مقتل 6 مسلحين في صعيد مصر وحظر للتجول في مناطق بسيناء

مقتل 6 مسلحين في صعيد مصر وحظر للتجول في مناطق بسيناء
TT

مقتل 6 مسلحين في صعيد مصر وحظر للتجول في مناطق بسيناء

مقتل 6 مسلحين في صعيد مصر وحظر للتجول في مناطق بسيناء

في وقت كشف فيه خبراء في الجماعات المتطرفة، اتساعاً للهوة بين حمائم وصقور جماعة الإخوان، وقولهم بظهور طرف ثالث أشد تطرفاً، أعلنت السلطات المصرية أمس مقتل 6 مسلحين في الصعيد، بجنوب البلاد، وفرض حظر للتجول في مناطق بسيناء، شمال شرقي القاهرة، وذلك بعد أسبوع ساخن من المواجهات بين القوات الأمنية والعناصر المتطرفة أسفر عن مقتل وإصابة العشرات في سيناء والإسماعيلية (شرق) والجيزة والسادس من أكتوبر (غرب العاصمة).
ويأتي ذلك في وقت دعا فيه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، لأهمية حماية دول المنطقة من ظاهرة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله والعمل على نشر الأفكار الوسطية للإسلام، وكذلك مع بدء تدريبات عسكرية مصرية - فرنسية في البحرين الأحمر والمتوسط تحت اسم «كليوباترا 2017» بمشاركة فرقاطات وحاملتي مروحيات ولنشات صواريخ.
وقال أحمد بان، الخبير في الجماعات المتطرفة لـ«الشرق الأوسط»، إن العمليات النوعية التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة، تؤشر إلى بروز قسم ثالث داخل الإخوان، أخذ خط العنف بشكل واضح، بعد أن كان الخلاف ينحصر بين فريق يسعى لفتح باب التسوية مع الدولة، وفريق رافض. ومن المعروف أن جماعة الإخوان مصنفة في مصر ودول أخرى «منظمة إرهابية»، وجرى إدراج عدد من الشخصيات المنتمية إليها في لائحة الإرهاب المرتبطة بدولة قطر، والصادرة قبل شهر عن كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين.
وأدى زخم هذا «الرباعي العربي» ضد تنظيم جماعة الإخوان والجماعات المتطرفة الأخرى والدول الراعية لها، إلى تضييق الخناق حول أنشطة التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود. وقال عبد الكريم عبد الراضي، المحامي في الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط» إن الظاهرة التي يمكن ملاحظتها بين قيادات الإخوان خلال الفترة الأخيرة هو انقسامها إلى جبهتين؛ واحدة تسعى للمصالحة، وتبحث عن حل سياسي، وأخرى تتبنى «مواقف متشددة وتدعو للقصاص»، في إشارة إلى ما حدث من تداعيات عقب عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، ومحاكمة قيادات للتنظيم وفرار آخرين إلى خارج البلاد.

ومنذ الإطاحة بمرسي المنتمي للإخوان في مثل هذا الشهر من عام 2013، ازدادت وتيرة العنف في مصر، مع اتهام السلطات لتنظيم الإخوان بالارتباط بشبكة من الجماعات المتطرفة بما فيها تنظيم داعش، لإثارة القلاقل في البلاد. وفي آخر التطورات، أعلنت وزارة الداخلية أمس عن مصرع 6 من العناصر الإرهابية، أثناء مهاجمة وكر كانوا يختبئون فيه في بلدة ديروط بمحافظة أسيوط بصعيد مصر في جنوب البلاد.
وقالت الوزارة، في بيان، إنه توافرت لديها معلومات مفادها اتخاذ مجموعة من العناصر الإرهابية المعتنقة لأفكار تنظيم داعش من إحدى الشقق السكنية الكائنة بعمارات غير مأهولة بالسكان، وكراً تنظيمياً لهم، والإعداد لتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية بنطاق محافظات الوجه القبلي.
وذكرت الوزارة أنه تم التعامل مع تلك المعلومات، وتحديد الوكر الذي يختبئ فيه عناصر الخلية، وأنه عقب استئذان نيابة أمن الدولة العليا لضبطهم، واستشعارهم باقتراب رجال الأمن، بادروا بإطلاق الأعيرة النارية تجاههم، فتم التعامل معهم، مما نتج عنه مصرع كل الموجودين بها. وأضافت أنها عثرت بحوزة العناصر على 5 أسلحة آلية، وقنبلة دفاعية، و83 طلقة سلاح آلي، بالإضافة إلى ملابس عسكرية، ومطبوعات تحوي مفاهيم وشعارات التنظيم.
وكانت سلطات الأمن أحبطت محاولات أخرى كانت الجماعات المتطرفة تسعى من خلالها لتنفيذ أعمال إرهابية في البلاد، من بينها خلية في بلدة الإسماعيلية المطلة على قناة السويس، ومدينة السادس من أكتوبر، غرب القاهرة، أسفرت عن مقتل 16 من «العناصر الإرهابية». وجاء ذلك بعد يومين من هجمات كبيرة للمتطرفين في سيناء على الجيش أدت لمصرع وإصابة نحو 26 من الضباط والجنود، حيث رد الجيش بقوة وأعلن مقتل أكثر من 40 من «العناصر التكفيرية».
وأصدرت الحكومة المصرية أمس قراراً يقضي بحظر التجوال، من الساعة السابعة مساء حتى السادسة صباحاً، في مناطق في سيناء، وهي من تل رفح شرقاً، مروراً بخط الحدود الدولية، حيث العوجة غرباً، ومن غرب العريش وحتى جبل الحلال، ومن غرب العريش شمالاً مروراً بساحل البحر المتوسط، وحتى خط الحدود الدولية في رفح، ومن جبل الحلال حتى العوجة جنوباً على خط الحدود الدولية.
وكانت مصر جددت، الأسبوع الماضي، فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد، لمدة 3 أشهر، والمطبقة بالفعل منذ أبريل (نيسان) الماضي، وذلك بعد مقتل ما لا يقل عن 45 شخصاً في تفجيرين انتحاريين استهدفا كنيستين في طنطا (شمال) والإسكندرية (غرب) خلال احتفالات دينية للمسيحيين المصريين.
ووفقاً للمصادر، فقد نتج عن هذه التطورات، وآخرها إدراج شخصيات إخوانية في لائحة الإرهاب المرتبطة بقطر، تضارب في مواقف قادة الجماعة، واتساع الهوة بين الحمائم والصقور، وظهور طرف ثالث أشد تطرفاً. وقال أحمد بان، إنه، ومنذ عام 2014، تستطيع أن تتحدث عن حالة انقسام حقيقية داخل جماعة الإخوان بين اتجاهين؛ أحدهما مع التسوية والآخر ضدها، قبل أن يتطور الأمر فيما بعد إلى «خط العنف».
وأضاف موضحاً بقوله إنه كان هناك اتجاه يريد استعادة جسد الجماعة ومنهجها، لما قبل 25 يناير (كانون الثاني) 2011 (قبل إطاحة الرئيس مبارك من الحكم)، والعمل تحت سقف النظام أياً كان هذا السقف، ويفتح الباب لتسويات مع النظام بأي شكل من الأشكال بما يتيح للجماعة أن تعود كما كانت، وقسم آخر طلَّق فكرة الإصلاح بالثلاثة، ودعم فكرة الاتجاه للعنف، وذلك «قبل أن يتطور الأمر إلى اتجاه بروز قسم ثالث، أخذ خط العنف بشكل صريح وواضح».
وبالإضافة إلى تنظيم داعش، يتبنى عمليات العنف في مصر عادة تنظيما «حسم» و«لواء الثورة»، وهما تنظيمان تقول عنهما السلطات إنهما مرتبطان بجماعة الإخوان. وأوضح بان أن إحدى جبهات الإخوان، وهي جبهة الإخواني محمد كمال (قتل في مواجهة مع الأمن، العام الماضي) تشظت إلى عدد من المجموعات، سواء ما يطلق عليه «حسم» أو غيرها من المجموعات التي تبنتها مجموعة في الخارج، وأصبحت تقوم بتوجيهها، وتدعمها بالمال والخطط.. و«تحاول أن تصنع لها إطاراً سياسياً، أو تظهر كحركة مقاومة أو حركة تحرر».
وبينما أكد بان، أن ورود أسماء من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان في لائحة الشخصيات المرتبطة بالإرهاب مع قطر، لم يأتِ من فراغ، هاجم بيان منسوب للجماعة، النظام المصري، وحمَّله مسؤولية استمرار العنف في البلاد. وأخلت الجماعة، في البيان نفسه، مسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية التي شهدتها سيناء ومناطق أخرى. وقال البيان: «تؤكد جماعة الإخوان أنها تبرأ إلى الله من العنف ومن سفك الدماء، كما تؤكد عدم صلتها بأي مجموعة تنتهج العنف المسلح أو تدعو له».
ويتناقض بيان الجماعة مع لغة التحريض وتبني العنف التي تصدر من منصات إعلامية موالية للجماعة، خصوصاً من خارج مصر. وقال عبد الراضي، إنه أصبحت توجد جبهات داخل الجماعة.. «جبهة، غير ظاهرة، وتسعى للمصالحة، وتبحث عن حل سياسي لإخراج من في السجون، لكن هذه الجبهة غير قادرة على مواجهة أنصارها. والاتجاه الآخر متشدد، وضد المصالحة، ويدعو للقصاص».
وكلفت العمليات الإرهابية، مصر، خسائر فادحة في الأرواح وفي الاقتصاد. وتعمل القاهرة مع شركاء إقليميين ودوليين من أجل محاصرة الدول التي ترعى القيادات والمنظمات المتطرفة، وتعمل أيضاً لنشر ثقافة السلام والتسامح. وفي هذه الاتجاه، بحث وزير الخارجية المصري أمس، مع ريتنو مارسودي، وزيرة خارجية إندونيسيا، أهمية حماية دول المنطقة من ظاهرة الإرهاب وتجفيف منابع تمويلها، والعمل على نشر الأفكار الوسطية للإسلام. وجاء ذلك على هامش مشاركة شكري في الدورة الـ44 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في العاصمة الإيفوارية أبيدجان.
وتعد سيناء والحدود الغربية مع ليبيا، من أكبر المناطق التي يتسلل منها الإرهابيون إلى باقي المدن المصرية. وبالإضافة للعمليات العسكرية في سيناء، نفذت مصر غارات جوية في ليبيا خلال الشهرين الماضيين، ضد معسكرات قالت إنها لتدريب متطرفين. وأعلن الجيش المصري أمس عن بدء تنفيذ التدريب البحري المشترك بين القوات المصرية والفرنسية، الذي يستمر لعدة أيام في المياه الإقليمية المصرية بنطاق البحرين المتوسط والأحمر تحت اسم «كليوباترا 2017». وقال المتحدث باسم الجيش المصري إن التدريب يشهد مشاركة حاملتي مروحيات من طراز ميسترال مصرية وفرنسية وعدد من الفرقاطات ولنشات الصواريخ وطائرات اكتشاف ومكافحة الغواصات من الجانبين، وبمشاركة المقاتلات متعددة المهام من طراز إف 16 المصرية.
يشار إلى أنه منذ عام 2015 عززت مصر ترسانة أسلحتها من خلال التعاقد مع فرنسا على 24 طائرة مقاتلة متعددة المهام من طراز رافال وفرقاطة متعددة المهام من طراز «فرام» وصواريخ قيمتها نحو 5.2 مليارات يورو إلى جانب حاملتي طائرات هليكوبتر من طراز ميسترال بقيمة 950 مليون يورو.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.