أسفرت الجهود الأميركية الرامية إلى احتواء الأزمة القطرية، أمس، عن إعلان الدوحة التوقيع مع الولايات المتحدة على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال مكافحة تمويل الإرهاب, لكن الدول الداعية لمحاربة الارهاب، شددت، على أن الخطوة غير كافية، وأنها ستراقب عن كثب مدى جدية السلطات القطرية في مكافحتها لكل أشكال تمويل الإرهاب ودعمه واحتضانه.
وفي حين يعقد اجتماع خماسي في جدة اليوم، يضم وزراء خارجية الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، مع نظيرهم الأميركي، ريكس تيلرسون، أعرب أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمس عن تأثره البالغ للتطورات غير المسبوقة التي يشهدها البيت الخليجي، مؤكداً إصراره على مواصلة جهوده الرامية لرأب الصدع في العلاقات الخليجية - الخليجية.
وأعلن وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، توقيع «مذكرة تفاهم بين البلدين لمكافحة تمويل الإرهاب». كما أكد تيلرسون توقيع هذه المذكرة. وأوضح بيان صادر عن فريق الوزير الأميركي، أن المذكرة تحدد «الجهود المستقبلية التي يمكن لقطر أن تقوم بها لتعزيز حربها على الإرهاب ومعالجة مسائل تمويل الإرهاب بطريقة عملية».
وكانت السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قطعت في الخامس من مايو (أيار) علاقاتها بقطر، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية على خلفية اتهامها بدعم وتمويل منظمات إرهابية. وأوضح الوزير القطري، أن توقيع المذكرة يأتي «في إطار التعاون الثنائي المستمر... ونتيجة للعمل المشترك لتطوير آليات مكافحة تمويل الإرهاب بين البلدين وتبادل الخبرات وتطوير هذه الآلية». وعقد الوزير الأميركي ريكس تيلرسون، لقاء مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، كما عقدا (تميم وتيلرسون) اجتماعاً ثلاثياً ضم أيضاً وزير الخارجية القطري وموفداً كويتياً هو محمد العبد الله المبارك الصباح، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الكويتي.
وشددت السعودية ومصر والإمارات والبحرين، على أن توقيع مذكرة تفاهم في مكافحة تمويل الإرهاب بين الولايات المتحدة الأميركية وقطر غير كافٍ، وأنها (أي الدول الأربع) ستراقب عن كثب مدى جدية السلطات القطرية في مكافحتها لكل أشكال تمويل الإرهاب ودعمه واحتضانه.
وأكدت الدول الأربع في بيان مشترك أمس، استمرار إجراءاتها الحالية إلى أن تلتزم السلطات القطرية بتنفيذ المطالب العادلة كاملة التي تضمن التصدي للإرهاب، وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. وأوضح البيان «أن توقيع مذكرة التفاهم بين أميركا وقطر هو نتيجة للضغوط والمطالبات المتكررة طوال السنوات الماضية للسلطات القطرية من قبل الدول الأربع وشركائها بوقف دعمها للإرهاب».
وثمنت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب جهود الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وتمويله، والشراكة المتينة الكاملة في صيغتها النهائية المتجسدة في القمة الإسلامية - الأميركية التي شكلت موقفاً دولياً صارماً لمواجهة التطرف والإرهاب، أياً كان مصدره ومنشأه. وأشارت الدول الأربع في البيان إلى أن السلطات القطرية «دأبت على نقض كل الاتفاقات والالتزامات، وآخرها كان اتفاق الرياض (2013)، مما أدى إلى سحب السفراء وعدم إعادتهم إلا عقب توقيع السلطات القطرية على الاتفاق التكميلي (2014)، واستمرارها في التدخل والتحريض والتآمر، واحتضان الإرهابيين، وتمويل العمليات الإرهابية، ونشرها لخطاب الكراهية والتطرف، مما لا يمكن معه الوثوق في أي التزام يصدر عنها تبعاً لسياستها القائمة، دون وضع ضوابط مراقبة صارمة تتحقق من جديتها في العودة إلى المسار الطبيعي والصحيح».
وأكدت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب «أن الإجراءات التي اتخذتها كانت لاستمرار وتنوع نشاطات السلطات القطرية في دعم الإرهاب، وتمويله واحتضان المتطرفين، ونشرها خطاب الكراهية والتطرف، وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهي نشاطات يجب أن تتوقف بشكل كامل ونهائي، تنفيذاً للمطالب العادلة المشروعة».
في هذا السياق، يعقد وزراء خارجية الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، اليوم، اجتماعا، بحضور وزير الخارجية الأميركية، ريكس تيلرسون، في مدينة جدة، في إطار بحث حل أزمة قطر، والإجراءات التي تم اتخاذها ضدها، على ضوء مخالفتها للقوانين والأعراف الدولية، ودعمها للإرهاب والتطرف، وتدخلها السلبي في الشؤون الداخلية للدول العربية، وتهديد سياساتها للأمن القومي العربي والسلم والأمن الدوليين.
ومن المتوقع أن يصل وزير الخارجية الأميركية، ريكس تيلرسون إلى جدة، صباح اليوم، في جولته الخليجية الثالثة، بعد الكويت وقطر، إذ قدم عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، الدعوة لنظرائه في الإمارات والبحرين ومصر، لحضور الاجتماع، للتباحث حول آخر المستجدات، وبخاصة بعد اللقاءات التي أجراها تيلرسون خلال جولته في الكويت التي تقود مساعي وساطة، وكذلك قطر.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد: إن الوزير سامح شكري أكد مشاركته في الاجتماع الرباعي، في جدة، مشيراً إلى أن هذا الاجتماع يأتي في إطار الحرص على تنسيق المواقف بين الدول الأربع حول التعامل المستقبلي بشأن العلاقة مع قطر، والتأكيد على التمسك بالمواقف المعلنة والإجراءات التي تم اتخاذها في السابق.
وكان شكري قد شدد خلال مشاركته في اجتماعات منظمة المؤتمر الإسلامي على أهمية اتخاذ كل الإجراءات التي تنهي التنظيمات الإرهابية في المنطقة، مؤكداً على وجوب «إعداد تصور شامل للتصدي للشبكة السرطانية للإرهاب، دون اختزال المواجهة في تنظيم أو اثنين فقط، بل يجب أن تمتد تلك المواجهة لكافة التنظيمات الإرهابية لانتهاجها ذات الآيديولوجية الهدامة، والهدف السياسي في تطويع إرادة الشعوب». وأضاف: «لا بد من مواجهة كافة الأبعاد المؤدية للظاهرة، ولا سيما ما يتعلق منها بالتمويل والتسليح والدعم السياسي والفكري... فالإرهابي ليس فقط من حمل السلاح، بل أيضاً من قام بالتدريب والتمويل والتسليح، وكذا التمكين المتمثل في توفير الغطاء السياسي والآيديولوجي، وتوفير الملاذات الآمنة، ومن يتيح لهم الظهور في المنابر الإعلامية لبث سمومهم. إضافة إلى القضاء على قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد مقاتلين جدد، من خلال مواجهتها بشكل شامل على المستويين الآيديولوجي والفكري»، كما أشار إلى استخدام التنظيمات الإرهابية منظمات العمل الإنساني المنظمة تحت ستار العمل الإنساني للقيام بالدعم والتمويل للإرهاب.
وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر الشهر الماضي، واتهمتها بتمويل جماعات متطرفة. وأكد شكري أن «الإجراءات التي اتخذت حماية لأمن الدول العربية من ممارسات قطر الراميـة إلى التدخل في الشأن الداخلي للدول، وسعيها الحثيث لتقويض الأمن في مجتمعاتنا».
ومساء أول من أمس، ناشدت الكويت والولايات المتحدة وبريطانيا، عقب اجتماع عقده وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح، مع كل من وزير الخارجية الأميركي، ومستشار الأمن القومي البريطاني مارك سيدويل، كافة أطراف الأزمة الخليجية، الإسراع باحتواء التوتر في المنطقة وإيجاد حل له بالحوار. وفي الكويت، أعرب الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمس، عن شعوره «بالمرارة» وتأثره البالغ للتطورات غير المسبوقة التي يشهدها البيت الخليجي. مؤكداً إصراره على مواصلة جهوده الرامية لرأب الصدع في العلاقات الخليجية - الخليجية.
وقال أمير الكويت في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية: إن مما خفف من آلام هذه الأزمة «وضاعف من عزم إرادتنا على معالجتها ما لمسناه من ردود فعل إيجابية وتأييد لتحركنا ومساعينا لاحتواء هذه التطورات منذ بدايتها، وما حظينا به من دعم ومؤازرة من إخواننا وأبنائنا المواطنين لهذا التحرك والمساعي عبروا عنه من خلال أدوات التواصل الاجتماعي والبيان الشامل لمنظمات المجتمع الكويتي المدني وعبر مختلف وسائل الإعلام المحلية والتي جسدت الشعور بالروابط التاريخية الراسخة بين دول المجلس والتاريخ والمصير المشترك لأبنائه». وأضاف، أنه لمس أيضاً دعماً لمساعيه «في دول المجلس الشقيقة على المستويين الشعبي والرسمي، فضلا عن الدعم والتأييد لنا على مستوى دول العالم ومن المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية ورسخ إصرارنا وعزمنا على مواصلة تلك المساعي، وكان ذلك محل التقدير من جانبنا لما انطوى عليه من حرص بالغ على وحدة وتماسك الموقف الخليجي». وأكد، أن مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وما حققته من منجزات «تمثل الخيار والتطلعات المنشودة لأبنائنا في المنطقة التي لا يمكن التفريط بها والتي تستدعي الحفاظ عليها والتمسك بها»، مضيفا: «بأننا لن نتخلى عن مسؤولياتنا التاريخية وسنكون أوفياء لها حتى يتم تجاوز هذه التطورات وانجلائها عن سمائنا وتعود المحبة والألفة لبيتنا الخليجي الذي سيبقى وحده قادرا على احتواء أي خلاف ينشأ في إطاره».
الدوحة وواشنطن توقعان اتفاقاً لوقف تمويل الإرهاب
الدول الأربع تعتبر الخطوة غير كافية وتثمن جهود أميركا... اجتماع خماسي في جدة اليوم بحضور تيلرسون
الدوحة وواشنطن توقعان اتفاقاً لوقف تمويل الإرهاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة