الاتحاد الروسي يصادق على استخدام مطار حميميم 49 عاماً

تمنح الاتفاقية الحصانة المطلقة للضباط والعسكريين الروس وأسرهم

TT

الاتحاد الروسي يصادق على استخدام مطار حميميم 49 عاماً

تستكمل المؤسسات التشريعية الروسية بوتيرة سريعة عملية المصادقة على البروتوكول الملحق باتفاقية نشر مجموعة جوية روسية في سوريا. وأمس صادق مجلس الاتحاد الروسي على البروتوكول، بعد أن صادق عليه مجلس الدوما في البرلمان الروسي في جلسته يوم 14 يوليو (تموز) الجاري، بالتزامن مع تدريبات لرفع كفاءة قادة الجيش الروسي بالاستفادة من «التجربة السورية».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أحال يوم 6 يوليو الجاري، البروتوكول الملحق إلى مجلسي البرلمان (الدوما والمجلس الفيدرالي) للمصادقة عليه. وبموجب البروتوكول يحق للقوات الجوية الروسية استخدام مطار حميميم كقاعدة جوية روسية لمدة 49 عاماً، قابلة للتمديد تلقائياً لمدة 25 عاما أخرى. وكانت الفترة الزمنية «غير محدودة الأجل» في نص الاتفاقية الرئيسية. كما ينظم البروتوكول وجود القوات الجوية الروسية على الأراضي السورية، وكذلك وجود عائلات الضباط والجنود الروس، ويحدد مهام الطرفين، الروسي والسوري في المياه وعلى البر حول القاعدة الجوية في حميميم، حيث يقوم الجانب الروسي بضمان الأمن داخل القاعدة، بينما يقوم الجانب السوري بمهام الحماية من البحر. وتم توقيع البروتوكول مطلع العام الجاري في دمشق.
وكانت روسيا والنظام السوري قد وقعا في أغسطس (آب) عام 2015 اتفاقية تمنح روسيا الحق في نشر قوة جوية كبيرة في مطار حميميم، الذي تحول بموجب الاتفاقية إلى قاعدة جوية روسية.
وتنص تلك الاتفاقية على تقديم السلطات السورية مطار حميميم والبنى التحتية فيه من دون مقابل للقوات الجوية الروسية، وإلى فترة غير محدودة، و«في حال قرر أحد الطرفين وقف العمل بموجب الاتفاقية فيجب عليه أن يبلغ الطرف الآخر بصيغة خطية، وفي هذه الحال يتوقف العمل بالاتفاقية خلال عام منذ لحظة تسلم التبليغ الخطي». كما تمنح الاتفاقية صلاحيات غير محدودة للجانب الروسي، تكاد تصل حد الحصانة المطلقة للضباط والعسكريين الروس وعائلاتهم أمام القضاء السوري، والإعفاء الضريبي شبه التام على نقل الضباط الروس وعائلاتهم المواد، العام منها والشخصي، من وإلى سوريا، وصلاحيات كثيرة غيرها. وتقول موسكو إن الهدف من نشر القوة الجوية تقديم المساعدة للنظام السوري في الحرب على الإرهاب. وتؤكد المعارضة السورية أن القوات الجوية الروسية استهدفت بصورة رئيسية مواقع المعارضة المسلحة، وساعدت النظام في تحسين موقف قواته ميدانياً.
في شأن آخر، وبينما تتحدث مصادر من داخل سوريا عن انتهاكات عدة من جانب قوات النظام السوري لاتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك في مناطق خفض التصعيد، قال الجانب الروسي في اللجنة الروسية – التركية المشتركة الخاصة بمراقبة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أنقرة نهاية 2016، إنها سجلت أمس خمس حالات تبادل لإطلاق النار في محافظة اللاذقية، بينما سجل الجانب التركي في اللجنة 4 خروقات لوقف إطلاق النار في محافظة دمشق، وفق ما جاء في تقرير أمس عن وزارة الدفاع الروسية. ويضيف التقرير أن تلك الحالات التي تم تسجيلها في اللاذقية كانت عبارة عن إطلاق نار عشوائي من مناطق خاضعة لسيطرة مقاتلي «جبهة النصرة».
وأمس أجرت قوات من الجيش الروسي تدريبات بإشراف وزير الدفاع سيرغي شويغو. وقال إيغور كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، إن التدريبات شملت التعاون والتنسيق بين مختلف الوحدات، واطلع المشاركون على تنظيم عمليات الهجوم خلال اقتحام المناطق السكنية الخاضعة لسيطرة المسلحين، وإقامة تحصينات دفاعية هناك. وأكد أن كل التدريبات باستخدام أحدث أنواع الأسلحة ووسائل الاتصال والدرونات، جرت «مع الأخذ بالحسبان الخبرة القتالية الحقيقية التي حصلت عليها القوات أثناء العمليات في سوريا». وتجدر الإشارة إلى أن اجتماعات لكبار قادة الجيش الروسي انطلقت مؤخراً في الأكاديمية العسكرية الروسية التابعة لقيادة الأركان، والهدف من تلك الاجتماعات والتدريبات رفع كفاءة ونوعية التهيئة العسكرية لأركان القوات، وبالدرجة الأولى الاستفادة من الخبرة خلال العمليات في سوريا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».