مصر والمغرب يبحثان سبل تعزيز التكامل الاقتصادي

TT

مصر والمغرب يبحثان سبل تعزيز التكامل الاقتصادي

تسعى مصر والمغرب بقوة إلى دراسة تعزيز أوجه التعاون الاقتصادي بين الدولتين، بما يصل إلى مرحلة التكامل في عدد من القطاعات، استغلالاً لمكامن القوة في كلا الاقتصادين، وكذلك الموقع الاستراتيجي للدولتين الذي يتيح التواصل مع الشرق والغرب والشمال والجنوب.
وأعلن المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة المصري، أمس، عن تشكيل مجموعة عمل مصرية مغربية مشتركة لتعزيز التعاون الاقتصادي على المستوى الثنائي في عدد من القطاعات المحددة، بهدف إحداث تكامل بين البلدين، وكذا حل المشكلات والتحديات التي تعوق انسياب حركة التجارة بين مصر والمغرب، وقال إن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة نوعية في مستوى العلاقات المشتركة، خصوصاً في ظل التطور الكبير الذي يشهده الاقتصاد المصري والمغربي.
وتناولت جلسة المباحثات التي عقدها قابيل، أمس، مع مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي المغربي، أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين، وبحث التعامل مع التحديات التي تؤثر على حركة التجارة البينية، وأهمية تحقيق التكامل في التصدير بين الجانبين، من خلال تعزيز التعاون بين هيئة تنمية الصادرات المصرية ونظيرتها هيئة إنعاش الصادرات المغربية، بهدف الاستفادة من موقع الدولتين في تسهيل دخول الصادرات المصرية إلى منطقة غرب أفريقيا، وكذا تسهيل دخول الصادرات المغربية إلى السوق الآسيوية ومنطقة شرق أفريقيا، فضلاً عن التعاون في مجال المناطق اللوجيستية.
ومن المعروف أن لدى مصر قدرة وصول كبيرة على المستوى التجاري إلى الأسواق في آسيا ومنطقة الخليج العربي وجنوب أوروبا، وذلك عبر الطرق البحرية، فيما تمتلك المغرب سمعة جيدة للغاية ولديها علاقات متميزة اقتصادياً مع جنوب أوروبا والدول الأفريقية، وتعد إحدى الطرق الرئيسية للتجارة عبر البحر المتوسط بين أوروبا وأفريقيا.
ولفت قابيل إلى أهمية الاستفادة من الاتفاقيات التجارية التي تربط البلدين، سواء اتفاقية التجارة الحرة العربية أو اتفاقية أغادير، في تسهيل عملية التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة في كلا البلدين، فضلاً عن تفعيل دور مجلس الأعمال المشترك، ليقوم بدور أكثر فاعلية في إقامة شراكة حقيقية بين القطاع الخاص في الدولتين، مشيراً إلى أنه سيتم خلال المرحلة المقبلة تبادل للبعثات التجارية بين رجال الأعمال في البلدين للتعرف على فرص الاستثمار المتاحة لإقامة مشروعات مشتركة تسهم في تعميق وتوسيع حجم العلاقات المشتركة.
وفى هذا الإطار، أشار قابيل إلى أن اللقاء استعرض أيضاً أهم المشروعات والفرص الاستثمارية المتاحة أمام المستثمرين المغاربة، في إطار المشروعات القومية الكبرى بمصر، وبصفة خاصة مشروع المثلث الذهبي، خصوصاً في ظل الخبرات الكبيرة لدى الجانب المغربي في المجال التعديني.
ومن جانبه، أكد الوزير المغربي حرص بلاده على تعميق أواصر التعاون المشترك مع مصر، خصوصاً في ظل العلاقات الوطيدة التي تربط شعبي وقيادتي الدولتين، لافتاً إلى أن زيارته لمصر تأتي تأكيداً على حرص الحكومة المغربية على إحداث طفرة في مستوى العلاقات الاقتصادية المشتركة خلال المرحلة المقبلة.
وأشار العلمي إلى أن مباحثاته مع وزير التجارة والصناعة المصري تناولت أهم التحديات التي تواجه حركة التجارة البينية، حيث تم الاتفاق على حل هذه المعوقات، والتواصل المباشر للتعامل مع أي مستجدات، ولفت إلى أنه فيما يتعلق بالتعاون في مجال المناطق والمراكز اللوجيستية، فإنه يجرى حالياً الاتفاق بين الوكالة الخاصة بطنجة المتوسط وقناة السويس، للتعاون في مجال تطوير الموانئ والمناطق اللوجيستية، معرباً عن أمله في أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في معدلات التبادل التجاري والتعاون الصناعي المشترك بين البلدين.
جدير بالذكر أن العلاقات التجارية بين البلدين تشهد تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأربع الماضية، حيث قفزت من 475 مليون دولار عام 2013، لتصل إلى 680 مليون دولار عام 2016، منها 325 مليون دولار صادرات مصرية. وتتركز أهم الصادرات المصرية إلى المغرب في المنتجات الكيماوية والأسمدة، والصناعات الغذائية، ومواد البناء والسلع الهندسية والإلكترونية، والصناعات الطبية، والحاصلات الزراعية، والغزل والمنسوجات.
كما تحتل المغرب المرتبة 40 بين دول العالم المستثمرة في مصر، بحجم استثمارات يصل إلى نحو 80 مليون دولار في 184 شركة تعمل في مجالات الإسمنت والصناعات الكيماوية، ومواد البناء والصناعات المعدنية، والغزل والنسيج، وبطاريات السيارات، بالإضافة إلى شركات في مجال الإنشاءات والخدمات والسياحة والاتصالات.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»