مطالبات بوقف تعذيب المعتقلين

TT

مطالبات بوقف تعذيب المعتقلين

حذرت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» من عدم تضمين اتفاق الهدنة الأميركية - الروسية - الأردنية في الجنوب السوري، أي بند لملف المعتقلين السوريين، وعدّت أن هذا التغييب سوف يؤدي إلى فشل الاتفاق وفشل المحادثات في جنيف، بينما طالب رئيس «الشبكة» بضرورة أن «يتوقف قصف المعتقلين وتعذيبهم تحت الأرض حيث لا يُمكن لأحدٍ مراقبته، بالتوازي مع وقف القصف فوق الأرض الذي يمكن للجميع مشاهدته».
ووصفت الشبكة في بيان أصدرته أمس، الاتفاق الأخير الذي لم يأتِ مطلقاً على أي ذكر لقضية المعتقلين، بـ«الخلل الصارخ والإهمال الفاضح لقضية لا تقل أهمية أبدا عن وقف القصف والقتل، وإدخال المساعدات الإنسانية، حيث من المفترض أن تتصدَّر محنة المعتقلين السوريين رأس جدول الأعمال في جميع النقاشات السياسية».
ولفتت إلى أنه في حال كان الاتفاق جزئيا ومرحليا لمحافظات ومناطق سورية بعينها، ثم يُتوقع امتداده ليشمل محافظات أخرى، فقد كان بإمكان الأطراف الراعية أن تُطالب بالإفراج عن المعتقلين والمختفين في المحافظات الثلاث التي يشملها الاتفاق حالياً، الذين يُقدر عددهم، بحسب سجلات «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» بقرابة 21 ألفا. وخلصت المنظمة الحقوقية السورية إلى أن قضية المعتقلين لم تُطرح أساساً، ولم ترد في جدول أولويات الدول الراعية للاتفاق، «وهذا يُضعف مصداقية وجدية الاتفاق في أعين المجتمع السوري، وهو سبب إضافي رئيسي لفشله»
وتمتلك «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» قوائم بقرابة 107 آلاف مواطن ما زالوا قيد الاعتقال أو الإخفاء القسري؛ نحو 93 ألفاً منهم لدى النظام السوري، و14 ألفاً لدى جميع الأطراف الباقية (التنظيمات المتشددة، حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، فصائل المعارضة المسلحة)، وقالت: «نحن نؤكد أننا مستعدون دائماً للتعاون والتنسيق في هذه القضية بالغة الحساسية والأهمية بالنسبة للمجتمع السوري».
وقال فضل عبد الغني، رئيس «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»: «يجب أن يتوقف قصف المعتقلين وتعذيبهم تحت الأرض حيث لا يُمكن لأحدٍ مراقبته، بالتوازي مع وقف القصف فوق الأرض الذي يمكن للجميع مشاهدته».
وأضاف: «لقد فشلت كل البيانات السابقة جميعها، وفشلت مفاوضات جنيف معها في الإفراج عن معتقل واحد، ما يزيد من شكوكنا حول سلامة وحياة هذا العدد الهائل من المعتقلين والمختفين قسرياً، في ظل عدم اكتراث أمانة النظام السوري بهم في ظلِّ ما نُسجله يومياً ونُصدره في تقارير شهرية عن حصيلة حالات الاعتقال التعسفي، والموت بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز، ففي تقريرنا نصف السنوي لعام 2017، سجلنا مقتل 108 أشخاص بسبب التعذيب».
وطالب «الشبكة السورية» الدول الراعية للاتفاق بـ«إعادة تضمين قضية المعتقلين بصفتها بندا رئيسيا في الاتفاق، إلى جانب وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وتأسيس فريق وآلية عمل من الدول الراعية للاتفاق للاهتمام بهذه القضية الأساسية، والضغط على الأطراف السورية؛ وعلى رأسها النظام السوري، للبدء في عمليات إفراج عن المعتقلين؛ وفي مقدمتهم النساء والأطفال. وبينما يتم الإعداد لكلّ ذلك، ينبغي على حكومات الدول الراعية للاتفاق، الضغط على جميع الأطراف للسماح الفوري بدخول مراقبين دوليين إلى مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية كافة».



​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كان الصياد اليمني محمد يحصل بسهولة على رزقه اليومي، وتوفير احتياجات أسرته الغذائية، حيث يذهب إلى البحر في سواحل محافظة شبوة الواقعة إلى الشرق من مدينة عدن، لكن هذا الأمر أصبح صعباً بعد أن اضطر للجلوس بجوار طفله الذي أصيب بالكوليرا.

