إسرائيل توسع حصارها للمساجد في القدس ليشمل المستشفيات

الحمدالله يطلب حماية دولية للأقصى ويرفض كل الإجراءات بقوة الاحتلال

فلسطينيون يؤدون الصلاة خارج باب الأسباط (باب الأسود) في القدس القديمة وسط إجراءات أمنية مشددة (أ.ب)
قوات أمن إسرائيلية تحيط بجثة فلسطيني أطلقت عليه النار بعد إصابته جنوداً في عملية دهس شمال الخليل (أ.ف.ب)
فلسطينيون يؤدون الصلاة خارج باب الأسباط (باب الأسود) في القدس القديمة وسط إجراءات أمنية مشددة (أ.ب) قوات أمن إسرائيلية تحيط بجثة فلسطيني أطلقت عليه النار بعد إصابته جنوداً في عملية دهس شمال الخليل (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل توسع حصارها للمساجد في القدس ليشمل المستشفيات

فلسطينيون يؤدون الصلاة خارج باب الأسباط (باب الأسود) في القدس القديمة وسط إجراءات أمنية مشددة (أ.ب)
قوات أمن إسرائيلية تحيط بجثة فلسطيني أطلقت عليه النار بعد إصابته جنوداً في عملية دهس شمال الخليل (أ.ف.ب)
فلسطينيون يؤدون الصلاة خارج باب الأسباط (باب الأسود) في القدس القديمة وسط إجراءات أمنية مشددة (أ.ب) قوات أمن إسرائيلية تحيط بجثة فلسطيني أطلقت عليه النار بعد إصابته جنوداً في عملية دهس شمال الخليل (أ.ف.ب)

