«عمليات سرية» ضد «داعش» في معقله... والنظام يقترب من الطبقة

عناصر من قوات النظام قرب بحيرة في نهر الفرات بمحافظة الرقة (أ.ف.ب)
عناصر من قوات النظام قرب بحيرة في نهر الفرات بمحافظة الرقة (أ.ف.ب)
TT

«عمليات سرية» ضد «داعش» في معقله... والنظام يقترب من الطبقة

عناصر من قوات النظام قرب بحيرة في نهر الفرات بمحافظة الرقة (أ.ف.ب)
عناصر من قوات النظام قرب بحيرة في نهر الفرات بمحافظة الرقة (أ.ف.ب)

استأنفت عناصر مجهولة عمليات سرية ضد عناصر تنظيم داعش في معقله بشرق سوريا، استدعت استنفاراً في صفوف عناصر التنظيم الذي شدد قبضته الأمنية في مناطق سيطرته بشكل استثنائي، في وقت تقدمت فيه قوات النظام إلى مطار الطبقة الخاضع لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية بدعم من التحالف الدولي.
ووضعت مصادر في دير الزور تجدد العمليات في إطار «العمليات الأمنية السرية» من غير تأكيد الجهة التي تقف وراءها. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أشهر، برزت تلك الظاهرة على نطاق واسع في مدينتي البوكمال والميادين، حيث نشطت عناصر لمقاومة التنظيم من داخل معاقله، وأقام التنظيم حملات اعتقال واسعة ونفذ إعدامات بالمشتبه بهم»، لكنها أشارت إلى أن التنظيم «عزز إجراءاته الأمنية في تلك الفترة وثبت كاميرات مراقبة في الأسواق، كما شدد رقابته على الإنترنت وفعّل العقاب بحق المخلين، وهو ما أدى إلى تراجع الظاهرة».
وبحسب المصادر، فإن عناصر من العشائر العربية كانت تقف وراء تلك العمليات في وقت سابق، وأخرى مدعومة من النظام، كانت تنفذ عمليات سرية عرفت في السابق بأنها عمليات مقاومة، وكانت تطلق النار على دوريات التنظيم وعناصر الحسبة، وتستهدف الحواجز والمقرات... ولاحقاً برزت عمليات الاغتيال الأمنية لقيادات التنظيم الذي بدأ حملات اعتقال بتهم التعامل مع التحالف الدولي أو النظام السوري، قبل أن تنحسر الظاهرة.
وأمس، عادت تلك العمليات إلى الواجهة مجدداً، حيث أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن مسلحين مجهولين أقدموا فجر السبت على إضرام النار في سيارتين تابعتين لتنظيم داعش في مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، والواقعة في الريف الشرقي لدير الزور، مشيراً إلى أنه تبع عملية الإحراق، إطلاق النار على عنصر من تنظيم داعش ما تسبب في مقتله، الأمر الذي دفع التنظيم للاستنفار وتسيير دوريات مكثفة في أسواق المدينة، في إجراء وقائي لمنع هجمات مماثلة قد تجري في وقت لاحق.
في غضون ذلك، تواصلت المعارك ضد التنظيم في معقله في الرقة، حيث واصلت «قوات سوريا الديمقراطية» التقدم نحو مركز المدينة القديمة عبر الأحياء القديمة. وبرز تطور لافت تمثل في انسحاب فصائل مقاتلة مشاركة في عملية «غضب الفرات» من معركة الرقة الكبرى، على أثر خلافات جرت بينها وبين «قوات سوريا الديمقراطية» التي تقود عملية «غضب الفرات» بدعم من القوات الخاصة الأميركية والتحالف الدولي. وانسحب فصيل من مواقعه في حيي المشلب والصناعة ومنطقة باب بغداد والمدينة القديمة في مدينة الرقة، إلى منطقة الحمرات في الريف الشرقي لمدينة الرقة.
ونقل «المرصد السوري» عن مصادر موثوقة أن المفاوضات تجري بين «قوات سوريا الديمقراطية» وبين الفصيل المنسحب من المعركة الكبرى في الرقة، حول عودة الأخير إلى المعركة والتمركز والقتال على النقاط التي كان يوجد فيها مسبقاً، وأكدت مصادر قيادية في «قوات سوريا الديمقراطية» أن الفصيل جرى إبعاده بسبب ممارساته في الجبهة وتركه إحدى النقاط التي كان يتمركز بها على خطوط التماس مع تنظيم داعش ومحاولة إظهار نفسه على أنه قوة موازية لـ«قوات سوريا الديمقراطية».
هذا، وألقت «قوات سوريا الديمقراطية» القبض على أحد عناصر «داعش»، وهو لبناني الجنسية، أثناء محاولته الفرار من داخل حي المشلب الذي كان مختبئاً فيه منذ 11 يوماً، وذلك بعد إصابته بطلق ناري في الكتف.
وفي فيديو قصير تناقلته مواقع سورية معارضة، قال اللبناني فادي محمد الكردي الملقب بـ«أبو محمد الشامي»، إنه انضم إلى «داعش» عام 2014، داخلا الأراضي السورية عبر تركيا، وإنه ذهب في بادئ الأمر إلى مدينة جرابلس ثم منبج ثم إلى الرقة، منوهاً بأنه تلقى تدريباته العسكرية ضمن معسكرات مرتزقة «داعش» في مدينة الرقة. هذا، وبعد إلقاء القبض عليه تم نقله إلى المشفى الميداني لـ«قوات سوريا الديمقراطية» لتلقي العلاج، حيث تدخل على أثره الأطباء وتمت معالجته وإخراج الرصاصة التي استقرت في الكتف اليسرى.
إلى ذلك، تواصلت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، على محاور في محيط منطقة جباب حمد بشمال طريق تدمر - حمص، في محاولة من قوات النظام لتأمين الطريق بشكل أكبر، ولتقليص سيطرة «داعش» في المنطقة، بعدما وصلت إلى مسافة 10 كيلومترات تبعدها عن بلدة السخنة الفاصلة بين تدمر وريف دير الزور الغربي، فيما نفذ سلاح الجو النظامي ضربات استهدفت التنظيم في بادية حميمة وشرق آرك بريف حمص الشرقي.
وأفادت وكالة «سانا» الرسمية السورية بأن قوات النظام استعادت السيطرة على قرية جباب حمد في حين قضى سلاح الجو على كثير من عناصر «داعش» في دير الزور ومحيطها ودمر عربات وآليات مدرعة في ريف الرقة الغربي. وأفاد موقع «روسيا اليوم» بأن قوات النظام «حققت تقدما جديدا في ريف الرقة الغربي لتقلص بذلك المسافة التي تفصلها عن مطار الطبقة العسكري».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.