«المركزي الأوروبي» يؤجل مناقشة المرحلة التالية من برنامجه التحفيزي إلى الخريف

دراغي يؤكد استمرار الحاجة لـ«التكيف» مع عدم القدرة على إغلاق كامل لـ«صنابير التحفيز»

رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في مؤتمر صحافي في فرنكفورت أمس (رويترز)
رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في مؤتمر صحافي في فرنكفورت أمس (رويترز)
TT

«المركزي الأوروبي» يؤجل مناقشة المرحلة التالية من برنامجه التحفيزي إلى الخريف

رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في مؤتمر صحافي في فرنكفورت أمس (رويترز)
رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في مؤتمر صحافي في فرنكفورت أمس (رويترز)

وصل ماريو دراغي رئيس البنك المركزي الأوروبي أمس إلى المؤتمر الصحافي في أعقاب اجتماع للبنك دام على مدار يومين، عاقداً العزم على قول أقل القليل «قدر الممكن»... ونجح دراغي في مواجهة الصحافيين الذين يسعون للحصول على «إجابات مفصلة» حول كيفية قيام البنك المركزي الأوروبي بإلغاء برنامج التحفيز، حيث كانت الإجابة حازمة: «إننا لم نناقش ذلك».
لكن دراغي وعد بأن يناقش المرحلة التالية من برنامجه التحفيزي في الخريف، أي في اجتماع البنك المقبل في سبتمبر (أيلول)، وجاء هذا الوعد مصحوبا بالتشديد على أن صناع السياسات يجب أن يظلوا حذرين... وهي طريقة دراغي في القول إنه «من المبكر تشديد السياسة الآن».
لكن التوقعات بأن «المركزي الأوروبي» قد ينتقص من برنامج شراء السندات الذي تبلغ قيمته 60 مليار يورو في شهر سبتمبر أو أكتوبر (تشرين الأول) قد أثار المستثمرين، مما أدى إلى ارتفاع اليورو إلى أعلى مستوى في 16 شهرا.
وأوضح المركزي الأوروبي أنه يعتزم الإبقاء على سياسة التيسير النقدي، حيث أبقى على معدلات الفائدة عند أدنى مستوياتها، وقال إنه على استعداد لتعزيز برنامج شراء السندات «إذا تدهورت الأحوال الاقتصادية».
وكان الكثير من المحللين قد توقعوا أن يضع رئيس المركزي الأوروبي الأساس لإلغاء بطيء لبرنامج شراء الأصول عندما يتحدث مع الصحافيين خلال مؤتمره الصحافي، ولكن بيان البنك جاء فيه: «إذا كانت التوقعات غير جيدة، أو أصبحت الأحوال المالية غير متوائمة مع مزيد من التقدم نحو تعديل مستدام في مسار التضخم، فإن المجلس الحاكم على استعداد لزيادة البرنامج من حيث الحجم أو المدة، أو كليهما».
وقال مجلس تحديد معدلات الفائدة بالبنك إنه يعتزم الاستمرار في برنامج شراء السندات بواقع 60 مليار يورو (69 مليار دولار) شهرياً حتى نهاية العام، حيث ينتظر ارتفاع معدل التضخم السنوي ليصل إلى الهدف الذي حدده البنك وهو أقل من 2 في المائة.
وأضاف المجلس أنه سوف يبقى على معدل الفائدة عند «صفر»، وأنه «يتوقع أن تبقى معدلات الفائدة عن مستوياتها الحالية لفترة من الوقت». كما قرر البنك إبقاء معدل الفائدة على الودائع عند (سالب 0.4 في المائة) ومعدل الإقراض الهامشي عند 0.25 في المائة.
وأكد رئيس المركزي أن التشديد المبكر من شأنه أن يعرض الانتعاش للخطر، ورد دراغي «بحزم» حول معدلات التضخم قائلا: «التضخم ليس حيث نريد أن يكون، ولا أين ينبغي أن يكون... ولهذا السبب لا تزال هناك حاجة إلى درجة كبيرة من السياسة النقدية التكيفية».
وأوضح دراغي أن منطقة اليورو تتمتع الآن بانتعاش «قوي»، مضيفاً: «علينا فقط أن ننتظر من الأجور والأسعار أن تنتهج الطريق نفسه، وآخر شيء يريده مجلس المحافظين هو تشديد في وقت غير مناسب، مما سيبطئ هذه العملية أو حتى يعرضها للخطر».
وقال دراغي إن المخاطر «متوازنة» بشكل عام على توقعات النمو في منطقة اليورو، ولكن الضغوط التضخمية لا تزال ضعيفة، في حين لم يترجم النمو إلى «ديناميت» ليدفع معدلات التضخم إلى الأعلى.
وأشار إلى أن التضخم الرئيسي قد تضاءل بسبب ضعف أسعار الطاقة، لذلك لا يزال هناك حاجة إلى «التكيف»، غير أن المركزي الأوروبي ليس على استعداد كامل لإيقاف «صنابير التحفيز».
ومن المتوقع أن يبقى التضخم الرئيسي عند المستويات الحالية في الأشهر المتبقية من العام، علماً بأن المعدل كان 1.3 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي بمنطقة العملة الموحدة.
