عالم سعودي يحدد للمرة الأولى طريق هروب المتنبي من مصر إلى العراق

بعد 1155 عاماً وبجهد استمر ثماني سنوات عبر أربع دول عربية

خريطة دقيقة لمسار رحلة هروب المتنبي من الفسطاط إلى الكوفة قبل 1155 عاماً
خريطة دقيقة لمسار رحلة هروب المتنبي من الفسطاط إلى الكوفة قبل 1155 عاماً
TT

عالم سعودي يحدد للمرة الأولى طريق هروب المتنبي من مصر إلى العراق

خريطة دقيقة لمسار رحلة هروب المتنبي من الفسطاط إلى الكوفة قبل 1155 عاماً
خريطة دقيقة لمسار رحلة هروب المتنبي من الفسطاط إلى الكوفة قبل 1155 عاماً

نجح الدكتور عبد العزيز بن ناصر المانع أحد علماء اللغة والأدب بالسعودية في تحقيق إنجاز علمي لافت بوضع خريطة دقيقة لهروب شاعر العربية الأكبر «أبي الطيب المتنبي»، من الفسطاط بمصر إلى الكوفة بالعراق، بعد رحلات علمية ميدانية ومكتبية في أربع دول هي: مصر، والسعودية، والأردن، والعراق، استغرقت سنوات ثمان، درس فيها طريق هروب الشاعر، متتبعاً مساره ميدانياً. ويعتبر هذا الإنجاز العلمي الأدق في تحديد قصة وطريق الهروب السياسي لأشهر شاعر في التاريخ الأدبي العربي. وقد استطاع د. المانع تحديد خط سير المتنبي في خرائط الدول الأربع التي مر بها المتنبي حسب ما ورد في أشعاره وأخباره بالاستعانة بالخرائط والإحداثيات المتخصصة سواء في بلاده أو في الدول الثلاث الأخرى التي مر بأراضيها الشاعر في رحلة هروبه من الفسطاط في زمن كافور الإخشيدي إلى مسقط رأسه الكوفة. واستغرقت الرحلة نحو أربعة أشهر بدأها في التاسع عشر من شهر يناير (كانون الثاني) من 962م وانتهت في الثالث من مايو (أيار) من العام ذاته، بعد إقامة بمصر لمدة خمس سنوات مدح فيها، كما هو معروف، «كافور الإخشيدي»، حاكم مصر آنذاك بقصائد عدة وفي نفس الشاعر مطامع بالحصول على إمارة أو ضيعة، لم يلبها الحاكم الممدوح. واستطاع الشاعر الهروب رغم المراقبة الشديدة والدقيقة عليه من قبل «الملك» الأستاذ كما كان يلقبه الشاعر، حيث سلط كافور على المتنبي عيوناً تراقبه طوال اليوم تجنباً لمثل هذا الهروب، ومن ثم الخوف من قيام الشاعر بهجائه إن لم يحقق مطالبه، وهو ما حدث بالفعل.
لم يكن توثيق الدكتور المانع لطريق هروب الشاعر وتتبعه ميدانياً ورسم خارطة دقيقة للطريق الذي سلكه هو موضوع منجزه الكبير فقط، رغم أهميته وأسبقيته، فقد أرفقه بدراسة مهمة هذا الشاعر الذي وصفه المؤلف بالعظيم ورمز العبقرية الشعرية المتفردة في مكانته.
واستشهد المانع في سياق الحديث عن مكانته الشعرية بأبي العلاء المعري، شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء بالإشارة إلى أن أبا العلاء إذا أراد أن يستشهد بشعر أحد الشعراء قال: قال أبو نواس، أو قال أبو تمام، أو قال البحتري، أما إذا أراد أن يستشهد بشعر المتنبي فإنه يكتفي بأن يقول: قال الشاعر!، فهو عنده «الشاعر» أما غيره فهم - عنده بلا ريب - دونه مكانة ومنزلة، وعندما كان أبو العلاء ينشد بيت المتنبي المشهور: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي.. وأسمعت كلماتي من به صمم.
يقول: سبحان الله! كأنه ينظر إلي بظهر الغيب.
