معضلة سيناء مع الإرهاب

تجاوزت إطار الحرب المحلية

معضلة سيناء مع الإرهاب
TT

معضلة سيناء مع الإرهاب

معضلة سيناء مع الإرهاب

تعيش شبه جزيرة سيناء معضلة حقيقية منذ عدة سنوات، كان أكثرها صعوبة في الأعوام التي أعقبت عزل الجيش المصري للرئيس الأسبق محمد مرسي، على خلفية مظاهرات شعبية عارمة ضد حكمه في صيف 2013. ومنذ ذلك الوقت، تغيرت كثير من الأمور، منها ما هو ظاهر، مثل مواجهات يسقط فيها ضحايا من رجال الجيش والشرطة ومن أبناء سيناء كما حدث في منطقة البرث، قبل أسبوع، وكذلك ما يرتبط بمسارات الطرق المرصوفة والدروب الترابية وحدود البلدات الصغيرة وتركيبة القبائل التي تعيش فيها. ومنها ما هو خفي ويتعلق أساساً بتحولات جارية في منطقة الشرق الأوسط... من ضمنها علاقة مصر بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) المهيمنة على قطاع غزة المجاور... وما يخص تحولات على الأرض تتعلق ببنود اتفاقية «كامب ديفيد» بين القاهرة وتل أبيب، الموقعة منذ أواخر سبعينات القرن الماضي، وما تتضمنه من حظر لوجود الجيش المصري في المنطقة «ج» على حدود إسرائيل.
بينما يضع البعضُ في العمليات الإرهابية التي تشهدها شبه جزيرة سيناء، في شمال شرقي مصر، اللوم على حركات راديكالية مصرية وفلسطينية، وعلى قبائل في سيناء، وعلى ظروف إقليمية ودولية أصبحت شديدة التعقيد، يقول أشرف الحفني، أحد القيادات الشعبية في العريش، لـ«الشرق الأوسط»: «مشكلات سيناء تكمن في كامب ديفيد». بينما يقول محمد العزبي، الباحث السياسي والاستراتيجي في المركز العربي الأفريقي، لـ«الشرق الأوسط» جازماً: «مما لا شك فيه أن أطرافاً إقليمية تحاول ابتزاز الحكومة المصرية من خلال دعم المتطرفين في سيناء. هذا يحدث منذ سنين عديدة، ويزداد حسب الظروف».
قبل أكثر من سنتين توصلت القاهرة إلى تفاهمات مع الجانب الإسرائيلي، تعطيها الحق في دخول الجيش المصري، وليس قوات الشرطة فقط، إلى داخل المنطقة «ج» من أجل ملاحقة «الجماعات التكفيرية»، كما تصفها بيانات المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية، العقيد أركان حرب، تامر الرفاعي.
ووفقاً لما أصدره الرفاعي، من مئات البيانات التي تتعلق بسير عمليات الجيش في سيناء، فقد تم القضاء على معظم العناصر «التكفيرية»، وأغلقت غالبية الأنفاق التي تمر من تحت الأرض بين جانبي سيناء وغزة. وتدمير آليات ومصادرة أسلحة وغيرها، إلى جانب مد يد العون للسكان المحليين في المدن والقرى المبعثرة في صحراء سيناء.
لكن رغم كل هذه الجهود، ورغم كسر شوكة الجماعات المتطرفة، ومقتل وهروب أعداد كبيرة من سيناء، فإنه، مع ذلك، يبدو أن المشكلة لا تريد أن تنتهي.
ويقول اللواء محمد قشقوش، المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا في القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً: «لا شك أن الوضع في سيناء معقد للغاية... معقد جغرافياً وقبلياً. الأمر يتعلق أيضاً بخلفيات لم تكن طيبة تخص تعامل بعض من رجال الشرطة مع أبناء سيناء إبان نُظم الحكم السابقة».

محافظتا شبه الجزيرة
تنقسم شبه جزيرة سيناء الواقعة شمال شرقي مصر، إلى محافظتين... محافظة جنوب سيناء، وهي قليلة السكان، وتزخر بالمنتجعات السياحية، وأشهرها شرم الشيخ على البحر الأحمر. ومحافظة شمال سيناء، الأكثر سكاناً، وتقع على ساحل البحر المتوسط، وأشهر مدنها رفح الملاصقة لغزة والشيخ زويد، ثم العريش. وحسب اللواء قشقوش: «اليوم، المشكلة هنا... في الجزء الملاصق لغزة في محافظة شمال سيناء. هذه مساحة وعرة تضاريسيا، وتغطي نحو ألف كيلومتر مربع».
ومنذ وقت مبكر - أي بداية من عام 2004 - انطلقت من محافظة شمال سيناء عمليات إرهابية بسيارات مفخخة ضد مواقع سياحية في محافظة جنوب سيناء. ومع أن خطط التنمية لشبه الجزيرة عموماً كانت تسير على قدم وساق، فإنها كانت واضحة المعالم في الجنوب أكثر من الشمال، لدرجة أن الرئيس الأسبق حسني مبارك، اعتاد إقامة المؤتمرات الدولية واستقبال ضيوفه الكبار في منتجع شرم الشيخ.

