ولد الشيخ يحض الحوثيين على «مشاركة بناءة» بحل يبدأ بالحديدة

رحب بتأييد السعودية أفكاره الجديدة غداة لقائه ولي العهد

يمنية وأطفالها يترقبون دورهم للحصول على الماء في صنعاء (أ.ب)
يمنية وأطفالها يترقبون دورهم للحصول على الماء في صنعاء (أ.ب)
TT

ولد الشيخ يحض الحوثيين على «مشاركة بناءة» بحل يبدأ بالحديدة

يمنية وأطفالها يترقبون دورهم للحصول على الماء في صنعاء (أ.ب)
يمنية وأطفالها يترقبون دورهم للحصول على الماء في صنعاء (أ.ب)

حض المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أطراف النزاع على القبول بحوافز خمسة لأفكار جديدة، لحل يمني يبدأ بالحديدة، بعدما قال في إحاطة عبر الأقمار الصناعية من الأردن لمجلس الأمن الذي عقد جلسة خاصة عن اليمن أمس، إن اليمن لا يمر بأزمة وحسب، بل بمجموعة أزمات.
وتتمثل الحوافز في «تأمين وصول المواد الأساسية والتجارية عبر ميناء الحديدة»، إلى جانب «وضع برنامج عمل لجباية الضرائب والعائدات»، ثم «استعمال الواردات لدفع الرواتب»، و«تأمين الخدمات الأساسية بدل تمويل الحرب». فيما يتمحور الحافز الخامس حول «تشكيل نواة اتفاق وطني شامل يخفف من معاناة اليمنيين».
ورحب المبعوث بتأييد القيادة السعودية ودعمها مناقشة الأطراف اليمنية للمقترحات والتوصل إلى اتفاق، وهو ما يعكس الاجتماع الذي جرى مع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي في جدة أول من أمس، مثمنا المنحة السعودية التي أكد أنها أسهمت في الحدّ من انتشار الكوليرا باليمن.
ووصف مصدر في مكتب المبعوث الأممي لـ«الشرق الأوسط» الأفكار الأممية الأخيرة بأنها «ذات قبول أكثر من قبل الأطراف، مقارنة بغيرها من المبادرات».
«لا شك أن هذا الاتفاق سوف يحتاج إلى آلية واضحة تضمن استعمال الضرائب والعائدات في صنعاء والحديدة وجميع المناطق لدفع الرواتب وتفعيل مؤسسات الدولة في مختلف المحافظات»، وفقا لولد الشيخ الذي زاد قائلا: «لقد تعاونت الحكومة اليمنية بشكل إيجابي مع هذه الأفكار ووافقت على التباحث بها، وقد أيدت الحكومة اليمنية ضرورة وضع برنامج عمل يضمن تأمين المواد الإنسانية والتجارية ويمنع تهريب الأسلحة وسوء استغلال جباية الضرائب والعائدات». ورغم ادعاءات الحوثيين بأنهم لن يستقبلوه، ولن يتعاطوا معه كمبعوث، أعادت جهود الدبلوماسية الصينية خط الاتصال بين المبعوث الأممي وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، بعدما ادعوا أنهم لن يقبلوا به مجددا. وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصالات لم تنقطع قبل إعلانهم مقاطعته وبعده. ودعا المبعوث الحوثيين وصالح إلى «إظهار حسن النية والتعامل مع المقترحات بشكل بناء إن كانوا فعلا يريدون إنهاء الحرب وتحسين الوضع الإنساني»، وقال: «لا شك أن مشاركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام جوهرية»، متابعا: «سوف أغادر غدا إلى القاهرة كوني أعمل حاليا مع الحكومة اليمنية وقيادات إقليمية على هذه الأفكار، كما آمل أن ألتقي قريبا مع وفد أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام للتباحث بمقترحات الحديدة ودفع الرواتب كخطوة أولية نتوصل من خلالها إلى وقف كامل للأعمال القتالية، وإلى حل سلمي شامل يعيد الاستقرار لليمن».
من ناحيتها، جددت الحكومة اليمنية، في اجتماعها أمس بعدن، موقفها الداعم للحل السلمي وجهود المبعوث الأممي، وقالت في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) إنها ترحب بالتحركات الجديدة للمبعوث الأممي إلى اليمن والجهود الدولية المبذولة لإحلال السلام في البلاد، مشددة على ضرورة الاستناد إلى المرجعيات الأساسية للحل السياسي في أي مبادرة أو تحرك والمتمثّلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي ذات الصلة خصوصا القرار رقم «2216».
وأوضح ولد الشيخ أن انتشار الوباء «وبهذا الشكل السريع يعكس مخلفات انهيار القطاع العام في البلاد». وأشاد «بالمنحة السخية التي قدمتها المملكة العربية السعودية وقيمتها 67 مليون دولار والتي ساهمت في تخفيف حدة انتشار الكوليرا»، داعيا الدول المانحة إلى المساهمة في أسرع وقت ممكن.
أمام ذلك، ذكر متحدث باسم منظمة الصحة العالمية أن منظمات الإغاثة الدولية تتخلى تقريبا عن خطتها في بدء حملة للعلاج الجماعي بالأمصال المضادة للكوليرا في اليمن، لأن الوباء تفشى على نطاق واسع للغاية، ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المتحدث كريستيان ليندميير قوله «يكون لأمصال الكوليرا فائدة فقط في بداية الوباء».
وقال ستيفن أوبراين أمام مجلس الأمن، إنه «تم تسجيل أكثر من 320 ألف إصابة مفترضة بالكوليرا في جميع محافظات اليمن توفي ألف و740 منهم على الأقل».
وبالعودة إلى ولد الشيخ، فإن المبعوث أكد خلال إحاطته أنه سيجري قريبا صرف الربع الأول من محصلة برنامج التحويل النقدي الذي يموله البنك الدولي لمساعدة الفئات الأكثر عوزا في اليمن، وأنه سينطلق في أغسطس (آب)، وسوف يستفيد منه ما يقارب 8 ملايين مواطن يمني. وعلق ولد الشيخ بالقول: لقد عمل فريق عملي بشكل متواصل مع الشركاء المعنيين لإنجاح هذه المبادرة بهدف تحسين القدرة الشرائية وتجنب الفقر المدقع وتحسين الوضع العام وإعادة الأمل. ونحن نأمل أن يتعاون المجتمع الدولي مع هذا النداء ويساهم بدعم هذه المبادرات.
وأضاف المبعوث أن الأسابيع الماضية شهدت مزيدا من معارك الكر والفر بين أطراف النزاع، لافتا إلى استمرار سقوط قذائف على منطقة جازان السعودية، والعمليات العسكرية الجوية للتحالف، كما حذر من تهديد أمن حركة الملاحة في مضيق باب المندب، وشدد على أن «الاستهداف المتواصل للسفن في المنطقة يعيق وصول المساعدات الإنسانية والمواد التجارية الأساسية لليمنيين الأكثر عوزا».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».