نيشان لـ«الشرق الأوسط»: لا أحد يمكنه أن يطفئ الضوء الذي في داخلي

قال إنه كان بمثابة ضيف شرف على برنامج «رامز تحت الأرض»

نيشان لـ«الشرق الأوسط»: لا أحد يمكنه أن يطفئ الضوء الذي في داخلي
TT

نيشان لـ«الشرق الأوسط»: لا أحد يمكنه أن يطفئ الضوء الذي في داخلي

نيشان لـ«الشرق الأوسط»: لا أحد يمكنه أن يطفئ الضوء الذي في داخلي

جاءت إطلالة المقدم التلفزيوني نيشان ديرهاروتيونيان في برنامج «رامز تحت الأرض» في شهر رمضان لهذه السنة مختلفة تماماً عن سابقاتها. فالإعلامي اللبناني الذي حقق نجاحات واسعة في برامج تلفزيونية عديدة على مدى أكثر من 15 عاماً، أراد هذه المرة أن يحدث الفرق على طريقته فحلّ ضيف شرف بدل أن يكون «مايسترو»، وحاور ضيوفه لدقائق بدل ساعات طويلة كما اعتاد في برامجه المعروفة. «لقد رغبتُ شخصيّاً في إجراء هذا التغيير في مشواري التلفزيوني، إذ كان لدي الخيار ما بين تقديم برنامج خاص بي أو أن أشارك ضيفَ شرف مع (رامز تحت الأرض). ودون تردد رحت صوب الخيار الثاني لأنني كنتُ أعلم تماماً أنه سيحدث هزّة إيجابية، وهكذا حصل».
قال نيشان لـ«الشرق الأوسط»، ولكن ولّد البرنامج لديك أعداء كثيرين في المقابل فما رأيك؟ يردّ: «في الحياة ليس هناك من أعداء دائمين، وعندما نحقق النجاحات ترينهم يطوفون على وجه المياه لكنهم لا يلبثون أن يختفوا تماماً كما ظهروا»، ويتابع: «طالما وجّهت إلى الانتقادات، وحاربني كثيرون خلال مسيرتي التلفزيونية، وفي عزّ نجاحاتي التي ما زلتُ أحصدها حتى اليوم فهذا الأمر ليس بالجديد عليّ».
فحسب نيشان، هناك من احتذى بنمط حواراته وحتى بديكورات برنامجه التي شكّلت نزعة بحد ذاتها راجت في العالم العربي، ومع ذلك كانت أقلام وأفواه كثيرة تهاجمه إلا أنه لم يتأثّر بأي منها، وبقي ماشياً واثق الخطوة أبداً كما يقول.
«توقعوا لي الفشل أكثر من مرة حتى عندما قدمت أهم البرامج الفنية (مايسترو) و(أنا والعسل) و(تاراتاتا)، ولكن جميع هذه التوقعات مرت مرور الكرام. فأنا أعرف تماماً ماذا أريد واختار خطواتي حسب مخططاتي، ومنذ البداية كنت أعرف أنني سأجاهد، وأنجح ولا أحد يمكنه أن يقرر عنّي أو أن يخفّف من طاقتي في العمل».
إذن ماذا أضاف لك «رامز تحت الأرض»؟
«ليس هناك من شيء اسمه إضافة بل مخزون تجربة جديدة، فعندما كان يطلّ عمر الشريف في مشهد واحد في فيلم ما، لم يكن يسأل عن الإضافة التي ستلحقه من خلال دوره القصير هذا، إذ كان يعلم تماما أنه نجم ويحقّ له هذا النوع من الإطلالات. لا أرغب في مقارنة نفسي بنجم مثله، ولكن لدي الحق أيضاً اليوم، وبعد مشواري الطويل في عالم التلفزيون أن أختار قراراتي مع حفاظي طبعاً على صورتي وتجربتي الغنيّة».
ويؤكّد نيشان أنه استُدعِيَ إلى البرنامج لإجراء تلك المقابلات القصيرة، بعد أن تمّ تأمين 27 ضيفاً من أصل ثلاثين من قبل جهة الإنتاج، وأن عدداً كبيراً من الضيوف كانوا متحمسين للقائه، كما ذكروا له في اتصالات هاتفية أو أحاديث جانبية أجراها معهم بعد مقابلته لهم. و«لكن ألم تخف الوقوع في مأزق مع الذين حاولت الاتصال بهم للمشاركة في البرنامج؟»، يرد: «هو برنامج ترفيهي من نوع (Prank show) يحقق أعلى نسبة مشاهدة في موسم رمضان في العالم العربي، وتركيبته معروفة ولا أحد يطل فيه أكثر من مرة وبعضهم عرض نفسه شخصيّاً للمشاركة. فعن أي مأزق تتكلّمين؟ هل تعتقدين أنني في المستقبل وعندما سأتصل بنجم ما ليطلّ في برنامجي سيرفض؟».
