أكراد العراق يسعون للاستقلال ويدعون لانتخابات لاحتواء خلاف سياسي

TT

أكراد العراق يسعون للاستقلال ويدعون لانتخابات لاحتواء خلاف سياسي

دعا رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) يمكن أن تخفف من حدة خلاف سياسي مستمر منذ فترة طويلة، فيما يسعى الأكراد للاستقلال عن بغداد.
وستأتي الانتخابات في أعقاب استفتاء على الاستقلال مقرر يوم 25 سبتمبر (أيلول)، وهي خطوة من شأنها أن تزعزع اتحاداً فيدرالياً هشّاً في العراق، وتغضب دولاً مجاورة، مثل سوريا وتركيا وإيران، ولدى كل منها أقلية كبيرة من الأكراد. وتجري هذه التطورات السياسية في الوقت الذي تسعى فيه القوات الحكومية العراقية لطرد مقاتلي تنظيم داعش من أراض في شمال البلاد، في حملة لعبت فيها قوات البيشمركة الكردية دوراً حيويّاً. وكانت آخر مرة أجرى فيها إقليم كردستان العراق انتخابات رئاسية في عام 2009 وانتخابات برلمانية في 2013. وفاز الرئيس مسعود بارزاني في انتخابات عام 2009 لكنه قال إنه لن يترشح مرة أخرى. وانتهت فترة ولايته في 2013 وجرى تمديدها مرتين. ولم يجتمع البرلمان منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015.
وقال مساعد لبارزاني إن الانتخابات تحدد موعدها يوم الأول من نوفمبر، حسب «رويترز». ونقل تلفزيون «رووداو» في أربيل عن مرسوم أصدره بارزاني أول من أمس قوله: «تلتزم جميع الأطراف المعنية باتخاذ ما يلزم، والتعاون والتنسيق مع المفوضية العليا المستقلة للانتخاب والاستفتاء لتنفيذ هذا المرسوم». وبعد الانتخابات البرلمانية في عام 2013، شَكَّل بارزاني حكومة ذات قاعدة عريضة يقودها الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي ينتمي له، وحصلت حركة «كوران» (التغيير) على عدة مناصب، منها منصب رئيس البرلمان.
ووسط أزمة سياسية متصاعدة أُقيل أربعة من وزراء حركة كوران من الحكومة في أكتوبر 2015، ومُنع رئيس البرلمان من دخول العاصمة. واتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني حركة كوران، التي كانت قد طالبت بتقليص سلطات بارزاني، بتدبير احتجاجات اتسمت بالعنف جرى خلالها مهاجمة مكاتب الحزب. ولم يجتمع البرلمان منذ ذلك الحين. لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني قال هذا الأسبوع إنه سيتخلى عن شروطه لانعقاد البرلمان للمساعدة في إنجاح استفتاء الاستقلال وسيسمح بعودة رئيس البرلمان يوسف محمد.
وفي وقت سابق هذا الشهر قال بارزاني لـ«رويترز» إنه لا عودة عن مساعي إقامة دولة كردية مستقلة، لكنه سيسعى لذلك من خلال الحوار مع بغداد والقوى الإقليمية لتجنب الصراع. وتريد أحزاب مثل حركة كوران وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الاستقلال كذلك، ولكن ليس بالضرورة تحت قيادة بارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني. واتهم بارزاني الحكومة العراقية، بعدم الالتزام باتفاق دستوري يمنح الأكراد سلطات أكبر في إطار دولة فيدرالية تأسست بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للإطاحة بصدام حسين عام 2003. ويقيم نحو خمسة ملايين كردي وسط أغلبية عربية في العراق الذي يبلغ عدد سكانه أكثر من 30 مليون نسمة. ويتركز أغلب الأكراد في شمال البلاد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم