إردوغان يحكم قبضته على الحكومة تمهيداً للنظام الرئاسي

تعديل وزاري طال 5 حقائب... وجاويش أوغلو يحتفظ بـ«الخارجية»

الرئيس التركي يترأس اجتماع الأمن القومي في أنقرة الاثنين (أ.ب)
الرئيس التركي يترأس اجتماع الأمن القومي في أنقرة الاثنين (أ.ب)
TT

إردوغان يحكم قبضته على الحكومة تمهيداً للنظام الرئاسي

الرئيس التركي يترأس اجتماع الأمن القومي في أنقرة الاثنين (أ.ب)
الرئيس التركي يترأس اجتماع الأمن القومي في أنقرة الاثنين (أ.ب)

شهدت الحكومة التركية، أمس الأربعاء، تعديلا وزاريا يحمل بصمات الرئيس رجب طيب إردوغان ويهيئ لمرحلة جديدة تستعد فيها البلاد لعام انتخابي يبدأ بالانتخابات المحلية في مارس (آذار) 2019، تعقبها انتخابات البرلمان، ثم انتخابات رئاسة الجمهورية التي ستغير من شكل نظام الحكم في تركيا إلى النظام الرئاسي.
وبقي 15 من أعضاء الحكومة الـ25 في مناصبهم، وبدل 5 آخرون حقائبهم، بينما تم تغيير 6 وزراء، كما قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم.
وأعلن يلدريم التعديل الوزاري عقب مصادقة إردوغان عليه في لقاء بينهما في مقر رئاسة الجمهورية أمس، أعقب اجتماعا للجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة إردوغان عقد أول من أمس لمناقشة التعديل.
وأقصى التعديل 4 من نواب رئيس الوزراء، خرج منهم اثنان تماما من التشكيلة الحكومية هما ويسي كايناك وأرتوغورول توركيش. وكان توركيش قد انتقل منشقا عن حزب الحركة القومية الذي أسسه والده، إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم ومعه كتلته التصويتية، قبل الانتخابات البرلمانية المبكرة في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) التي أعقب انتخابات 7 يونيو (حزيران) من العام نفسه التي أخفق فيها حزب العدالة والتنمية للمرة الأولى في تشكيل حكومة منفردة لعدم حصوله على الأغلبية اللازمة.
كما خرج من قائمة نواب رئيس الحزب، نور الدين جانيكلي، ليصبح وزيرا للدفاع بدلا من فكري إيشيك الذي تم تعيينه نائبا لرئيس الوزراء، فيما تولى نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة نعمان كورتولموش منصب وزير الثقافة والسياحة بدلا من نابي أفجي الذي خرج من التشكيلة.
وكان نعمان كورتولموش قد انضمّ إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم قبل الانتخابات البرلمانية في 2011، حيث كان ترك حزب السعادة، الذي أسسه رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، وانشق ومعه كتلة تصويتية كبيرة أيضا، وأسس حزبا جديدا باسم «صوت تركيا». لكنه حل الحزب لاحقا، بعد أن انضم إلى حزب العدالة والتنمية وحصل على منصب نائب رئيس الوزراء في عدد من الحكومات المتعاقبة. وكانت تكهنات سابقة قد أشارت إلى أنه قد يترأس الحزب خلفا لإردوغان عندما خاض الانتخابات الرئاسية عام 2014. لكن رئاسة الحزب ذهبت إلى رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو الذي استقال في مايو (أيار) 2016 ليحل محلّه رئيس الوزراء الحالي بن علي يلدريم في رئاسة الحزب والحكومة، ثم ترك رئاسة الحزب لإردوغان في مايو 2017. وسيواصل يلدريم في منصبه رئيسا للوزراء حتى الانتخابات البرلمانية والرئاسية اللتين ستجريان في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. وبعدها لن يكون هناك منصب رئيس الوزراء لأن رئيس الجمهورية سيكون هو رئيس الحكومة، وهو من سيختار الوزراء ويمكنه أن يعين له نائبا أو أكثر.
وأبقى التعديل الوزاري على فريق السياسة الخارجية والمفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، ممثلا في وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ووزير الشؤون الأوروبية كبير المفاوضين مع الاتحاد الأوروبي عمر تشيليك. وبقيت المجموعة الاقتصادية بلا تغيير.
وقال يلدريم في مؤتمر صحافي عقب لقائه إردوغان إن 15 وزيرا احتفظوا بمناصبهم، وانضم 5 وزراء جدد للحكومة، وانتقل 6 وزراء إلى مناصب أخرى داخل التشكيلة الحكومية المعدلة.
وكان من المتوقع، بحسب ما ذكرت مصادر بحزب العدالة والتنمية الحاكم عقب الاستفتاء على تعديل الدستور، إجراء تعديل وزاري في تركيا بعد أن يتسلم إردوغان قيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وتم من خلال التعديل تصعيد وزراء العدل بكير بوزداغ، والدفاع فكري إيشيك، والصحة رجب أكداغ، إلى مناصب نواب لرئيس الوزراء مع محمد شيمشيك، نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الذي احتفظ بمنصبه، كما دخل هاكان جاويش أوغلو الذي لم يسبق أن تولى منصبا وزاريا نائبا لرئيس الوزراء.
