الحكومة اللبنانية تقرّ اليوم تعيينات دبلوماسية... وترشيحات من خارج السلك

«المستقبل» و«الوطني الحر» خرجا عن القاعدة بتسمية 11 سفيراً

TT

الحكومة اللبنانية تقرّ اليوم تعيينات دبلوماسية... وترشيحات من خارج السلك

يتجّه مجلس الوزراء اللبناني اليوم إلى إقرار سلّة التعيينات الدبلوماسية بعد الاتفاق عليها من مختلف الأطراف السياسية رغم بعض التحفظات على تسمية سفراء من خارج الملاك، الذي يعتبر خروجا عن القاعدة والأصول الدبلوماسية، علما بأنها ليست المرة الأولى التي يتم اللجوء إلى هذا الخيار بل كان قد اعتمد قبل ذلك، لا سيما أن اختيار السفراء لا يخضع للآلية المعتمدة في التعيينات الإدارية التي تمر عبر مجلس الخدمة المدنية ووزارة شؤون التنمية الإدارية.
وفي حين أشارت مصادر مطلعة على المباحثات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّ 11 سفيرا من أصل 44 موقعا شاغرا سيعينون من خارج السلك الدبلوماسي، محسوبين على «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» أي من الطائفتين السنية والمارونية، «كان هناك شبه إجماع على تبديد الخلافات وتجاوز المطالب والسباق من قبل الأحزاب، على أن تقر التعيينات الدبلوماسية اليوم إذا لم يحدث ما لم يكن في الحسبان». وأشارت إلى أن التعيينات ستتوزع بين المناقلات والترفيع والتعيين من خارج الملاك، علما بأن المرفعين فقط من درجة إلى أخرى تحال أسماؤهم إلى مجلس الخدمة المدنية للموافقة عليها قبل طرحها في مجلس الوزراء على خلاف التعيينات من خارج الملاك أو المناقلات التي يقدمها وزير الخارجية إلى الحكومة بعدما يكون كل حزب قدّم لائحة مرشّحيه.
وبحسب مصادر «الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط»، فإن اختيار بعض الأسماء من خارج الملاك، هو بلا شك لانتمائها السياسي، مشيرة إلى أنه تم الاتفاق على أن يكون كل من سفيري واشنطن وباريس من حصة رئيس الجمهورية وهما من خارج الملاك، بينما سيتم تعيين سفيري جنيف وروما من داخل السلك الدبلوماسي بعد ترفيعهما. وقد أشارت المعلومات إلى أن «الوطني الحر» سيطرح اسمي كل من غابي عيسى، الناشط في التيار الوطني الحر والمقيم في أميركا ليكون سفيرا في واشنطن، واسم مدير مكتب وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ورامي عدوان سفيرا في باريس.
وبعدما كانت بعض المحاولات لسحب سفير روسيا من حصة «الحزب الاشتراكي»، وهو الأمر الذي رفضه النائب وليد جنبلاط، تم الاتفاق بحسب مصادره على إبقائها كما هي.
وعلى خط تيار المستقبل، تشير المعلومات إلى أن التوجه هو لتعيين سفراء من خارج الملاك في السعودية وأبوظبي وبعثتي لبنان في الأمم المتحدة و«يونيسكو»، في حين لم تبد «القوات اللبنانية» انتقادها للاتفاق الذي سيسلك طرقه للإقرار اليوم.
في المقابل، انتقدت «حركة أمل» اعتماد صيغة التعيين من خارج الملاك، وقالت مصادر رئيس مجلس النواب نبيه بري، لـ«الشرق الأوسط»، إن التعيينات الدبلوماسية على نار حامية، ومن المتوقع أن يقرّها مجلس الوزراء في جلسة اليوم، قبل سفر رئيس الحكومة سعد الحريري إلى واشنطن.
وأضافت: «التعيينات الدبلوماسية ستعتمد من داخل الملاك ومن خارجه، لأن هناك بعض القوى تصرّ على تسمية سفراء من خارج الملاك، مراعاة لاعتبارات سياسية، خصوصاً بالنسبة لبعض المراكز المارونية والسنية».
وعبرت المصادر عن أسفها «لأن هذه التعيينات لم تلحظ في بعض النواحي معيار الترقية الوظيفية، خصوصاً في وزارة الخارجية». وتساءلت: «أليس من الظلم تحييد أشخاص ترفعوا في وظائفهم وفق معيار الكفاءة، حتى باتوا مؤهلين لتولي منصب سفير، ثم هناك من يأتي من خارج الملاك بأشخاص ليأخذوا هذه المناصب؟». وأشارت المصادر إلى أن التعيينات لن تقتصر على السفراء، إنما تشمل منصب أمين عام وزارة الخارجية، ووظائف في الإدارات الرسمية التابعة للوزارة.
وفي الإطار نفسه، استغربت أوساط دبلوماسية التوجه إلى تعيين سفراء من خارج السلك الدبلوماسي، لا سيما أنه لا يتم اللجوء إلى هذا الإجراء غير الملزم إلا في حالات استثنائية، كالحاجة إلى مراعاة التوازن الطائفي في حال ضآلة عدد الدبلوماسيين من طائفة معينة. وهذه الحال تنطبق حاليا على الطائفة السنية فقط.
وأكدت الأوساط لـ«وكالة الأنباء المركزية» أن «التعيين من خارج الملاك لا يمكن أن يتحول إلى عرف مع كل مشروع تصنيفات ومناقلات، لأنه خروج على القاعدة والأصول الدبلوماسية»، معتبرة أن تعيين سفراء من خارج ملاك الإدارة لا يتوافق مع الضوابط والأطر القانونية الملحوظة في المادة 17 من النظام الداخلي لوزارة الخارجية، التي منحت هذه الصلاحية للحكومة في حالات استثنائية ومحصورة جدا، لا أن يجري التعيين بشكل عشوائي. وأوضحت: «على رغم أن التاريخ يشهد لسفراء عُينوا من خارج الملاك، كتعيين غسان تويني مندوبا دائما للبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وشارل مالك سفير لبنان لدى الولايات المتحدة والأمم المتحدة، فإن اختيارهما آنذاك، جاء خلال حقبة زمنية معينة استدعت وجها وقلما وخبرة استثنائية لاجتراح قرارات في الأمم المتحدة لمصلحة لبنان».
ودعت الأوساط الدبلوماسية إلى الابتعاد عن هذه الممارسة لئلا تكرس بوصفها قاعدة وأساسا، في حين أن القانون قد أدرجها في خانة «الاستثناء» حيث اللجوء إليها ليس لزاما، إنما في حالات حصرية تقتضيها حاجة الإدارة، محذرة من الاستعانة بأسماء ووجوه من أولئك الطامحين لإضافة لقب «سفير» إلى مسيرتهم المهنية؛ «بهدف منحهم جوائز ترضية أو تعويضا عن مركز لم ينالوه ضمن سلكهم، من دون أن يكون لهذا التعيين أي قيمة مضافة للدبلوماسية اللبنانية»، على حد قولها.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.