لبنان يراهن على فتح معبر نصيب بين سوريا والأردن لإعادة تنشيط صادراته إلى الخليج

TT

لبنان يراهن على فتح معبر نصيب بين سوريا والأردن لإعادة تنشيط صادراته إلى الخليج

يراهن لبنان على فتح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن لإعادة تشغيل خط النقل البري إلى دول الخليج العربي، بالتزامن مع أنباء عن مفاوضات لإحياء العمل بالمعبر في ضوء الاتفاق الروسي - الأميركي للتهدئة في الجنوب.
وفي حين لم تتبلغ المؤسسات اللبنانية المعنية بعد بأي معلومات عن إمكانية إعادة تشغيل المعبر، بحسب ما قالته مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، فإن لبنانيين ينظرون إلى إعادة تشغيله بوصفها «فرصة لاستعادة موقع الصادرات اللبنانية في الأسواق الخليجية»، بعدما تراجعت بنسبة 80 في المائة منذ إقفال المعبر في أبريل (نيسان) 2015. وجاء غلق معبر نصيب آنذاك في وقت أقفلت فيه بقية المعابر الحدودية بين سوريا والعراق أيضاً، مما دفع اللبنانيين إلى تصدير بضاعتهم بحراً إلى ميناء العقبة وإلى مصر، قبل نقلها إلى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي.
الخط البري من لبنان إلى دول الخليج عبر سوريا والأردن، كانت تمر عبره 70 في المائة من الصادرات الزراعية اللبنانية، و32 في المائة من الصناعات الغذائية اللبنانية، و22 في المائة من صادرات الصناعة بشكل عام، بحسب ما أعلنه رئيس مجلس إدارة ومدير عام المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (إيدال)، نبيل عيتاني، لـ«الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أن إقفال المعبر «اضطرنا إلى افتتاح خط بحري، ودعمه مالياً عبر الحكومة اللبنانية، كي يبقى المنتج اللبناني منافساً لمنتجات البلدان الأخرى في الأسواق التقليدية للمنتجات الزراعية اللبنانية؛ أي دول الخليج العربي».
وأشار عيتاني إلى أن الحكومة اللبنانية السابقة دعمت، عبر «إيدال»، شحن الصادرات بمبلغ 21 مليار ليرة (14 مليون دولار) في عام 2015، قبل أن تجدد الحكومة الحالية التي يرأسها الرئيس سعد الحريري خطة الدعم نفسها بالمبلغ نفسه لمدة عام، بعد انتهاء الدعم الأول في 31 مارس (آذار) الماضي.
وتدعم الحكومة اللبنانية شحن الصادرات الزراعية عبر الجسر البحري بنحو 3 آلاف دولار لكل شاحنة. وتبلغ تكلفة شحن البضائع نحو 8500 دولار لكل شاحنة تنتقل بحراً من لبنان إلى ميناء العقبة في الأردن، قبل أن تعبر براً إلى دول الخليج العربي.
وينطلق الرهان على إعادة افتتاح معبر نصيب من كون إقفاله «ترتبت عليه خسائر فادحة في الاقتصاد اللبناني»، بحسب ما قاله نقيب أصحاب الشاحنات شفيق القسيس لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن تكلفة النقل البري كانت تقدر بنحو 1600 دولار أميركي للشاحنة الواحدة. أما تكلفة النقل بالجسر البحري، فتكلّف أضعاف هذا المبلغ، لافتاً إلى أن 3 آلاف شاحنة كانت تعمل على خط التصدير البري من لبنان إلى أسواق دول الخليج العربي، في حين تقلّص التصدير بنحو 40 في المائة بعد إقفال هذا الخط.
بدوره، أشار عيتاني إلى تراجع أساسي من حركة الصادرات نتيجة إقفال معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وليس هناك أي منفذ بري آخر للبنان إلى الأسواق العربية سوى عبر الحدود السورية. وقال: «إعادة افتتاح معبر نصيب يعني أن لبنان سيعوّض الخسائر التي طالت صادراته»، مشدداً على أن ذلك سيكون «رهاناً أساسياً للنهوض بالاقتصاد اللبناني، إذا عادت الحركة طبيعية»، موضحاً أن أسواق الخليج «هي أسواق أساسية للصادرات اللبنانية، وقد اضطررنا في السابق لإنشاء الجسر البحري للحفاظ على توازن السوق اللبنانية بين العرض والطلب، وعلى علاقة الاقتصاد اللبناني بتلك الأسواق، والحفاظ على الثقة بالمنتج اللبناني فيها». وكانت مصادر مطلعة في الأردن قد تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أول من أمس، عن أن الأردن وضع 5 شروط لتشغيل معبر جابر (الأردني) - نصيب (السوري) مرة أخرى. وتتمحور الشروط حول وجود موظفين سوريين محايدين، وأن يتم رفع العلم السوري على المعبر الذي يبقى تحت سيطرة قوات معارضة يوافق عليها الأردن، وإبعاد قوات النظام والميليشيات الموالية له عن المعبر، إضافة إلى تأمين الطريق الدولية الواصلة بين دمشق والحدود.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.