مصطلح الإرهاب
ويتذكر مصدر قبلي يعمل مع السلطات الأمنية في العريش، تلك الأيام، ويقول: «منذ تفجيرات 2004 بدأنا نتعرف على مصطلح الإرهاب هنا. لم تكن مسؤولية مطاردة العناصر المتطرفة، تقع على عاتق الجيش، كما يحدث الآن، ولكن على رجال الشرطة».
وقعت مواجهات كثيرة. وردَّ الإرهابيون بتنفيذ تفجيرات وأعمال تخريبية أخرى في 2005 و2006 و2007. ويقول العزبي: «وقتذاك فازت حماس في الانتخابات، وانفردت بحكم غزة، وأرادت إدارة المعبر الوحيد لها مع العالم وهو معبر رفح. لقد انقلبت الأمور رأساً على عقب. كان لهذا تأثير سلبي كبير على الاستقرار في سيناء. كانت حماس تتحرش بمصر من خلال إقامتها شبكة من الأنفاق عبر الحدود». ويضيف: «انفراد حماس بغزة، كان له تأثير في تغذية الجماعات المتطرفة في سيناء. معروف أن حماس هي الذراع العسكرية لجماعة الإخوان. وبالتالي كان هناك دعم لوجيستي للشباب التكفيريين والخارجين من عباءة الجماعة، لاستخدمهم ورقة ضغط على الحكومة المصرية، وذلك من خلال تنفيذ عمليات مثل ما حدث في السابق في شرم الشيخ ودهب وطابا».
وعلى أثر ذلك زادت الشرطة المصرية من نشاطها في سيناء. لقد كان عدد الغرباء يتزايد في رفح والشيخ زويد والعريش. وجرت أكبر محاولة لاقتحام الحدود المصرية حين دفعت حماس بألوف الفلسطينيين إلى الأسوار الفاصلة بين جانبي رفح. وتم احتجاز ومحاكمة عدد من أبناء سيناء، وعدد من أعضاء حركة حماس، وكذلك خلية لحزب الله اللبناني كانت تنشط ما بين القاهرة وسيناء.
ويقول أحد القيادات القبلية في العريش: «وقتها بدأت العائلات هنا تعرف أسماء السجون من أجل زيارة المحبوسين... سجن الإسماعيلية، وسجن طرة، وسجن برج العرب، وغيرها». ويعلق اللواء قشقوش قائلاً: «كانت فترة صعبة تعامل فيها بعض رجال الشرطة بقسوة مع المواطنين. هذا ما زالت له آثار السلبية مستمرة حتى اليوم».

غزة بعد 2007
مصدر أمني مصري يقول إن حماس امتلكت زمام السلطة في غزة بعد 2007، لكنها تسببت في «فوضى في تركيبة الحركات الراديكالية في القطاع... تم طرد رجال الحرس الرئاسي (التابعين للرئيس الفلسطيني) من غزة إلى رام الله، والتنكيل بمعارضي حماس. واستغل المتطرفون كل هذه الثغرات للنمو والتكاثر على جانبي الحدود، خصوصاً في سيناء». واستمر الحال على هذا المنوال، إلى أن وقعت «ثورة 25 يناير 2011».
خلال السنوات السبع التي سبقت الإطاحة بمبارك، كانت هناك محاولات حثيثة لفرض الاستقرار في شمال سيناء، ووأد أي محاولة لتمدد المتطرفين، أو الوصول إلى منتجعات البحر الأحمر مرة أخرى، أو باقي المدن المصرية. ومن مقر إقامته في العريش يوضح، الحفني، وهو منسق اللجنة الإدارية للحركة الاشتراكية (يناير)، أن عدم تحقيق كثير من المطالب التي تخص سيناء، منذ وقت مبكر، أدى لاستمرار أزمة التنظيمات المتطرفة إلى أن وصلنا إلى تنظيم داعش.
بينما يقول المصدر القبلي المشار إليه: «حينذاك (في السنوات الأخيرة من حكم مبارك) ثار غضب قطاعات كثيرة من المواطنين، ممن تعارضت مصالحهم مع حملات الشرطة، ومع تدقيق رجال القانون».
أضف إلى ذلك الغضب من مداهمة البيوت، والاحتجاز لفترات طويلة. كان من ضمن مجالات العمل التي يمتهنها بعض أبناء سيناء، في تلك الفترة، تهريب المهاجرين غير الشرعيين القادمين من القارة الأفريقية ويسعون الوصول إلى إسرائيل، وكذلك تهريب الأسلحة والسلع عبر الأنفاق إلى غزة.
ويتابع: «في ظل تلك الظروف استمرت الشرطة في الضغط علينا (أي على شيوخ القبائل) لمنع الشباب من الانخراط في الأعمال غير القانونية من تهريب وتسلل وغيره، ولأنه لا توجد فرص عمل، بدأت سلطة شيوخ القبائل تتراجع رويداً رويداً طوال سنوات».

