معركة مراوي تدخل شهرها الثالث في حرب الفلبين مع المسلحين

انقضى شهران منذ شن متشددون هجوما على واحدة من أكبر المدن في جنوب الفلبين وما زالت الاشتباكات مستمرة في حين يقول الرئيس رودريغو دوتيرتي إنه على استعداد للانتظار عاما لكي تنتهي الأزمة. ويسلم كبار ضباط الجيش بأنهم استهانوا بعدوهم ويواجهون مصاعب في القضاء على المقاتلين الموالين لتنظيم داعش الذين يتمتعون بقدرات تنظيمية عالية بعد اجتياحهم مدينة مراوي يوم 23 مايو (أيار) ويسيطرون على بعض أحيائها رغم الهجمات البرية المتواصلة التي يشنها مئات الجنود والقصف اليومي بالطائرات والمدفعية.
وأول من أمس وافق أعضاء البرلمان على طلب الرئيس دوتيرتي مد العمل بالأحكام العرفية حتى نهاية العام على جزيرة مينداناو ومنح قوات الأمن سلطات أكبر في مطاردة المتطرفين فيما يتجاوز مراوي لكن ما زال الغموض يكتنف خطط الرئيس دوتيرتي للتعامل مع المتطرفين بعد أن تستعيد القوات المدينة التي ما زال نحو 70 مسلحا يتحصنون بها وسط ركام ما كان في يوم من الأيام الحي التجاري المزدهر مع عدد كبير من الرهائن المدنيين. سقط في الاشتباكات أكثر من 500 قتيل من بينهم 45 مدنيا و105 من القوات الحكومية. وبعد فوات أكثر من مهلة حددها الجيش لنفسه لاستعادة المدينة أصبح يقول الآن إن خياراته محدودة بسبب الرهائن.
وقد قال دوتيرتي إنه طلب من الجيش تحاشي وقوع إصابات في صفوف المدنيين. ونُكب جنوب الفلبين منذ عشرات السنين بحركات تمرد وانتشار قطاع الطرق. غير أن شدة المعركة الدائرة في مراوي ووجود مقاتلين أجانب يحاربون في صفوف المسلحين المحليين أثار مخاوف من أن تتحول المنطقة إلى مركز في جنوب شرقي آسيا لـ«داعش» في وقت يفقد فيه التنظيم أرضه في العراق وسوريا. ويشارك في القتال في مراوي متشددون من ماليزيا وإندونيسيا. ويعيش نحو خمسة ملايين مسلم في الفلبين أغلبهم في مينداناو. وقد أشار وزير الدفاع ديلفين لورينزانا أول من أمس إلى أن الحكومة ستعمل بعد الانتهاء من معركة مراوي على تقوية عمليات المراقبة في المنطقة وتوسيع شبكة رصد أي معسكرات للتدريب تابعة للمتمردين وحركات المتطرفين. وقال: «نحتاج لمعدات اتصال. معدات اتصال متطورة يمكننا استخدامها في مراقبة الهواتف المحمولة لدى الأعداء، كما نحتاج لطائرات دون طيار». ويقول خبراء أمنيون إن الحكومة تحتاج تعديل استراتيجيتها بعد أن أخفقت في التصرف بناء على تحذيرات منذ فترة طويلة تشير إلى أن الأفكار المتطرفة بدأت تترسخ في مينداناو وتجتذب مقاتلين أجانب ممن عجزوا عن الانضمام لـ«داعش». قال رودولفو ميندوزا المحلل ضابط مخابرات الشرطة المتقاعد: «الأمور تغيرت بشكل جذري، ويجب على بلادنا أن تجري بعض التغييرات. وأضاف: «علينا أن نتصدى لانتشار الإرهاب لا بدعم استخدام المخابرات أو المخابرات المضادة بل بمعالجة الأسباب الأصلية». خططت لهجوم مراوي ونفذته جماعة جديدة نسبيا تعرف باسم جماعة ماوتي وتريد الحصول على اعتراف تنظيم داعش بأنها تمثل فرعا إقليميا تابعا له. وتريد الجماعة التي يقودها شقيقان إعلان ولاية تابعة للتنظيم في إقليم لاناو دل سور الذي شنت فيه معارك ضارية استمرت أياما مع الجيش منذ عام 2016 منيت فيها بخسائر جسيمة قبل أن تعيد ترتيب صفوفها بعد أشهر». وقد انضم للشقيقين عبد الله وعمر الخيام ماوتي إسنيلون هابيلون الذي أعلنه تنظيم داعش أميرا في جنوب شرقي آسيا وكذلك أبو سياف زعيم جماعة أخرى في مينداناو. وقال معهد تحليل سياسات الصراع في تقرير يوم الجمعة إن القتال في مراوي: «ألهم كثيرين من المتطرفين في مختلف أنحاء المنطقة ممن يريدون الانضمام إليه» وأضاف أن الاشتباكات رفعت مكانة مقاتلي الفلبين في عيون التنظيم». وقال ريتشارد جواد هيداريان أستاذ العلوم السياسية بجامعة دي لا سال في مانيلا إن على الجيش أن يسعى لتحييد الشقيقين ماوتي لكسب الوقت لتعطيل حركة التجنيد ومنع المقاتلين من تجميع صفوفهم من جديد». وأضاف أن أزمة مراوي نشبت لا بسبب الإخفاق على صعيد المخابرات بل بسبب الأولويات في سياسات دوتيرتي». وقال إن دوتيرتي الذي تولى السلطة قبل عام حول موارد مخصصة للأمن إلى حرب على المخدرات بدلا من التصدي للتشدد في الجنوب وهي قضية سبق أن أشار الرئيس نفسه إليها. من جهة أخرى، تم تشديد إجراءات الأمن حول مجمع البرلمان الفلبيني (الكونغرس)، قبل أول خطاب لرئيس الفلبين رودريغو دوتيرتي حول حالة الأمة، والذي سيلقيه اليوم. ومن المتوقع أن ينظم الآلاف من النشطاء احتجاجات، قبل وخلال خطاب رئيس الفلبين، الذي سيلقيه في ضاحية كويزون، في مانيلا. وبينما تعهدت الشرطة بممارسة ضبط النفس ضد المتظاهرين، حذرت من اقتحامهم للمتاريس، التي أقيمت على بعد كيلومترات من مجمع البرلمان.
وذكر المتحدث الرئاسي، ارنيستو أبيلا أمس أن موضوع خطاب دوتيرتي، المقرر أن يبدأ في الساعة الرابعة مساء (08:00 بتوقيت غرينتش سيكون «حياة مريحة للجميع». وأضاف أبيلا أن تقييم رئيس الفلبين حول حالة البلاد، في عامه الأول في المنصب، سيكون «صريحا ومتحديا وواقعيا، لكن متفائلا» مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يدلي الرئيس، 72 عاما، بتصريحات مرتجلة. وقال الجيش إنه لم يرصد تهديدات محددة بشأن خطاب حالة الأمة، لكن القوات وضعت في حالة تأهب. ومن بين التشريعات الرئيسية، التي من المتوقع أن يضغط دوتيرتي من أجلها، خلال خطابه هو برنامج إصلاح ضريبي، يهدف إلى دعم العائدات لتمويل مشروعات البنية التحتية وجعل الضرائب أكثر إنصافا. ومن المتوقع أيضا أن يقدم دوتيرتي للكونغرس الميزانية المقترحة لإدارته لعام 2018، بقيمة 767.‏3 تريليون بيزو (34.‏75 مليار دولار)، حيث سيُخَصص جزء كبير للتعليم.