تغريدات الرئيس الأميركي تنافس الإعلام

الصحف الأوروبية: تطورات الوضع في القدس وحصيلة 6 أشهر من رئاسة ترمب

مظاهرات الفلسطينيين ضد الاجراءات الاسرائيلية الخاصة بمسجد الاقصى (ا.ف.ب)
مظاهرات الفلسطينيين ضد الاجراءات الاسرائيلية الخاصة بمسجد الاقصى (ا.ف.ب)
TT

تغريدات الرئيس الأميركي تنافس الإعلام

مظاهرات الفلسطينيين ضد الاجراءات الاسرائيلية الخاصة بمسجد الاقصى (ا.ف.ب)
مظاهرات الفلسطينيين ضد الاجراءات الاسرائيلية الخاصة بمسجد الاقصى (ا.ف.ب)

خلال الأسبوع الماضي، ركز الإعلام الأميركي على أخبار الرئيس دونالد ترمب، كعادته كل أسبوع، منذ أن صار ترمب رئيسا. ليس فقط بسبب مقابلاته وزياراته، ولكن، أيضا، بسبب تغريداته في موقع «تويتر». نافست هذه التغريدات الإعلام الأميركي منافسة قوية، بل ربما فازت عليه. لأن الأخبار، طبعا، مهمة ومباشرة. ولأن التعليقات فيها تسبق تعليقات الإعلام.
في الأسبوع الماضي، غرد ترمب أنه يملك «القدرة الكاملة» على إعفاء من يريد (من أي تحقيقات قانونية ومحاكمات)، لأنه رئيس الجمهورية الذي يملك هذه الميزة الدستورية. لم يقل ترمب من سيعفي. لكن، جاء الخبر (والرأي) بعد أخبار عن تورط مزيد من أفراد عائلته في فضيحة «روسيا غيت». وبعد أخبار بأن ترمب ربما سيعفي نفسه.
بداية بصحف أميركية صغيرة، قالت افتتاحية صحيفة «نابا فالي ريجستر» (ولاية كاليفورنيا): «حتى قبل أن يتحدث ترمب عن إعفاء مستشاريه وأفراد عائلته ونفسه، صار واضحا أن ترمب يعرقل العملية الدستورية الأميركية. وإذا، حقيقة، فعل ذلك، سيكون قد حطم هذه العملية الدستورية».
وقالت افتتاحية صحيفة «سان فرنسسكو كرونيكل» (ولاية كاليفورنيا أيضا): «قبل التحذير من العفو، يوجد التحذير بالتلاعب بمسؤوليات المحقق الخاص الذي اختارته وزارة العدل للتحقيق (في فضحية روسيا غيت). أي عرقلة لهذه المسؤوليات سيكون خطأ كبيرا».
وقالت افتتاحية صحيفة «نيويورك تايمز»: «إذا عفا ترمب عن أي شخص له صلة بدور الروس في الانتخابات الأخيرة، ناهيك عن إذا عفا نفسه، سيكون ارتكب جريمة كبرى».
غير أن أكثر الافتتاحيات التي تنتقد ترمب والتي أثارت الاهتمام في الأسبوع الماضي، كانت افتتاحيات صحف الملياردير الأميركي الأسترالي روبرت مردوخ.
حسب تلفزيون «سي إن إن» يوم السبت، يظل مردوخ صديقا قويا لترمب (في التجارة وفي السياسة)، وهما «يتصلان كثيرا مع بعضهما البعض تلفونيا». لكن، مؤخرا، بدأت صحف مردوخ تنتقد ترمب: قالت افتتاحية صحيفة «وول ستريت جورنال» (لرجال الأعمال) تحت عنوان «ترمب والحقيقة»: «إذا لم يعد الرئيس ترمب إلى عقله، ستدمره الماكينة السياسية في واشنطن العاصمة. وستدمر عائلته، وشركاته، وسمعته».
وقالت افتتاحية صحيفة «نيويورك بوست» (الشعبية) إن تصرفات دونالد ترمب الابن تدل على أنه «ملعون» و«غبي إجرامي».
وقال تلفزيون «سي إن إن»: «منذ أن كان ترمب صغيرا في نيويورك، كان يقرأ صحيفة (نيويورك بوست)، وحتى اليوم، ترسل إليه في البيت الأبيض كل صباح».
