إسرائيل تحول القدس إلى ثكنة عسكرية... والسلطة تحذر من تدهور الأوضاع

مدير الأقصى: استمرار إغلاق المسجد دعوة للعنف * أبو الغيط: الأمور قد تصل إلى حافة الانفجار * حماس: هذه الجريمة عدوان على حقوق المسلمين

قوات الأمن الإسرائيلية تراقب هويات الفلسطينيين في إطار خطتها لتكثيف الإجراءات الأمنية بعد عملية القدس (أ.ف.ب)
قوات الأمن الإسرائيلية تراقب هويات الفلسطينيين في إطار خطتها لتكثيف الإجراءات الأمنية بعد عملية القدس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحول القدس إلى ثكنة عسكرية... والسلطة تحذر من تدهور الأوضاع

قوات الأمن الإسرائيلية تراقب هويات الفلسطينيين في إطار خطتها لتكثيف الإجراءات الأمنية بعد عملية القدس (أ.ف.ب)
قوات الأمن الإسرائيلية تراقب هويات الفلسطينيين في إطار خطتها لتكثيف الإجراءات الأمنية بعد عملية القدس (أ.ف.ب)

واصلت القوات الإسرائيلية، أمس، إغلاق المسجد الأقصى وحصار البلدة القديمة من القدس لليوم الثاني على التوالي، وكثفت من وجودها على أبواب المسجد الأقصى، وفي الطرقات المؤدية إليه، ومنعت المصلين من الوصول إليه. كما منعت تجار البلدة القديمة وشارعي السلطان سليمان وصلاح الدين قُبالة سور القدس التاريخي من فتح محالهم، وحولت وسط القدس إلى ثكنة عسكرية تغيب عنها كل مظاهر الحياة المدنية الطبيعية، وتطغى عليها المشاهد والمظاهر العسكرية.
وانتشرت القوات الإسرائيلية ودورياتها الراجلة والمحمولة والخيالة في الشوارع القريبة من سور القدس، وأخرى راجلة داخل البلدة القديمة، فضلاً عن نصب متاريس وحواجز في معظم الشوارع والطرقات، وعلى بوابات البلدة القديمة والمسجد الأقصى. كما أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالإبقاء على إغلاق باحة الأقصى حتى غد الأحد على الأقل، بينما تقوم السلطات بتقييم الوضع الأمني.كما تحدث عن تكثيف الإجراءات الأمنية عند مداخل الموقع المقدس لدى إعادة فتحه، في خطوة من المرجح أن تثير الجدل.
وتم السماح أمس للفلسطينيين بالدخول من بوابة دمشق، التي تعتبر المدخل الرئيسي الذي يستخدمه الفلسطينيون للدخول إلى البلدة القديمة، إلا أن دخولهم كان مقيداً، حيث لم يتم السماح بالدخول سوى للسكان الذين يحملون هويات. ووقف نحو 20 فلسطينياً عند حاجز تفتيش أقامته الشرطة عند بوابة دمشق بانتظار السماح لهم بالدخول.
وقال الشيخ عمر الكسواني، مدير المسجد الأقصى، إن إبقاء إغلاق الأقصى لفترة أطول سيكون بمثابة دعوة للعنف في المنطقة والعالم، مضيفاً أن «إسرائيل تعيد احتلال المسجد، ولأول مرة منذ 1967 يُمنَع رفع الآذان وإقامة الصلوات بما في ذلك صلاة الجمعة... ونحن ننظر بعين الخطورة لما يجري، ونحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عما يجري الآن داخل المسجد وعن تبعات ذلك». واتهم الكسواني إسرائيل بضرب كل المواثيق الدولية والشرائع السماوية والأنظمة والقوانين عرض الحائط، وقال إنها لا تلقي بالاً لأي بعد ديني أو سياسي وتواصل انتهاك حرمات المسجد.
ووصف عدد من سكان القدس أمس الوضع في المدينة كأنه «فرض نظام حظر تجول» غير معلن. ولليوم الثاني لم يُرفَع أي آذان من الأقصى، ولم يصلِّ أي شخص في المسجد الذي يعد أحد أهم الأماكن المقدسة بالنسبة للمسلمين.
وأضاف كسواني أن قوات إسرائيلية خاصة تواصل إجراء تفتيشات داخل الأقصى دون أن يعرف أحد ماذا يجري بالضبط. ومن غير المعروف إلى متى سيستمر إغلاق الأقصى، لكن جلسة تقييم أمنية تعقدها الحكومة الإسرائيلية اليوم الأحد يمكن أن تنهي حصاره. وبهذا الخصوص قال أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، في تغريدة باللغة العربية على «تويتر»: «وفقاً لجلسة لتقييم الموقف التي ستعقد يوم الأحد سيتم افتتاح جبل الهيكل (الحرم الشريف) مجدداً وتدريجياً أمام المصلين والزوار».
وأحدث القرار الإسرائيلي غير المعهود غضباً كبيراً لدى عموم المسلمين، ولدى السلطة الفلسطينية، كما تسبب في أزمة بين إسرائيل والمملكة الأردنية، حيث طالب الأردن بإعادة فتح المسجد الأقصى بشكل فوري للصلاة، وحذَّر من محاولات تغيير الوضع القانوني والتاريخي في القدس، متعهدًا بالتصدي لذلك، باعتبار العاهل الأردني هو الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، لكن إسرائيل ردت برفض البيان الأردني جملة وتفصيلاً، بحسب ما جاء على لسان مقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذين أكدوا أنه «بدلاً من أن يستنكر ويشجب العملية الإرهابية، يهتم الأردن بمهاجمة إسرائيل التي تحمي المصلين وتحافظ على حرية ممارسة الشعائر الدينية في المكان... ومن المفضل أن تحافظ كل الأطراف المرتبطة، ومنها الأردن، على ضبط النفس وتمتنع عن إلهاب وتأجيج الأرواح».
من جهتها، كثفت السلطة الفلسطينية أمس اتصالاتها مع جهات عربية ودولية، ومن بينها الأردن، من أجل احتواء أي تصعيد في المدينة المقدسة، إذ قالت مصادر فلسطينية وإسرائيلية متطابقة إن ثمة تفاهماً ضمنياً بين إسرائيل والسلطة والأردن على ضرورة احتواء الموقف وعدم التصعيد.
وطالبت الحكومة الفلسطينية أمس بوقف الإجراءات غير المسبوقة التي فرضتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى، وعلى مدينة القدس بشكل عام، إذ قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود إنه يجب فوراً فتح المسجد الأقصى المبارك وعدم المساس بقدسيته، موضحاً أن «الحكومة تتابع بقلق شديد الإجراءات الاحتلالية التي من شأنها المساس بالوضع التاريخي القائم في المسجد الأقصى وفي مدينة القدس العربية المحتلة، والتي من شأنها دفع الأوضاع إلى مزيد من التدهور».
كما طالب المحمود المجتمع الدولي بأسره وجميع المنظمات والمؤسسات الدولية وحكومات ودوّل العالمين العربي والإسلامي بالتحرك العاجل والسريع، والعمل على كل المستويات من أجل وقف الإجراءات الاحتلالية التي تشكل مساساً خطيراً بأماكن العبادة وبأحد أقدس مقدسات العرب والمسلمين، إضافة إلى ما تمثله من انتهاك صارخ وخطير لكل القوانين والشرائع الدولية».
وتتعامل السلطة مع إغلاق الأقصى كجريمة حرب وعقوبات جماعية. وبهذا الخصوص قال وزير العدل علي أبو دياك إن قرار حكومة إسرائيل إغلاق المسجد الأقصى المبارك، ومنع إقامة الصلاة فيه يعد سابقة جرمية خطيرة، تأتي في إطار العقوبات الجماعية والانتهاكات الصارخة لحرية العبادة والعقيدة، وحرية الوصول إلى الأماكن المقدسة ودور العبادة، وحق ممارسة الشعائر الدينية التي تكفلها كل المواثيق والاتفاقيات الدولية.
ووصف أبو دياك: «كل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء شعبنا وأرضنا ومقدساتنا هي جريمة منظمة وإرهاب دولة»، مضيفا أن «الاحتلال لا يمكنه أن يبرر جرائمه وعقوباته الجماعية وعدوانه على شعبنا ومقدساتنا بالذرائع الأمنية... والسلام لن يتحقق إلا بإنهاء جريمة الاحتلال والظلم والإجحاف والقهر الواقع على شعبنا، والاحتلال هو المسؤول عن خلق بيئة التوتر والعنف والاحتقان».