وعما تعلّم من هذه التجربة أجاب: «تعلّمت أن بعض الناس يخترعون أسباباً يدّعون فيها أن نجمك آيل إلى الأفول حتى لو كانت طبيعة هذه الأسباب افتراضية، فالبعض أكد أن البرنامج سيسطّر نهايتي وأنا أقول لهؤلاء: لا أحد يستطيع أن يطفئ الضوء الذي في داخلي». ويضيف: «تعلّمت أنه لا يمكن لأحد أن يصادر قرار الشخص الآخر، وأنه في مهنتنا نحن من نضع الإطار الذي نريد أن نطل من خلاله على المشاهد. فأوبرا وينفري أو لاري كينغ كانا يحاوران رؤساء جمهورية ونجوم هوليوود مرات وأحياناً أخرى ومن على الكرسي ذاته يلتقون بعامل بسيط؛ فهل أثّر ذلك على مسيرتهما؟ أبداً».
ويختم هذا الموضوع ويقول: «كم من مرة نسمع انتقادات عن مقدّم برنامج سياسي مثلاً، لأنه استضاف فناناً نجماً، فيقال إنه لا يصلح لذلك (مش شغلتو). إنه إعلامي ويستطيع محاورة أشخاص مختلفين. فأنت أيها المتلقّي غير معتاد على تلقّف هذا المشهد. هو حقك، وأنت حرّ وأفهمك تماماً، ولكن ذلك لا يعني أن وجهة نظرك مقدّسة».
استمتع نيشان في برنامج «رامز تحت الأرض» باستضافة وجوه فنية لأول مرة كمحمود حميدة ومي عمر وناهد السبيعي وشاروخان: «لقد سعدت بمقابلتهم، وكان شعوراً متبادلاً عبّروا لي عنه بعد انتهائي من محاورتهم».
ولكن ما الذي يستفزّ نيشان بعد خوضه تجربة طويلة مع الإعلام يردّ: «لا شيء أبداً لأن الأمر هو كناية عن وقت وينتهي».
وعن إطلالته في برنامج «مجموعة إنسان» على شاشة «إم بي سي»، قال: «كنت متحمساً للظهور كضيف في برنامج تلفزيوني على محطة تلفزيونية رائدة إذ كانت آخرها في عام 2011، فلطالما كان لدي تحفظ حول هذا الموضوع يتعلّق بالوقت المخصص لهذه الإطلالة، وهذا البرنامج أمّن لي هذه النقطة وكذلك محاور بارع إلا وهو الزميل علي العلياني».
و«أنت بعيد عن الأضواء هل تشعر بالانزعاج؟»... يقول: «تعودتُ هذا الانتظار منذ عملي في تلفزيون (الجديد) عندما كنت أطلّ مرة واحدة في موسم رمضان وفي باقي الأيام أتفرّج على الآخرين، وهو أمر زادني خبرة ونضجاً لأن الاختلاء بالنفس أهم عامل اجتماعي في استطاعته أن يزيد من ثقتك بنفسك ويرفّعك عن الأمور التافهة».
تابع نيشان مسلسلات رمضانية وأعجب بـ«الهيبة» لنادين نسيب نجيم وتيم حسن، وكذلك بـ«الحرباية» لهيفاء وهبي، و«حلاوة الدنيا» لهند صبري. «هي أعمال لفتتني بحبكتها وتكاملها كما أنني شاهدت أعمالاً أخرى ولكن بشكل متقطّع».
بماذا سيطل نيشان على مشاهديه قريبا؟ يردّ: «لا أدري بعد، ولكني أعرف تماماً بأني سأطلّ في رمضان المقبل كون هذا الشهر التلفزيوني الطويل وبكل تواضع لا تكتمل شبكته من دوني، فالضيوف الذين يطلّون معي يعيشون تجربة حوارية مغايرة تماماً عن تلك التي يقومون بها مع غيري».
ولم يستبعد أن ينتقل إلى مجال التمثيل، وهو يدرّس مادة الإعلام المرئي في الجامعة إلى جانب ورشات عمل مستقبلية يقيمها في هذا المجال في البحرين ودبي، ويستكمل: «ولمَ لا أدخل هذا المجال فأنا مسؤول عن خطواتي المستقبلية وأعرف تماما ما يناسبني، وفي المقابل هو حق للناس أن تعطي رأيها فيَّ إيجابيّاً كان أو سلبيّاً».
وعن النصيحة الذهبية التي يحبّ أن يزوّد بها جيل اليوم الطامح للعمل في مجال المرئي يقول: «لو كنت أملك نصيحة ذهبية لاحتفظت بها لنفسي. فانا أيضاً بحاجة لنصائح الآخرين، فصحيح أنني أعمل على تطوير نفسي ولكني ناقد قاسٍ لها وأعرف تماماً أين أخفقت والعكس صحيح».



سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
TT

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)

بعد نحو 30 عاماً من مسيرة غنائية رصّعتها الفنانة سمية بعلبكي بالطرب الأصيل، جرى تكريمها أخيراً، في حفل جائزة الـ«موركس دور»، ولكنها تلقّتها بغصّة في القلب. فهي جاءت مباشرة بعد حرب دامية شهدها لبنان، وإثر تفجير منزل بعلبكي العائلي في قريتها العديسة الجنوبية. اختلط طعم فرح النجاح بمرارة خسارة ذكريات الطفولة، فتمنت لو أن هذه المناسبة جاءت في وقت ثانٍ كي تشعر بسعادة التقدير الحقيقية. وتقول بعلبكي لـ«الشرق الأوسط»: «أنبذ الحروب بكل أوجهها حتى المقدّسة منها. فهي مبنية على صراعات تبحث عنها البشرية عبر التاريخ، ولكنها لم تحمل يوماً إلا النتائج السلبية في طيّاتها».

تصف سمية بعلبكي خسارة منزل العائلة كمن فقد قطعة من وجدانه. «إنه يمثّل الذكريات والهوية ومسافة أمان في الوطن. عندما تلقيت الخبر أحسست بالفراغ وكأن سقفاً اقتلع من فوق رأسي، صارت السماء مكشوفة. داهمني الشعور بالغربة، لأن لكل منّا بيتين، أحدهما منزل نقيم فيه، والثاني هو الوطن. وعندما نفقد بيتنا الصغير يتزعزع شعور الأمان بمنزلك الكبير».

أثناء تسلّمها جائزة {موركس دور} (سمية بعلبكي)

في تكريمها بجائزة «موركس دور» تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الفنية، خلعت بعلبكي لبس الحداد على بيتها للحظات. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت بحاجة إلى الأمل وإلى غد أفضل. رحلتي هي كناية عن جهد وتعب وتحديات جمّة. فرحت بالجائزة لأنها تكرّم مسيرة صعبة. فالموسيقى بالفعل تشفي من الجراح، لا سيما أن قلبي كان مكسوراً على وطني وأرضي. يا ليت هذا التكريم جاء في توقيت مغاير لكان وقعه أفضل عليّ».

تألقت سمية بعلبكي وهي تتسلّم جائزتها وفرحة ملامح وجهها كانت بادية على وجهها. وتوضح: «لقد سألت نفسي عند مصابي كيف أستطيع تجاوزه ولو للحظات. كانت الموسيقى هي الجواب الشافي. خرجت بعبارة (سنغني قريباً) لعلّ الجرح يطيب. تأثري بفقدان منزلنا العائلي ترك بصماته عليّ. ولا أعتقد أنني أستطيع تجاوز هذا الحزن ولو بعد حين. فإثر إعلامنا بخبر تفجير البيت بقيت لأسابيع طويلة فاقدة القدرة على الغناء. صمت صوتي وما عدت أستطيع ممارسة أي تمارين غنائية لصقله. الألم كان كبيراً، لا سيما أننا لم نتمكن بعد من لمس المصاب عن قرب. لم نر ما حصل إلا بالصور. أرضنا لا تزال محتلة ولا نستطيع الوصول إليها كي نلملم ما تبقى من ذكرياتنا، فنبحث عنها بين الردم علّها تبلسم جراحنا».

الانسلاخ عن الفن طيلة هذه الفترة، لم تستطع سمية بعلبكي تحمّل وزره. «إننا شعب يحب الحياة ويكره الحروب. وأنا بطبعي لا أنكسر أو أستسلم للكآبة والإحباط. نفضت غبار الحرب عني، وقررت إكمال الطريق رغم كل شيء».