وخرج كل من نائبي رئيس الوزراء أرتوغرول توركيش وويسي كايناك من الحكومة تماما، فيما أصبح نائب رئيس الوزراء لشؤون الجمارك والتجارة وزيرا للدفاع، وتولّى عبد الحميد غل، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الذي ترأس لجنة إعداد التعديلات الدستورية لإقرار النظام الرئاسي، منصب وزير العدل. وأبقى التعديل على كل من وزراء الخارجية مولود جاويش أوغلو، والداخلية سليمان صويلو، والاقتصاد نهاد زيبكجي، والتجارة والجمارك بولنت توفنكجي، والمالية ناجي أغبال، والصناعة والتكنولوجيا فاروق أوزلو، والطاقة والموارد الطبيعية برات البيرق، والنقل والاتصالات والملاحة البحرية أحمد أرسلان، والتنمية لطفي علوان، والبيئة محمد أوز هسكى، والغابات والشؤون المائية فيصل إر أوغلو، والشؤون الأوروبية كبير المفاوضين مع الاتحاد الأوروبي عمر تشيليك، والتعليم عصمت يلماز، والأسرة والشؤون الاجتماعية فاطمة بتول صايان كايا.
ودخل التشكيلة 5 وزراء جدد، هم عبد الحميد غل وزير العدل، وأحمد دمير جان وزير الصحة، إضافة إلى وزيرة العمل والضمان الاجتماعي جوليدة ساري أراوغلو، ووزير الزراعة والثروة الحيوانية أحمد أشرف فقي بابا، ووزير الشباب والرياضة عثمان أشكن باك.
وخرج من تشكيلة الحكومة كل من وزراء العمل والتضامن الاجتماعي محمد مؤذن أوغلو، والشباب والرياضة عاكف تشاغتاي، والزراعة والثروة الحيوانية فاروق تشيليك، والثقافة والسياحة نابي أفجي.
وقالت مصادر في حزب العدالة والتنمية الحاكم لـ«الشرق الأوسط» إن التغييرات الجديدة صممت من أجل التعامل مع متطلبات المرحلة المقبلة التي ستشهد استعدادا مكثفا لعام انتخابي حافل بالاستحقاقات هو عام 2019 الذي سيبدأ بالانتخابات المحلية في مارس وينتهي بالانتخابات البرلمانية والرئاسية اللتين ستجريان معا في نوفمبر.
ولفتت المصادر إلى أن التغييرات في صفوف «العدالة والتنمية» استعدادا لهذه الانتخابات بدأت من الكوادر العليا في لجنتي القرار المركزي والإدارة المركزية، وسيتوالى التغيير في المرحلة المقبلة ليشمل نحو 60 في المائة من قواعد وتشكيلات الحزب ولجانه المختلفة، بعد أن طلب إردوغان تقييما لما حدث في الاستفتاء على تعديلات الدستور في 16 أبريل (نيسان) الماضي الذي أسفر عن فوز ضئيل للتعديلات بنتيجة 51.4 في المائة من أصوات الناخبين، مع خسارة أهم معاقل الحزب في أنقرة وإسطنبول، وعدد آخر من المدن الكبرى.
وأظهرت الأسماء الجديدة في التشكيلة الحكومية والتغييرات التي طرحت من جانب إردوغان في إطار تقوية الحكومة والأداء الحزبي في المرحلة المقبلة، توجهاً إلى الانخراط أكثر في الشارع التركي، والاستماع لمختلف الفئات، بعد أن تبين أن هناك أزمة في وصول أفكار الحزب إلى الناخبين على الرغم من الخدمات الكبيرة المقدمة من البلديات التابعة له، والتي لم تحدث فارقا في الاستفتاء.
وبحسب المصادر، فإن زيادة مقاعد المرأة في الحكومة يشير إلى النجاح الذي حققه تنظيم المرأة في الحزب في الفترة الماضية، بدءا من الانتخابات البرلمانية المبكرة في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.
ولفتت المصادر إلى أن التعديلات عكست أيضا توجه إردوغان إلى تنقية الكادر الأعلى للحكومة، ممثّلا في نواب رئيس الوزراء، والاستعانة بالعناصر التي قادت الحركة في الفترة الأخيرة لاستعادة قوة الحزب في انتخابات نوفمبر 2015، والتي حققت نجاحا في الاستفتاء. كما يعد استبعاد نائب رئيس الوزراء أرتوغرول توركيش الذي قدم من حزب الحركة القومية، وكذلك البدء تدريجيا في تقليص مهام نعمان كورتولموش، مؤشرا على أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى استعادة الروح السابقة لـ«العدالة والتنمية» من خلال الاعتماد على قوامه الأساسي والعناصر ذات التأثير العميق في الشارع.
من جانبه، قرأ الخبير السياسي الدكتور أرديتيش يازجي، التعديل الوزاري على أنه خطوة لتجديد الدماء وإراحة العناصر التي أرهقت من العمل خلال السنوات الماضية، استعدادا للمرحلة الجديدة التي سيتم فيها الانتقال بالكامل إلى النظام الرئاسي. وبالتالي، فإن «عمل الحكومة في هذه المرحلة سينصب تماما على اجتياز المرحلة الانتخابية الجديدة بنجاح»، على حد قوله.
ورأى مجموعة من الخبراء والمحللين أن التعديل الوزاري حمل مفاجآت، لا سيما في أسماء الوزراء الجدد وخروج بعض نواب رئيس الوزراء من الحكومة تماما.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