من بين اللاعبين الذين سجلوا 10 أهداف أو أكثر في الدوري الإسباني الممتاز الموسم الماضي، كان المهاجم الإسباني ألفارو موراتا هو أكثر من استغل الفرص المتاحة أمامه وحولها إلى أهداف، حيث سجل 15 هدفا من 55 تسديدة على المرمى، وكان هذا من بين الأسباب التي جعلته واحدا من أفضل أربعة مهاجمين شباب في أوروبا، إلى جانب كل من كيليان مبابي وروميلو لوكاكو وأندريا بيلوتي. وبعدما فشل تشيلسي في ضم لوكاكو (أو رفض دفع امتيازات مالية كبيرة للاعب، وفقا للرواية التي تفضلها)، كان يتعين على النادي أن يتعاقد مع واحد من الثلاثة مهاجمين الآخرين لكي يحل محل دييغو كوستا، الذي سيعود على الأرجح إلى ناديه السابق أتليتكو مدريد خلال الأسابيع الستة المقبلة.
لا يوجد أدنى شك في أن موراتا يمتلك قدرات فنية هائلة، فهو يتفوق على المنافسين في ألعاب الهواء ويتميز بالحركة الدائمة وقدم أداء قويا مع يوفنتوس الإيطالي وريال مدريد الإسباني، وهو ما يجعلنا نثق في قدرته على التألق في الدوري الإنجليزي الممتاز والتكيف مع طريقة اللعب المختلفة. ولعل الشيء المثير للإعجاب هو أن موراتا قد شارك في ثلاث مباريات من آخر أربع مباريات نهائية لدوري أبطال أوروبا، بل وسجل في إحداها. ورغم أن اللاعب لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره فإنه قد تعود على ضغوط اللعب في الأندية الكبرى.
ورغم كل ذلك، هناك بعض الأمور التي تدعو للقلق. ربما يكون 70 مليون جنيه إسترليني سعراً معقولاً للاعب في ظل الأسعار التي نسمع عنها هذه الأيام (صفقة لوكاكو أعلى بأكثر من 25 في المائة رغم أن اللاعب لم يسجل مطلقاً في دوري أبطال أوروبا) لكن موراتا لم يشارك في التشكيلة الأساسية لفريقه في أكثر من 16 مباراة بالدوري في أي موسم. وكان دوره في ريال مدريد يتمحور في النزول من على مقاعد البدلاء لكي يستغل حالة الإرهاق التي تعاني منها دفاعات الفرق المنافسة.
وجاءت تسعة أهداف من الـ17 هدفاً التي سجلها موراتا في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا الموسم الماضي بعد مرور 60 دقيقة من عمر المباراة. لا يمكننا القول إنه لا يسجل أهدافاً في المباريات الكبرى، ففي موسم 2014 - 2015 عندما كان يلعب ليوفنتوس سجل موراتا في مرمى بروسيا دورتموند وريال مدريد وبرشلونة في مرحلة خروج المغلوب في دوري أبطال أوروبا، لكن يمكننا القول بأنه نادرا ما أتيحت له الفرصة للقيام بذلك عندما كان يلعب في ريال مدريد، كما لم تكن عليه ضغوط كبيرة للقيام بذلك.
وإذا ما نظرنا سريعاً إلى إحصائيات اللاعب خلال الموسم الماضي، فسنجد أنه كان أقل من كوستا من حيث متوسط التسديدات على المرمى واستخلاص الكرات الهوائية وصناعة الأهداف والمراوغات في المباراة الواحدة، لكن هذه المقارنة قد تكون بلا معنى في ظل الاختلاف في طريقة اللعب واختلاف المنافس والدور الذي يقوم به كل لاعب داخل المستطيل الأخضر. ولعل الحقيقة الأكثر أهمية التي يتعين علينا أن ننتبه إليها هي أن موراتا يختلف تماما عن كوستا، فهو ليس عصبيا مثل كوستا ولا يشن حربا على لاعبي الفرق المنافسة والحكام ولا يُعادي اللاعب الذي يراقبه ولو حتى بنظرة.
