الدول الأربع تؤكد تمسكها بمطالبها لقطر... وتيلرسون يعود إلى الكويت

الخارجية المصرية: أي تسوية مرهونة بوقف الدوحة عن دعم الإرهاب... ووزير الخارجية الفرنسي يستعد لجولة خليجية

الجبير وشكري خلال اجتماع لوزراء خارجية السعودية والبحرين ومصر والإمارات بتيلرسون في جدة أمس (أ.ب)
الجبير وشكري خلال اجتماع لوزراء خارجية السعودية والبحرين ومصر والإمارات بتيلرسون في جدة أمس (أ.ب)
TT

الدول الأربع تؤكد تمسكها بمطالبها لقطر... وتيلرسون يعود إلى الكويت

الجبير وشكري خلال اجتماع لوزراء خارجية السعودية والبحرين ومصر والإمارات بتيلرسون في جدة أمس (أ.ب)
الجبير وشكري خلال اجتماع لوزراء خارجية السعودية والبحرين ومصر والإمارات بتيلرسون في جدة أمس (أ.ب)

جددت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب أمس، تمسكها بالمطالب التي قدمتها إلى قطر، مقابل إعادة العلاقات معها، في ختام اجتماع خماسي عقد في جدة أمس، ضم وزراء خارجية السعودية والإمارات والبحرين ومصر، إلى جانب نظيرهم الأميركي، لبحث آفاق حل الأزمة المتصاعدة منذ إعلان الدول الأربع قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة في الخامس من الشهر الماضي، واتهامها بدعم وتمويل منظمات إرهابية.
وأنهى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أمس، محادثات في جدة مع نظرائه الأربعة، قبل أن يتوجه إلى الكويت التي تقوم بدور الوساطة في الأزمة، ثم الدوحة، في إطار جولته المكوكية الخليجية. وأخفق تيلرسون فيما يبدو في التسويق لاختراق محدود سجله في الدوحة أول من أمس، يقضي بقبول السلطات القطرية الرضوخ لآلية تنفيذية للرقابة على نظامها المالي يمنع تسرب الأموال لدعم الإرهاب حول العالم. ورفضت الدول الأربع اعتبار هذا الخطوة إنجازا يُعتّد به، مؤكدة رغم ذلك أنها ستراقب عن كثب تطبيق قطر هذا الاتفاق. وأكدت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، أن الدول الأربع أكدت تمسكها بالمطالب الـ13، مؤكدة لتيلرسون ضرورة التزام قطر بتعهداتها السابقة. وقال مسؤول إماراتي لـ«رويترز» إن أي حل للأزمة يتعين أن يبدد كل المخاوف التي أشارت إليها الدول الأربع التي تقاطع قطر ومنها تقويض الدوحة لاستقرار المنطقة.
والتقى تيلرسون وزير الخارجية عادل الجبير، وذلك قبل اللقاء الخماسي مع نظرائه من الدول الأربع. وبعيد انتهاء الاجتماع، توجه تيلرسون إلى الكويت التي زارها الاثنين في بداية جولته الإقليمية. والكويت تتوسط لحل أكبر خلاف دبلوماسي تشهده منطقة الخليج منذ سنوات. وتمكن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون من تحقيق ما ينظر إليه على أنه «اختراق»، ولكنه محدود في هذه الأزمة خلال زيارته الدوحة، حيث أسفر عن رضوخ الدوحة للتوقيع على اتفاق يضع فعليا رقابة دولية على عمليات التمويل، مما يسهم في الحدّ من تمويل الإرهاب. وكانت الدول الأربع المقاطعة لقطر وصفت أول من أمس، في بيان مشترك، توقيع الدوحة مع واشنطن على مذكرة تفاهم بهدف مكافحة تمويل الإرهاب بأن «هذه الخطوة غير كافية، وستراقب الدول الأربع عن كثب مدى جدية السلطات القطرية في مكافحتها لكل أشكال تمويل الإرهاب ودعمه واحتضانه».
من جهته، قال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن الاجتماع الذي شارك به وزير الخارجية سامح شكري تناول الأبعاد المختلفة للأزمة مع قطر واستعرض جميع التطورات الأخيرة الخاصة بها، حيث أعاد وزير الخارجية طرح شواغل مصر حيال موقف قطر الداعم للإرهاب، مؤكدا تمسك مصر بالمطالب التي قدمتها الدول العربية الأربع لقطر. كما أكد شكري، خلال الاجتماع، أن التوصل إلى تسوية لهذه الأزمة يظل رهنا بتفاعل قطر الإيجابي مع هذه المطالَب وتوقفها عن دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية. وأضاف المتحدث باسم الخارجية، أن وزير الخارجية أوضح أن مشاركة مصر في هذا الاجتماع إلى جانب الدول العربية الأخرى تأتي في إطار العلاقات الخاصة التي تربط جميع هذه الدول بالولايات المتحدة، وكذا في إطار ما تم تناوله خلال قمة الرياض واتصالا بالجهد الأميركي للقضاء على الإرهاب.
وفي حين تودع المنطقة وزير الخارجية الأميركي، تستقبل يومي السبت والأحد المقبلين، وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي يقوم بجولة خليجية للدعوة إلى ما سمته وزارة الخارجية الفرنسية «تهدئة سريعة» للأزمة غير المسبوقة بين قطر وجيرانها. وينضم الوزير الفرنسي إلى جهود دبلوماسية سابقة قام بها، بالإضافة إلى وزير الخارجية الأميركي، ووزيري خارجية ألمانيا وبريطانيا.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية، أنييس روماتي، إن لودريان سيتوجه السبت والأحد إلى قطر والسعودية، والكويت، وهي الدولة التي تتولى وساطة في الأزمة، إضافة إلى الإمارات العربية المتحدة. وأضافت: «نحن قلقون للتوتر الراهن الذي يؤثر في الدول التي تربطنا بها علاقات متينة وودية وندعو إلى تهدئة سريعة لمصلحة الجميع». وتابعت المتحدثة أن الوزير «سيذكر محاوريه بالنتائج السلبية لهذه الأزمة على الصعد الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والأمنية»، و«سيجدد التأكيد أن تعزيز مكافحة الإرهاب يشكل أولوية لفرنسا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».