رصد لإشكالات اندماج المكوّن المسلم في ثقافة الغرب

المسلمون في أوروبا يشعرون أن لا علاقة لهم ببلد الإقامة وتاريخه

جانب من ندوة «المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول» («الشرق الأوسط})
جانب من ندوة «المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول» («الشرق الأوسط})
TT

رصد لإشكالات اندماج المكوّن المسلم في ثقافة الغرب

جانب من ندوة «المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول» («الشرق الأوسط})
جانب من ندوة «المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول» («الشرق الأوسط})

رصد خبراء ومفكرون مغاربة وعرب وأجانب ظاهرة حضور المكون الإسلامي في العالم الغربي، وذلك ضمن حلقة النقاش الأولى من الندوة الثالثة لمنتدى أصيلة الـ39 بعنوان «المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول»، ناقشوا فيها تزايد المكون المسلم في التركيبة السكانية للمجتمعات الغربية، والتحديات التي تواجههم للاندماج في مجتمعات الهجرة.
وقال محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة «منتدى أصيلة»: إن موضوع «المسلمون في الغرب» كبير وشاسع وإشكالي ومختزل في كلمات تحيل على قضايا مهمة، تمتد على مساحات وجغرافيات وأمكنة متنائية يوجد فيها المسلمون دون حصر أو تمييز بينهم وبين أصولهم، أو الاقتصار على دول غربية بعينها تستقر بها جاليات مسلمة توافدت عليها على مدى العقود الماضية، فباتوا يشكلون مدى شاسعا موزعا بين القارات.
من جهته، قال رضوان السيد، أستاذ الدراسات الإسلامية وكاتب ومفكر لبناني، إنه ليس صحيحا أن التعددية الاجتماعية الناجمة في قسم منها عن تكاثف الهجرة الحديثة إلى تلك المجتمعات يمكن أن تشكل نوعا من الغنى الثقافي والحضاري والاجتماعي، كما يمكن أن تقود إلى ليبرالية سياسية في المجتمعات المستقبلة للمهاجرين، فكل الذي يروج الآن من كلام حول فوائد التعددية الثقافية السياسية والإثنية هو - برأيه - كلام فارغ، مشيرا إلى أن المسلمين ضاقوا ذرعا باللاجئين الفلسطينيين، ويضيقون ذرعا باللاجئين السوريين، وهم إخوة وأشقاء، فكيف يمكن للأوروبي أن ينظر إلى الملايين التي تتدفق عليه على أنه مبرر للغنى الثقافي والغنى السياسي، وأن التعددية يمكن أن تستوعب كل شيء، وأن تجعل من تلك المجتمعات مجتمعات شديدة التأقلم والرفاه والانفتاح، وكل ذلك، في رأي السيد، لا يمكن على الإطلاق، وهو يقول في هذا السياق: إن الظاهرة لن تجعل أيا من المسلمين أو الأوروبيين العقلاء أن يفكروا في أنه يمكن الخروج من هذا المخاض الهائل بين أناس من العرب والمسلمين يعيشون في بلاد الغرب بغنى على مستوى معين، لأن جانبا من المهاجرين يريدون أن يقتلوا أنفسهم ويقتلوا الأوروبيين، بينما هناك أناس آخرون بالملايين أيضا يتدفقون نحو أوروبا مغامرين بالوصول إلى ما يسمى بـ«الأمن»، موضحا أنه لا بد أن يتوقف هذا القتل الذي يجري في الغرب، ولا بد أن يتوقف هذا الاضطراب في البلدان العربية والإسلامية فتتوقف الهجرة ليستطيع الطرفان أن يفكرا ويتأملا، أما الآن فإن سؤال التزايد هو سؤال تفجيري، وقد بدأ في البلدان العربية وليس في الغرب.
من جانبها، قدمت جوسلين سيزاري، أستاذة الدين والسياسة ومديرة برنامج «الإسلام في الغرب» بجامعة هارفارد، أرقاما عن عدد المسلمين المهاجرين إلى أوروبا، وشرحت الفرق بين وضع المسلمين في أوروبا وأميركا من حيث الطريقة والنظرة، التي ينظر بها إلى المسلمين في القارتين، وقالت: إن فرنسا من بين أكثر الدول الأوروبية التي يعيش فيها المسلمون، حيث يمثلون نسبة 2 في المائة من سكان البلد، كما يشكل المسلمون نسبة 5 في المائة من سكان ألمانيا، لكن الإشكال هو أن المسلمين في أوروبا يشعرون بأنهم جسم أجنبي هناك، وأن لا علاقة لهم ببلد الإقامة وتاريخه.