ما بين تطورات الأوضاع في القدس الشرقية والضفة الغربية والتهديدات الإرهابية التي تواجهها دول أوروبا، إلى جانب حصيلة ستة أشهر منذ انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاءت أبرز العناوين والاهتمامات بالنسبة للصحف الأوروبية. من باريس نستهل جولتنا بصحيفة «لوفيغارو» التي اهتمت بالتطورات الخطيرة في القدس الشرقية والضفة الغربية.كتبت الصحيفة في مقال من توقيع مارك هنري، مشيرة إلى أن السلطة الفلسطينية أعلنت مساء الجمعة 21 يوليو (تموز) تجميد الاتصالات مع إسرائيل حتى تتراجع هذه الأخيرة عن الإجراءات الجديدة التي اتخذتها في محيط المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة.
وعن تأجج الأوضاع يقول الكاتب إن المدينة المقدسة يبدو أنها دخلت في دوامة عنف وأسوأ اللحظات منذ الانتفاضات السابقة، ويلفت الكاتب إلى أن الفلسطينيين يحتجون على الإجراءات الإسرائيلية التي فرضت الجمعة الماضي إثر هجوم قُتل خلاله شرطيان إسرائيليان وثلاثة مهاجمين من عرب إسرائيل. وأغلقت القوات الإسرائيلية أجزاء من القدس الشرقية السبت وبقي المسجد الأقصى مغلقاً حتى ظهر الأحد عندما فتح بابين من أبوابه أمام المصلين بعد تركيب أجهزة لكشف المعادن فيهما.
وننتقل إلى برلين وذكرت صحيفة بيلد الشعبية الألمانية أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يخطط لدور عسكري واسع وطويل الأمد لجيش بلاده أكثر مما هو معروف في الحرب الدائرة في سوريا، وقالت الصحيفة إن تحليلها لصور أقمار اصطناعية اشترتها من خدمة تيرسيرفر قد كشف عن وجود مطار عسكري أميركي سري يمتد على مساحة 1.9 كيلومتر مربع بالقرب من مدينة عين العرب (كوباني) شمالي سوريا.ونقلت «بيلد» عن متحدث باسم التحالف الدولي ضد «داعش» قوله: «إن هذه القاعدة أقيمت كمركز لوجيستي لدعم شركائنا»، موضحة أن المقصود هي قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري.
وأكد المتحدث باسم التحالف أن القاعدة الجوية العسكرية الأميركية معدة لهبوط وانطلاق طائرات النقل العسكرية الأميركية العملاقة من طراز «سي 130» و«سي 17». ورأت «بيلد» أن طبيعة هذا المطار وحجم الاستعدادات الجارية فيه «يكشف عن استعداد الولايات المتحدة للدفاع لفترة طويلة عن حلفائها الأكراد ضد الديكتاتور السوري بشار الأسد وتركيا».
وفي بلجيكا، تناولت صحف بروكسل، الإعلان عن توصل الشرطة الأوروبية إلى تحديد هوية العشرات من عناصر «داعش» الذين يخططون لتنفيذ هجمات إرهابية في أوروبا، وقالت صحيفة «ستاندرد»، نقلاً عن مصادر إعلامية أوروبية أن أجهزة الاستخبارات الأميركية في العراق وسوريا قد ساعدت بمعلومات في هذا الصدد.
واهتمت الصحف البلجيكية أيضاً بملف تهديد الاتحاد الأوروبي لبولندا بسبب إصلاحاتها القضائية وحصيلة دونالد ترمب بعد مرور ستة أشهر على تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة.
وسلطت «لوسوار» الضوء في مقال تحت عنوان «بولندا مهددة بسلسلة من المساطر» على الإنذار الذي وجهته المفوضية الأوروبية لبولندا تحثها فيه على تعليق الإصلاحات الجديدة لنظامها القضائي وملوحة بفرض عقوبات إذا لم توقف وارسو التهديدات الواضحة لدولة القانون.
وفي موضوع آخر، وصفت الجريدة حصيلة دونالد ترمب بعد ستة أشهر على تنصيبه على رأس البيت الأبيض بـ«الكارثية». وكتبت في هذا الصدد أن المجتمع الأميركي يبقى منقسما أكثر من أي وقت مضى بين مؤيدي ومعارضي ترمب. بدورها، أشارت «لاديرنيير أور» إلى أن حصيلة دونالد ترمب سلبية، مضيفة أنه خلال ستة أشهر لم يرَ معارضوه سوى مخاوفهم تتحقق على أرض الواقع.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.