لا يملك موراتا موهبة إحراز الأهداف من لا شيء، كما كان يفعل كوستا، الذي لم يكن يتوقف عن الضغط على مدافعي الفرق المنافسة واستغلال أخطائهم، كما يظهر جليا في الهدف الذي سجله في مرمى وست بروميتش ألبيون في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي عندما ضغط على المدافع وأجبره على ارتكاب خطأ ووضع الكرة بشكل رائع في المرمى. كما سجل كوستا هدف المباراة الوحيد الذي ضمن لفريقه نقاط المباراة الثلاث في مباريات خارج ملعبه أمام ميدلسبره وكريستال بالاس، وأحرز أهداف الفوز في وقت قاتل أمام وستهام يونايتد وواتفورد، وهدف التعادل في اللحظات الأخيرة من عمر اللقاء أمام سوانزي سيتي، كما افتتح أهداف المباراة أمام كل من ليستر سيتي وهال سيتي، وأحرز على ملعب «ستامفورد بريدج» أمام ميدلسبره.
لم يسجل كوستا 20 هدفاً، الموسم الماضي، فحسب، لكنه سجل أهدافاً حاسمة في مباريات مهمة - وكان ذلك في موسم شهد هبوطاً في مستوى اللاعب بشكل ملحوظ بعد أعياد الميلاد بسبب تفكيره في الرحيل عن النادي. ويجب أن نشير أيضاً إلى أن كوستا من نوعية اللاعبين الذين يفكرون دائما في الفوز، ولا يمكن لأحد أن ينكر أن كوستا – عندما يكون لديه الدافع - جعل تشيلسي أكثر شراسة وقوة.
لكن مشكلة كوستا تكمن في أنه لاعب «مزاجي»، بمعنى أن حالته المزاجية تؤثر كثيراً على مستواه. لقد نجح أنطونيو كونتي في أن يخرج أفضل ما لديه خلال النصف الثاني من الموسم الماضي، لكن جوزيه مورينيو لم ينجح بالتأكيد في ذلك خلال النصف الأول من الموسم السابق. أما موراتا فلن يثير المشكلات وسيتسم بالهدوء كطبيعته دائما، والدليل على ذلك أنه صبر كثيراً على جلوسه على مقاعد البدلاء وعدم المشاركة بصفقة أساسية ولم يفتعل أي مشكلات وتعامل مع الأمر باحترافية شديدة.
وأكمل نادي تشيلسي، أول من أمس (الجمعة)، تعاقده مع موراتا لمدة خمس سنوات، وذلك وفقا لما أعلنه الموقع الرسمي للنادي على الإنترنت. ولم يعلن النادي عن قيمة الصفقة ولكن أشارت بعض التقارير الصحافية الإنجليزية إلى أن النادي تعاقد مع اللاعب مقابل 70 مليون جنيه إسترليني. ومن المقرر أن ينضم اللاعب حاليا للفريق في جولته بآسيا استعدادا للموسم الجديد. وبعد انتقاله قال موراتا للموقع الرسمي لتشيلسي على الإنترنت: «سعيد للغاية لكوني هنا. أشعر بمشاعر رائعة لكوني جزءاً من هذا الفريق الكبير، أتطلع للعمل بكد، وتسجيل أهداف بقدر ما أستطيع والتتويج بكل الكؤوس الممكنة».
لقد انتظر موراتا عامين أو ثلاثة أعوام لكي يحصل على الفرصة كاملة، وقد جاءته الفرصة الآن ولديه كل المؤهلات والقدرات التي تمكنه من النجاح في تشيلسي في ظل الخطة التي يلعب بها كونتي، لكن السؤال الآن هو: هل ينجح موراتا في تحمل الضغوط التي سيواجهها عندما يصبح المهاجم الأساسي للفريق؟ وهل يمكن أن يمنح تشيلسي القوة والشراسة التي كان عليها مع كوستا؟ هذا ما سنراه الموسم المقبل.
تشيلسي بعد ضم موراتا ورحيل كوستا... هل يندم حين لا ينفع الندم؟
المدرب كونتي ينتظر من ألفارو سد الفراغ الذي سيتركه دييغو
تشيلسي بعد ضم موراتا ورحيل كوستا... هل يندم حين لا ينفع الندم؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة