«قَصَّة طويلة».. كل ما يفرق بين بريجيت وميلانيا والملكة ليتسيا ودوقة كامبريدج

التنورة القصيرة شبابية.. لكن عُمرها قصير

بريجيت ماكرون وميلانيا ترمب  -  دوقة كامبريدج كيت ميدلتون  -  الملكة ليتسيا خلال زيارتها الأخيرة لبريطانيا
بريجيت ماكرون وميلانيا ترمب - دوقة كامبريدج كيت ميدلتون - الملكة ليتسيا خلال زيارتها الأخيرة لبريطانيا
TT

«قَصَّة طويلة».. كل ما يفرق بين بريجيت وميلانيا والملكة ليتسيا ودوقة كامبريدج

بريجيت ماكرون وميلانيا ترمب  -  دوقة كامبريدج كيت ميدلتون  -  الملكة ليتسيا خلال زيارتها الأخيرة لبريطانيا
بريجيت ماكرون وميلانيا ترمب - دوقة كامبريدج كيت ميدلتون - الملكة ليتسيا خلال زيارتها الأخيرة لبريطانيا

إذا كانت الموضة، كما نكرر دائما، لغة تعبر عن شخصية صاحبها، فإنها في حالة بريجيت ماكرون تعبر عن الثقة بالنفس والرغبة في تكسير التابوهات والخروج عن المتعارف عليه. لم تختر كسابقاتها في قصر الإليزيه، بمن فيهن العارضة السابقة كارلا بروني، التصاميم الكلاسيكية العصرية، بل رسمت لنفسها خطا جديدا يتمثل في الطول القصير الذي يُظهر سيقانها الممشوقة ولسان حالها يقول إن العمر مجرد رقم لا يعني لها شيئا.
أسلوبها أو بالأحرى طول فساتينها يثير الكثير من الانتباه والإعجاب على حد سواء. فالحديث عن كونها أكبر من زوجها بأكثر من عقدين، أصبح خبرا قديما. مظهرها في المقابل تحول إلى مادة دسمة تتناولها الصحف والمجلات بنهم. فهو مظهر مثير بالنسبة لزوجة سياسي من جهة، ولامرأة تتعدى الستين بأربع سنوات من جهة ثانية. بعض المجلات تتغنى برشاقتها وتشبهها بالنجمة المخضرمة جاين فوندا. فهذه أيضا سبق وأصدرت عدة أشرطة فيديوهات عن اليوغا والتمارين الرياضية بعد أن تعدت الستين من العمر. وإذا كانت المجلات والصحف تُركز في حال بريجيت ماكرون على سيقانها بالذات، فإنها تتغزل بها تماما كما تغزلت بذراعي أوباما المصقولتين سابقا، فإن مواقع التواصل الاجتماعي لها رأي آخر. فهي ترى أنها تحاول أن تتبنى مظهرا شبابيا بشكل مبالغ فيه. وسواء اتفقنا مع الفريق الأول أو الثاني، فإن اللافت في الأمر أن بريجيت ماكرون تختلف عن كل من دخلن قصر الإليزيه قبلها. ليس فيما يتعلق بالأسلوب الذي تبنته فحسب، بل أيضا فيما يتعلق بالدار التي ارتبطت بها لحد الآن. فقد ظهرت في عدة مناسبات رسمية في تصاميم من دار «لويس فويتون» عوض «شانيل» أو «ديور» اللتين احتكرتا هذه المهمة لحد الآن. السبب كما يفسره البعض يعود إلى علاقتها الجيدة بديلفين أرنو، ابنة برنار أرنو مالك مجموعة «إل.في.إم. إتش» التي تنضوي «لويس فويتون» تحتها. قد تكون أيضا لأن برنار أرنو، أغنى رجل في فرنسا كان من الداعمين لزوجها خلال حملته الانتخابية. وسواء كان هذا أو ذاك، فإن النتيجة واحدة تتلخص في أن علاقتها بمصمم الدار نيكولا غيسكيير ناجحة أثمرت على عدة فساتين وتايورات أنيقة تتميز بأسلوب جد عصري. المشكلة الوحيدة فيها تتلخص في طولها ومدى مناسبة هذا الطول للسيدة ماكرون. في الأسبوع الماضي تحديدا استدعى الأمر وقفة، لأن عالم الموضة تابع، وخلال شهر واحد، عدة إطلالات لها ولميلانيا ترمب، وكايت دوقة كامبريدج والملكة الإسبانية ليتسيا. كلهن اخترن فساتين أو تنورات تغطي الركبة أو تلامسها، باستثناء بريجيت ماكرون. فهي إن لم تظهر ببنطلون ضيق جدا، فضلت فساتين ناعمة ومحددة على الجسم تعلو الركبة بنحو عشرة سنتمترات.
