... وتصعيد سبق موافقة النظام والمعارضة

TT

... وتصعيد سبق موافقة النظام والمعارضة

أكد كل من النظام السوري والمعارضة التوصل إلى اتفاق وقف التصعيد في الغوطة الشرقية بريف دمشق بعد ساعات على إعلان روسيا أن الهدنة أتت نتيجة محادثات في القاهرة بين مسؤولين من «وزارة الدفاع الروسية والمعارضة السورية المعتدلة تحت رعاية الجانب المصري». وأعلن النظام السوري توقف القتال اعتبارا من ظهر أمس، مؤكدا أنه «سيتم الرد بالشكل المناسب على أي خرق، بعد تصعيد له في مدينة دوما صباحا، حيث أدى القصف إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى». وقالت مصادر في «الجبهة الجنوبية» إن «الاتفاق جاء نتيجة ضغط الجبهة وإصرارها أنها لن تلتزم باتفاق الجنوب ما لم يتم ضم الغوطة للهدنة، مبدية استغرابها الإعلان عن الاتفاق من القاهرة». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» «لم يكن أي طرف مصري مشارك في المفاوضات التي كانت تتم بشكل أساسي بين الروس والأميركيين إضافة إلى الأردن، وكانت موسكو قبل ذلك تمانع ضم الغوطة بحجة وجود (جبهة النصرة)»، مضيفة «أما وقد تم هذا الاتفاق فستكون (النصرة) كما في باقي المناطق غير مشمولة بالاتفاق». ويقدّر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عدد عناصر «النصرة» في الغوطة بنحو 200 شخص يتمركزون بشكل رئيسي في «مزارع الأشعري».
وأكدت مصادر «الجبهة الجنوبية» أن قوات روسية بدأت قبل أيام بالوصول إلى مناطق النظام في الغوطة تمهيدا للإعلان عن الاتفاق وكي تقوم بمهمة مراقبة الهدنة والخروقات، ونفى مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» هذا الأمر متوقعا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يتم الأمر خلال أيام، وأضاف: «منذ فترة تم رصد تحركات في دمشق لنشر شرطة عسكرية روسية في الغوطة، ويبدو أن الموعد قد اقترب». من جهته، قال وائل علوان، المتحدث باسم «فيلق الرحمن» في الغوطة، لـ«الشرق الأوسط» «إعلان الروس توسيع اتفاق خفض التصعيد» ليشمل الغوطة الشرقية هو امتداد لاتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سوريا، آملا أن يكون خطوة نحو تطبيق الاتفاقات الدولية والانتقال السياسي الكامل».
وأثنى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «على موقف فصائل (الجبهة الجنوبية) العاملة في حوران، والتي ضغطت خلال الأيام الماضية ليشمل اتفاق وقف إطلاق النار المعمول به في جنوب سوريا منطقة الغوطة الشرقية التي تتعرض لمحاولات متكررة من قوات النظام وميليشيات لاجتياحها».
ولفت إلى أن «فيلق الرحمن» لم يوقّع أو يشارك في المباحثات، لكنه رحّب «بأي جهد إقليمي أو دولي يوقف الهجمات العنيفة المتواصلة لأكثر من شهر من قوات النظام على الغوطة الشرقية، مستبعدا في الوقت عينه أن يلتزم النظام به على غرار اتفاقات سابقة».
وبعد الإعلان عن الاتفاق، أفاد «المرصد» بأن هدوءاً كاملاً ساد الغوطة في أعقاب غارات استهدفت صباحا مدينة دوما وبلدة عين ترما في الغوطة الشرقية، ومناطق في أطراف حي جوبر بشرق العاصمة دمشق، وأدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.
وكانت الغوطة قد شهدت تصعيدا من قبل النظام خلال الـ72 ساعة الأخيرة التي سبقت الهدنة، أدى إلى سقوط 28 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها بينهم ضباط خلال محاولتهم الهجوم في جبهة بلدة الريحان بجنوب دوما في الغوطة الشرقية، بحسب «المرصد».
والغوطة الشرقية هي إحدى المناطق الأربع التي تشملها مذكرة «خفض التصعيد» التي أبرمتها روسيا وإيران حليفتا النظام وتركيا الداعمة للمعارضة في آستانة مايو (أيار)، لكن الخلافات بشأن الجهات التي ستراقب هذه المناطق الأربع تؤخر تطبيقه.
وتحاصر قوات النظام وحلفاؤها منطقة الغوطة الشرقية التي تعد معقلا للفصائل المعارضة قرب دمشق، منذ أكثر من أربع سنوات. كما تشكل هدفاً لعملياتها العسكرية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.