العبادي يتعهد بمعاقبة الإرهابيين والجيش العراقي يجري عمليات تطهير في الموصل

حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي - أرشيف («الشرق الأوسط»)
حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي - أرشيف («الشرق الأوسط»)
TT

العبادي يتعهد بمعاقبة الإرهابيين والجيش العراقي يجري عمليات تطهير في الموصل

حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي - أرشيف («الشرق الأوسط»)
حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي - أرشيف («الشرق الأوسط»)

قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، إن حكومته لن تصدر أي بيان عفو عن الإرهابيين القتلة ولن تتساهل معهم. واشتبكت قوات عراقية مع مقاتلين من تنظيم داعش، يتحصنون في المدينة القديمة بالموصل، أمس، بعد أكثر من 36 ساعة من إعلان العبادي النصر على المتشددين في معقلهم بالعراق. وقتلت قوات البيشمركة أمس 17 مسلحاً من تنظيم داعش بينهم انتحاريون أثناء محاولتهم التسلل إلى المناطق الخاضعة لسيطرة البيشمركة غرب الموصل لتنفيذ هجمات مسلحة.
وشدد العبادي، في كلمة خلال جلسة للحكومة العراقية، أمس، على «عدم السماح بعودة الخطاب التحريضي والطائفي باعتباره الخطاب الداعشي»، مطالباً دول العالم عدم التساهل مع الإرهابيين، وقال: «يجب ألا يفلت أي إرهابي من العقاب، ولن نصدر عفواً عن الإرهابيين القتلة». وأوضح رئيس الحكومة العراقية أن «توجه الحكومة المستقبلي يجب أن يتركز على الجانب الاقتصادي والتنموي والتعليمي، الذي هو أساس لنهضة الدولة والمجتمع وضرورة محاربة الفساد الذي أضرّ بالدولة والمجتمع وتفعيل القانون».
وواصلت أمس القوات العراقية عمليات القضاء على ما تبقى من جيوب تنظيم داعش في آخر مستطيل من المدينة القديمة وسط الجانب الأيمن من الموصل، واشتبكت مع عناصر من «داعش».
وتقوم قوات الجيش العراقي وقوات جهاز مكافحة الإرهاب وبإسناد من المروحيات القتالية بعمليات للقضاء على جيوب التنظيم في آخر 400 متر مربع من المدينة القديمة التي فخخ التنظيم مبانيها وشوارعها، وتنفذ كتائب الهندسة العسكرية التابعة للقوات الأمنية عمليات تطهير واسعة لإبطال مفعول هذه المتفجرات والألغام والعبوات الناسفة وفتح الطرق ورفع الأنقاض.
وأوضح نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى، هاشم بريفكاني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعركة انتهت في مدينة الموصل لكن يظهر بين الحين والآخر جيوب من بقايا تنظيم داعش الذين لم يسلموا أنفسهم للقوات الأمنية، في هذه المنطقة أو تلك من المدينة القديمة، وتقضي عليها القوات الأمنية، التي تواصل عمليات التطهير في قسم من مناطق القليعات والميدان والسرجخانة»، لافتاً إلى أن القطعات العسكرية ستتجه قريبا إلى تلعفر لتحريرها من التنظيم.
وقال سكان في الموصل لـ«رويترز»، إن طائرات هليكوبتر تابعة للجيش مشطت المدينة القديمة وتصاعدت أعمدة دخان من انفجارات لم يتضح ما إذا كانت تفجيرات محكومة أم قنابل فجَّرَها أعضاء التنظيم. وقال فهد غانم (45 عاماً): «ما زلنا نعيش في أجواء الحرب رغم إعلان النصر قبل يومين». وقال ساكن آخر إن الانفجارات هزت الأرض على مسافة نحو نصف كيلومتر. وأرجع مسؤول بالجيش العراقي النشاط إلى «عمليات تطهير». وقال إن مقاتلي التنظيم يختبئون في أماكن مختلفة.
وأضاف: «يختفون من مكان ويظهرون في مكان آخر فنستهدفهم». ويخضع دخول وسائل الإعلام للمنطقة لقيود مشددة منذ أن أعلن العبادي النصر يوم الاثنين مشيداً بانهيار «دويلة الخرافة والإرهاب».
من جهته، قال المقدم رمضان عمر، مسؤول الاستخبارات في قوات بيشمركة الزيرفاني في محور آسكي الموصل، لـ«الشرق الأوسط»: «حاول 17 إرهابياً من تنظيم داعش بينهم اثنان يرتديان حزامين ناسفين دخول إقليم كردستان في قرية المثلث التابعة لناحية الربيعة غرب الموصل، وكانوا قادمين من قضاء تلعفر لتنفيذ هجمات ضد قوات البيشمركة».
وأضاف عمر: «كانت لدينا معلومات استخباراتية دقيقة بنية التنظيم تنفيذ هذه العملية، فنصبنا لهم كمينا تمكنا من خلاله القضاء على هذه المجموعة من (داعش) بالكامل، ولم تلحق بقواتنا أي أضرار». وما زال تنظيم داعش يسيطر على قضاء تلعفر وناحيتي المحلبية والعياضية التابعتين له غرب الموصل، وعلى الجانب الأيسر من قضاء الشرقاط شمال مدينة تكريت، إلى جانب سيطرته على قضاء الحويجة والنواحي الأربع التابعة وأكثر من 500 قرية جنوب غربي محافظة كركوك.
وتسعى القوات العراقية بعد استكمال عمليات تمشيط الموصل إلى التحرك باتجاه هذه المناطق لتطهيرها مما تبقى من مسلحي التنظيم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.