«اقتتال الفصائل» في إدلب يصل إلى معبر الحدود مع تركيا

تنظيمان يرسلان «قوات فصل»... وتلويح بـ«استئصال جبهة النصرة»

مقاتل في «الجيش السوري الحر» يستريح فوق دبابة في درعا أمس (رويترز)
مقاتل في «الجيش السوري الحر» يستريح فوق دبابة في درعا أمس (رويترز)
TT

«اقتتال الفصائل» في إدلب يصل إلى معبر الحدود مع تركيا

مقاتل في «الجيش السوري الحر» يستريح فوق دبابة في درعا أمس (رويترز)
مقاتل في «الجيش السوري الحر» يستريح فوق دبابة في درعا أمس (رويترز)

بات مصير معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا في مهب الريح في ظل التقدم العسكري المستمر لـ«هيئة تحرير الشام» (التي تشكل جبهة النصرة أبرز فصائلها) في محافظة إدلب على حساب «حركة أحرار الشام»، وتحول المعبر إلى «ساحة معركة» ما يهدد بقرار تركي بإغلاقه كليا في حال سيطرة «النصرة» عليه، وهو ما دفع الفريقين المتقاتلين للعودة إلى المفاوضات، وإن كان على وقع استمرار المعارك العنيفة والمتواصلة بينهما منذ مساء الثلاثاء الماضي.
وتركزت المواجهات أمس عند نقطة المعبر الواقع شمال إدلب الذي كان يخضع لسيطرة «حركة أحرار الشام» الكاملة، وفي محيطه. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن إن «المعارك تدور الآن داخل المعبر الذي تحول إلى ساحة معركة وأصبحت هيئة تحرير الشام تسيطر على جزء منه وحركة أحرار الشام على الجزء الآخر».
وأكد عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن «التقدم وبشكل قطعي في إدلب منذ بداية المعارك هو لـ«النصرة» على حساب «الأحرار»، فيما أفادت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن اشتباكات عنيفة على مشارف بلدة بنش، مشيرة إلى محاولات من قبل «هيئة تحرير الشام» لاقتحام قرية رام حمدان. وأفاد ناشطون بأن عناصر «هيئة تحرير الشام» حاولوا التقدم من قرية كفرلوسين باتجاه معبر باب الهوى إذ اندلعت اشتباكات عنيفة مع «أحرار الشام»، بالتزامن مع وقوع اشتباكات مماثلة بين الطرفين في قريتي دير حسان وقاح ومخيم «نبعة» وبلدة سرمدا بالقرب من المعبر.
وقال مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط» إنّه بعد محاصرة «جبهة النصرة» لعناصر «أحرار الشام» في المعبر، تم إحياء المفاوضات مجددا بين الطرفين بهدف التوصل لاتفاق حول مصير «باب الهوى»، لافتاً إلى أنّه تم التداول صباح الجمعة بتوجه عناصر من حركة «نور الدين الزنكي» و«فيلق الشام» ليكونوا بمثابة قوات فصل تتولى المعبر، وهو ما لمّح إليه الفصيلان في بيان مشترك قالا فيه إنهما يجدان واجباً عليهما «الدخول بين طرفي النزاع كقوات فصل تسعى بالإصلاح». ونقل المرصد السوري عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة» قولها إن «رتلاً يضم عشرات الآليات التي تحمل مقاتلين من فيلق الشام وحركة نور الدين الزنكي، توجه نحو مناطق الاقتتال بين تحرير الشام وأحرار الشام للفصل بينهما، ومنع استعار المواجهات أكثر من ذلك، وسط تحذيرات من عدم اعتراض الرتل، ومظاهرات واحتجاجات مدنية لوقف الاقتتال والتحاكم».
وكشف المصدر أن مجموعات كثيرة من «درع الفرات» كانت تتجهز للتوجه إلى إدلب لدعم «أحرار الشام» إلا أن مجموعة واحدة تتألف من 150 عنصرا معظمهم من «الأحرار» هي التي دخلت فعلا عبر معبر «باب الهوى» للمشاركة في قتال «النصرة».
وأكد الناطق الرسمي باسم «حركة أحرار الشام» محمد أبو زيد دخول دفعة أولى قادمة من ريف حلب الشمالي، عبر الأراضي التركية. وأوضح أنها ضمت 150 مقاتلاً من «الأحرار»، مشيراً إلى إمكانية وصول دفعات أخرى خلال الساعات المقبلة. وكان مدير العلاقات الإعلامية في «هيئة تحرير الشام»، عماد الدين مجاهد، قد أعلن في وقت سابق أن الهيئة طلبت تسليم إدارة المعبر لجهة مدنية مستقلة، الأمر الذي رفضته حركة «أحرار الشام».
ورأى أبو زيد أن «كل الاستفزازات التي أقدمت عليها هيئة تحرير الشام في الآونة الأخيرة، كان هدفها الأول والأخير هو السيطرة على معبر باب الهوى، الذي يعتبر الرئة الوحيدة للمناطق المحررة في إدلب»، وإذ أثنى على الانشقاقات التي حصلت في «هيئة تحرير الشام»، التي كان آخرها انفصال حركة «نور الدين الزنكي»، طالب باقي الفصائل المنضوية في كنف الهيئة بتبيان موقفها من التطورات الأخيرة.
وبدا لافتاً ما أعلنه هيثم جمعة، القيادي في «فيلق الشام» عن أن «مرحلة تنظيف الشمال من رجس (زعيم النصرة أبو محمد) الجولاني وزمرته قد بدأت، وأن جماهير شعبنا أخذت بزمام المبادرة وعلى الفصائل ألا تقعد قبل استئصال شأفة الإرهاب والتطرف».
وأسفرت المعارك المستمرة بين الفصيلين المعارضين منذ يوم الثلاثاء، بحسب «المرصد»، عن مقتل 65 شخصاً على الأقل بينهم 15 مدنياً.
وقال ناشطون إن القتال تجدد يوم أمس في قرية المغارة التابعة لناحية إحسم، وفي بلدتي مرعيان وكفرحايا جنوب إدلب، في حين سيطرت «الهيئة» على بلدة إسقاط التابعة لناحية حارم شمال مدينة إدلب، إلى جانب السيطرة على حواجز لـ«الحركة» غرب بلدة معرشمارين التابعة لمدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي.
واعتبر الباحث في الملف السوري أحمد أبا زيد أن «جبهة النصرة استطاعت إدارة المعركة بنجاح وتحييد مجموعات ومناطق، بينما (الأحرار) رغم امتدادهم الكبير وكونهم أقرب إلى الحاضنة الشعبية، كان عندهم مشكلة في تنسيق عمل القطاعات على مساحات واسعة بحيث هم في النهاية محاصرون في المعبر».
وقال أبا زيد لـ«الشرق الأوسط»: «لكن أحرار الشام ما زالوا يسيطرون على مناطق سهل الغاب وجزء كبير من جبل الزاوية، وهي مناطق في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة، كما ما زالوا في المنطقة الشمالية يحيدون قطاع البادية، الذي يُعتبر من أكبر قطاعات الأحرار». وأضاف: «باستثناء الغاب وجبل الزاوية، ثمة فشل لدى أحرار الشام في إدارة المعركة والتحالفات مقارنة بقدرة الجبهة على تحييد مناطق ومجموعات واسعة وتوجيه الحرب».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.