«عكاظ» تطوي موسمها الـ11 وتعود سوقاً للعرب وللعالم

تطوي «عكاظ» اليوم موسمها الحادي عشر، الذي امتزج فيه الأدب والشعر بالفنّ والتراث، والتقت على ضفتي «جادة عكاظ» في العرفاء شمال شرقي مدينة الطائف الخيالة والفرسان يحاكون ما كانت عليه أحوال العرب قديماً، في حين توزعت حول المكان منتديات الفكر، ومسابقات الفنّ والمسرح والخط العربي والتشكيلي، وعرضت نساء سعوديات آخر منتجاتهنّ من المصنوعات اليدوية والمنسوجات والمشغولات فيما بات يعرف بمنتجات الأسر المنتجة.
وقال الأمير سلطان بن سلمان في تصريح سابق: «ستكون هناك خطط تطويرية شاملة لسوق عكاظ وفعالياتها، وستكون (عكاظ) مناسبة دولية حسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين، و(عكاظ) ستعود سوقاً للعرب وسوف تتطور من ناحية الاقتصاد، فالمدينة الجديدة ستأخذ منحى اقتصادياً كبيراً جداً، مستعينين بالتقنية الحديثة ممّا يمكّن الشباب من التعرف على نفسه من خلال سوق عكاظ».
«عكاظ» التي شهدت هذا العام حضوراً مميزاً فاق 65 ألفاً في يوم الافتتاح، أصبحت تستأثر باهتمام الجمهور الثقافي، حيث أعاد حفل الافتتاح الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن إلى جمهوره، من خلال ثلاثة أعمال فنية، هي: عرض تمثيلي بعنوان «تماضر»، استحضر فيها الأمير الشاعر سير عدد من رواد الفنّ السعودي، بينهم طارق عبد الحكيم، وطلال المداح، وعازف القانون السعودي مدني عبادي. كما شهد الحفل تقديم أوبريت «دهشة الورد»، لبد العبد المحسن، وقام بغنائها الفنان عبد المجيد عبد الله، وألحان ياسر أبو علي. وكذلك قدمت الأغنية الوطنية «يا دار» من كلمات بدر العبد المحسن ومن تلحين وأداء الفنان حسين اليامي.
يُنظّم مهرجان «سوق عكاظ» في موقعه التاريخي في العرفاء شمال شرقي مدينة الطائف، وكانت «عكاظ» التي ابتكرها العرب ضمن ثلاث أسواق في الجاهلية: «عكاظ، ومجنة، ذي المجاز» موسماً سنويّاً للشعر والأدب والتعريف بالشعراء وإجازة النوابغ ووضع موازين للقوافي ومعايير للأدب الرفيع، وانتخاب أفضل القصائد لتصبح من المعلقات، حيث كانت تُضرَب للنابغة الذبياني، قبة حمراء من أدم، فتأتيه الشعراء لتعرض عليه أشعارها، وذلك قبل 70 عاماً من الهجرة.
وتعتبر سوق عكاظ فصلاً مهماً من تاريخ العرب قبل الإسلام فقد كانت تُمثل تجمعاً اقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، وقد تطورت فيه لغتهم، وشعرهم، وأدبهم، وذابت فوارق لهجاتهم، وعاداتهم، وتوحدت لغتهم نحو اللغة العربية الفصحى.
وتنظم سوق عكاظ هذا العام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. وتعد هذه الدورة من السوق الأولى التي تتولى فيها الهيئة مسؤولية الإشراف على سوق عكاظ بالتنسيق مع إمارة منطقة مكة المكرمة والأجهزة التنفيذية في محافظة الطائف قبل أشهر.
وقد أصبح «عكاظ» موسماً للشعر والأدب والتراث والثقافة، وإجازة القصيد، وملتقى للأدب والفكر، ومكاناً تجتمع فيه نخبة من المثقفين والأدباء والمفكرين العرب.
وبالإضافة للفعاليات الشعرية والأمسيات المنبرية والعروض المسرحية، أطلقت هذا العام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني برنامجها الوطني «عيش السعودية» بالتزامن مع فعاليات سوق عكاظ في نسخته الـ11 الذي اشتمل على 50 رحلة سياحية بعنوان «رحلات عيش عكاظ» استفاد منها أكثر من 2500 طالب من 8 مناطق في المملكة بمشاركة 65 مرشداً سياحياً و10 منظمين للرحلات، وتضمّ الرحلات من الرياض ومكة وجدة والطائف والأحساء وتبوك وأملج والباحة والمنطقة الشرقية والجوف.
ويهدف برنامج «عيش السعودية» إلى تعزيز الانتماء للوطن وتقوية الترابط بين أفراد المجتمع، تبنته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وتنفذه بالشراكة مع مختلف الجهات في القطاعين العام والخاص. ويعتمد البرنامج بشكل رئيسي على الرحلات كأهم الوسائل التي يمكن أن تحقّق تقوية علاقة المواطن بوطنه من خلال تعريفه بوطنه خارج مجتمعه الذي نشأ فيه، كما هدف إلى تقوية المواطنة وارتباط المواطن بالوطن، وتعريف الشباب عن قرب على تراث وطنهم الحضاري الذي تعبّر عنه آلاف المواقع التاريخية والأثرية والحضارية والحياة الاجتماعية، والثقافات المنوعة التي تميز كل منطقة من مناطق المملكة.
ويعد برنامج «عيش السعودية» برنامجا وطنيا يهدف إلى تعزيز الانتماء بالوطن وتقوية الترابط بين أفراد المجتمع الذي تبنته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وتنفذه بالشراكة مع مختلف الجهات في القطاعين العام والخاص حيث يعتمد البرنامج بشكل رئيسي على الرحلات كأهم الوسائل التي يمكن أن تحقق تقوية علاقة المواطن بوطنه.