السودانيون في «الجنوب الجديد»... وثمن «لعنة الجغرافيا»

نائب رئيس الوزراء لـ «الشرق الأوسط»: سنفاوض الحركة الشعبية بشقيها

السودانيون في «الجنوب الجديد»... وثمن «لعنة الجغرافيا»
TT

السودانيون في «الجنوب الجديد»... وثمن «لعنة الجغرافيا»

السودانيون في «الجنوب الجديد»... وثمن «لعنة الجغرافيا»

اشتق ساسة سودانيون مصطلح «الجنوب الجديد» باعتباره «مكان حرب» جديدة في البلاد، وذلك عقب نهاية الحرب الأهلية بين شمال السودان وجنوبه، التي انتهت بعد قرابة 40 سنة من القتال إلى انفصال «الجنوب القديم»، وولادة دولة جديدة من رحم السودان في التاسع من يوليو (تموز) 2011، ويشير مصطلح «الجنوب الجديد إلى اندلاع حرب جديدة في المنطقة الجنوبية من دولة السودان، بعد تغيّر ديموغرافيتها، وسكوت البنادق المتقاتلة المتقاطعة بتوقيع اتفاقية السلام السودانية الشامل المعروفة بـ«اتفاقية نيفاشا» يوم 9 يناير (كانون الثاني) 2005، وكانت الاتفاقية قد أقرت إجراء استفتاء في الجزء الجنوبي من البلاد، ولدت عنه دولتان متجاورتان ونشأ معه واقع جغرافي جديد. وبعدما كانت دولة «السودان» القديمة محادة لدولتي كينيا وأوغندا جنوباً، أصبحت حدودها الجنوبية تقف عند كردفان الجنوبية والنيل الأزرق وجنوب دارفور.
خلق مصطلح «الجنوب الجديد» في الآونة الأخيرة التباساً «جيو - سياسي» بين السودان وجمهورية «جنوب السودان»، وما عاد بمقدور أهل السودان الشمالي أن يصفوا جنوب بلادهم بـ«جنوب السودان»، لأن «جنوب السودان» غدت دولة تتمتع بعضوية الأمم المتحدة، ومع أنها انفصلت عن البلد الأم، لكنها احتفظت بالاسم «جنوب السودان».
ولا يقف الارتباك هنا في حدود كونه جغرافياً، بل يتضمن أبعاداً سياسية وأمنية وإثنية، ويختزن سيرة «الحرب الأهلية» السودانية التي انتهت بانفلاق البلد إلى بلدين يحمل كل منهما اسم «السودان». إذ في السادس من يونيو (حزيران) أو قبل إعلان استقلال «الجنوب القديم» بوقت قصير، اندلعت الحرب مرة أخرى بين القوات الحكومية وقوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال»، في «الجنوب الجديد»، تحديداً في ولاية جنوب كردفان. ودوّت المدافع والبنادق وحلق الطيران الحربي في سماء مدينة كادوقلي، حاضرة ولاية جنوب كردفان، وردّت قوات «الحركة الشعبية» النار بالنار، وذلك فور إعلان نتيجة الانتخابات التكميلية لاختيار حاكم الولاية، التي أجريت في أجواء ملتهبة.
ووفقاً لما دوّنته الناشطة المدنية زينب بلندية في صفحتها على موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي، بصفتها شاهد عيان، فإن الانتخابات جرت في أجواء مشحونة بين الحزبين المتنافسين «المؤتمر الوطني» الحاكم في السودان و«الحركة الشعبية لتحرير السودان». وتقول بلندية إن حملة مرشح الحزب الحاكم أحمد هرون الدعائية أطلقت جملة «فوز هرون أو القيامة تقوم»، وردت عليها حملة «الحركة الشعبية» بجملة: «النجمة أو الهجمة»، والنجمة هي رمز علمها.

اتهامات بتزوير الانتخابات
ووفق بلندية، تسببت اتهامات بتزوير الانتخابات وتصعيد عسكري وتعبوي في إطلاق شرارة الحرب بجنوب كردفان بمجرد إعلان فوز مرشح الحزب الحاكم بمقعد الوالي في الولاية الجنوبية. وترجع الخرطوم تجدد القتال إلى أن قوات تابعة لـ«الجيش الشعبي» هاجمت مركز شرطة واستولت على أسلحة، فيما يرجعه «الجيش الشعبي» إلى أن الخرطوم تحاول نزع سلاحه بالقوة. لكن الحرب كانت قد اشتعلت هناك منذ ذلك التاريخ ولم تتوقف بعد.
من جهة أخرى، في ولاية النيل الأزرق، اندلعت المعارك في آخر مطلع سبتمبر (أيلول) 2011 بعد أكثر من شهر من اندلاعها في جنوب كردفان، وهنا استطاعت القوات الحكومية طرد قوات «الجيش الشعبي» الموالية لحاكم الولاية مالك عقار من مدينة الدمازين، حاضرة الولاية، كما أصدر الرئيس عمر البشير مرسوماً أعفاه بموجبه من منصبه، لتلتحق قوات «الجيش الشعبي» برصيفتها في جنوب كردفان في الحرب المستمرة منذ ذلك الوقت.

تركيبة الجيش الشعبي
تتكوّن قوات «الجيش الشعبي لتحرير السودان» من جنود من مجموعات سودانية اختارت الانحياز لجنوب السودان أثناء الحرب الأهلية، وثقلها الأساسي في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق. ولقد تم تنظيمها فيما اصطلح عليه بالفرقتين التاسعة والعاشرة التابعتين لـ«الجيش الشعبي لتحرير السودان» الأم، وعند الانفصال لم تقطع علاقتها التنظيمية والعسكرية به، حسب وجهة النظر الرسمية في الخرطوم.
هذا، وأعطت اتفاقية السلام السودانية المنطقتين وضعاً خاصاً عُرف بـ«بروتوكول المنطقتين» الذي أقر ما اصطلح عليه بـ«المشورة الشعبية»، لتحديد وجهة نظر شعب الولايتين بشأن اتفاقية السلام، ومدى تحقيقها لتطلعاته، وتسوية النزاع السياسي وإرساء السلام، ووضع ترتيبات دستورية وسياسية وإدارية واقتصادية بخصوص الولايتين. لكن عدم إنفاذ بروتوكول المنطقتين ساهم بشكل كبير في اندلاع النزاع، واعتبره كثيرون امتداداً لسيرة «نقض العهود والمواثيق» التي اتسمت بها الحكومات السودانية تجاه ما تبرمه من اتفاقيات مع مواطنيها.
وكانت المعارك قد تفجرت في دارفور قبيل توقيع اتفاقية السلام السودانية. ودارفور إقليم يحاد دولة «جنوب السودان»، وبالتالي يمكن إدراجه ضمن «الجنوب الجديد»، على الرغم من أنه لم يكن داخلاً ضمن الترتيبات التي أدت إلى انفصال دولة «جنوب السودان». ولاحقاً اتفق المقاتلون في دارفور والمنطقتين، وكونوا آلية عسكرية مشتركة أطلقوا عليها «الجبهة الثورية» أتاحت مشاركة قوات دارفورية في الحرب في جبال النوبا، بعد تراجع عملياتها العسكرية في دارفور. بيد أن «الجبهة الثورية» نفسها تشظت إلى جبهتين، واحدة دارفورية وأخرى تسيطر عليها «الحركة الشعبية - الشمال».
ورسمت الحروب في دارفور وفي جنوب كردفان وفي النيل الأزرق «حزاماً ناسفاً» حال دون استقرار الولايات الجنوبية للسودان، وبالتالي الولايات الشمالية لجنوب السودان، بعدما كان السودانيون يأملون أن يؤدي وقف الحرب وتحقيق مطلب «جنوب السودان» بالاستقلال، إلى سلام مستدام وتنمية سياسية واجتماعية واقتصادية في البلد الذي أنهكته الحروب، وهكذا ولد للسودان «جنوب جديد» مشتعل.