أخطاء الماضي
خلال السنوات السبع التي سبقت سقوط مبارك، أيضاً، وبين جدران السجون، التقى أصحاب الفكر المتطرف من أبناء سيناء، وكان بينهم قيادات، بالمئات من المحتجزين السيناويين، وغير السيناويين، ممن لم يكن لديهم أي أفكار متشددة في السابق. ويقول أحمد الزملوط، ابن العريش الذي يدير مؤسسة تنموية في شبه الجزيرة الصحراوية: «أخطاء الماضي، لم تعالج في حينه... اليوم يمكن أن ترى النتائج. أعتقد أنك إذا أردت أن تصحح أمراً ما، بعد فوات الأوان، فستكون عملية مكلفة. هذا ما يحدث عادة».
وظهرت أولى الهجمات الكبرى التي نفذها متطرفون من سيناء، بالأسلحة الثقيلة، قبل يومين من اندلاع «ثورة 2011». ووفقاً لمحاضر للشرطة، اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، وتعود لأيام 23 يناير، وما بعدها، فقد انطلقت العشرات من سيارات الدفع الرباعي المزودة بالقذائف الصاروخية، واجتاحت الكمائن الأمنية، في طريقها لاحتلال أقسام الشرطة في رفح والشيخ زويد، ومبنى مديرية الأمن في عاصمة المحافظة. ووفق وصف الزملوط: «كان الأمر، برمته، مخيفاً».
كانت نقطة انطلاق غالبية المتطرفين المهاجمين، حينذاك، من قرى قريبة من غزة، أشهرها قرية المهدية، التابعة لمدينة الشيخ زويد. وانهارت الشرطة في عموم مصر، وانسحبت يوم 28 يناير من الشوارع، وتوقفت عن التعامل مع الفوضى التي ضربت البلاد، بما في ذلك الوضع في سيناء. وفر من السجون ألوف من المحكومين في قضايا إرهابية وجنائية، بمن في ذلك المحكومين من خلايا حماس وحزب الله.

«الإخوان» في السلطة
ومع هيمنة جماعة الإخوان على السلطة في مصر، من خلال البرلمان أولاً، ثم رئاسة محمد مرسي للدولة، عاد المئات من المتشددين المصريين من خارج البلاد. وتمَّ كذلك إخراج زرافات ممن تبقى من المتطرفين، من السجون المصرية، ليس من متطرفي سيناء فقط، بل من معتنقي الأفكار المتشددة من باقي المحافظات المصرية أيضاً. وفرّ غالبية هؤلاء إلى سيناء عقب الإطاحة بمرسي. وبدأت دوامة العنف تتخذ طابعاً أكثر حدة، ما اضطر دبابات الجيش لاجتياز قناة السويس والدخول إلى سيناء، بما في ذلك المنطقة «ج». ودكت الطائرات حصون «التكفيريين» في رفح والشيخ زويد وفي جبل الحلال الوعر. ولكن، كما يتساءل اللواء قشقوش: «لماذا لم تتوقف عمليات المتطرفين حتى الآن؟».
قد يكون السؤال الشائع أيضاً: «لماذا يتكرّر العمل بهذا الأسلوب؟». الإجابة ليست سهلة. أولاً: لا يمكن تفتيش كل مواطن وكل سيارة في سيناء. «الحياة ستتوقف» كما يقول قشقوش. ومن المشكلات التي تواجه السلطات الأمنية في سيناء، صعوبة الكشف عن المواد المتفجرة المتقدمة، والمقصود بها «تلك التي لا تعطي مؤشرات ولا إنذاراً للأجهزة الإلكترونية». ويستخدم المتطرفون أسلحة نوعية، تم العثور على نماذج منها عقب هجوم البرث الذي خلف نحو 26 قتيلاً وجريحاً.
ورغم التقدم الذي أحرزه الجيش المصري في تطهير سيناء من «التكفيريين»، خلال الشهور الأخيرة، فإن هناك مفردات تجعل الحرب على الإرهاب هنا ليست مسألة سهلة، ومنها الطبيعة الجغرافية الوعرة، حيث تكثر الأحراش والمزارع والأنفاق. وحسب قشقوش... «هذه المنطقة تشهد عمليات ضد الجيش وتعد معضلة رئيسية، وتبلغ مساحتها نحو ألف كيلومتر مربع... هي بيئة حاضنة ممتازة، تشبه تقريباً بيئة فيتنام مع الأميركيين، التي كان يغلب عليها الكثافة السكانية في قرى صغيرة قزمية منتشرة في مناطق فيها مستنقعات، وفيها مناطق شجرية وغابات، فكان التعامل الأميركي معها صعباً للغاية».
ويشير إلى أن الوضع في سيناء أكثر تعقيداً حتى من مدينة الموصل التي تحصن فيها تنظيم داعش قبل هزيمته أمام القوات العراقية أخيراً. ومع ذلك يؤكد: «قضينا على نسبة كبيرة من خطر الإرهاب في سيناء، لكن الحرب معه ما زالت طويلة المدى».

