الأمم المتحدة تأمل في تراجع القتال لتنفيذ حملة لمكافحة شلل الأطفال

طفل أمام دكان في بلدة عين ترما بالغوطة الشرقية لدمشق الواقعة تحت الحصار والقصف (رويترز)
طفل أمام دكان في بلدة عين ترما بالغوطة الشرقية لدمشق الواقعة تحت الحصار والقصف (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تأمل في تراجع القتال لتنفيذ حملة لمكافحة شلل الأطفال

طفل أمام دكان في بلدة عين ترما بالغوطة الشرقية لدمشق الواقعة تحت الحصار والقصف (رويترز)
طفل أمام دكان في بلدة عين ترما بالغوطة الشرقية لدمشق الواقعة تحت الحصار والقصف (رويترز)

قالت وكالات تابعة للأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تأمل في هدوء المعارك ضد تنظيم داعش في سوريا بدرجة تكفي لتنفيذ حملة لمكافحة شلل الأطفال، ابتداء من السبت المقبل.
وتسعى منظمة الصحة العالمية لاستئصال المرض على مستوى العالم، ولذلك فإن ظهور 27 حالة قرب دير الزور والرقة اللتين يستعر فيهما القتال تمثل انتكاسة محدودة لكنها مقلقة للمنظمة.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في تقرير لها عن وضع شلل الأطفال، إن الأمم المتحدة «على اتصال بكل الأطراف في دير الزور والرقة فيما يخص وقف إطلاق النار لأيام» للسماح بحملة تحصين ضد المرض.
ولم توضح المنظمة ما إذا كانت الأمم المتحدة تقوم باتصالات مباشرة مع «داعش» الذي يتعرض لهجوم من قوات تدعمها واشنطن في الرقة ويطوقون القوات الحكومية السورية في دير الزور. ولم توضح أيضا ما إذا كان أي طرف وافق على الالتزام بوقف لإطلاق النار في أي من ميادين القتال.
وأعربت وكالات أخرى للأمم المتحدة عن أملها في تنفيذ حملة التحصين.
وقال أوليفر روزنباور المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية: «ما يحدث عادة في مثل هذه الظروف هو أن يشارك كل الأطراف دون استثناء بشكل أو بآخر».
وتابع: «قد يكون هذا من خلال مفاوضات رسمية عبر إحدى الحكومات أو مباشرة مع أحد شركاء الأمم المتحدة مثل منظمة الصحة أو يونيسيف أو من خلال طرف ثالث (مثل) مقدمي الخدمات الصحية ومنظمات أهلية وشبكات ومجتمعات محلية وغيرها من الموجودة على الأرض بالفعل التي تستطيع المساعدة في توفير بيئة آمنة للعمليات».
ويميل شلل الأطفال للظهور في مناطق الحروب بسبب ضعف حملات التحصين وما ينجم عن ذلك من ضعف المناعة لدى السكان المحليين وهو ما يجعل الأطفال عرضة للإصابة.
وكانت منظمة الصحة تصدت للمرض عندما ظهر في المنطقة نفسها في 2013 و2014.
وأوضح روزنباور أن المنظمة تخطط لتقديم جرعتين من التحصين الأولى في 22 يوليو (تموز) تقريبا، والثانية في أغسطس (آب)، مضيفا أن التاريخ الدقيق قد يتغير في بعض المناطق بناء على الموقف على الأرض.
وقال: «في مناطق صراع أو (مناطق) تعاني من مشكلات في الوصول (للمستهدفين بالتحصين) أو تشهد تحركات سكانية واسعة النطاق تنفذ الحملات (التحصين) عندما تحين الفرصة».
وقالت يونيسيف إنه منذ بداية العام ظهرت 87 حالة إصابة بشلل الأطفال في محافظة دير الزور منها 66 في منطقة الميادين و10 في مدينة دير الزور و11 حالة في البوكمال، في حين شهدت محافظة الرقة 14 حالة منها ستة في مدينة الرقة وسبعة في تل أبيض وواحدة في منطقة الثورة.
ومن هذه الحالات تأكدت إصابة 26 في دير الزور وواحدة في الرقة.
وتستهدف أولى جولات التحصين في دير الزور 328 ألف طفل ينفذها 355 فريقا من منزل لآخر بالقرى المتضررة، وفي نقاط ثابتة ببعض المناطق، في حين تستهدف الحملة 120 ألف طفل في الرقة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم