جهود توحيد المعارضة في الغوطة تفشل بموازاة مساعي النظام لقضم مناطقها

فشلت المبادرة الأخيرة لتوحيد الفصائل في الغوطة الشرقية لدمشق، إثر تشكيك (فيلق الرحمن) بنوايا (جيش الإسلام)، ومطالبته بحلّ العقد العالقة بينهما جراء الاقتتال الداخلي في الغوطة قبل أشهر، في وقت يكثّف النظام السوري هجماته على محاور في المنطقة مصحوبة بقصف عنيف بالطيران والمدفعية، سعياً لتقليص رقعة وجود المعارضة.
ولم يفلح إعلان (جيش الإسلام) أول من أمس بحلّ نفسه، والموافقة على مبادرة «المجلس العسكري في دمشق وريفها»، بإنهاء الانقسام بين الطرفين والتوحد ضمن «جيش موحّد» في الغوطة، و«القتال في صف واحد لمنع النظام من قضمها»، كما قالت مصادر مدنية في الغوطة الشرقية لدمشق. وشكك (فيلق الرحمن)، وهو أبرز التشكيلات المقاتلة في القطاع الأوسط في الغوطة، بنوايا (جيش الإسلام)، وهو أبرز التشكيلات وأكبرها في قطاعي المرج وأوتوستراد دمشق – حمص الدولي، ما عرقل فرصة تنفيذ المبادرة الأخيرة للتوحد.
وقال مصدر في (جيش الإسلام) إن المبادرة «تنهي انقساماً طال أمده في الغوطة، وتساهم في توحيد الجبهات ومنع استغلال النظام لعزلة القطاعات عن بعضها في الغوطة للتقدم فيها واستفراد الفصائل فيها»، لافتاً إلى أن «خطة التوحيد تنهي التشتت، وتستجيب لمطالب سكان الغوطة الذين تأذوا من الانقسام والاقتتال الداخلي، ويطالبون بالتوحد».
وكان «جيش الإسلام» أكد في بيان أصدره، أول من أمس، أنه موافق على المبادرة التي أطلقها المجلس العسكري في دمشق وريفها بقيادة العقيد الركن الطيار «عمار النمر» قبل أسبوع، لإنهاء الأزمة في الغوطة الشرقية، معرباً عن استعداده للتعاون الكامل في سبيل إنجاح المبادرة. وتنص مبادرة المجلس العسكري على «حل التشكيلات العسكرية في الغوطة، والعمل على معالجة كل فكر دخيل يعارض مبادئ الثورة وتشكيل جسم عسكري واحد للغوطة يكون نواة لجيش سوري وطني موحد، ويتم تعيين قائد عام لهذا الجيش بناء على شروط ومواصفات محددة يتفق عليها، إضافة إلى حل كافة المؤسسات المدنية والخدمية وإعادة هيكلتها في جسم واحد بمشاركة الجميع. وإعادة هيكلة أجهزة القضاء والشرطة والهيئة الشرعية بما يضمن المصلحة العامة للغوطة وأهلها، وحصر كافة القضايا والخلافات العالقة ضمن ملف واحد ويحال هذا الملف إلى جهة مهنية».
لكن (فيلق الرحمن)، رأى في إعلان (جيش الإسلام) «محاولة جديدة للمزايدة الإعلامية الفارغة والتهرب من رد الحقوق وتحمُل مسؤولية الاعتداء على الغوطة الشرقية وبلداتها»، معتبراً أن (جيش الإسلام) «شكل مجلساً عسكرياً وأنفق عليه ليتبع له بشكل مباشر ويتلقى ضباطه رواتبهم الشهرية من مالية جيش الإسلام مثلهم مثل عناصره»، متهماً الفصيل «باستثمار الكثير من المنظمات والهيئات التي قام بتشكيلها في مناطق سيطرته لتكون واجهة يستخدمها بأسماء وشعارات جديدة».
وقال المتحدث باسم (فيلق الرحمن) لـ«الشرق الأوسط»، إن (جيش الإسلام) قام بالمبادرة «بعد تلمسه تراجعه شعبياً»، واصفاً ما قام به بـ«المزايدات ليتهرب من المواجهة ويتهرب من استحقاقات عليه»، أبرزها القضية العالقة بينهما وهي «إعادة 60 طنا من المواد الخام التي تستخدم في الصناعات العسكرية والمتفجرات والقذائف، استولى عليها من مخازن فيلق الرحمن خلال الحملة الأخيرة على مقرات الفيلق»، بحسب ما قال علوان.
وتنقسم الغوطة الشرقية فعلياً إلى أربعة قطاعات، حيث ينتشر (فيلق الرحمن) في القطاع الأوسط على جبهات جوبر وعين ترما وكفربطنا وعربين وصولاً إلى أطراف حمورية، بينما تتركز عناصر (أحرار الشام) و«جبهة النصرة» في جبهة حرستا، في وقت ينتشر فيه (جيش الإسلام) الذي يتخذ من دوما قاعدة له، على جبهتين، هي المرج، وجبهة أوتوستراد دمشق – حمص الدولي.
وبينما يحاول النظام اقتحام عين ترما لفصل جوبر عن محيطه، قالت مصادر (جيش الإسلام) إن قواتها لم تشارك في القتال منعاً لأي اقتتال داخلي مع (فيلق الرحمن)، وتقدم المؤازرة عبر إطلاق معارك على أطراف الغوطة في الجبهتين التابعتين لجيش الإسلام لإشغال قوات النظام وتخفيف اندفاعها نحو جوبر وعين ترما.
لكن (فيلق الرحمن) يؤكد بحسب علوان، أنه لا يحتاج إلى المؤازرة، مشيراً إلى أن (جيش الإسلام) يخوض معارك دفاعية لصد تقدم النظام إلى الغوطة منذ مطلع الشهر الحالي عبر ثلاث جبهات.
واندلعت اشتباكات أمس في منطقة حوش الضواهرة في الغوطة الشرقية بعد أن قصفت قوات النظام السوري بلدة أوتايا بمنطقة المرج، ترافقت مع سقوط عدة صواريخ يعتقد أنها من نوع أرض - أرض على المنطقة.
وجاء ذلك إثر هجوم شنته قوات النظام في المنطقة، بحسب ما أفاد (المرصد السوري لحقوق الإنسان)، الذي أشار إلى تنفيذ الطائرات الحربية 7 غارات، استهدفت بثلاث منها مناطق في أطراف بلدة حوش الضواهرة وأماكن أخرى في بلدة النشابية، بمنطقة المرج، في حين استهدفت ببقية الغارات مناطق في بلدة الشيفونية المحاذية لدوما وأماكن في أطرافها.
وأضاف: «تجددت الاشتباكات بوتيرة عنيفة بين قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها من جهة، ومقاتلي جيش الإسلام من جهة أخرى، على محاور في جبهة حوش الضواهرة، إثر هجوم من قبل قوات النظام في محاولة لتحقيق تقدم في المنطقة، حيث ترافقت الاشتباكات مع قصف متبادل بين طرفي القتال، وقصف لقوات النظام على مناطق في حوش الضواهرة ومحيطها».
كما أشار المرصد إلى أن قوات النظام قصفت بعد منتصف ليل السبت - الأحد مناطق في حي التضامن جنوب العاصمة.