وضمّن المانع منجزه اللافت بتقديم قراءة في المحاولات والأعمال السابقة حول قصة هروب أبي الطيب المتنبي التي تناولها من سبقه في ذلك، طارحاً نقداً موضوعياً لهذه الأعمال والمحاولات في تحديد أعلام الطريق مثنياً على جديتها والجهود التي بذلت في سبيل تحقيق الهدف منها مبرزاً الجوانب الإيجابية في هذه الأعمال والأمور غير الدقيقة فيها وتصحيح الأخطاء، محللاً الأمور الظنية والاعتقادية المطروحة في تحديد الطريق الذي سلكه المتنبي في رحلة الهروب من مصر إلى العراق وبالتحديد من الفسطاط إلى الكوفة.
وُلِد البروفسور عبد العزيز بن ناصر المانع في محافظة شقراء السعودية سنة 1943م، وحصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بالرياض سنة 1966م، وعلى الدكتوراه من جامعة إكستر بالمملكة المتحدة 1976م، في تخصّص تحقيق المخطوطات. وانخرط - منذ ذلك الوقت - في السلك الأكاديمي، فعمل مدرِّساً في قسم اللغة العربية في جامعة أم القرى، ثم انتقل إلى قسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة الملك سعود منذ سنة 1977م أستاذاً غير متفرغ للأدب العربي القديم في ذلك القسم.
تولَّى البروفسور المانع - إلى جانب عمله في التدريس والبحث العلمي - عدداً من المناصب الأكاديمية والإدارية فكان مديراً لمركز البحوث في كلية الآداب، ورئيساً لقسم اللغة العربية فيها لسنتين، وممثلاً لها في مجلس كلية الدراسات العليا لأربع سنوات، ورئيساً لتحرير مجلّتها لأربع سنوات أخرى، كما عمل مديراً للمكتب التعليمي السعودي بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة لسنتين. ودُعي خلال سنتي 2006م و2007م، أستاذاً زائراً للدراسات العليا في مادّة «تحقيق المخطوطات» بجامعة سوسة في تونس.
وللبروفسور المانع الرياض، إضافة إلى المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابها التي تصدرها جامعة مؤتة بالأردن. نشاط كبير في الحياة الثقافية في بلاده، فهو عضو في مجلس إدارة نادي الرياض الأدبي، وعضو الجمعية العربية السعودية للغة العربية، واللجنة العلمية بمركز الشيخ حمد الجاسر الثقافي بالرياض، كما أنه عضو في هيئة تحرير مجلة العرب التي تصدر في الرياض وفي الهيئات الاستشارية لكل من مجلة عالم الكتب ومجلة عالم المخطوطات والنوادر ومجلة الدرعية. وبالإضافة لذلك، له إنتاج علمي غزير في مجال تخصصه فقد حقَّق أكثر من خمسة عشر من المؤلفات التراثية ونشر الكثير من البحوث والمقالات في المجلات العلمية المحلية والدولية إلى جانب مشاركته في كثير من المؤتمرات والندوات في المملكة العربية السعودية وأستراليا وبريطانيا والهند وإيطاليا وتونس ومصر والأردن. وما زال يشارك - على مدى عدة عقود - في الندوات الأسبوعية لقسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود.
ونتيجة لهذه الإنجازات، نال المانع جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب عام 2009، تقديراً «لجهوده المتميِّزة في مجال تحقيق نصوص من التراث في الفترة المحدَّدة لموضوع الجائزة؛ إذ برهن على إلمام واسع بمصادر مختلفة ومتنوِّعة أحسن توظيفها في تحقيق عدد من المؤلفات التراثيَّة المهمَّة وضبطها وإجلاء غوامضها، وفقاً للمناهج العلميَّة الدقيقة في مجال صنعة التحقيق، ممَّا يسَّر للقرَّاء المعاصرين معرفة جَانب من التراث الأدبي العربي وأتاح نصوصّاً أساسيَّة منه للباحثين المختصّين وللمكتبة العربيَّة».
وقرَّرت جامعة الملك سعود الاحتفاء بالبروفسور المانع - بعد نيله جائزة الملك فيصل - بتخصيص كرسي بحثٍ باسمه ومنحه الميدالية الذهبية للجامعة وجائزة مالية.



