مواجهات في شرق الجزائر بين الأمن ونشطاء من الأمازيغ

TT

مواجهات في شرق الجزائر بين الأمن ونشطاء من الأمازيغ

تعيش مدينة أوقاس، التابعة لولاية بجاية بالشرق الجزائري، منذ يومين، حالة احتقان شديدة بسبب وقوع مشادات عنيفة بين قطاع من سكان المدينة وقوات الأمن، إثر تدخل الشرطة بالقوة لمنع تنظيم «المقهى الأدبي»، وهي تظاهرة ثقافية محلية يتم فيها تداول قضايا سياسية مرتبطة بالنظام.
ومنع والي بجاية، ممثل الحكومة على المستوى المحلي، «المقهى الأدبي» بذريعة أن أصحابه لا يملكون ترخيصاً يسمح بعقده. ويفرض القانون على كل اجتماع في الفضاء العام الحصول على رخصة من السلطات، وقد اتخذ هذا الشرط دائماً مطيَة لـ«قمع الحريات»، حسبما ذكرته «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، في بيان أصدرته عقب الأحداث التي نتج عنها اعتقال عدد كبير من الأشخاص.
واندلعت المواجهات مساء أول من أمس، إثر استعمال قوات مكافحة الشغب قنابل مسيلة للدموع لدفع نشطاء «المقهى الأدبي» للخروج من «دار الثقافة» بالمدينة، حيث تجمعوا. وكان المتخصص في اللسانيات المعروف، رمضان عشاب، يستعد حينها لإلقاء محاضرة حول اللغة الأمازيغية التي ينطق بها كل سكان بجاية، التي تمثل «القبائل الصغرى». وتعرَض كثير من النشطاء لضرب مبرَح، وبعضهم رفع دعاوى قضائية ضد عناصر الشرطة. وأعلن برلمانيو حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، الذي تتمركز معاقله الأساسية في منطقة القبائل، عن مساءلة رئيس الوزراء عبد المجيد تبَون عمَا سموه «قمع الكلمة الحرَة في أوقاس».
وقال مصدر من المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات المحلية عارضت تنظيم «المقهى الأدبي» لاعتقادها أنه «غطاء يستخدمه نشطاء حركة الحكم الذاتي في القبائل للترويج لفكرة الانفصال». ويشار إلى أنها المرَة الثانية التي تمنع فيها السلطات التظاهرة نفسها، في المكان نفسه.
وينتشر عناصر التنظيم الانفصالي في كل قطاعات المجتمع ببجاية، غير أنهم أكثر قوة في ولاية تيزي وزو، كبرى مناطق القبائل، التي تعد غصَة في حلق السلطات المركزية بالجزائر العاصمة. وأطلق أمس نشطاء التنظيم نداء، بشبكة التواصل الاجتماعي، للخروج إلى الشارع اليوم تنديداً بما جرى أول من أمس. وأطلقت دعوات مشابهة للتضامن مع «ضحايا القمع» في كل مدن ولايات القبائل، وبالعاصمة أيضاً، حيث يعيش عدد كبير من «النخب الأمازيغية» المتشبعة بالثقافة الفرنسية، التي تمارس السياسة على نطاق واسع. ونشرت قوات الأمن تعزيزات إضافية بمدينة أوقاس التي بدت أمس وكأنها ستخوض غمار حرب أهلية.
ويقود التنظيم الانفصالي في منطقة القبائل أربعيني يدعى بوعزيز آيت شبيب، الذي ينشط بكثافة ويرفع «العلم الأمازيغي» في مظاهراته، ويدعو جهراً إلى «استقلال منطقة القبائل عن الجزائر». وتتحاشى السلطات اعتقاله تفادياً لرد فعل عنيف من طرف أتباعه. كما تتحاشى بأقصى ما يمكن أن يظهر الأمازيغ الانفصاليون في صورة «أقلية عرقية مضطهدة» حتى لا يتم تدويل القضية. أما رئيس «حكومة القبائل»، فهو المطرب البربري الشهير فرحات مهني، المقيم بفرنسا منذ سنوات طويلة، الذي زار إسرائيل قبل فترة، معلناً بذلك تحديه الحكومة الجزائرية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».