طالب رئيس الحكومة الفلسطينية، رامي الحمدالله، بتأمين حماية دولية للمسجد الأقصى وسائر المقدسات، في اليوم الثالث لامتناع الفلسطينيين عن الصلاة في المسجد، بسبب بوابات التفتيش الإلكترونية التي وضعتها إسرائيل على أبواب المسجد.
وقال الحمدالله في بداية اجتماع حكومي، أمس: «إن الحكومة الإسرائيلية، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، تتحمل المسؤولية الكاملة عن المساس بالمسجد الأقصى المبارك، وكافة محاولات الاحتلال لتهويد القدس وتغيير معالمها التاريخية وطمس هويتها العربية الفلسطينية».
ودعا الحمدالله، المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية «لتحمل مسؤولياتها لمنع اعتداءات حكومة الاحتلال على المسجد الأقصى المبارك، وتأمين حماية دولية لشعبنا ومقدساتنا، ووقف إجراءات الاحتلال التي تنتهك كافة القوانين والاتفاقيات والمواثيق الدولية، بل والشرائع السماوية».
وحذر الحمدالله من «تداعيات وعواقب إجراءات حكومة الاحتلال في القدس الشريف، التي بدأت يوم الجمعة بإغلاق المسجد الأقصى ومنع إقامة الصلاة فيه ومنع رفع الأذان من مآذنه الشامخة، ودخول شرطة الاحتلال للمسجد وتفتيشه والعبث بمحتوياته والاعتداء على المصلين وموظفي الأوقاف الإسلامية، ثم زرع الأبواب الإلكترونية أمام بوابات المسجد الأقصى المبارك».
وقال الحمدالله: «إننا باسم القيادة الفلسطينية وعلى رأسها سيادة الرئيس محمود عباس، والحكومة الفلسطينية، وباسم كل شعبنا المرابط في القدس وفي كل مكان، نرفض كل هذه الإجراءات الخطيرة التي من شأنها منع حرية العبادة وإعاقة حركة المصلين، وفرض العقوبات الجماعية والفردية على أبناء شعبنا، وانتهاك حق الوصول إلى الأماكن المقدسة، والمساس بحق ممارسة الشعائر الدينية».
وأضاف: «نؤكد للعالم أجمع أن إسرائيل، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، ليس لها أي سيادة قانونية على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وأن قوة الاحتلال لا تبطل حقا ولا تحق باطلا، وأن كافة الإجراءات التي تفرضها على المدينة المقدسة والمسجد الأقصى مرفوضة جملة وتفصيلا، وتأتي في إطار تنفيذ مخططات الاحتلال ومحاولاته لتغيير الوضع التاريخي القائم في القدس، وفي المسجد الأقصى المبارك، والمساس بكيانه ومكانته وقداسته الدينية والروحية والعقائدية والتاريخية».
ورفض الفلسطينيون لليوم الثالث، الدخول إلى المسجد الأقصى عبر الأبواب الإلكترونية، وأدوا صلواتهم أمام بوابات المسجد.
وجاءت الصلوات في الشوارع استجابة للمرجعيات الدينية التي طلبت من الفلسطينيين مقاطعة الأبواب الإلكترونية وعدم الدخول إلى الأقصى عبرها.
وكانت إسرائيل قد أغلقت المسجد الأقصى يوم الجمعة الماضية بشكل كامل أمام المصلين، بعد هجوم مسلح قام به ثلاثة شبان من مدينة أم الفحم، أسفر عن مقتل شرطيين إسرائيليين، ومقتل الشبان الثلاثة أنفسهم برصاص الشرطة الإسرائيلية.
وأبقت إسرائيل على المسجد مغلقا حتى الأحد الماضي، ثم فتحته بشكل جزئي، ووضعت أبوابا إلكترونية للتفتيش على بوابتين فتحتا من بين 9 أخريات.
وسمحت إسرائيل للمقدسيين بالدخول إلى المسجد، وعاقبت كل فلسطينيي الداخل بمنعهم من الوصول. لكن مسؤولي الأوقاف الإسلامية، رفضوا الدخول إلى المسجد، ثم رفض المقدسيون ذلك.
وقال الشيخ عزام الخطيب، مدير عام أوقاف القدس، من أمام بوابات الأقصى أمس: «إن موظفي الأوقاف الإسلامية المسؤولة عن الموقع لن يقبلوا بالإجراءات الأمنية الإسرائيلية». وأضاف الخطيب: «لن ندخل من هذه البوابات، هذا هو موقفنا حتى تزال».
وأثارت الإجراءات الإسرائيلية غضبا فلسطينيا كبيرا، وشهدت القدس مواجهات ليلة الاثنين رفضا لتلك الإجراءات.
كما أصاب فلسطيني في الخليل جنودا إسرائيليين في عملية دهس، قبل أن يقضي برصاص جنود آخرين في المكان.
وحذر الفلسطينيون من تبعات الإجراءات الإسرائيلية، بما في ذلك إمكانية إشعال حرب دينية. وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنان عشراوي: «إن الإجراءات الإسرائيلية الجديدة ليست خرقا للوضع القائم (ستاتس كو) فحسب، ولكنها، أيضا أداة جديدة لتمكين إسرائيل من بسط سيطرتها بالكامل وبشكل محكم على المقدسات الدينية، في مخالفة صارخة للقرارات والقوانين والشرائع الدولية التي تعتبر القدس مدينة محتلة».
وفي تطور جديد اقتحمت قوات إسرائيلية خاصة، أمس، مستشفى المقاصد في القدس، وحاصرته لاعتقال مصابين، ما خلف حالة من التوتر الشديد. وشوهد جنود إسرائيليون يقتحمون المستشفى بأسلحتهم. وقد حاصر الجنود غرفة العناية المركزة من أجل اعتقال علاء أبو تايه (17 عاما)، الذي أصيب بشكل خطير في مواجهات الاثنين التي اندلعت في القدس.
وقالت إدارة «المقاصد» في بيان، إن ما تمارسه قوات الاحتلال من ترويع بحق المرضى ومرافقيهم والطواقم الطبية، يعد مؤشرا خطيرا وخرقا للقوانين والمواثيق الدولية، بما في ذلك اتفاقية جنيف الدولية. وناشد البيان المنظمات الأممية والحقوقية كافة بضرورة التدخل العاجل لتوفير الحماية للمستشفيات والجرحى. وبدأت إدارة المستشفى بالتواصل مع منظمتي الصليب الأحمر الدولي ومنظمة الصحة العالمية، من أجل التدخل السريع والفوري، وإنهاء حالة الفوضى التي تتسبب فيها قوات الاحتلال داخل أروقة المستشفى.
وطالب وزير الصحة الفلسطيني، جواد عواد، بإخلاء قوات الاحتلال الإسرائيلي جنودها من محيط مستشفى المقاصد ومداخله وأقسامه فورا، داعيا المنظمات الدولية إلى الإسراع بالتدخل، وإخلاء المستشفى من أي مظاهر احتلال عسكرية.
واستنكر وزير الصحة ما أقدمت علية سلطات الاحتلال من اقتحام لقسم العناية المكثفة في مستشفى المقاصد، وتطويقه، وإعاقة عمل الطواقم الطبية هناك، وترويع المرضى ومرافقيهم.
وقال عواد في بيان: «إن هذه الممارسات التعسفية تخالف كل الأنظمة والقوانين الدولية، وتنتهك حقوق المرضى في تلقي العلاج، وتستبيح حرمة المشافي، وهذا مخالف لكل الأعراف والمواثيق الدولية، كما أنها تعرض حياة المرضى الآمنين للخطر».
وناشد عواد اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية سرعة التدخل وإنهاء هذه الجريمة، والعمل على وضع حد لهذه الممارسات الهمجية، والتي تستهدف المرضى العزل الذين يرقدون لتلقي العلاج.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.