الموضة حاليا تميل إلى التصاميم التي تُغطي الركبة والأكمام الطويلة والياقات العالية. لكنها أيضا تحاول أن تنأى بنفسها عن لغة الاستثناء والإلغاء. فكل شيء جائز ومقبول ما دام هناك ذوق. من هذا المنظور لا ترى مانعا أن تلبس امرأة ستينية أو سبعينية بنطلونات ضيقة ولا حتى جاكيتات من الجلد أو فساتين ناعمة. فهذا خيار شخصي يُعبر عن ذوق خاص، لكنها لا تنسى التذكير بضرورة الأخذ بعين الاعتبار ما يناسب مقاييس الجسم وأسلوب الحياة والمكان والزمان. وفي هذا الصدد لا بأس من التذكير بمقولة الراحلة غابرييل شانيل تُندد فيها بإظهار الركبة تحديدا. كان هذا الجزء بالنسبة لها من أقبح أجزاء الجسم لدى المرأة وبالتالي نادت بإخفائه عن العيون بأي شكل. صحيح أن غابرييل شانيل قالت هذه المقولة منذ عقود بينما شهدت ثقافة الموضة عدة تغيرات، بما ذلك نظرتها إلى المرأة، إلا أن صور بريجيت ماكرون في فساتين قصيرة إلى جانب صور ميلانيا ترمب والملكة ليتسيا ودوقة كامبريدج، تؤكد لنا أن الطول الذي يغطي الركبة، أو على الأقل يلامسها، أكثر جمالا ورقيا.
فميلانيا ترمب مثلا اختارت قطعة من دار «ديور» في غاية الأنوثة بتنورة واسعة. دوقة كامبريدج ظهرت هي الأخرى، وفي الأسبوع نفسه، بفستان بسيط بتنورة واسعة تنسدل إلى الركبة من ماركة «ثورنتون برين»، بينما ظهرت الملكة ليتيسيا خلال زيارتها الأخيرة لبريطانيا بتنورة واسعة بطيات ومطرزة من تصميم كارولينا هيريرا. هنا أيضا كانت التنورة تلامس أسفل الركبة. صور تجعلنا نتفق مع غابرييل شانيل إلى حد كبير مهما تغنى البعض وهلل لسيقان بريجيت ماكرون، التي لا تشكو فعلا من شيء وقد تحسدها عليها فتاة في العشرينات من العمر. شئنا أم أبينا فإن التنورة القصيرة تبقى ملكا شبابيا. وهذا يعني أنه مهما تمتعت المرأة الخمسينية والستينية بالرشاقة والمقاييس الرياضية وحتى إذا نجت من تهدل الجلد حول ركبتيها، فإنه من الواجب عليها أن تفكر عدة مرات قبل الظهور بها. بريجيت ماكرون فرنسية، ومن المفترض أن الذوق الرفيع يجري في عروقها بالفطرة، إلا أن اختياراتها منذ أن دخلت قصر الإليزيه تعيد إلى الذهن الجدلية الأزلية بين الموضة وبين الأناقة، وكيف أن تحقيق المعادلة بينهما صعبة قد تستعصي حتى على الفرنسيات.



هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
TT

هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

إذا اتفقنا على أن مجلس الموضة البريطاني هو الربان الذي يقود دفة هذا القطاع بتقديم وسائل الدعم والأمان لصناعها والمبدعين فيها، فإن تعيين لورا وير رئيساً له، ذو أهمية قصوى. ربما الآن قبل أي وقت مضى. فهذا القطاع يعاني منذ عدة مواسم. محلات كبيرة أغلقت أبوابها واكتفت بتوفير منتجاتها عبر التسوق الإلكتروني، ومصممون شباب اختفوا من الساحة، أو على الأصح من الواجهة بسبب شح الموارد والإمكانات وغيرها من المشكلات التي لا تزال تبحث عن حلول.

