تعزيزات عسكرية أميركية إلى الرقة... واشتباكات عنيفة

«وحدات الحماية» تنفي مقتل العشرات منها بطيران التحالف

دمار في شارع الوادي وسط الرقة نتيجة القصف والقتال (صفحة الرقة تذبح بصمت)
دمار في شارع الوادي وسط الرقة نتيجة القصف والقتال (صفحة الرقة تذبح بصمت)
TT

تعزيزات عسكرية أميركية إلى الرقة... واشتباكات عنيفة

دمار في شارع الوادي وسط الرقة نتيجة القصف والقتال (صفحة الرقة تذبح بصمت)
دمار في شارع الوادي وسط الرقة نتيجة القصف والقتال (صفحة الرقة تذبح بصمت)

استمرت معارك الرقة أمس على أكثر من جبهة بوتيرة عنيفة بين طرفي القتال؛ «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) وتنظيم داعش، بموازاة استقدام مزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة، فيما تضاربت المعلومات بشأن تعرضها لقصف عن طريق الخطأ من قبل طيران التحالف الدولي، في وقت أعلنت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» و«المرصد السوري لحقوق الإنسان» استهداف تركيا قرى شيخ عيسى وتل رفعت وحربا بالأسلحة الثقيلة.
وأعلن المرصد أن دفعة جديدة من الأسلحة وصلت إلى مناطق سيطرة «سوريا الديمقراطية» في الشمال السوري، حيث رصد استقدام أكثر من 50 شاحنة تضم معدات عسكرية وأسلحة مرسلة من التحالف الدولي، مشيراً إلى أن القافلة شوهدت تدخل من الجانب العراقي مروراً بمدينة القامشلي، ومتجهة للمشاركة في معركة الحسم ضمن معركة الرقة الكبرى.
وتأتي هذه الدفعة من التعزيزات بعد 5 أيام من دفعة أولى من الأسلحة كانت قد أرسلتها قوات التحالف الدولي إلى «سوريا الديمقراطية»، بحيث سُجل دخول عشرات الشاحنات التي تحمل أسلحة وتعزيزات عسكرية ضخمة، من الحدود السورية - العراقية.
أتى ذلك في وقت أشارت فيه المعلومات إلى تعرض «سوريا الديمقراطية» لقصف عن طريق الخطأ، مما أدى إلى مقتل العشرات من العناصر، وهو الأمر الذي نفته القيادات الكردية.
وأشارت «وكالة أنباء الأناضول» التركية إلى مقتل أكثر من 40 عنصراً من «وحدات الحماية الكردية» نتيجة قصف التحالف الدولي مواقع تابعة لها عن طريق الخطأ، في قرية العكيرشي بريف الرقة التي شهدت اشتباكات بينها وبين تنظيم داعش، وهو ما أكده أبو محمد الرقاوي الناشط في تجمع «الرقة تذبح بصمت» لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى مقتل ما لا يقل عن 30 عنصراً من «وحدات الحماية»، في وقت أعلنت فيه حملة «الرقّة تُذبَحُ بصمْت» أنه قُتل 23 مدنياً وجُرح 46 آخرون جرّاء الغارات الجويّة التي نفذها التحالف خلال الـ48 ساعة الأخيرة.
وفي حين لم تصدر قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بيان نفي أو تأكيد حول الغارة، وصفت «قيادة غرفة عمليات تحرير الرقة» الأخبار التي تحدثت عن قصف طيران التحالف أحياء مدينة الرقة الجنوبية بـ«الكاذبة والعارية عن الصحة»، معتبرة في بيان لها أنها تأتي في سياق الحرب التركية «لرفع معنويات مرتزقة داعش والتأثير على (حملة غضب الفرات) لتحرير الرقة وتأخير تحرير المدينة لأطول فترة زمنية»، مؤكدة أن «كل جهود الدولة التركية لإعاقة تقدم قواتنا لن تكون نتائجها سوى الفشل، وأن حملة تحرير الرقة مستمرة حتى تحقيق الهدف المنشود، وهو تحرير مدينة الرقة والقضاء على الإرهاب الداعشي من جذوره».
وكان المرصد قد أعلن عن سماع دوي انفجار عنيف بعد منتصف ليل الأحد - الاثنين في بلدة العكيرشي ناجم عن تفجير «داعش» لعربة مفخخة في محيط المنطقة، وسط اشتباكات بين «سوريا الديمقراطية» مدعمة بالقوات الأميركية من جهة، والتنظيم من جهة أخرى، في محيط المنطقة، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات بوتيرة عنيفة بين طرفي القتال، في أطراف ومحيط قرية كسرة سرور «كسرة محمد آغا» بجنوب نهر الفرات.
وبحسب المرصد، فإن سيطرة «سوريا الديمقراطية» على قرية «كسرة سرور» يتيح لها التقدم إلى منطقة العكيرشي التي كانت تضم معسكراً لتدريب عناصر «داعش» والمعروف باسم «معسكر الشيخ أسامة بن لادن»، والتي شهدت كذلك في النصف الثاني من عام 2015، تنفيذ تنظيم داعش أكبر عملية إعدام جماعي بحق عناصره.
وفيما أعلنت «سوريا الديمقراطية» عن تعرض قرى شيخ عيسى وتل رفعت وحربا للقصف التركي بالأسلحة الثقيلة، أشار المرصد إلى تعرض مناطق سيطرة «سوريا الديمقراطية» في الريف الشمالي لحلب لقصف مكثف من قبل القوات التركية والفصائل المدعومة من قبلها، حيث استهدفت بعشرات القذائف مناطق الشيخ عيسى وتل رفعت وحربا وقرى أخرى في المنطقة الواقعة بين مارع ودير جمال بشمال حلب. وأشار المرصد إلى أن القصف تسبب بمقتل مواطن على الأقل وإصابة نحو 7 آخرين بجراح متفاوتة الخطورة. وهي المرة الثانية التي تشن فيها تركيا قصفاً على مناطق «سوريا الديمقراطية» منذ بدء التحضيرات التركية وتحضيرات الفصائل لعملية عسكرية ضد هذه القوات في عفرين وريف حلب.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».