تعلّم محمد الصيد في سن مبكرة، وورث معرفة البحر من أسلافه، ويُكافح لتوفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، حيث تقع قرية حورة التي يسكنها على بُعد 50 كيلومتراً من أقرب مركز طبي، وكانت هذه الرحلة تمثل سفراً مرعباً لمعظم القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التنقل أو العلاج. ويقول الرجل إنه عندما يمرض أحد من السكان، يصبح توفير الرعاية الصحية اللازمة له عبئاً ثقيلاً.

اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة انتشار الكوليرا تسبب في تسجيل عشرات الآلاف من حالات الاشتباه، منها أكثر من 30 ألف حالة منذ بداية العام، ورصدت ازدياد عدد الحالات في محافظة شبوة بشكل مُلاحظ ضمن أكثر الفئات ضعفاً ممن لديهم وصول محدود للخدمات الصحية الأساسية أو ليس لهم القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات أصلاً.

وفي حين أن الأمطار الغزيرة والفيضانات زادت من انتشار الكوليرا، يذكر الصياد أنه شهد وفاة امرأة في الطريق إلى أقرب مركز صحي بسبب توقف الحركة بفعل الفيضانات الأخيرة، ولهذا ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها استجابت لهذه الأزمة وقامت بإعادة فتح مركز «حورة» الطبي الذي صُمم لمعالجة مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مع التركيز بشكل رئيسي على الكوليرا.

تطوع مجتمعي

بينت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حديث أنه وفي سبيل تمكين المجتمعات أسهمت جهودها في مكافحة الكوليرا بأكثر من مجرد تقديم الخدمات الطبية، حيث حشدت فريقها من متطوعي المجتمع المحلي لرفع الوعي بمكافحة الوباء، والالتزام بمساعدة المجتمعات في إدارة مواجهة تفشيه.

وتقول المتطوعة جميلة إنها تأثرت بشدة بمعاناة المجتمع، لذا قررت أن تصبح عاملة صحية لمساعدتهم. وذكرت أنه وطوال فترة تفشي الكوليرا تضمنت الأهداف الرئيسية تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتحسين الثقافة الصحية للمجتمع، والترويج لممارسات الصحة العامة، من خلال المتطوعين الذين ساعدوا بشكل كبير في تقديم الإرشادات الصحية العامة.

متطوعون يمنيون يتولون توعية السكان بطرق الوقاية من الكوليرا (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير الأممي، فإن تغيير ممارسات المجتمع والتأسيس لعادات جديدة كانت مهمة مليئة بالتحديات، ولكن هِمّة المتطوعين كانت عالية، وإنه ومن خلال الزيارات المنزلية، شجعوا العائلات على تنفيذ أنشطة تحمي صِحتهم وسلامتهم، ابتداء من الترويج للوعي بنظافة اليدين وانتهاء بالدعوة لتطبيق ممارسات المياه النظيفة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

وبحسب الهجرة الدولية بدأت فرق التطوع أنشطتها في مركز «حورة» الطبي، ولكن تفشي الكوليرا تعدى سكان القرية، حيث أثر أيضاً على المهاجرين من القرن الأفريقي الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وللتعامل مع هذه الاحتياجات طلبت المنظمة مساعدة فرقها الطبية المتنقلة الموجودة على طرق الهجرة الرئيسية.

تعاون وثيق

طبقاً لما ذكرته منظمة الهجرة الدولية، فإنها وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن والمكاتب الصحية المحلية، وسّعت جهودها بشكل مستمر لتقديم المساعدات الفورية للمناطق المتأثرة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وتضمنت استراتيجية المنظمة إيجاد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة داخل المراكز لمنع انتقال العدوى بين المرضى والطاقم الطبي. وتقديم أجهزة الكلورة ذاتية العمل، ومواد معالجة المياه، وحقائب النظافة والتعامل مع الكوليرا للمجتمعات الضعيفة.

وزير الصحة اليمني يتفقد مركز عزل الكوليرا في محافظة أبين (إعلام حكومي)

وتبين «الهجرة الدولية» أن المتطوعين في مركز «حورة» الطبي تعاملوا مع المشاكل الصحية الفورية بخاصة الكوليرا، ولم يقتصر دورهم على إحداث تغيرات إيجابية لتعزيز الرعاية الصحية للجماعات الضعيفة فحسب، ولكن ومنذ بدء التفشي، كان المتطوعون يقدمون خدمات الرعاية الصحية والجلسات التثقيفية للنساء والأطفال والرجال الذين لطالما حُرموا من هذه الخدمات في السابق.

وتواصل الحكومة اليمنية الكفاح بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، خاصة مع بدء موسم الأمطار الحالي، إذ سارعت إلى افتتاح مراكز لعلاج حالات الإصابة بالكوليرا في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواصلون التكتم على أرقام الإصابات ويرفضون تخصيص مراكز لعلاج هذا الوباء.

وتظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت أكثر من 93 ألف حالة، حتى مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، فيما تم تسجيل بقية الحالات وتمثل نسبة 17 في المائة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.