شح الموارد والتغيرات الخارجية

حتى دار «بيربري» التي كانت أكبر قوة جذب لأسبوع لندن تعرضت لمشكلات كثيرة (بيربري)

لهذه الأسباب، كان من البدهي أن يفقد أسبوع لندن وهجه، إلى حد أنه بات يمر مرور الكرام من دون تهليل أو حماس في الآونة الأخيرة. المقياس هنا لا يقتصر على تراجع حجم التغطيات الإعلامية فحسب، بل أيضاً على عدد الحضور العالمي، الذي تقلص بشكل ملحوظ، بسبب الحجر أيام جائحة كورونا ومنع السفر بدايةً، ثم بسبب خفض الميزانيات المخصصة لمجلات الموضة، التي لم تسلم هي الأخرى من تبعات الأزمة الاقتصادية.

في ظل هذا التخبط، بين شح الإمكانات ومتطلبات الأسواق العالمية الجديدة وتغير سلوكيات تسوق جيل شاب من الزبائن، يأتي تعيين لورا مثيراً للحماس والفضول. فالمطلوب منها هو تحريك المياه الراكدة وقيادة الدفة بالاتجاه الذي تحتاج إليه الموضة البريطانية لتتجاوز العاصفة إلى بر الأمان.

مَن لورا وير؟

لورا وير الرئيس الجديد لمجلس الموضة البريطانية (مجلس الموضة)

السؤال الذي يمكن أن يطرحه البعض :هو كيف وصلت وير إلى هذا المنصب المؤثر؟ وما سيرتها الذاتية؟ والجواب أنها حتى عهد قريب عملت في محلات «سيلفردجز» اللندنية رئيساً في قسم الإبداع والتواصل. قبل ذلك ولعقدين من الزمن، عملت محررة أزياء متخصصة في عدة مجلات، نذكر منها «درايبرز» و«فوغ» النسخة البريطانية، وصحيفة «ذي صانداي تايمز». في عام 2015، عُيِنت رئيسة تحرير للملحق الأسبوعي ES لجريدة «إيفنينغ ستاندرد» الذي أعادت تصميمه بالكامل. بعد أن تركت المجلة ES أنشأت وكالة استراتيجية متخصصة في الاتصالات والتوجيه الإبداعي، وفي عام 2023، انضمت إلى محلات «سيلفردجز» للإشراف على فريق الإبداع والتسويق والاتصالات. هذا فضلاً عن مناصب أخرى شغلتها وكانت لها ذات الأهمية. كانت مثلاً عضواً في مجلس الموضة البريطاني قبل أن تكون رئيساً له. كما كانت مستشارة للأكاديمية البريطانية لفنون الأفلام والتلفزيون (بافتا).

هذه المناصب وغيرها فتحت أمامها أبواب التعامل المباشر مع صناع الموضة الكبار والصغار وأيضاً مع المواهب الصاعدة من شتى الفنون. تعرفت على طموحاتهم ومشكلاتهم. على خبايا الأمور وظاهرها. وهذا ما يجعلها خير خلف لكارولاين راش التي تبوأت هذه الوظيفة لـ16 عاماً، وأعلنت مغادرتها له في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

التحديات

كادت «روكساندا» تُعلن إفلاسها لولا تدخل مستثمرين (روكساندا)

رغم أهمية المنصب الذي ستبدأه بشكل فعلي في شهر أبريل (نيسان) المقبل، فإن التوقيت شائك ويحتاج إلى دراية عالية ونَفَس طويل. فصناعة الموضة البريطانية تعاني من تباطؤ وركود منذ سنوات، وأسبوعها الذي يعد الأوكسجين الذي يتنفس منه مبدعوها ويطلون من خلاله على العالم أصابه الوهن بشكل لم يشهده منذ انطلاقه في عام 1984. صحيح أنه مرَّ بعدة أزمات في السابق، لكنها كانت ماليّة في الغالب، إذ كان يشكو من شح التمويل والإمكانات، فيما هي الآن نفسية أيضاً بسبب التراكمات الاقتصادية والسياسية وما نتج عنها من ضغوط وقلق.

