الجزائر: احتدام الصراع بين رئيس الوزراء وممولي حملات بوتفليقة الانتخابية

TT

الجزائر: احتدام الصراع بين رئيس الوزراء وممولي حملات بوتفليقة الانتخابية

يحتدم حاليا في الجزائر صراع سياسي محموم بين رئيس الوزراء عبد المجيد تبون ومجموعة من كبار رجال الأعمال، تفوق ثروتهم مجتمعين 40 مليار دولار، وذلك على خلفية تهديدات وجهها تبون لـ«كبير المستثمرين» علي حداد، تتعلق بفسخ عقود بملايين الدولارات تربطه مع الحكومة بسبب تأخره في إنجاز مشاريع عمومية. وتوصف القضية من طرف الأوساط السياسية والإعلامية بأنها «زلزال»، على أساس أن «شهر العسل» الذي دام لسنوات طويلة بين حكومات الرئيس بوتفليقة، ومجموعة رجال الأعمال الذين مولوا حملاته الانتخابية منذ 1999، بدأ يشرف على نهايته. واللافت في «القبضة الحديدية» بين الطرفين الدعم القوي، الذي منحه عبد المجيد سيدي السعيد، أمين عام النقابة المركزية (الاتحاد العام للعمال الجزائريين) لأرباب العمل، وهو الذي عرف منذ 20 سنة بولائه الشديد للسلطات، لدرجة أنه كان يمنع الإضرابات، ووقف حائلا دون خروج العمال إلى الشارع للاحتجاج في مناسبات كثيرة، نزولا عند رغبة الرئيس الذي طلب منه أن يساعده في تنفيذ سياساته الاقتصادية والاجتماعية «من دون منغصات احتجاجات عالم الشغل». وعقد سيدي السعيد اجتماعا مع حداد وقادة خمسة تنظيمات لأرباب العمل أول من أمس بالعاصمة، بهدف بحث أشكال الرد على رئيس الوزراء. وانتهى اللقاء بإصدار بيان شديد اللهجة، جاء فيه «نعبر عن قلقنا حيال التصرفات التي صدرت ضد السيد علي حداد يوم 15 يوليو (تموز) بالمدرسة العليا للضمان الاجتماعي»، في إشارة إلى طرد حداد من المعهد بأمر من رئاسة الوزراء، بحجة أن اسمه غير مدرج ضمن المدعوين لحفل كان سيشرف عليه تبون، في إطار زيارة قادته إلى مشاريع بالعاصمة في اليوم نفسه. وتعبيرا عن تضامنه مع حداد غادر سيدي السعيد المدرسة حيث كان حاضرا، وكانت هذه الحادثة بمثابة مؤشر على انفراط عقد بين الحكومة ومن كان يوصف حتى وقت قريب بـ«مدلل النظام».
وأضاف البيان موضحا أن «تصرف السيد رئيس الوزراء (حادثة طرد حداد) يلحق لا محالة ضررا بروح ورسالة العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو، الذي يعتبر لحظة أساسية في تجسيد ثقافة الحوار الاجتماعي بين الحكومة وشركائها الاجتماعيين والاقتصاديين. وإن هذا الحوار يعد ثمرة ثقة بين كل الشركاء، وقد أطلقه ورعاه فخامة رئيس الجمهورية، ولكنه تعرض مؤخرا لضربة يصعب تقبلها. ومع ذلك نحن مقتنعون بأن الحوار وحده كفيل بضمان السلم والاستقرار الاجتماعي».
وحمل البيان إيحاء مفاده بأن الرئيس لو كان على علم بما بدر من تبون تجاه حداد لما وافق على ذلك، وهو ما يعني أن عجز الرئيس عن متابعة ما يجري في سرايا النظام بسبب المرض يفسر الصراع الجاري حاليا بين الحكومة ورجال الأعمال، الذين يمثلون جزءا من النظام، وهم من صانعي القرار السياسي في البلاد، خصوصا حداد الذي يملك إمبراطورية اقتصادية بأذرع إعلامية ورياضية. واللافت أن موقف الغاضبين من تبون لم يتناولوا تهديد حداد بسحب مشاريع أعطيت له كامتياز، جعل منه صاحب حظوة، قياسا إلى مئات من رجال الأعمال، أمثال المستثمر الكبير يسعد ربراب، الذي يقول إنه يواجه مشكلات كبيرة مع الحكومة بسبب أنه لم يعبر أبدا عن دعمه ومساندته للرئيس.
وكتب الصحافي والمحلل السياسي البارز نجيب بلحيمر، حول هذه القضية فقال: «لقد اتسخت واجهة السلطة كثيرا حتى إنها لم تعد صالحة للعرض في الداخل والخارج، وبلغ الأمر بها أنها صارت مسيئة لكل من يقترب منها. وفي حالة الأزمة التي تعرفها البلاد لم يعد هناك من مال يوزع على الأصدقاء، أو يتم تدويره من خلال مؤسساتهم الطفيلية ليصب في جيب صانع القرار بطرق وأشكال مختلفة. ومعلوم أن تسيير الأزمات بأقل الأضرار، يتطلب حدا أدنى من النظافة لا يتوفر في زبائن النظام والمقتاتين على فتات موائد من يسيرون البلاد، بحسب ما تمليه عليهم أمزجتهم المتقلبة وتخبطهم».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.