«الشارقة الثقافية» تحتفي بأحمد شوقي

«الشارقة الثقافية» تحتفي  بأحمد شوقي
TT

«الشارقة الثقافية» تحتفي بأحمد شوقي

«الشارقة الثقافية» تحتفي  بأحمد شوقي

صدر أخيراً العدد (97) لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «الشارقة الثقافية»، وقد تضمن مجموعة من الموضوعات والمقالات والحوارات، في الأدب والفن والفكر والسينما والتشكيل والمسرح.

جاءت افتتاحية العدد بعنوان (معرض الشارقة الدولي للكتاب والتنوع الثقافي العالمي)، الذي يواصل مسيرته برؤية متجدّدة، انطلاقاً من أن الكتاب أصل كل شيء، وأنه الأمين على منجزات الشعوب وحكاياتها ورفيق مسيرتها، وأن بناء العقول هو الاستثمار الأكبر».

أما مدير التحرير نواف يونس؛ فكتب عن الاحتفاء بذكرى (أمير الشعراء) أحمد شوقي.

وفي تفاصيل العدد، كتب محمد نعمان عن أمير الشعراء أحمد شوقي (قيثارة الشعر وسلاسل الذهب)، وحاور حسن الوزاني الكاتب ماكس فايس الذي يدرس ويترجم الأدب العربي، فيما قدمت سوسن محمد كامل إطلالة على مدينة دير الزور.

أما في باب (أدب وأدباء)؛ فقدم كل من هشام أزكيض ود. عزيز بعزي استطلاعاً يحتفي بمجلة «الشارقة الثقافية» بمناسبة مرور تسع سنوات على إصدارها، وتوقف عادل البطوسي عند تجربة الكاتبة هان كانغ التي نالت (نوبل) ورفضت الاحتفال بها، فيما حاور خليل الجيزاوي الكاتبة زينب صادق التي شاركت في تأسيس مجلة (صباح الخير)، وتتبعت أنور محمد مسيرة إلياس خوري. أما أحمد فضل شبلول فكتب عن تأثر نجيب محفوظ بطه حسين، ورصد مصطفى القزاز المساجلات الأدبية التي أثْرَت المكتبة العربية، وقرأت ثراء هانئ سيرة فؤاد الشايب.

ومن الموضوعات الأخرى، كتبت د. زهرة بن يمينة عن الشاعر صالح الشرنوبي، وسلطت رويدا محمد الضوء على تجربة الأديب محمد العدناني الذي ترك دراسة الطب وتفرغ للشعر، وتناول هشام عدرة في عالم الشاعر وجيه البارودي، وغير ذلك من الموضوعات.

ونقرأ في باب (فن. وتر. ريشة) الموضوعات الآتية: «القاهرة تكرم سلطان القاسمي أحمد أهم رجالات المسرح في الوطن العربي» لعبد العليم حريص، و«مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة ملتقى فكري إلى جانب العروض المشاركة» – لعبد العليم حريص، و«أحمد الجسمي عميد المسرح في الإمارات» لأحمد الماجد، و«علي نفنوف في رحلته للبحث عن اللا مألوف» لرفاه هلال حبيب، و«محمد نصر الله يفتح الأبواب أمام حلمه» و«محمد العامري، فن الحقيبة وحّد مشاعر أهل السودان» لحجازي حسن أحمد، و«أندريا رايدر أجاد التعبير عن تفاصيل وخصوصية إنسانية» لأشرف بيدس، و«كيت وينسلت... أداء جدير بالجوائز» لأسامة عسل. ونقرأ حواراً مع مالك خوري أجراه محمد جمال الروح.

وقد أفرد العدد مساحة لمجموعة من القصص القصيرة والترجمات لمجموعة من الكتاب العرب.