«وصفولي الصبر»... قصص 3 نساء تحدّين المرض

عادة ما يتهرّب الناس من مشاهدة عمل سينمائي أو مسرحي يوحي إليهم عنوانه بأنّه يميل بموضوعه إلى الحزن. إلا أن المخرجة لينا أبيض أرادت في عملها المسرحي الجديد أن تقلب هذه المعادلة فعنونتها بـ«وصفولي الصبر» كي تبدأها بآهات الراحلة أم كلثوم «أغنية دارت الأيام»، فتطرب لمشاهدة قصص 3 نساء أُصبن بمرض عضال بعد أن واجهته كل منهنّ على طريقتها. «أردت أن أخترق محرّمات هذا المرض من خلال تناوله من نواحٍ بعيدة كلّ البعد عن شهرته ذائعة الصيت والمعروفة بالألم والأوجاع والإحباط»، تقول أبيض في حديث لـ«الشرق الأوسط». وتتابع: «هي حالات قد نلتقيها في حياتنا اليومية تعدّدت وجوهها، إلا أن مرض السرطان وحّدها. فعرضت تحديات تلك النساء مع حالاتهن المرضية وكيفية رفض بعضهن الخنوع لقسوته، فشكلّن بصورة وبأخرى مرآة النفس التي يعرضنها أمام المشاهد من دون حواجز تذكر».
تحكي المسرحية قصّة 3 نساء أُصبن بمرض السرطان، فرفضت إحداهنّ الواقع وتصالحت الثانية معه فيما انقلبت الثالثة عليه، فغلبته.
الهدوء والسكينة يسودان العمل الذي لوّنته المخرجة كما ذكرت لنا، بمشهد راقص لماي اغدن سميث (تجسّد دور واحدة من النساء المريضات)، سيترك تأثيره الإيجابي على المشاهد. وتوضح أبيض في سياق حديثها: «هي تحوّلات وتفاعلات لنساء أردن البوح بقصصهنّ بجرأة، كما يلقي هذا العمل الضوء على دور عائلة المريض وأصدقائه وكيفية وجوب مؤازرته بفرح. فغالبية الأطباء الذين التقينا بهم شرحوا لنا أهمية إحاطة المصاب بهذا المرض بالمحبة».
وتشير أبيض إلى أننا نعاني اليوم من تشتّت العائلة سعياً وراء الرزق، فبينهم من يهاجر خارج البلد لهذا الهدف، فيما ينتقل آخرون للسكن بعيداً عن أهاليهم وينشغلون بمصاعب الحياة وينسون الأشخاص المقرّبين إليهم الذين هم بأمسّ الحاجة لهم.
جميع القصص التي تتضمنها مسرحية «وصفولي الصبر» التي تستمر عروضها حتى 30 يوليو (تموز) الحالي، على خشبة مسرح المدينة في بيروت، نابعة من الواقع بعد أن تمّ اختيارها من بين 60 قصّة مشابهة. أمّا الممثلات المشاركات في هذا العمل، فتأتي العراقية نماء الورد في مقدّمتهم مجسّدة دور امرأة عراقية تصف وقع هذا المرض عليها بأنّه كان أرحم من حقبة سياسية معيّنة شهدتها بغداد. كما تشارك كلّ من اللبنانية الفلسطينية عليا خالدي والمصرية هبة سليمان في تجسيد دوري المرأتين الأخريين.
وتختم لينا أبيض: «هو عمل يستغرق عرضه نحو 90 دقيقة يتألّف من لوحات حوارية شيّقة كتبتها عبير همدر بأسلوب جميل، سيتيح الفرصة أمام مشاهده بتأمّله عن قرب ليكون بمثابة مرآة واقع نحاول تجاهله عادة، لأنه يخيفنا فحوّلته تلك النساء إلى محور إيجابي بعيد كلّ البعد عن الأفكار الخلفية التي نملكها تجاهه».
يذكر أنّ المسرحية هي من تمويل «مجلس أبحاث الآداب والعلوم الإنسانية في بريطانيا»، كجزء من برنامج «Open World Research» في جامعة درهام، بمشاركة الجامعة اللبنانية - الأميركية.