ويخشى الفلسطينيون والأردنيون من محاولة إسرائيل تغيير الوضع القائم منذ حرب 1967، الذي يسمح للمسلمين بدخول الحرم القدسي في أي وقت، في حين لا يسمح لليهود بذلك إلا في أوقات محددة ومن دون الصلاة هناك. ويتضمن هذا الوضع أن تكون الأوقاف الإسلامية التابعة للملكة الأردنية هي المسؤولة عن المسجد الأقصى.
لكن الأوقاف أعلنت أمس أنها فقدت السيطرة على المسجد، إذ قال الشيخ عبد العظيم سلهب، رئيس مجلس الأوقاف في مؤتمر صحافي أمس إنه «لا توجد أي سيطرة لإدارة الأوقاف الإسلامية خلال اليومين الماضيين على المسجد الأقصى... وقد أبعدت سلطات الاحتلال إدارة الأوقاف كليا عن المسجد وتسيطر عليه بالكامل... وهذا لم يحدث منذ عام 1967، حيث لا يسمح لأي شخص بالدخول إليه»
من جانبها، حذرت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، أمس (السبت)، من تمادي سلطات الاحتلال الإسرائيلي في انتهاكاتها غير المسبوقة لحرمة المسجد الأقصى المبارك بحجة احتواء العنف والتوتر، إذ قال وزير الأوقاف الأردني وائل عربيات في بيان أمس إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتحمل مسؤولية تزايد التوتر والعنف في القدس الشريف بسبب تصعيد الانتهاكات التي ارتكبتها، وكذلك ارتكبها المتطرفون اليهود بحق المسجد الأقصى أخيراً، مشدداً على أن الأردن يرفض إغلاق المسجد الأقصى المبارك ومنع إقامة صلاة الجمعة فيه تحت أي ظرف، مشدداً على أن هذا الأمر يشكل حدثاً خطيراً وغير مسبوق، وهو في الوقت ذاته اعتداء على حرية إقامة الشعائر، ويتنافى مع مبادئ التعايش الديني والسلام العالمي والسلم المجتمعي الذي تُعد الحريات الدينية أحد أهم دعائمه
ومن جهتها، حملت حركة حماس حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن جميع تداعيات ما يجري في المسجد الأقصى من انتهاكات، وقالت إنها «تنظر بخطورة بالغة إلى إقدام حكومة الاحتلال على إغلاق المسجد الأقصى المبارك ومنع الأذان والصلاة فيه»، ودعت الفلسطينيين إلى «تصعيد انتفاضة القدس المباركة والاشتباك مع الاحتلال وقطعان المستوطنين على محاور التماس كافة، والدفاع عن الأقصى وكسر كل معادلات الكيان الصهيوني مهما بلغت التضحيات».
وأوضحت حماس أن «هذه الجريمة تأتي استمراراً للحرب الدينية التي يستهدف بها العدو شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، وعدواناً غير مسبوق على حقوق العرب والمسلمين في القدس والمسجد الأقصى المبارك تمهيداً لفرض وقائع جديدة وتقسيم المسجد الأقصى».
من جانبه، حذر قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش من إشعال حرب دينية بعد إغلاق الأقصى، واصفاً إغلاق المسجد، بأنه «تصعيد خطير وجريمة وعدوان على العقيدة وعدوان على الدين، وسيجر المنطقة إلى صراع ديني وحرب دينية لا رحمة فيها وسيخسر منها الجميع ولن ترحم أحداً».
بدوره، أدان أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية قيام إسرائيل بإغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين، مشيراً إلى أن مثل هذا السلوك من شأنه إذكاء التطرف وتصعيد التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً في القدس الشرقية.
وأكد أحمد أبو الغيط بأن الأماكن المقدسة تنطوي على حساسية كبيرة، ويتعين ألا يتم التعامل معها بمثل هذه الرعونة، وانتقد التعامل الإسرائيلي مع الفلسطينيين في القدس الشرقية، الذين يتعرضون لسياسات التضييق والتمييز والقهر، داعياً إلى وضع حد للممارسات الإسرائيلية التي قد توصل الأمور في المدينة المقدسة إلى حافة الانفجار.
بدورها، أكدت رابطة العالم الإسلامي والهيئة العالمية للعلماء المسلمين المنبثقة عنها، أن قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق المسجد الأقصى في وجوه المصلين، من شأنه أن يعيق جهود ومساعي السلام، معربة عن إدانتها لهذا الإجراء الذي قالت عنه إنه يمس قدسية المسجد الأقصى والشعور الإسلامي العام، واصفاً إياه بأنه يستهدف الحريات الدينية في حقها المشروع.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.