انشقاق الحركة الشعبية
بعد ذلك، شهد الوضع تطوراً جديداً منذ مارس (آذار) الماضي بانشقاق «الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال» التي تقود الحرب في «الجنوب الجديد» فعلياً إلى حركتين، على الرغم من احتفاظهما معاً بالاسم والشعارات «السودان الجديد»، ويقود واحدة منها نائب رئيس الحركة الأسبق عبد العزيز آدم الحلو، ويقود الأخرى ثنائياً رئيس الحركة السابق مالك عقار وأمينها العام ياسر عرمان.
وأفضت الأوضاع على الأرض بحكم القوة المقاتلة إلى أن تسيطر المجموعة التي يقودها الحلو على «معظم الأرض» وكثير المقاتلين في المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق». أما مجموعة عقار وعرمان فخلا رصيدها السياسي والتفاوضي إلاّ من «بعض جيوب مقاتلة» في منطقة النيل الأزرق فأصبحت تملك قوة حقيقية على الأرض هناك. ولقد أدى الواقع الجديد إلى «تمايز» في الشعارات التي يرفعها كل من الطرفين للتفاوض مع الحكومة في الخرطوم، فبينما رفع الحلو سقف تفاوضه إلى المطالبة بـ«حق تقرير المصير» للمنطقتين، فإن عقار وعرمان أعلنا عن عزمهما على «تجديد الحركة» وقصر التفاوض مع الخرطوم على القضايا الإنسانية.
الخرطوم، رأت في هذا التشظي إضعافاً للحركة التي كانت تشكل لها «صداعاً» مستمراً. ويرى نائب رئيس الوزراء وزير الإعلام أحمد بلال عثمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تشظي الحركات المسلحة وانقساماتها يخلق مشكلة تفاوضيه تصعب الوصول معها لاتفاق، ولكنه يتابع: «نحن نعرف موازين القوى المسيطرة على الأرض بعد أن انقسمت الحركة إلى حركتين». ويعلن بلال عثمان استعداد حكومته - رغم تشظي الحركة - للتفاوض مع كل منهما على حدة، قائلا: «إذا جاء عقار أو الحلو سنفاوضهما، بل وإذا جاء شخص واحد يريد التفاوض فسنفاوضه، لأن الحركة لم تعد جسماً واحداً». وبعدما اعتبر الانقسام «تلاشياً سالباً للحركة، وزهداً في المقاومة المسلحة»، تابع: «كان عليهم الاتعاظ بهذه الرسالة، التي سبقتهم إليها حركات دارفور المسلحة».
وعلى ما يترتب على الانقسام من صعوبات تفاوضيه، فإن بلال عثمان يجزم بأن حكومته راغبة في السلام لو أن الطرفين راغبين في السلام، لكنها أي الحكومة «لن تتفاوض على الجانب الإنساني فقط»، وهو المطلب الذي تقدمت به مجموعة عقار للوساطة، وهذا يعني رفض الخرطوم لفكرة «الجنوب الجديد برمتها».