وقال دراغي ضاحكاً إن السبب وراء جعل المركزي الأوروبي خططه «غامضة»، هو تكرار السؤال حول خفض برنامج التيسير الكمي، مؤكداً اتفاق المجلس على مناقشة البرنامج مرة أخرى في الخريف المقبل.
وأشار دراغي إلى أن معظم البنوك المركزية الرئيسية تهدف إلى معدل تضخم يبلغ 2 في المائة، مضيفاً أنه تم خلق ستة ملايين وظيفة منذ بدء العمل ببرنامج التحفيز «الذي بين مدى نجاحه» وفقاً لدراغي... ومضى يقول: «ما هو مدى مصداقية المؤسسة إذا ما غيرت هدفها في كل مرة تجابه صعوبات للوصول إليه».
وارتفع اليورو أمام الدولار بنحو 0.5 في المائة ليبقى عند 1.155 دولار لليورو الواحد، بعد أن انخفض صباح أمس قبل تعليق دراغي.
وفي أعقاب المؤتمر الصحافي، انخفضت ثقة المستهلك في منطقة اليورو بشكل غير متوقع، إذ انخفض مقياس اللجنة الأوروبية للروح المعنوية للمستهلكين إلى «سالب 1.7» من «سالب 1.3» في يونيو الماضي، وكان الاقتصاديون يتوقعون أن ترتفع معنويات المستهلكين إلى «سالب 1.1».
وفي بقعة أخرى مهمة للاقتصاد العالمي في أقصى الشرق، قرر البنك المركزي الياباني تخفيض توقعاته بالنسبة للتضخم خلال العام الحالي، مع الحفاظ على خطوات التخفيف النقدي لإنعاش ثالث أكبر اقتصاد في العالم.
وجاء في بيان صدر بعد يومين من اجتماع خاص بالسياسة النقدية أن البنك المركزي يتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 1.1 في المائة هذا العام، مقارنة بالنسبة التي توقعها منذ ثلاثة أشهر بارتفاعه بنسبة 1.4 في المائة.
وكان البنك قد دشن حملة تخفيف نقدي قوية في أبريل (نيسان) 2013 لكي يصل معدل التضخم إلى 2 في المائة خلال عامين، حيث تعهد رئيس الوزراء شينزو آبي بإخراج البلاد من الانكماش. ومع ذلك، فشلت الحكومة في الخروج من الانكماش وتحقيق نمو اقتصاد طويل المدى، في ظل ثبات الأجور وضعف إنفاق المستهلكين.
وقرر البنك مجدداً تأجيل موعد تحقيق هدف معدل التضخم. وتوقع البنك الآن أن يحقق هذا الهدف خلال العام المالي 2019، على الرغم من أنه توقع أن يتم ذلك خلال العام المالي 2018.
ومن ناحية أخرى، توقع البنك أن ينمو الاقتصاد بنسبة 1.8 في المائة خلال العام الممتد حتى مارس (آذار) المقبل، مقارنة بتوقعاته السابقة بنمو الاقتصاد بنسبة 1.6 في المائة في أبريل الماضي، وكانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق أمس أن الصادرات ارتفعت بنسبة 9.7 في المائة لتصل إلى 6.6 تريليون ين خلال يونيو الماضي، للشهر السابع على التوالي، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي.
وتزامنت قرارات المركزي الياباني مع إعلان الحكومتين اليابانية والبريطانية أن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون وصل إلى اليابان أمس الخميس لإجراء محادثات تتعلق بالتجارة والأمن الإقليمي.
ومن المقرر أن يجري جونسون محادثات اليوم الجمعة مع نظيره الياباني فوميو كيشيدا تتناول القرار البريطاني بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي وقضايا الأمن الإقليمي، مثل البرنامج النووي لكوريا الشمالية وكذلك برنامجها للصواريخ الباليستية.
وأعلنت الخارجية البريطانية أن جونسون سيلتقي عددا من كبار رجال الأعمال والمستثمرين اليابانيين، وممثلين عن الشركات البريطانية، لبحث مستقبل العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين.
وتأتي الزيارة بعد أسبوعين من توصل الاتحاد الأوروبي واليابان إلى اتفاق تجارة حرة واسع النطاق. وتواجه بريطانيا، التي لا يمكنها إبرام أي اتفاقيات للتجارة الحرة حتى مغادرة الاتحاد الأوروبي في 2019، ضغوطاً للإعداد للحياة الاقتصادية ما بعد الخروج من الاتحاد.
وقال جونسون في بيان: «إن الشركات اليابانية تستثمر أكثر من 40 مليار جنيه إسترليني (52 مليار دولار) في المملكة المتحدة، وعلاقاتنا التجارية أقوي من أي وقت مضى. لقد قمنا معاً بعمل عظيم في جميع المجالات من الدفاع والأمن إلى التعليم والأبحاث والابتكارات».



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.