تقول بعلبكي إن أحلاماً كثيرة تراودها ولم تستطع تحقيقها بعد. «أحياناً يقف الزمن حاجزاً بيني وبينها. مرات أخرى لا تأتي الفرصة المناسبة لاقتناصها. هناك العديد من أبناء جيلي أقفلوا باب الغناء وراءهم وغادروا الساحة بسبب مصاعب واجهوها. ولكن من ناحيتي، حبّ الناس كان عزائي الوحيد. لقد أحياني وأسهم في إكمالي المشوار».

تمسّكت سمية بعلبكي بالأغنية الأصيلة فاتخذتها هوية لا تتنازل عنها. جميع أعمالها الفنية تتسّم بالرقي والطرب الأصيل. يحلّق معها سامعها في سماء يكمن ازرقاقها بصوتها الشجي. هل شكّلت هويتها هذه عائقاً لانتشار أوسع؟ ترد: «لقد تربيت في منزل فني بامتياز يقوم على الأصالة. والدي ووالدتي الراحلان زرعا في داخلي حب الفن الحقيقي غير المستهلك، فكانا أول من شجعني على دخول الفن. تمحور حلم والدي على رؤيتي فنانة تعتلي المسرح وتغني الأصالة. وما أقوم به ينبع من داخلي ومن شغفي للفن، ولا أستطيع يوماً تغيير هويتي هذه».

تحضّر أغنية جديدة من ألحان الراحل إحسان المنذر (سمية بعلبكي)

وما تلاحظه اليوم على الساحة هو توارث هذا الفن عند مواهب الغد. «يلفتني غناء مواهب صغيرة في برامج الهواة للأغنية الطربية. هم يؤدونها بأسلوب رائع يستوقفني. فهو أمر يفرّحني بحد ذاته؛ كون الأغنية الطربية لها مكانتها في هذا النوع من البرامج، ويتربى الجيل الجديد عليها. أصوات رائعة سمعناها في السنوات الأخيرة. وأتمنى أن تلاقي الفرص المناسبة كي تبدع وتتألّق».

ولكن هل شعرت بالإحباط أو الخيبة في لحظات معينة؟ «لكل منا لحظات من هذا النوع. أصبت بخيبات كثيرة وواجهت معاكسات مختلفة وفقدان فرص مؤاتية، وأصعب هذه اللحظات هي تلك التي يغيب فيها التقدير. ولكنني أعود وأنتصب دائماً وأبذل الجهد من جديد. لم أعرف يوماً (البزنس) في الفن لأني مسكونة بالموسيقى الأصيلة. فهي جزء لا يتجزأ من كياني ووجودي».

سبق وتم تكريم سمية بعلبكي بجوائز عدة، ولكن لجائزة الـ«موركس دور» نكهتها الخاصة لا سيما أنها جاءت بعد حرب منهكة. في بداية مسارها حازت على جائزة «الميكروفون الذهبي» في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كان ذلك في عام 1994 في تونس. جرى تكريمها إلى جانب مجموعة من المغنين مثل أنغام وصابر الرباعي وأمل عرفة وغيرهم.

وتختم: «كانت روح المنافسة الحلوة تحضر في تلك الحقبة، وكانت الجوائز التكريمية قليلة وتحمل معاني كثيرة. ولكن اليوم مع جائزة (موركس دور) وفي حفل لبناني بامتياز النكهة تختلف. أهديتها لوالدي الراحلين تكريماً لعطائهما الفني، فانطبع الحدث بالأمل والشعور بغدٍ أفضل نترقبه رغم كل شيء».

تستعد سمية بعلبكي لإصدار مجموعة أغنيات جديدة. وتخبر «الشرق الأوسط» عنها: «قبل الحرب كنت أحضّر لأغنية بعنوان (يعني ارتحت)، من كلمات منير بو عساف وألحان بلال الزين. وعندما انتهينا من تصويرها اندلعت الحرب، فامتنعت عن إصدارها في ظروف مماثلة. وهي تتناول قصة المرأة المعنّفة. وأفكّر بإطلاقها قريباً في الأشهر القليلة المقبلة. كما أن هناك قصيدة للراحل نزار قباني أنوي غناءها. وهي من ألحان المبدع الراحل إحسان المنذر. كما ندرس وأخي المايسترو لبنان بعلبكي إمكانية إقامة حفل موسيقي في بيروت احتفالاً بلبنان الصلابة».