حدود «الجنوب الجديد»
ويحدد موقع وزارة الخارجية السودانية على الإنترنت طول الحدود بين السودان ودولة «جنوب السودان» بـ2.175 كيلومترا، تمتد من حدود الدولتين مع أفريقيا الوسطى غرباً، وحدودهما مع إثيوبيا شرقاً. وتقع على الحدود المشتركة بين البلدين 11 منطقة إدارية، 6 منها سودانية وخمس جنوبية، وتدور الحرب في أربع منها، هي جنوب وشرق دارفور، وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
ووفقاً للخارجية، فإن دولتي السودان و«جنوب السودان»تتنازعان على عدد من المناطق الحدودية، ذات الأهمية الخاصة، الممثلة في عدد السكان على طرفي الحدود البالغ عشرة ملايين نسمة، وتوافر عدد من الموارد الطبيعية بها، إضافة إلى ثراءها بالمياه والثروات الحيوانية. وهي خمس مناطق رئيسية أكبرها منطقة أبيي الغنية بالنفط، ودبة الفخار بولاية النيل الأبيض، وجبل المقينص على الحدود المشتركة بين النيل الأبيض وجنوب كردفان و«جنوب السودان»، ومنطقة كافيا كنجي الشهيرة بحفرة النحاس مع جنوب دارفور، وكاكا التجارية مع جنوب كردفان.
الدكتور الواثق كمير، وهو أكاديمي انتمى لـ«الحركة الشعبية لتحرير السودان» على عهد مؤسسها الراحل الدكتور جون قرنق، يقول إنه «من الطبيعي أن يكون هناك جنوب جغرافي للسودان بعد انفصال الجنوب وإنشاء دولته، كما له شمال وشرق وغرب جغرافي». ويتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط» شارحاً «بهذا المعني، فالجنوب الجديد يضم: جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وغرب كردفان وجنوب دارفور... لكن مفهوم أو تعبير الجنوب الجديد، الذي شاع بعد انفصال الجنوب، خاصة من بعض قيادات الحركة الشعبية شمال، ينطوي على حمولة سياسية وجيو سياسية إذ إن المنطقتين، جنوب كردفان والنيل الأزرق، كانتا تابعتين تنظيمياً إلى قطاع الجنوب».
ويضيف كمير أن مفهوم «الجنوب الجديد» يواجه ثلاث مشاكل منهجية تحيط به، موضحاً «أن الأولى هي حمل السلاح من أجل التغيير وإزالة التهميش هو القاسم المشترك في تعريف هذا الجنوب الجديد. والثانية إنه تعبير يستحدث الآخر في مواجهة المجموعات في المناطق الأخرى من السودان، بما يعيد إنتاج التصور القديم للشمال عن الجنوبيين من منطلقات عرقية وثقافية... ويحمل في طياته قدراً كبيراً من الآيديولوجيا والإيحاءات العنصرية. أما ثالث المشاكل فهي أنه يضع عبء ومسؤولية التحول والتغيير في شمال السودان على عاتق أهل الجنوب الجديد، ما يصعّب ويعقّد مهمة قوى السودان الجديد في تعبئة وحشد قطاعات مختلفة من السودانيين بغض النظر عن انتماءاتهم من ناحية العرق والإثنية والدين والجنس (الجندر)». ويقطع كمير بأهمية تجاوز المفهوم الآيديولوجي الذي يستدعيه مصطلح «الجنوب الجديد»، ويرى أنه شكل من أشكال إعادة إنتاج الأزمة مجدداً.

الواقع الملتهب
ورغم «آيديولوجيا المفهوم» التي أشار إليها كمير، فإن «الجنوب الجديد» واقع جغرافي لا يمكن تجاهله، فضلاً عن كونه واقعا «ملتهبا» ما زال النزاع حول وضع علاماته الحدودية مع الدولة الوليدة لم يكتمل بعد. وما زال البلدان يتصارعان لتحديد حدودهما بدقة.
الحكومة السودانية تتهم حكومة «جنوب السودان» بدعم وتشوين وتمويل وإيواء قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال»، باعتبارها كانت جزءاً من جيشها، وتكونان الفرقة التاسعة والعاشرة، لكن سلطات جوبا دأبت على النفي، والرد بأن الخرطوم هي الأخرى تدعم متمردين ضد حكومتها، آخرهم دعمها تمرد نائب الرئيس السابق رياك مشار. وينسب إلى وزير الدفاع السوداني الأسبق عبد الرحيم محمد حسين قوله، إن قوات «الحركة الشعبية» تتمركز في منطقة يابوس بولاية النيل الأزرق، وفي مناطق كاودا وهيبان بولاية جنوب كردفان، وتسميها «المناطق المحرّرة»، كما تملك مراكز تدريب في يابوس وسمري، وكتائب أخرى في أورا ودقيس، ووحدات صغيرة في مناطق أخرى.
ويعترف الزعيم المعارض البارز ورئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي في إفادة لـ«الشرق الأوسط»، بوجود مشاكل في المنطقة التي سميت مناطق المشورة الشعبية في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، ويرى أن سببها أن تنفيذ اتفاقية السلام الشامل تجاهل ربط التنفيذ بقضية المنطقتين لتحسما دفعة واحدة.
ويوضح المهدي أن الإبقاء على قوات من «الجيش الشعبي» في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، فتح المجال لنشوب الحرب، بل ولم تنفذ الاتفاقية الإطارية بين الحكومة السودانية و«الحركة الشعبية» - تعرف باتفاقية نافع عقار – ويضيف: «لو أنها نفذت لأغنتنا عن هذه التعقيدات التي حدثت، بل أجهضها النظام الذي وقعها ما خلق أجواء أدت لتصعيد المطالب».
ويرى المهدي أن المنطقتين - في «الجنوب الجديد» - تختلفان عن جنوب السودان «القديم»، ولا يمكن أن تسيرا في طريق حق تقرير المصير. وأن فكرة تقرير المصير، أصبحت تعني ما يحدق في جنوب السودان بنتائجه العكسية والفاشلة التي جعلت حتى جنوبيين يرغبون في مراجعته.
ويجزم المهدي باستمرار الحرب طالما لا يوجد حل سياسي للمشكلة، ويتابع: «للأسف الحكومة السودانية غير مستعدة لدفع استحقاقات الحل السياسي. وطالما هذا مستمر، فحتى إذا تمزّقت الحركات المسلحة إلى أكثر من فصيل ستظل هناك حالة حربية»، ويستطرد «ما دام لا يوجد اتفاق سياسي فإن أي عدد لديه مظلمة وسلاح وناس مدربين سيواصل التحدي للأمن، ولن تنتهي مسألة المخاطر الأمنية إلاّ بموجب اتفاق سياسي حتى لو تمزقت القوى المسلحة المسيسة».
وحقاً، أدت الحروب في «الجنوب القديم» إلى مقتل أكثر من مليونين وأعداد من الجرحى والمعاقين، وإلى نزوح الملايين، وهجرة أعداد كبيرة للدول المجاورة. وكبّدت الاقتصاد السوداني مليوني دولار يومياً، ما أدى إلى خلق اختلالات جوهرية في اقتصاد البلاد، أدت لخفض الناتج القومي، وتزايد نسب التضخم، وارتفاع معدلات البطالة، وسوء الخدمات.
وكان مأمولاً حدوث تطور سريع في معالجات الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية التي صاحبت الحرب الأهلية، بعد توقيع اتفاقية السلام وانفصال – استقلال – جنوب السودان، لكن اشتعال الحرب في «الجنوب الجديد» أزهق أرواح أكثر ثلاثمائة ألف نسمة في دارفور وحدها حسب إحصاءات دولية – تعترف الحكومة بعشرة آلاف منهم – ونزوح ولجوء، وينسب إلى مدعي المحكمة الجنائية السابق لويس مورينو أوكامبو أنه قال إن الحرب تسببت في نزوح 2.5 مليون شخص داخلياً. وقالت منظمة الهجرة الدولية في تقرير صادر 2016 إن السودان يحتل المرتبة الرابعة في قائمة الدول المصدرة للاجئين بعد إريتريا والنيجر والصومال.
ولا توجد إحصائيات دقيقة تتعلق بأعداد القتلى والجرحى والنازحين واللاجئين بسبب الحرب بين الجيش الحكومة والجيش الشعبي، فإن آلاف الأشخاص لقوا حتفهم، فيما تشرد وهجر ونزح مئات الآلاف بسبب الحرب في المنطقتين.
لكن «المصطلح» بمدلوله الذي أطلقه به الأمين العام السابق للحركة الشعبية ياسر عرمان، يواجه منذ أشهر تحدّي الانقسام الرأسي الذي تشهده واسطة عقد «الجنوب الجديد» أي «الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال»، الذي بلغ ذروته بإقالة رئيسها مالك عقار وأمينها العام، وتعيين نائب الرئيس السابق عبد العزيز آدم الحلو رئيس للحركة وقائداً لجيوشها.
ما حدث من تغيير دراماتيكي في قيادة الحركة يهدد آيديولوجيا «الجنوب الجديد» بشكل كامل، وهو ما يصفه المحللون بأنه ربما يصبح انكفاءة جهوية، تسوق المناطق التي تسيطر عليها الحركة باتجاه شبيه بما حدث للحركة الأم، التي حققت أغراضا جهوية «استقلال جنوب السودان» على حساب شعارها الذي خاضت حربها الطويلة تحته «السودان الجديد».
ويقول الصحافي والمحلل السياسي حسن بركية، إن قيادة الحركة الجديدة مواجهة بتحدي كبير لتصحيح الأوضاع، وإقامة بناء تنظيمي متماسك، ويتابع: «الحلو يجد الآن دعماً كبيراً، وهو صاحب خبرة يمكن أن يحقق نجاحات»، ويقطع بفشل الحديث عن انقسام في الحركة على أساس مناطقي – من منطقة – بقوله: «الحديث عن انقسام مناطقي، فشل الرهان عليه، بدليل أن المنطقتين اتفقتا على القرارات».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».