في السياق ذاته، أضافت سيزاري، أن المسلمين الذين يعيشون في أوروبا يحسون بأنهم مستبعدون عن الروافد الحضارية للبلد الذي يقيمون فيه، وتساءلت إن كانت الأسباب سياسية وراء الموقف الصارم اتجاه المسلمين في أوروبا الغربية. أما عن وضع المسلمين في أميركا، فتقول سيزاري: إن الأميركيين اكتشفوا الإسلام، بمعنى الاهتمام به، منذ اندلاع الأزمة مع إيران إبان قيام الثورة الإسلامية فيها. لكن الاهتمام كان خارجيا، وحسب أبحاثها فإن أميركا اهتمت بالمسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، لكن الاهتمام كان من الجانب الأمني فقط، والمتصل بالظرف الدولي، لكن هناك أبعادا أخرى في أوروبا غير موجودة في أميركا، فعندما يفكر الأوروبيون في المسلمين يستحضرون موضوع الهجرة، وهذا لا يوجد في أميركا، في حين لا توجد معادلة بين الهجرة والمسلمين، وفي أميركا معظم المهاجرين غير مسلمين وقادمين من أميركا اللاتينية، حسب قولها.
من جهتها، تحدثت سيلفيا مونتينيغرو، من المجلس الوطني للبحوث العلمية بالأرجنتين، عن الخلفية التاريخية لوجود المسلمين في أميركا الجنوبية، وذكرت أن البرازيل والأرجنتين تضمان أكبر عدد من المسلمين، حيث تم هناك الاعتراف المؤسساتي بالعنصر الإسلامي، مشيرة إلى أن ذلك كان مرتبطا بموجات الهجرة من سوريا ولبنان منذ القرن الـ16، ورغم أن الإحصائيات غير دقيقة، فالتقدير يقول إن الأرجنتين فيها نصف مليون مسلم، وهناك هيئات معنية بنشر الإسلام ومنظمات أخرى تقدم أرقاما تتراوح ما بين 500 ألف و700 ألف مسلم، لكنها لا تزال غير دقيقة.
وترى مونتينيغرو أنهم في حاجة إلى تدقيق الإحصائيات وتوحيد المعلومات للعمل على وضع خريطة لوجود المسلمين في الأرجنتين بهدف أخذ فكرة أوضح عن المكون الإسلامي في الأرجنتين، موضحة أن التجربة البرازيلية والأرجنتينية في التعامل مع المسلمين متشابهة ورائدة.
في سياق متصل، تطرق قادر عبد الرحيم، وهو أستاذ محاضر وباحث بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس، إلى تجربة فرنسا في التعاطي مع المسلمين، وقال: إن المسألة هناك لا تتعلق بالدين بقدر ما هي إشكالية اجتماعية، فهناك منحى إلى التفكير بالعقلية الاستعمارية، وهو أمر يطرح للنقاش في القرن الـ21، ويجعل من فرنسا إمبراطورية، مما لا يفسح المجال لفرنسا للتخلص من الصورة الاستعمارية التي كانت واقعا سياسيا وتاريخيا في الماضي، لكنه انتهى. وقال عبد الرحيم: إن هذا التاريخ العنيف لفرنسا يعود بشكل أعنف اليوم، والفرق أن العنف اليوم يتم تنفيذه على أشخاص لديهم هوية مسلمة، لكنهم مواطنون فرنسيون، والإجابة على هذا الإشكال هناك تكمن في أن الفرنسيين لا يشعرون بأن المسلمين هم مواطنون فرنسيون ويميلون أكثر إلى الذاكرة الاستعمارية.
بدوره، قدم أوليفير ماك تيرنان، وهو متخصص في حل النزاعات والعلاقات بين الأديان في بريطانيا، إحصائيات وأرقاما عن عدد المسلمين في روسيا مثالا، حيث كانوا في فترة الستينات بنسبة 4 في المائة من مجموع السكان، وبعد 20 سنة وصلت النسبة إلى ستة في المائة، وفي 2030 يتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 8 في المائة، وهذه الأرقام المهمة - برأيه - في بيئات ترغب في تشويه الجالية العربية والمسلمة، تبقى غير مهمة ولا تخدم الأجندات السياسية للحكومات؛ لأن الخطاب الشعبوي يتجاهل البيئة الإسلامية الفكرية في أوروبا.
كما يرى تيرنان، أن بريطانيا تشهد تنوعا في الجاليات من خلال التنوع الإيديولوجي والثقافي؛ إذ إن 70 في المائة من الجالية المسلمة في بريطانيا ذات أصول من جنوب شرقي آسيا، والباقي من الشرق الأوسط وشرق أفريقيا.
في السياق ذاته، تحدث سيد عطا الله مهاجراني، وهو مفكر وباحث إيراني ووزير سابق للثقافة، عن السبل الكفيلة للإدماج والوصول إلى نقطة تواصل بعيدة عن التوترات التي تطغى على المشهد اليوم؛ لذلك اعتبر أن التركيز على النقاش في الثقافة والفن والشعر يمكن أن يخلق جسورا للالتقاء بين الغرب والمسلمين، في حين أن النقاش السياسي يزيد من خلق الفوارق بينهم، وتباعد وجهات النظر وخلق المزيد من الاصطدامات والصراعات. والأدب والشعر والرواية يمكن، في رأيه، من خلق مجال واسع للتواصل، أما المسلمون في الغرب فيجب أن يركزوا على إنسانية الإسلام والتفكير في الجدلية الإسلامية بين الإنسان والدين، وبدل التركيز على الحديث في الدين يجب العودة للقرآن لضمان عدم الوقوع في الخلط واللبس.



مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.