ماياكوفسكي... الناطق الشعري باسم ثورة أكتوبر الروسية

كتاب بريطاني عنه ورواية تستلهم حياته

فلاديمير ما ياكوفسكي
فلاديمير ما ياكوفسكي
TT

ماياكوفسكي... الناطق الشعري باسم ثورة أكتوبر الروسية

فلاديمير ما ياكوفسكي
فلاديمير ما ياكوفسكي

شهور قليلة تفصلنا عن شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2107، وهو يوافق الذكرى المئوية لثورة أكتوبر 1917 الاشتراكية في روسيا. ثورة كانت بخيرها وشرها من نقاط التحول الكبرى في التاريخ الحديث، شأنها في ذلك شأن الثورة الأميركية على الإمبراطورية البريطانية (1765 - 1788) والثورة الفرنسية الكبرى ربيع 1789.
وإذا ذكرنا ثورة روسيا فينبغي أن نذكر الشاعر الروسي فلاديمير ماياكوفسكي (1893 - 1930) الذي كان الناطق باسم هذه الثورة، والذي سعى إلى تخليد منجزاتها في قصائده وكتاباته النثرية الدعائية والسياسية والإعلانية. لا عجب أن نجد له اليوم حتى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي تمثالا في مدينة موسكو على مقربة من تمثال لبوشكين شاعر روسيا القومي، وأن نجد ميدانا باسمه في قلب العاصمة الروسية كانت الجماهير تحتشد فيه في الفترة ما بين 1958 - 1961 لسماع قراءات شعرية.
وبمناسبة هذه الذكرى المئوية أصدرت دار كاركانت البريطانية للنشر كتاب مختارات شعرية عنوانه «فلاديمير ماياكوفسكي وقصائد أخرى» ترجمها من الروسية إلى الإنجليزية وقدم لها جيمز وماك في 256 صفحة، ويضم عددا من قصائد الشاعر الروسي الذي وصفه صديقه بوريس باسترناك بأنه كان أشبه بـ«بركان إتنا بين تلال سفوح» رمزا لشموخه على معاصريه من الشعراء.
كان ماياكوفسكي الذي بدأ حياته متأثرا بالحركة المستقبلية في الشعر متمردا على المواضعات شديد الإحساس بذاته. كتب في شبابه مأساة منظومة عنوانها «فلاديمير ماياكوفسكي» (ومن هنا كان عنوان الكتاب) وفيها يقول: «لكني أحيانا أميل - إلى اسمي قبل كل شيء- فلاديمير ماياكوفسكي» في دلالة واضحة على نرجسيته (يفعل أدونيس وإدوار الخراط شيئا من قبيل ذلك حين يورد الأول في ديوانه «كتاب التحولات والهجرة في أقاليم الليل والنهار» اسمه: «علي أحمد سعيد أسبر». ويورد الثاني في مجموعته القصصية «ساعات الكبرياء» صوتا ينادي: إدوار.. إدوار.».) ويقدم الشاعر نفسه في صورة عملاق جهوري الصوت يقف في مواجهة العالم. وفي سيناريو سينمائي كتبه نجد شخصين يحملان اسم ماياكوفسكي ثم يندمجان في شخص واحد هو الشاعر الذي يظل مركز العمل ويلقي شعره بين حماسة الجماهير التي «ترتمي عند أقدام ماياكوفسكي».
كان ماياكوفسكي – كما يلاحظ الناقد بيترفرانس - شاعرا مؤديا يحب قراءة شعره على الأسماع لا على الصفحة الخرساء. وقد وصف نفسه بأنه «يواصل موروث شعراء التروبادور» وهم المنشدون الموسيقيون في بلاط جنوب فرنسا ما بين القرن الثاني عشر والرابع عشر. وأهم قصائده هي قصيدته المسماة «سحابة في بنطلون» (1915) (لها ترجمة عربية بقلم الشاعر المصري رفعت سلام)، حيث يبشر بإرهاصات الثورة الروسية في إيقاعات لها هزيم الرعد وقواف متفجرة غير متوقعة. وإلى جانب قصائده الحماسية كان من شعراء الحب والحس، كما كتب قصائد عن حرفة الشعر: طبيعته وجدواه وقيمته والثمن الذي يستأديه. وله رسالة شعرية منظومة موجهة إلى مكسيم جوركي، ومرثية مؤثرة للشاعر الروسي سرجي يسنين الذي مات منتحرا (كما سينتحر ماياكوفسكي ذاته فيما بعد بطلقة مسدس) وقصيدة عنوانها «يوبيل» يخاطب فيها سلفه العظيم بوشكين. لقد كان ماياكوفسكي في مرحلته المستقبلية الأولى يرفض التراث ويدعو إلى إلقائه من «سفينة الحداثة»، لكنه في هذه القصيدة إلى بوشكين (1925) يعود إلى الإقرار بقيمة التراث الذي يمثله صاحب «يوجين أو نيجين» و«ابنة القبطان» و«الفارس البرونزي» و«الفجر» و«ملكة البسطوني» وغيرها من الروائع، قائلا: «هلم. دعنا الآن نعيدك إلى قاعدة تمثالك».
والواقع أن هذه القصائد لا يمكن تذوقها على النحو الأمثل إلا إذا عرفنا شيئا عن آراء ماياكوفسكي في فن الشعر ووظيفته. وأهم وثيقة توضح ذلك هي مقالته المسماة «كيف تصنع الأشعار؟» (1926) وفيها يقول: «سأكون صريحا معكم. إني لا أعرف شيئا عن تفعيلات الشعر. لم أتمكن قط من التمييز بينها ولن أتمكن من ذلك قط». ثم يمضي قائلا:
«كتابة الشعر أشبه بلعبة الشطرنج. إنها تعتمد على مجموعة من القواعد ثم تطلق مجالا للبراعة والخيال. فالحركات الأولى في كتابة القصيدة – كالحركات الأولى لقطع الشطرنج عند بدء المباراة – تكاد تكون متطابقة. لكنك بعد ذلك تبدأ في التفكير في طريقة مبتكرة لهزيمة منافسك. يجب أن تكون طريقة بعيدة عن التوقع حتى تفاجئ المنافس.
الشعر مادته الكلمات فاملأ وطابك على نحو مستمر بأكبر عدد ممكن منها. املأ جمجمتك بكل أنواع الكلمات: ضرورية، معبرة، نادرة، مبتكرة، مصنوعة، منحوتة.
على الشاعر اكتساب المهارات اللازمة لتقنية الشعر: القوافي، البحور، الجناس الاستهلالي للكلمات في السطر الواحد، الهبوط بالمستوى أو الارتفاع به، الشجن، طريقة ختام القصيدة.
الإيقاع هو أساس أي عمل شعري. أما من أين يجيء هذا الإيقاع فلغز يستعصي على الحل. إنه يأتي من خليط الأصوات والضوضاء والانسجام والنشاز الذي تموج به حياتنا: من صوت أمواج البحر في تكرارها الأبدي، من صفق الباب لدى الخروج من البيت إلى العمل في كل صباح، بل من دوران الكرة الأرضية وتعاقب الليل والنهار. الإيقاع هو الطاقة المحركة للشعر.
عليك أن تبلغ بالقصيدة أعلى درجة ممكنة من القدرة التعبيرية. وسبيلك إلى بلوغ ذلك هو الصورة الفنية. والصورة تتوسل بالتشبيه والاستعارة».
ويتزامن صدور هذه المختارات الشعرية مع صدور رواية من تأليف روبرت ليتل عن حياة ماياكوفسكي عنوانها «فلاديمير». (الناشر دكورث أوفرلوك) في 272 صفحة.
والرواية – كما يقول جامي ران في «ملحق التايمز الأدبي» (17 فبراير/شباط 2017) – مروية من وجهة نظر أربع من عشيقات الشاعر وحبيباته، وذلك في غرفة فندق بموسكو عام 1953. هكذا تسعى الرواية إلى أن تجعلنا نرى الشاعر من منظورات مختلفة بما يكشف عن الجوانب المتصارعة في شخصيته ومسيرته الشعرية وحياته، ولكنها للأسف تخفق في بلوغ هذا الهدف فهي أقرب إلى الطابع المسرحي المصطنع، وظلت سكونية لا حراك حقيقيا فيها.
ويدرج روبرت ليتل في روايته مقتطفات من قصائد ماياكوفسكي وشخصيات من عقود زمنية لاحقة وذلك في خلط مقصود بين الأزمنة. لكن ذلك لا يعدو أن يربك القارئ ويؤدي إلى اختلاط الأمور عليه. والحوار بين المتكلمين غير مقنع. وثمة بعض لقطات شائقة من حياة الشاعر ولكنه يظل غائبا عن الرواية أو الأحرى أنه يبدو في صورة دون جوان محطم لقلوب النساء، يسرف في شرب الخمر، ويلتقط قصائده من الهواء في الفترة الفاصلة بين صراعاته ومغامراته الغرامية. إن الرجل هنا يظل مختفيا وراء الأسطورة المنسوجة حول اسمه.
ما الذي يبقى من ماياكوفسكي اليوم وقد زال وزالت أغلب القضايا السياسية التي كان يكتب عنها؟ يبقى منه تجريبه الشعري الجريء وصوره اللافتة وتأثيره في ثلاثة شعراء كبار جاءوا بعده هم باسترناك ويفتشنكو وفوزنسنسكي، وكلها منجزات تكفل له مكانا باقيا في ديوان الشعر الروسي بل الأوروبي بل العالمي.



وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
TT

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

وكان رحيم تعرض لذبحة صدرية منذ أشهر، تحديداً في يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته أنوسة كوتة، مدربة الأسود.

وكان رحيم قد أعلن اعتزاله مهنة الفن والتلحين في فبراير (شباط) الماضي، وتعليق أنشطته الفنية، وبعدها تراجع عن قراره ونشر مقطع لفيديو عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال فيه حينها: «أنا مش هقولكم غير إني بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي وهتشوفوا ده بعينكم في ندوة، خلاص يا جماعة أنا هرجع تاني علشان خاطركم إنتوا بس يا أعظم جمهور وعائلة في العالم، وربنا ميحرمناش من بعض أبداً».

ونعى تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، رحيم، وكتب عبر موقع «فيسبوك»، اليوم السبت: «رحم الله الملحن محمد رحيم وغفر الله له، عزائي لأهله ومحبيه، خبر حزين».

ورحيم من مواليد ديسمبر (كانون الأول) 1979. درس في كلية التربية الموسيقية، وبدأ مسيرته بالتعاون مع الفنان حميد الشاعري، وأطلق أول أغانيه مع الفنان المصري عمرو دياب «وغلاوتك»، ثم قدم معه ألحاناً بارزة منها أغنية «حبيبي ولا على باله». كما تعاون رحيم مع العديد من الفنانين، ومنهم: محمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، ونانسي عجرم، وروبي، وشيرين عبد الوهاب، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

كما نعى رحيم عدد من نجوم الفن والطرب، وكتب الفنان تامر حسني عبر خاصية «ستوري» بموقع «إنستغرام»: «رحل اليوم صاحب أعظم موهبة موسيقية في التلحين في آخر 25 سنة الموسيقار محمد رحیم. نسألكم الدعاء له بالرحمة والفاتحة»، وأضاف: «صلاة الجنازة على المغفور له بإذن الله، صديقي وأخي محمد رحيم، عقب صلاة الظهر، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، إنا لله وإنا إليه راجعون».

منشور الفنان تامر حسني في نعي رحيم

وكتب الفنان عمرو دياب عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت: «أنعى ببالغ الحزن والأسى رحيل الملحن المبدع محمد رحيم».

وكتبت الفنانة أنغام عبر موقع «إكس»: «خبر صادم جداً رحيل #محمد_رحيم العزيز المحترم الزميل والأخ والفنان الكبير، لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا وخالص العزاء لعائلته».

وكتبت الفنانة أصالة عبر موقع «إكس»: «يا حبيبي يا رحيم يا صديقي وأخي، ومعك كان أحلى وأهم أعمال عملتهم بمنتهى الأمانة بموهبة فذّة الله يرحمك يا رحيم».

كما كتب الشاعر المصري تامر حسين معبراً عن صدمته بوفاة رحيم: «خبر مؤلم جداً جداً جداً، وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير محمد رحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله».

كما نعته المطربة آمال ماهر وكتبت عبر موقع «إكس»: «لا حول ولا قوة إلا بالله. صديقي وأخي الغالي الملحن محمد رحيم في ذمة الله. نسألكم الدعاء».

وعبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن صدمتها بكلمة: «?what»، تعليقاً على نبأ وفاة رحيم، في منشور عبر موقع «إكس»، من خلال إعادة تغريد نبأ رحيله من الشاعر المصري أمير طعيمة.

ونعته إليسا في تغريدة لاحقة، ووصفته بالصديق الإنسان وشريك النجاح بمحطات خلال مسيرتها ومسيرة كثير من زملائها.

ونشرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي مقطع فيديو به أبرز الأعمال التي لحنها لها رحيم، منها أول تعاون فني بينهما وهي أغنية «الليالي»، بالإضافة لأغنية «ياما قالوا»، وأغنية «صوت الهدوء»، التي كتب كلماتها رحيم. وكتبت الزغبي عبر «إكس»: «الكبار والمبدعون بيرحلوا بس ما بيموتوا».

ونشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صورة تجمعها برحيم، وكتبت عبر موقع «إكس»: «ما عم صدق الخبر». وكتبت لاحقا: «آخر مرة ضحكنا وغنّينا سوا بس ما كنت عارفة رح تكون آخر مرة». رحيم قدم لنانسي عدة أعمال من بينها «فيه حاجات» و«عيني عليك»، و«الدنيا حلوة»، و«أنا ليه».

ونشرت المطربة التونسية لطيفة عدة صور جمعتها برحيم عبر حسابها بموقع «إكس»، وكتبت: «وجعت قلبي والله يا رحيم... ده أنا لسه مكلماك ومتفقين على شغل... ربنا يرحمك ويصبر أهلك ويصبر كل محبينك على فراقك».

وكتبت الفنانة أحلام الشامسي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، فعلاً خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له».

كما نعته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وكتبت عبر «إكس»: «وداعاً الفنان الخلوق والصديق العزيز الملحن المبدع #محمد_رحيم».

وشارك الفنان رامي صبري في نعي رحيم وكتب عبر حسابه الرسمي بموقع «إكس»: «خبر حزين وصدمة كبيرة لينا».

وشاركت الفنانة بشرى في نعي رحيم، وكتبت على «إنستغرام»: «وداعاً محمد رحيم أحد أهم ملحني مصر الموهوبين في العصر الحديث... هتوحشنا وشغلك هيوحشنا».

وكان رحيم اتجه إلى الغناء في عام 2008، وأصدر أول ألبوماته بعنوان: «كام سنة»، كما أنه شارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها «سيرة حب»، و«حكاية حياة».