الخرطوم: علاقتنا بمصر خط أحمر... ولن نسمح بالمساس بأمنها

وزير الإعلام: لا وجود إخوانياً مسلحاً في السودان

TT

الخرطوم: علاقتنا بمصر خط أحمر... ولن نسمح بالمساس بأمنها

أكدت الحكومة السودانية، أمس، أن العلاقة مع مصر مهمة و«خط أحمر، ولن نسمح بالمساس بأمنها»، نافية أي وجود مسلح لجماعة الإخوان المسلمين على أراضيها.
وأكد نائب رئيس الوزراء وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية الدكتور أحمد بلال عثمان، حرص بلاده على العلاقات مع مصر، ووصفها بأنها «خط أحمر، ومقدسة، وستظل أبدية، ولن نسمح بالمساس بالأمن القومي المصري».
وشدد وزير الإعلام، خلال لقائه عدداً من الصحافيين والإعلاميين بمقر السفارة السودانية بالقاهرة أول من أمس، على أن «العلاقة بين البلدين يجب دعمها، وتحصين المزاج الشعبي ضد أي محاولات للإساءة للبلدين»، مؤكداً أن «ما يحدث من إساءات يمثل مؤامرة ضد وادي النيل».
ونفى وجود جماعات مسلحة ومعارضة وجماعات إرهابية، من بينها جماعة الإخوان المسلمين، تعمل ضد مصر من السودان، قائلاً: «لن نسمح بأن تكون هناك جماعات من الإخوان المسلمين تتدرب على أراضينا، وتحمل السلاح ضد مصر». كما أكد أنه حمل رسالة من القيادة السودانية أبلغها للمسؤولين المصريين أنه «لا يوجد إخواني واحد يتدرب أو يحمل السلاح انطلاقاً من الأراضي السودانية».
وأضاف: «هذا الملف سيعالج بحكمة وهدوء بين الجانبين، ونحن على استعداد لإتاحة الفرصة للإخوة المصريين للتحقق من صدق حديثنا لإزالة أي هواجس»، مؤكداً أن العلاقة المصرية السودانية «خط أحمر، ونحذر من المساس بها، وسوف تشكل قريباً لجنة وزارية برعاية الرئيس السيسي لتفعيل ميثاق الشرف للحفاظ على العلاقات».
وكشف عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية سامح شكري إلى الخرطوم نهاية الشهر الحالي، لاستكمال اللقاء الذي جمع وزيري خارجية البلدين في القاهرة أخيراً، وقال: «طلبنا من الإخوة المصريين زيادة في رفع هذه الهواجس أن يتم تشكيل قوات أمن مصرية سودانية مشتركة على الحدود لسد أي ثغرات ينفذ منها أي شيء يهدد أمن البلدين».
وحول سد النهضة الإثيوبي، قال وزير الإعلام السوداني إن سد النهضة جاء في فترة حرجة، كانت تعاني فيها مصر من الارتباك، مشيراً إلى أن هناك 3 قضايا يجب أن تعالج: الأولى، التخوف من التصميم وانهيار السد؛ والمتضرر الأول هنا هو السودان. والثاني، كيفية ملء الخزان، فإذا تم ملؤه في سنة، لن تصل قطرة مياه واحدة لمصر والسودان، ولو خلال 3 سنوات، سيكون هناك ملايين من العطشى، مشيراً إلى أنه يجب ألا يقل موعد ملء الخزان عن 7 أو 8 سنوات. والأمر الثالث يتعلق بعملية تدفقات المياه إلى مصر والسودان، موضحاً أن سد النهضة تم تشييده على بعد 12 كلم من السودان، وهو مبني في جزء صخري، ويستحيل أن تستخدمه إثيوبيا في الزراعة، بل الكهرباء.
وتابع بلال: «نحن حريصون على أن تصل حصة السودان ومصر من المياه غير منقوصة، طبقاً للاتفاقات، فالسودان لا يقوم بالوساطة، بل نحن في معركة واحدة جنباً إلى جنب مع مصر، ولا يجوز أن نسمع في أي مكان أن السودان تمالي إثيوبيا ضد مصر، وكل ما يهمنا هو العمل على ألا تنقص حصة مصر من مياه نهر النيل قطرة مياه واحدة».
وأكد الوزير السوداني: «لدينا الآن فرصة تاريخية أكبر للتقارب، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، فالعلاقات بين أبناء وادي النيل كانت مصيرية منذ الأزل، ولم تكن هناك حدود، وكان الشعبان يعيشان في القطر الشمالي والجنوبي بلا فواصل، وكان أحياناً يأتي الحاكم أو الفرعون من القطر الجنوبي».
وأوضح أن العلاقات بين مصر والسودان يجب أن تكون «علاقة مصالح اقتصادية مشتركة، لتقاسم النعمة في وادي النيل»، مؤكداً أن الحدود بين البلدين جديدة، وأمر حديث بالنسبة للعلاقات الممتدة منذ مئات السنين، وأن «الاحتلال البريطاني هو من وضع بذور العزلة والحاجز بين الشعبين».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».