إلى سوريا والعراق
مذ تضييق الجيش الخناق على المتطرفين في سيناء، فرّ المئات منهم إلى سوريا والعراق ودول أخرى، إلا أن هناك رحلة عكسية لهذه العناصر الخطرة، إلى ليبيا، ومن ثمَّ إلى مصر مجدداً، وذلك بعد الضربات التي تلقاها تنظيم داعش في الموصل والرقة. العزبي يقول إنه «من المستحيل عبور أي جهادي من ليبيا إلى سيناء... لكن من الممكن أن يكون هناك بعض الدعم اللوجيستي للموجودين في الداخل، لأن الجيش أحكم سيطرته على كل المنافذ المؤدية إلى سيناء، سواء نفق الشهيد أحمد حمدي، الواصل بين سيناء وغرب مصر، أو المعدِّيات التي تعبر بين ضفتي قناة السويس، أو كوبري السلام».
غير أن العزبي لا يستبعد دخول «تكفيريين» إلى سيناء من خلال معابر أخرى، إذ يقول: «عودة المتطرفين إلى سيناء، في الفترة الأخيرة، ممكن عن طريق البحر، أو الأنفاق مع غزة... توجد تقنيات لحفر نفق مخصص فقط لعبور الإرهابيين لتنفيذ عمليات، والعودة، ثم تفجير النفق بعد ذلك، لإخفاء معالمه، وهو ما يزيد من معضلة الوضع في سيناء أمام السلطات».
ويشير إلى أن استخدام المتطرفين للضغط على الحكومة المصرية لا يقتصر على حماس فقط، ولكن هناك دولاً في المنطقة تفعل ذلك أيضاً. ويقول إنه، على سبيل المثال: «لا يمكن أن نتوقع ترحيباً إسرائيلياً بوجود قوات مصرية ضخمة من الجيش قرب حدودها، خصوصاً في المنطقة (ج). فرغم موافقة الحكومة في تل أبيب على ذلك، هناك أطراف في إسرائيل تنظر بحظر للأمر، وأعتقد أنها متورطة في إقلاق الجيش في تلك المنطقة».
ويستطرد العزبي قائلاً إن «الإحداثيات التي يملكها الإرهابيون لتحديد مواقع القوات الأمنية من الجيش والشرطة، إحداثيات لا تملكها إلا أجهزة مخابرات دول. نحن نعلم أن قطر تقدم دعماً لوجيستياً لهؤلاء المتطرفين، لكن تميّز الجماعات الإرهابية في العمل الاستخباراتي وتحديد مواقع رجال الأمن، وتحركاتهم، يتم عبر أجهزة مخابرات لديها الهدف ذاته، وهو محاولة إنهاك الدولة المصرية، ليس من خلال تنفيذ عمليات إرهابية في سيناء فقط، ولكن في عموم البلاد».

