موسكو تعلق آمالها على تعاون مع واشنطن عبر هدنة المنطقة الجنوبية

مندوبها تحدث عن أولوية بحث «التصدي للإرهاب» و«الدستور» في جنيف

TT

موسكو تعلق آمالها على تعاون مع واشنطن عبر هدنة المنطقة الجنوبية

تعلق موسكو الآمال على تحول في مسار تسوية الأزمة السورية بعد الاتفاق مع واشنطن على إقامة «منطقة خفض التصعيد» جنوب غربي سوريا، وما زالت تصر على دفع سِلال «التصدي للإرهاب» وما تسميه «إصلاحات دستورية» إلى الواجهة في المفاوضات الدولية حول الأزمة السورية في جنيف. وكشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن مركز ثلاثي أميركي - أردني - روسي، سيتم افتتاحه في عمّان ليقوم بأعمال مراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار في جنوب سوريا.
وقال لافروف في تصريحات عقب محادثاته في موسكو أمس مع ديمتري ميدويف، وزير خارجية أوسيتا الجنوبية، إن «العمل بوقف إطلاق النار جنوب سوريا بدأ مع منتصف نهار الأحد 9 يوليو (تموز)، لكنه بحاجة إلى التثبيت»، وأشار إلى عمل ما زال مستمرا للاتفاق بين الأطراف الثلاثة على كل التفاصيل، لافتًا إلى «اتفاق توصلنا إليه حول استخدام مركز مراقبة تقوم روسيا والولايات المتحدة والأردن بتأسيسه في عمّان»، لمراقبة التزام الأطراف بمنطقة خفض التصعيد جنوب غربي سوريا، وأوضح أن «المركز في عمان سيكون على اتصال مباشر مع فصائل المعارضة السورية ومع ممثلي الحكومة السورية».
وجاء الاتفاق الثلاثي حول المنطقة جنوب غربي سوريا، بعد أيام على لقاء «آستانة5» الذي فشل في التوصل لاتفاق حول جانب كبير من تفاصيل تنفيذ مذكرة إقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا. وفي هذا الشأن، أكد وزير الخارجية الروسي أن المحادثات حول تلك المناطق مستمرة، وأن الخبراء من الدول الضامنة باتوا قريبين من اتفاق نهائي حول حدود المنطقتين في حمص وفي الغوطة الشرقية، لافتا إلى أنه «ما زالت المحادثات مستمرة حول منطقة خفض التصعيد في إدلب». ودعا الولايات المتحدة إلى لعب دور أكثر فعالية في عملية «آستانة».
وعبر وزير الخارجية الروسي عن أمله في أن يؤدي النجاح في تكريس مناطق خفض التصعيد إلى «التصدي بفعالية للإرهاب»، معربا عن قناعته بأن «ما يجري من حيث المبدأ، هو ما لم نتمكن من الحصول عليه من الشركاء الأميركيين، أي فصل المعارضة السورية عن الإرهابيين من (داعش) و(القاعدة) و(النصرة)... وغيرها من منظمات إرهابية، وفق تصنيف الأمم المتحدة». وتقول روسيا إن التصدي للإرهاب في سوريا أولوية بالنسبة لها في تعاملها مع الأزمة هناك، وتدعو إلى توحيد جهود جميع الأطراف الفاعلة على الأرض، بما في ذلك فصائل المعارضة السورية المسلحة وقوات النظام السوري، في الحرب ضد المجموعات الإرهابية. وأكد لافروف أمس أن روسيا «ستدعم من خلال وجودها العسكري على الأرض، وعبر قواتها الجوية في سوريا، الجهود المشتركة للحكومة والمعارضة لمحاربة الجماعات الإرهابية».
سياسياً؛ رحب الوزير لافروف بمشاركة الهيئة العليا للمفاوضات في المشاورات التقنية التي جرت برعاية الأمم المتحدة حول الدستور وبمشاركة ممثلين عن منصتي «موسكو» و«القاهرة» للمعارضة السورية. وقال إن «هذا تحول كبير جدا ونوعي في تعاطي الهيئة العليا للمفاوضات مع تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي»، وعبر عن أمله في أن يكون هذا التحول نتيجة تأثير اللاعبين الخارجيين على الهيئة. وأشار إلى تحسن بشكل عام في مواقف المفاوضين في «عملية جنيف»، وشدد بعد ذلك على أن موسكو تعدّ أن الاتجاهين الرئيسيين للمفاوضات يجب أن يكونا الإصلاح الدستوري ومحاربة الإرهاب، وأشار إلى أنه لا يجوز نسيان الموضوعين الآخرين من السِلال الأربع التي حددها دي ميستورا؛ أي الانتخابات، وتشكيل حكومة انتقالية.
وفي جنيف، حيث انطلقت الجولة السابعة من المفاوضات حول تسوية الأزمة السورية برعاية دولية، قال مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف أليكسي بورودافكين، إن ممثلي روسيا سيلتقون مع جميع الأطراف المشاركة في المفاوضات، وأشار إلى لقاء سيجريه مع وفد النظام السوري، وكذلك مع ممثلي منصتي «موسكو» و«القاهرة»، ورجح أن يكون له لقاء كذلك مع وفد الهيئة العليا للمفاوضات. وأكد بورودافكين على الموقف الروسي المتمسك ببحث سِلال «التصدي للإرهاب والدستور أولاً»، وقال عقب محادثات أجراها أمس مع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، إن المفاوضات ستركز على موضوعين، هما «توحيد جهود السلطات السورية والمعارضة في مجال مكافحة الإرهابيين، وعملية الإصلاح الدستوري التي، وفقا لآراء الأطراف السورية، تعدّ المفتاح والأساس لكل القضايا الأخرى في التسوية السياسية بسوريا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.