من تشكيلة إيرديم الأخيرة (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

ما لا يختلف عليه اثنان أن أسبوع لندن لا يزال يتمتع بروح الابتكار، وأنه لا يزال أكثر واحد من بين العواصم العالمية الأخرى، نيويورك وميلانو وباريس، احتضاناً للآخر. يفتح الأبواب على مصراعيها لكل الجنسيات، ويمنح فرصاً لكل من توسّم فيه الإبداع، إلا أنه يتعثَّر منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فنسبة عالية من العاملين في صناعة الموضة من جنسيات مختلفة. كأن هذا لا يكفي، جاءت جائحة كورونا ثم حرب أوكرانيا وغيرها من الأحداث التي كان لها أثر مباشر على كثير من المصممين وبيوت الأزياء. روكساندا إلينشيك، مثلاً، وهي مصممة صربية الأصل ومن أهم المشاركين في أسبوع لندن، كادت تتعرض للإفلاس العام الماضي، لولا تدخل أحد المستثمرين. وإذا كانت «روكساندا» محظوظة في هذا الجانب، فإن غيرها تواروا عن الأنظار بصمتٍ لأنه لا أحد أمدَّهم بطوق نجاة.

دار «بيربري» لم تنجُ من تبعات الأزمة الاقتصادية وتغيرات السوق (بيربري)

بل حتى دار «بيربري» التي كانت تتمتع بأكبر قوة إعلانية في بريطانيا، الأمر الذي يجعلها عنصر جذب مهماً لوسائل إعلام وشخصيات عالمية تحرص على حضور الأسبوع من أجلها، تشهد تراجعاً كبيراً في المبيعات والإيرادات. بدأت مؤخراً تراجع استراتيجياتها وتُعيد النظر في حساباتها.

استثمار في المواهب

ومع ذلك فإن قوة الموضة البريطانية تكمن في شبابها. هم الورقة الرابحة التي تُعوِّل عليها للإبقاء على شعلة الإبداع من جهة، وعلى سمعة أسبوعها العالمي منبعاً للابتكار وتفريخ المصممين من جهة ثانية. قد يجنحون إلى الغرابة أو حتى إلى الجنون أحياناً لكنه جنون يغذّي الخيال ويحرِّك الأفكار الراكدة، وهذا ما تعرفه لورا جيداً بحكم تعاملها الطويل معهم.

من عرض «روكساندا» لربيع وصيف 2025 (روكساندا)

والدليل أن لورا لا تقبل التحدي فحسب، بل تعده مثيراً. في بيان صحفي وزَّعه مجلس الموضة البريطاني قالت: «يشرفني أن أقود الفصل الجديد في وقت مثير ومحوري لصناعة الأزياء البريطانية... إني أتطلع إلى العمل مع فريق المجلس لدعم الثقافة والإبداع، وتحفيز نمو الأزياء البريطانية، محلياً وعالمياً، وكذلك دعم المصممين الناشئين والمخضرمين على حد سواء».

ما مهمات الرئيس؟

رغم موهبة «روكساندا» وبراعتها الفنية تعثّرت مؤخراً وتدخُّل مستثمرين أعاد لها قوتها (روكساندا)

ما خفيَ من مسؤوليات منصب رئيس مجلس الموضة البريطانية أكبر من مجرد دعم الشباب وتحريك السوق. من بين ما على لورا وير فعله، عقد شراكات مجدية مع صناع الموضة، من رجال أعمال وأصحاب مصانع وحرفيين من شتى المجالات، إلى جانب التواصل مع جهات حكومية. فقطاع الموضة من أهم القطاعات الصناعية في بريطانيا، ويعد الثاني بعد صناعة السيارات، وهو ما يجعله من أعمدة الاقتصاد الأساسية.

في دورها الجديد أيضاً، ستشرف لورا على المعاهد الدراسية والأكاديميات المتخصصة، بتوفير منح للمتفوقين أو من ليست لديهم الإمكانات لدفع رسوم الدراسات العليا من خلال برامج عدة جرى إنشاؤها منذ سنوات، وكل ما عليها الآن هو إمدادها بطاقة جديدة تُعيد لها حيويتها وديناميكيتها.