من متوسط المعدلات المسجلة قبل الأزمة المالية العالمية التي تفجرت في خريف 2008.
وحذر أوبستفيلد من أن ازدياد الفجوة في الدخول وضعف وتيرة نمو الأجور، رغم تراجع معدل البطالة «ينطوي على مخاطر تصاعد التوترات الاجتماعية، والتي دفعت بعض الناخبين بالفعل إلى تبني سياسات اقتصادية انكفائية».
وحذر المحلل الاقتصادي من أن خطر التحركات الحمائية والرد عليها، ما زال بارزا على المدى القصير والمدى المتوسط.
ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، فقد حقق الاقتصاد العالمي نموا بمعدل 4.‏3 في المائة خلال 2015، وبمعدل 2.‏3 في المائة خلال العام الماضي.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.