التعويل على القبائل
وتعول السلطات المصرية في الفترة الأخيرة على تضامن وتعاون قبائل سيناء في مواجهة المتطرفين، وفي حرمانهم من أي بيئة حاضنة، أو أي مجالات للحركة، خصوصاً بعدما هاجم تنظيم داعش عدداً من أبناء هذه القبائل، وأقدم على قتلهم والتمثيل بجثثهم. ومنها قبائل السواركة والترابين. ووفق قشقوش: «يمكن أن نقول إن التعاون ضد الأغراب وضد الإرهابيين ازداد حين أضيرت هذه القبائل في عدد من أبنائها. لكن لو حدث تعاون أكبر بين الدولة والقبائل، في سيناء، سيكون المردود المعلوماتي أفضل». ويضيف أن «الحرب ضد الإرهاب في مثل هذه المناطق، تعتمد بنسبة 99 في المائة على المعلومات، وبنسبة 1 في المائة على العمل العسكري، وما أسهله... نحتاج لفيض من المعلومات الدقيقة بشكل مستمر»، مشيراً إلى أن الهجوم على أفراد الجيش في منطقة البرث يوم الجمعة قبل الماضي، سببه الرئيسي نقص في المعلومات... «في اعتقادي، لو كانت الشبكة المعلوماتية موجودة لتغير الأمر.. الدقائق تُحدث فرقاً كبيراً في مثل هذه الأحداث. الطرف الآخر يعتمد على المفاجأة».
ثم إن من نفذوا عملية يوم الجمعة قبل الماضي، ليسوا بالعدد القليل... فقد قتل الجيش نحو 40 منهم، وبالتالي فإن من كانوا يقفون وراء العملية، وفقاً لرأي قشقوش، لا يقلون عن 70 أو 80 فرداً أو أكثر... ويتساءل مجدداً: «أين اجتمعوا، وأين خططوا... لا بد أن يكونوا قد اجتمعوا في مكان معين... حتى لو تكلموا في التليفونات، فهي مراقبة. وهناك نسبة من التنصت، ولا يحدث عمل بمثل هذا الحجم إلا إذا حدث اجتماع كبير، أو أكثر من اجتماع كبير. لو كانت لديك هذه المعلومة، لكان لديك القدرة على إحباط العمل قبل أن يتم».
أخيراً، يبدو من نشاط «التكفيريين» في سيناء خلال الشهور الأخيرة أنه يوجد نقص في المتفجرات المتقدمة، إذ جرى اكتشاف عملية خلط، يقوم بها المتطرفون للمواد المحلية، من المتفجرات التي تعود إلى مخلفات الحرب العالمية الثانية، مع مواد حديثة شديدة التدمير. ويذكر مصدر عسكري في سيناء أنهم «يطوعون خامات محلية.. يخلطونها بمواد جرى تهريبها من ليبيا أو من قطاع غزة... يستخدمون كميات قليلة من الرصيد الشديد التفجير، كي لا ينضب، ويضعونه مع بعض المواد المحلية القابلة للانفجار. الفرق كبير جدا... تفجير 20 عبوة من المادة المحلية، مثل تفجير عبوتين من المواد المتقدمة. انفجار البرث كان ضخماً للغاية».



ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
TT

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في أزمة سياسية بعد الانهيار المفاجئ للحكومة الائتلافية التي يرأسها المستشار أولاف شولتس. وبهذا التطوّر بات شولتس أحد أقصر المستشارين حكماً في ألمانيا؛ إذ إنه قبل إكماله 3 سنوات على رأس الحكومة الائتلافية التي تمثل 3 أحزاب (اشتراكي وليبرالي وبيئي «أخضر») صار المستشار رئيساً لحكومة أقلية مؤلفة من حزبين بانتظار الانتخابات المبكرة التي حُدّد موعدها يوم 23 فبراير (شباط) المقبل.

الحكومة الألمانية ترنّحت إثر انسحاب «ضلعها» الليبرالي، الحزب الديمقراطي الحر، منها. ورغم انسحاب الحزب، أراد رئيسها المستشار أولاف شولتس الاستمرار على رأس «حكومة أقلية» حتى نهاية مارس (آذار)، وهو التاريخ الذي حدّده في البداية لإجراء الانتخابات المبكرة عوضاً عن نهاية سبتمبر (أيلول).

لكن أمام ضغوط المعارضة وافق المستشار وزعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) على تقريب الموعد شهراً آخر. وحتى بعد إجراء الانتخابات، فإن فترة الشكوك قد تستمر لأسابيع أو أشهر إضافية. وللعلم، في ألمانيا، لم يسبق أن فاز أي حزب بغالبية مطلقة تسمح له بتشكيل حكومة منفرداً. وبالنتيجة، حكمت ألمانيا (الغربية أساساً) منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حكومات ائتلافية قادها إما محافظو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين الوسط) أو اشتراكيو الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار الوسط).

فريدريش ميرتز (آجنزيا نوفا)

اليمين عائد... لكن!

