كتب عربية وأجنبية

للكتاب قيمة ومتعة لا تضاهى حيث يرحل بك الخيال إلى آفاق السماء، ومن حيث المبدأ، لا أزعم أن هناك كتابا قد غير حياتي إلا أنه وبالمقابل هناك الكثير من الكتب التي أثرت بي أشد التأثير.
وإذا كان الممثلون والممثلات يتحدثون أحيانا عن شخصيات قد مثلوها وسكنت في أرواحهم فإن الأمر قريب إلى حد كبير في حالة الكتب وبالذات الرواية من وجهة نظري.
سأستعرض عدة روايات وكتب أثرت بي دون تحديد الفترة الزمانية التي قرأتها غير أنها استقرت في قاع الذاكرة ولا تستطيع منها فكاكا ولعلي أبدا بمجدولين للأديب الفرنسي ألفونس كار وترجمها الأديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي الذي أضفى عليها بأسلوبه الأدبي الرائع الخلاب. وهي تتحدث عن قصة حب عنيفة إلا أن ما هزني فيها عدة مواقف أحدها أن بطل الرواية واسمه ستيفن خذل أخاه الذي يقاتل في الجيش عندما لم يرسل له قيمة سرج للحصان مفضلا عليها هدية لحبيبته التي لفظته لاحقا بزواجها من صديقه الحميم، وفي الوقت نفسه قُتل أخوه لسقوطه من على الفرس بسبب عدم إرسال أخيه قيمة السرج فكانت عدة طعنات بطعنة واحدة. لاحقا انتحر صديقه ولجأت أرملته وابنتها إليه وكاد أن يحن إلا أنه تذكر أنه سمع همساتها لصديقه بمحض الصدفة آنذاك كما تذكر مرارة فقدان أخيه فأبت عليه كرامته أن يعود لها إلا أنه دعمها ماديا.
عزّ على مجدولين ما حدث فتركت ابنتها لدى ستيفن وذهبت لتنتحر في البحر ولحق بها ستيفن إلا أنه لم يستطيع إنقاذها فودع بعدها الحياة تاركا كل ما يملك لابنتها ولصديق حميم له.
كتاب الحقيقة الغائبة لفرج فودة الراحل المصري الكبير الذي أصابته رصاصات الغدر من الإرهابيين كان من أقوى الكتب وأجرأها في التحذير من خطر الإسلام السياسي فهو فضح فيه ممارسات جرت بعد وفاة سيد البشر محمد (صلى الله عليه وسلم) من حيث استغلال النفوذ والفساد والتمتع بالجاريات والنزاع على المتع الدنيوية وبأرقام وحقائق ومراجع غير قابلة للدحض. الكتاب انتشر كالهشيم وكونه كتب بأسلوب بسيط وسلس ولقلة عد صفحاته فإنه قلب كيان الكثيرين وبالذات أولئك الذين يتيحون للعقل المشاركة في اختياراتهم.
رواية «البؤساء» للفرنسي فيكتور هيغو درس كبير للتاريخ الفرنسي بين الثورة والحرية والحب والحرب أبدع فيه المؤلف كما لم يبدع أحد من خلال التركيز على لص بائس اسمه جان فالجان سرق بفتوته ليطعم أخته وأطفالها وسجن لمدة 19 عاما معظمها بسبب محاولاته الهرب، وبعد خروجه لفظه المجتمع القاسي غير أن المحور المفصلي في حياته كان عندما سرق قسا وقبضت عليه الشرطة فنفى القس عنه التهمة مبررا أن المسروقات لجان الأمر الذي غير حياته رأسا على عقب.
«من الذي دفع للزمار؟» هو كتاب نصحني بقراءته أستاذنا القدير الصديق صالح الصويان وكانت بحق نصيحة ثمينة فالكاتبة البريطانية ف.س.سوندرز فضحت فيه دور المخابرات المركزية الأميركية في الحرب الباردة الثقافية عندما جيشت أرقاما هائلة من المثقفين والفنانين والناشطين والجمعيات الخيرية ومراكز البحوث وشيوعيين سابقين وغيرهم، مغدقة عليهم ماليا من أجل تلميع سياسة أميركا الإمبريالية والدفاع عن ممارساتها التعسفية.
* إعلامي وكاتب سعودي

العنف في العراق من خلال رواياته

في دراسته «مدونة العنف في العراق» يبدأ الباحث الدكتور «أحمد حميد» بكلمة لـ«حنة آرنت» «كلُّ انحطاطٍ…