هذه المرة يبدو أن الديمقراطيين المسيحيين (الحزب الذي قادته لفترة أنجيلا ميركل) يتجهون لاستعادة السلطة. فحزبهم تصدر استطلاعات الرأي بفارق كبير بنسبة تصل إلى 33 في المائة، وهي أعلى من النسبة التي تتمتع بها الأحزاب الثلاثة التي شكَّلت حكومة شولتس مجتمعة، قبل انهيارها. غير أن اختيار الحزب الشريك - أو الأحزاب الشريكة – في ائتلاف الديمقراطيين المرتقب، قد يكون أمراً معقّداً ويستغرق وقتاً طويلاً.

عقبة البيروقراطية

من ناحية ثانية، رغم محاولات الديمقراطيين المسيحيين تقريب موعد الانتخابات أكثر، مستفيدين من تقدم حزبهم في استطلاعات الرأي، ودعوات جمعيات الأعمال لتقليص فترة الشك والغموض في بلد لم يشهد نمواً اقتصادياً منذ 5 سنوات، فإن البيروقراطية الألمانية شكّلت عائقاً أساسياً أمام ذلك.

وحقاً، لا يقع اللوم في تأخير الانتخابات لنهاية فبراير (شباط) فقط على تشبّث شولتس بإطالة عمر حكومته العاجزة عن العمل. ذلك أنه فور انهيار الحكومة، وبدء الكلام عن انتخابات جديدة، دقّت «هيئة الانتخابات» جرس الإنذار محذّرة من أن التسرّع في إجرائها قد يؤدي إلى أخطاء تسببت بإعادتها. ورأت «الهيئة» ضرورة إفساح الوقت الكافي لتحضير اللوائح، وطبع الأوراق، وتحديات العثور على ورق كافٍ ومطابع جاهزة للعمل في خلال مدة زمنية قصيرة.

نقاط خلافية جدّية

ورغم سخافة هذا المشهد، فهو يعكس واقعاً في ألمانيا المقيدة بالبيروقراطية التي تعيق الكثير من تقدّمها، وكان واحداً من أسباب انهيار الحكومة في النهاية. فقد فشلت حكومة شولتس بإدخال أي إصلاحات لتخفيف البيروقراطية رغم التوصيات المتكرّرة من اختصاصيين. ولقد صدرت آخر هذه التوصيات الأسبوع الماضي من «مجلس الخبراء الاقتصادي»، وهو «مجلس حكماء» مدعوم من الحكومة، دعا إلى تقليص البيروقراطية وتسريع «المكننة» كواحدة من الخطوات الرئيسة لتحقيق النمو الاقتصادي.

وللعلم، كانت تلك واحدة من الخلافات الأبرز بين أحزاب الائتلاف الحكومي الثلاثة. فليبراليو الحزب الديمقراطي الحر (وسط) - الذي يعتبر مؤيداً لمجتمع الأعمال والشركات الكبرى - دفعوا منذ تشكيل الحكومة إلى «تقليص البيروقراطية»، خصوصاً على الشركات، إضافة إلى تخفيض الضرائب عنها، لكن أولويات الاشتراكيين وحزب «الخضر» البيئي تمثّلت بزيادة المعونات الاجتماعية والاستدانة لمواجهة التحديات الاقتصادية التي فرضتها تبعات حرب أوكرانيا وجائحة «كوفيد - 19».

قضية الإنفاق العام

شكّل الإنفاق العام نقطة خلافية أخرى مع الليبراليين الذين رفضوا التخلي عن بند كبح الديون الذي يوصي به الدستور الألماني إلا في الحالات القصوى. وجرى التخلي عن هذا البند بعد جائحة «كوفيد - 19» عندما اضطرت الحكومة إلى الاستدانة والإنفاق لمساعدة الاقتصاد على النهوض. وفي المقابل، أراد الاشتراكيون و«الخضر» مواصلة العمل بتعليق بند كبح الديون ضمن خطط إنعاش الاقتصاد وتمويل الحرب الأوكرانية، لكن ليندنر رفض رغم أن «مجلس الخبراء» أوصى ببحث هذا البند وتخفيف التقيد به.

هكذا أدى الخلاف على إجراءات إنعاش الاقتصاد وميزانية عام 2025 إلى انفراط التحالف مع الليبراليين، ودفع بشولتس إلى طرد زعيمهم ووزير المالية كريستيان ليندنر، الذي قدم مقترحاً لتقليص البيروقراطية وخفض الضرائب مقابل خفض الإعانات الاجتماعية لتمويل الحرب في أوكرانيا من دون زيادة الدين العام.

الاشتراكيون بقيادة شولتس وحزب «الخضر» رفضوا مقترح ليندنر من دون القدرة على التوصل إلى «حل وسط»، مع أن المستشار اعتاد المساومة والحلول الوسطى منذ تشكيل حكومته التي غالباً ما شابتها الخلافات الداخلية.

وطبعاً، دفع طرد ليندنر الوزراء الليبراليين للتضامن مع زعيمهم والاستقالة... ما فرط عقد الحكومة. وبعد أيام من الجدل حول موعد الانتخابات المقبلة، اتفقت الأحزاب على طرح الثقة بالحكومة يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) - ويتوقع أن تخسرها بعد خسارتها الغالبية البرلمانية - ما سيؤدي إلى انتخابات عامة حدد موعدها في 23 فبراير.

كريستيان ليندنر (رويترز)

الاقتصاد أساس الأزمة

نقطة إنعاش الاقتصاد تظهر الآن نقطةً خلافية أساسية، بينما يراوح الاقتصاد الألماني مكانه عاجزاً عن تحقيق أي نمو يذكر. ثم أن مئات الشركات الصغيرة والوسطى أقفلت خلال العامين الماضيين، وبدأت حتى كبرى شركات السيارات تعاني خسائر دفعت بشركة «فولكسفاغن» العملاقة إلى إقفال 3 من مصانعها العشرة في ألمانيا.

مع هذا، لا يمكن لوم سياسات الحكومة والخلافات الداخلية حول التعامل مع الاقتصاد وحدها، لتبرير تدهور الاقتصاد الألماني خلال السنوات الثلاث الماضية. إذ بدأت حكومة شولتس عملها في خضم جائحة «كوفيد - 19» التي تسببت بأزمات اقتصادية عالمية، وتلت الجائحة الحرب الأوكرانية وتبعاتها المباشرة على ألمانيا، التي كانت تستورد معظم حاجاتها من الغاز من روسيا. وقد تعاملت حكومة شولتس مع انقطاع الغاز الروسي السريع عن ألمانيا بحكمة، ونجحت في تعويضه بسرعة من دون التسبب بأزمة نقص للغاز في البلاد. وأيضاً اتخذت تدابير لحماية المستهلكين من الارتفاع الكبير في الأسعار، مع أنها ما كانت قادرة على تفادي التداعيات بشكل كامل.

من ثم، تحوّلت الحكومة إلى ما يشبه حكومة إدارة الأزمات والسياسات السيئة الموروثة عن الحكومات السابقة. لكن حتى هنا، يمكن تحميل الاشتراكيين بعض مسؤولية السياسات الاقتصادية السيئة، ومنها اعتماد ألمانيا بشكل متزايد طوال حكومات أنجيلا ميركل الأربع على الغاز الروسي، والسبب أن الاشتراكيين شاركوا في ثلاث من هذه الحكومات، وشولتس نفسه كان وزيراً للمالية ثم نائب المستشارة.

علاقة الاشتراكيين بروسيا

من جانب آخر، لم يساعد القرب التاريخي للاشتراكيين من روسيا حكومة شولتس بإبعاد نفسها عن موسكو؛ إذ بقي المستشار متردداً لفترة طويلة في قطع العلاقات مع روسيا ودعم أوكرانيا. ومع أن ألمانيا تحوّلت الآن إلى ثاني أكبر داعم عسكري لكييف بعد واشنطن، فإن تردد شولتس شخصياً في كل قرار يتعلق بتسليح أوكرانيا، غالباً ما وضعه في مواجهة مع حليفيه في الحكومة وكذلك مع المعارضة. وللعلم، يعتمد شولتس سياسة حذرة في دعم أوكرانيا ولا يؤيد ضمها لـ«ناتو» (حلف شمال الأطلسي)؛ تخوفاً من استفزاز روسيا أكثر وخشيته من دفعها لتوسيع الصراع.

في أي حال، كرّر شولتس القول في كل مناسبة بضرورة استمرار دعم أوكرانيا، وكان هذا واحداً من أسباب الخلافات حول الميزانية التي أدت إلى انهيار الحكومة، فوزير المالية أراد اقتطاع مخصّصات اجتماعية لتمويل الحرب في حين شولتس أراد الاستدانة لذلك رافضاً المس بالإعانات.

وحيال أوكرانيا، مع أن مقاربة تمويل الحرب في أوكرانيا تختلف بين الأحزاب الألمانية، لا خلاف على دعم كييف لا خلاف عليه. بل يتشدّد الديمقراطيون المسيحيون المتوقع فوزهم بالانتخابات وقيادتهم الحكومة المقبلة أكثر في دعمهم. ويؤيد زعيم حزبهم، فريدريش ميرتز، الذي قد يصبح المستشار القادم، أوكرانيا ضم أوكرانيا «فوراً» إلى «ناتو» بخلاف شولتس، كما يؤيد إرسال صواريخ «توروس» البعيدة المدى والألمانية الصنع إليها، بينما يعارض شولتس ذلك.

وهنا نشير إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي كان طوال السنوات الماضية، منذ تفجّر الحرب الأوكرانية، شديد الانتقاد لتردّد المستشار الاشتراكي في قرارات تسليح كييف وقطع العلاقات الاقتصادية مع روسيا، رغم أنه كان المسؤول عن وصول العلاقات الاقتصادية إلى مرحلة الاعتماد الألماني على الطاقة الروسية... كما كان حاصلاً قبل الحرب.

على الحكومة الجديدة التعامل مع ترمب

في ملف العلاقات الاقتصادية

أولاف شولتس (رويترز)

تبعات عودة ترمب

في اتجاه موازٍ، مقاربة الحرب الأوكرانية ستضع أي حكومة ألمانية جديدة في مواجهة محتملة مع إدارة دونالد ترمب القادمة في واشنطن. إذ ستضيع ألمانيا شهوراً ثمينة في تحديد سياستها مع العد العكسي للانتخابات المبكرة وتفاوض الأحزاب خلالها على تشكيل حكومة ائتلافية.

ولن يكون أمام الحكومة الجديدة فقط تحدي التعامل مع إدارة ترمب في ملف أوكرانيا، بل أيضاً في ملف التجارة والعلاقات الاقتصادية. ذلك أن ترمب في عهده الأول دأب على انتقاد ألمانيا بسبب ضخامة صادراتها إلى الولايات المتحدة، وبخاصة السيارات، التي تفوق بأضعاف الصادرات الأميركية إليها. وبالفعل، هدَّد آنذاك برسوم على السيارات الألمانية في حال لم تزد برلين وارداتها من الولايات المتحدة خاصة الغاز الأميركي الذي كان ترمب يضغط على ميركل لاستيراده عوضاً عن الغاز الروسي. بالتالي، مع عودة ترمب، ستعود المخاوف من حرب اقتصادية مع واشنطن قد تكون إذا وقعت مدمّرة لقطاع السيارات الألمانية. وحقاً، خفّضت كل الشركات الألمانية الكبرى سقف توقّعاتها للأرباح في الأشهر المقبلة، بعد تراجع مبيعاتها في الأسواق الخارجية وتحديداً الصين، بشكل كبير. وقد يشكّل تقلّص سوقها في الولايات المتحدة ضربة جديدة لها يحذّر الخبراء الاقتصاديون من أن تبعاتها ستكون مؤلمة للاقتصاد الألماني.

حسابات الانتخابات المقبلة

عودة إلى حسابات الداخل، لم يطرح الزعيم الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتز، في الواقع، فكرة إعادة وزير المالية المعزول كريستيان ليندنر إلى حكومته المحتملة. لكن سيتوجّب أولاً على حزب ليندنر، أي الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) أن يكسب أصواتاً كافية لتمثيله في البرلمان. وحتى مع تحقيق هذا قد لا يكون التحالف بين الحزبين كافياً لضمان الغالبية، إلا إذا حصلت مفاجأة وحقق أحد الحزبين نتائج أعلى من المتوقع في الاستطلاعات، كما فعل الاشتراكيون في الانتخابات الماضية عندما نالوا قرابة 26 في المائة متقدمين على الديمقراطيين المسيحيين الذين نالوا 24 في المائة من الأصوات. ويومذاك كانت استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات تشير إلى شبه تعادل بين الحزبين.

من ثم، في حال بقاء ليبراليي الحزب الديمقراطي الحر خارج الحكومة، قد تعيد ألمانيا إنتاج حكومة يشارك فيها الحزبان الرئيسان المتناقضان في سياساتهما الاجتماعية والاقتصادية، أي الاتحاد الديمقراطي المسيحي اليميني والحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي). وقد يُجبَر الحزبان على ضم شريك ثالث يرجح أن يكون حزب «الخضر» في حال غياب الليبراليين عن المشهد. وقد تعيد هكذا حكومة ثلاثية فترة الخلافات والاضطراب التي شهدتها ألمانيا في ظل الحكومة الثلاثية الحالية التي رغم انجازاتها، لا يذكر كثيرون إلا الخلافات التي شابتها.وحتى ذلك الحين، فإن التحديات التي ستواجهها أي حكومة ألمانية قادمة، تجعل من فترة انتظار الانتخابات وتشكيل الحكومة، فترة صعبة ستزيد من عمق الأزمة الاقتصادية وتشرذم الموقف الألماني والأوروبي أمام الإدارة الأميركية.